إسلام ويب

دليل الطالب كتاب الطلاق [5]للشيخ : حمد الحمد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • شرع الله الطلاق لحل عقد النكاح عند الحاجة إلى ذلك، وشرع الرجعة بعد الطلقة الأولى والثانية في العدة مراعاة للزوجين إذا راجعا أنفسهما، وقد يكون الطلاق محرماً أو بدعياً وقد يكون واجباً، وقد يقع الطلاق على وجوه مختلفة كالطلاق المعلق بشرط أو نحوه، والأحكام المتعلقة بذلك كثيرة لا ينبغي الجهل بها.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فصل: ويصح التعليق مع تقدم الشرط وتأخره، كإن قمت فأنت طالق، أو أنت طالق إن قمت ].

    يصح أن يقدم التعليق ويصح أن يؤخر فإذا قال: إن دخلت الدار فأنت طالق أو قال: أنت طالق إن دخلت الدار، فإذا قدم التعليق أو أخر لم يؤثر ذلك في الحكم.

    [ ويشترط لصحة التعليق أن ينويه قبل فراغ التلفظ بالطلاق ]، لأن التعليق كالاستثناء يصرف الكلام السابق عن مقتضاه.

    فلو أن رجلاً قال لامرأته: (أنت طالق) ولم ينو التعليق بشرط، ثم قال: (إن قمت) فلا يصح التعليق كما تقدم في الاستثناء أنه لو قال: (أنت طالق ثلاثاً) ولم ينو الاستثناء ثم قال: (إلا واحدة)، ولم يكن نوى قبل تمام المستثنى منه الاستثناء أنه لا يصح، فكذلك التعليق. ولذا لو أن هذا الباب فتح لكان من طلق امرأته فبدا له أن يرجع أتى بشرط فقال لها مثلاً: بعد غضب يا فلانة أنت طالق طالق طالق فندم وقال: إن ذهبت إلى المستشفى هذه الليلة، فماذا نقول؟ نقول: لا يصح هذا؛ لأن هذا الاستثناء أو التعليق قد أتى ولم تكن نويته عند الكلام السابق.

    لكن لو قال لها: أنت طالق وقد نوى أثناء قوله: أنت طالق أن يعلق ذلك بشرط كأن يقول: إن قمت، فهذا يصح.

    قال: [ وأن يكون متصلاً لفظاً أو حكماً ] كالاستثناء، أي أن الشرط هنا كالاستثناء، مثال ما يكون متصلاً لفظاً قوله: أنت طالق إن قمت، أو حكماً: أنت طالق فيعطس ويقول: إن قمت، فهذا متصل حكماً.

    قال: [ فلا يضر لو عطس ونحوه أو قطعه بكلام منتظم ]، لو أتى بكلام ينتظم مع كلامه السابق [ كقوله: أنت طالق يا زانية إن قمت ]، فهذا كلام منتظم.

    [ ويضر إن قطعه بسكوت أو كلام غير منتظم كقوله: سبحان الله ]، أي كقوله: أنت طالق سبحان الله إن قمت، أتى الآن بكلام غير منتظم مع كلامه السابق، فهذا التعليق لا يعتبر، فنقول: قد طلقت، لأن الكلام لم يتصل، بل هناك فاصل بين كلامك السابق وبين التعليق.

    قال: [ وتطلق في الحال ].

    حكم تعليق الطلاق بالإذن ثم الرجوع فيه

    قال: [ فصل في مسائل متفرقة: إذا قال: إن خرجت بغير إذني فأنت طالق: فأذن لها ولم تعلم أو علمت وخرجت، ثم خرجت ثانياً بلا إذنه طلقت ].

    الإذن كما هو معلوم في اللغة هو الإعلام، وعلى ذلك فلا يعتبر إذناً إلا بعد الإعلام، فلو أن رجلاً منع ابنه من شيء، ثم بدا له أن يأذن له ولم يعلمه، وإنما تشاور مع بعض الناس وقال: أذنت لابني ولكنه لم يعلمه بعد، فلا يعد هذا إذناً حتى يعلمه.

    فإذا قال رجل لامرأته: أنت طالق إن خرجت بغير إذني، فأذن ولم يعلمها، فإذا خرجت فهي طالق.

    وهذا كله ينبني على ما تقدم من الكلام في الحلف بالطلاق، وتقدم أن الراجح أن عليه كفارة يمين إذا كان لا يريد الطلاق وإنما يريد منعها، أو حثها على الفعل فقط، وتقدم شرح هذا في درس سابق.

    إذاً: إذا خرجت قبل أن يعلمها فإنها تطلق على ما ذكر المؤلف، هذا رجل قال لأمه: إني قد أذنت لامرأتي أن تذهب حيث كنت قد منعتها إلا بإذني، ولكنه لم يعلمها بذلك، فخرجت ولم تعلم بإذنه فإنها تطلق كما تقدم.