الناقض الأول: الخارج من السبيلين، وينقسم إلى قسمين: معتاد ونادر، والمعتاد: هو البول والغائط، والنادر: هو الدود والشعر ودم الاستحاضة والحصى.
الناقض الثاني: خروج النجاسات من سائر الجسد.
الناقض الثالث: زوال العقل بنوم أو جنون أو إغماء أو سكر، فإذا زال العقل بأي طريق من هذه الطرق انتقض الوضوء.
الناقض الرابع: لمس ذكره بيده.
الناقض الخامس: أن تمس بشرته بشرة أنثى.
الناقض السادس: الردة عن الإسلام.
الناقض السابع: أكل لحم الجزور.
فمن العلماء من قال: ينقض على الإطلاق كالإمام الشافعي ؛ واستدل بقول الله تعالى: أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ [النساء:43]، واللمس في الآية عند غير الشافعي بمعنى: الجماع، أي: أو جامعتم النساء، والقول الراجح كما يقول الشارح: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة وهو متوضئ، ويذهب إلى الصلاة، وكان يصلي أحياناً فيجد قدم عائشة في القبلة، فيغمزها في قدمها وهو يصلي، فهذا يدل على أن لمس عائشة لم ينقض الوضوء، إلا إذا كان المس بشهوة فإنه ينقض؛ لأن الشهوة مظنة نزول المذي، فإذا كان المس بشهوة: انتقض الوضوء، وإذا كان المس بغير شهوة فلا ينقض؛ ولذلك قال الشارح: (ولا ينقض اللمس بالذراع).
وفي الناقض الخامس أن تمس بشرته بشرة أنثى: ثلاث روايات عن أحمد بن حنبل .
واختلاف الروايات عن أحمد يعني: أن أحد تلامذته نقل رأياً عنه، وتلميذاً آخر من تلامذته نقل رأياً آخر، وتلميذاً آخر كذلك نقل رأياً آخر، ففي هذه المسألة ثلاث روايات عن أحمد والترجيح بين الروايات مهم، فالرواية الأولى عن أحمد : أنه ينقض بكل حال بشهوة أو بغير شهوة؛ لقوله تعالى: أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ [النساء:43]، فالإمام أحمد في هذه الرواية يوافق الشافعي ، وهذا يدل على أن من ثراء مذهب الإمام أحمد أن فيه أكثر من رواية، وستجد أن بعض الروايات توافق المذاهب الأخرى، فدراسة مذهب الإمام أحمد يجعلك تحصل المذاهب الأخرى بعد أن تستكمل الدراسة.
والرواية الثانية: لا ينقض بحال؛ لما روي: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل
وفي حديث آخر: قالت عائشة : (فقدت النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلت أطلبه، فوقعت يدي على قدميه وهو ساجد)، رواه مسلم، فلو أن لمس المرأة ينقض الوضوء لخرج النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة، لكنه أكمل الصلاة.
والرواية الثالثة عن أحمد وهي ظاهر المذهب: أنه ينقض إذا كان بشهوة ولا ينقض بغير شهوة جمعاً بين الآية والحديث، لأن إعمال الأدلة أولى من إهمالها؛ ولذلك جمع بين الدليلين.
الردة عن الإسلام أن ينطق العبد بكلمة الكفر، أو يعتقد أو يشك شكاً يخرجه عن الإسلام، أو ينكر معلوماً من الدين بالضرورة، كأن يقول: أنا غير مؤمن بالصلاة، أو ينكر الصيام، أو ينكر الحج، أو ينكر الزكاة، أو يطعن في القرآن، أو يطعن في السنة، أو يجحد حديثاً ويرده.
وفرق بين المتأول الذي يفهم فهماً خاطئاً، وبين الجاحد الذي يرد، فالذي يرد يعتبر مرتداً بعد استتابته وإقامة الحجة عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث -ومنهم-: التارك لدينه المفارق للجماعة) ويستتاب ثلاث مرات، يقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا [النساء:137].
وفي حديث البخاري أن معاذاً جاء إلى أبي موسى الأشعري ووجد رجلاً مربوطاً فقال: من هذا يا أبا موسى ؟! قال: رجل ارتد. قال: لن أنزل من على راحلتي حتى يقتل، قضاء الله ورسوله. قال: وما جئنا به إلا لنقتله؛ لأنه ارتد عن دينه واستتيب فلم يتب فقتل.
وأذكر أن أحد المفكرين عميد أعلى كلية في جامعة الأزهر تمخض فولد رأياً عجيباً، قال: إن المرتد يستتاب مدى الحياة، يعني: لا يقتل بحال؛ حتى لا يقال: إن الإسلام دين قتل، وهذا أما تكفيه نصوص القرآن والسنة؟!
إن الردة عن الإسلام ناقض من نواقض الوضوء؛ لأن الله قال: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]، والوضوء عمل، فالمرتد وضوءه ينتقض.
قال الإمام أحمد : هذان حديثان صحيحان عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إذاً: الحديث حجة على المخالف.
وكنت أسمع في إذاعة القرآن الكريم، وكان ضيف الإذاعة الدكتور محمد بكر إسماعيل حفظه الله وهو شافعي المذهب، ففوجئت أنه يقول في هذا الحديث: إن المقصود بالوضوء هنا: غسل الفم؛ لأن العرب تطلق الوضوء على طهارة الفم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لولا أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء)، وفي رواية: (عند كل صلاة)، فقال: كلمة (وضوء) هنا بمعنى: غسل الفم، ومع أنه أستاذنا في اللغة وأستاذنا في الأحكام الشرعية، ولا يمكن للأصاغر أن يتطاولوا على الأكابر، لكن نقول: يا أستاذنا! لا يصرف معنى الكلمة من المعنى الشرعي إلى المعنى اللغوي إلا بقرينة، يعني: الكلمة في أي حديث تحمل على المعنى الشرعي وليس على المعنى اللغوي، فحينما نقول: يا أيها الذين آمنوا أقيموا الصلاة، تحمل على المعنى الشرعي وهو الصلوات ولا تحمل على المعنى اللغوي وهو الدعاء، فكلمة الصلاة حينما تطلق فإنه يراد بها الصلوات إلا إذا جاءت قرينة تصرف الصلاة عن المعنى الشرعي إلى المعنى اللغوي، فحمل الوضوء على المعنى اللغوي ابتداءً يناقض الأصول، لأن الأصل أن نحمل الكلمة على المعنى الشرعي لا على المعنى اللغوي.
ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)، فإن قال رجل: أتمضمض وأغسل فمي وأصلي؛ لأن الوضوء هو طهارة الفم، فما تقولون فيه إن فعل ذلك؟
كما أن أول الحديث يدل على أن الوضوء هو الوضوء الشرعي. قال: (أنتوضأ من لحم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ)، هل معنى ذلك: إن شئت فاغسل فمك وإن شئت فلا تغسل؟ هذا الكلام لا يمكن أن يفهم أبداً.
ولكن انتصاراً للمذهب الشافعي أراد الأستاذ الفاضل أن يصرف معنى الكلمة عن معناها الشرعي إلى معناها اللغوي، أقول ذلك مع احتفاظي بالتقدير؛ ولأنه أستاذنا تعلمنا منه كثيراً، فمن الأدب أن نتعلم كيف نتعامل مع أساتذتنا.
مثال ذلك: رجل توضأ للمغرب وصلى المغرب، ثم شك بعد المغرب: هل أحدث أم لا؟ إذاً: يبني على الأصل، والأصل أنه على وضوء، ويطرح الشك.
ومراتب العلم ستة:
1- علم.
2- جهل بسيط.
3- جهل مركب.
4- ظن.
5- وهم.
6- شك.
والعلم معناه: إدراك الشيء على حقيقته، كأن يقول الشخص إجابة على السؤال: متى كان فتح مكة؟ فيقول: فتح مكة كان في سنة 8هـ، فهذا علم؛ لأنه أدرك الشيء على حقيقته، فلو قال شخص: فتح مكة كان سنة 7هـ، فهذا تسميه جهلاً مركباً؛ لأنه أدرك الشيء على غير حقيقته، وعلى هذا فإن الذي قال: إن النقاب عادة وليس عبادة قوله هذا جهل مركب.
ومن قال: لا أدري متى كان فتح مكة، فقوله هذا جهل بسيط، ومن قال: فتح مكة كان في العام الثامن، واحتمال أن يكون في العام السابع فقوله هذا ظن؛ لإدراك الراجح مع احتمال المرجوح، وإن قال قائل: فتح مكة كان في العام السابع، واحتمال أن يكون في الثامن فهذا وهم؛ لأنه أدرك المرجوح مع احتمال الراجح.
وإن قال قائل: يحتمل أن يكون فتح مكة في العام السابع ويحتمل أن يكون في العام الثامن، فهو متردد بين احتمالين ولم يجزم بقول. فهذا شك.
فهنا أقول: إذا تيقن الطهارة وشك في الحدث فإنه يبني على الأصل ويطرح الشك، وكذلك العكس إذا شك في الطهارة وتيقن الحدث فعليه أن يتوضأ؛ لأنه لا بد أن يعمل بالأصل وهو اليقين.
فمثلاً: رجل شك: هل صلى ثلاث ركعات أم أربع؟ فاليقين ثلاث ركعات والشك أربع، إذاً: يبني على اليقين فيأتي برابعة. هذا هو الشك.
يقول المصنف: [ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث، أو تيقن في الحدث وشك في الطهارة فهو على ما تيقن منهما؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً، فأشكل عليه هل خرج منه شيء أم لم يخرج فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)، متفق عليه].
فاليقين لا يزول بشك، مثال ذلك: رجل يصلي وأشكل عليه: هل أخرج ريحاً أو لم يخرج، فلا يخرج من الصلاة حتى يسمع صوتاً -صوت الحدث- أو يجد ريحاً، وليس المقصود بالحديث الظاهر، يعني: ربما رجل ما وجد صوتاً وما شم ريحاً ولكنه متيقن أنه أحدث فلا بد له أن يخرج من الصلاة ولا يتمسك بظاهر النص، فالحديث لا يحمل على ظاهره بقدر ما يحمل على علته، والعلة هي التيقن: أن تستصعب اليقين، والله تعالى أعلم.
الجواب: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء من قصار المفصل أو من أوسط المفصل، وأوسط المفصل يعني: من بعد ق والحجرات والمعارج وسبح، وقال ابن حجر في الفتح: كان يقرأ من قصار المفصل، يعني: سبح والغاشية، وحديث معاذ معروف: (كان يصلي العشاء الآخرة فقرأ البقرة)، وفي رواية: سورة لعلها المؤمنون، وابن حجر في فتح الباري بينها.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فتان فتان فتان يا
والقاعدة الأصل: مراعاة حال المأموم، فإن كان المأموم لا يطيق أن يقف فلا بد أن يصلي الإمام على قدر قيامه.
الجواب: أكل لحم الجزور ليس بحرام، وقد بيَّن ابن تيمية في مجموع الفتاوى أن لحم الجزور يحدث تهيجات داخلية في المعدة، والوضوء يطفئ هذه التهيجات، فهذه نكتة طبية.
كما أن المعروف هو عدم الوضوء مما مسته النار، لكن لحم الجزور موضوع آخر، فإذا أكلت أي طعام مسته النار فلا تتوضأ، لكن أكل لحم الجزور لا بد من الوضوء منه؛ لما روى مسلم: (أن رجلاً قال: يا رسول الله! أنتوضأ من لحم الجزور؟ قال: نعم)، فحديث مسلم حجة على الأحناف وعلى من سواهم.
الجواب: عملك حلال؛ لأن أصل العمل مشروع، لكن إن خالطه شيء حرام فمن الورع أن تترك هذا العمل.
ولنفترض أن الذين في نادي الشمس كلهم عراة وأنت تذهب فتنظر رغم إرادتك، ولا تستطع أن تتحكم في نظرك، وترى منكراً وتوافق عليه ولا تستطع أن تغيره، فأصل العمل حلال، لكن جاءت بعض الأمور والظروف التي أحاطت بالعمل، فإن كان هناك منكر ولا تستطع أن تغيره فزل أنت عن المنكر؛ لأن العلماء يقولون: إما أن تغير المنكر وإما أن تزول أنت عنه، فإن رأيت منكراً ولم تستطع أن تغيره فابتعد. بارك الله لك في رزقك.
الجواب: لا يجوز أن يخرج أشياء عينية، بل لا بد أن يخرج مالاً عن زكاة المال، إلا إذا كانت زكاة عن عروض تجارة فيجوز أن تخرج من جنس التجارة.
الجواب: الاستحداد: هو نتف شعر العانة، ولا بأس مطلقاً للمرأة بعد بلوغها أن تزيل شعر الإبط والعانة، والبعض يتركه إلى أن يتزوج وهذه مخالفة شرعية صريحة، فإن إزالة شعر الإبط والعانة للرجال والنساء على السواء، ولا يزيد عن أربعين يوماً أبداً، فالمرأة مأمورة أن تزيل هذا الشعر ولا يزيد عن أربعين يوماً.
الجواب: يجوز ولا بأس به.
الجواب: فيه خلاف بين العلماء، منهم من قال: الحف بمعنى: التقصير، ومنهم من قال: الحف بمعنى الحلق بالكلية، والمالكية يعزرون من يحف الشارب كاملاً، والخلاف في المعنى اللغوي، هل: حف الشارب بمعنى الحلق بالموسى أم التقصير بالمقص وكلاهما إن شاء الله جائز.
الجواب: لا بأس أن تكلف غيرك بعملك، ثم تحضر درس العلم.
الجواب: غير الشيب لكن بغير السواد.
الجواب: يجوز.
الجواب: نعم كان يصوم غالب شعبان؛ لحديث أمنا عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (...شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم).
الجواب: لا يجوز، قال تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا [الأعراف:204]، ولم يقل: استمعوا فقط، وإنما قال: استمعوا وأنصتوا، والنص عام، فمن الأدب مع القرآن عند قراءته أن تستمع وأن تنصت، قال ابن حجر في الفتح: فمن الناس من يستمع دون إنصات، ومنهم من ينصت دون استماع، فلا بد أن تستمع وأن تنصت.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر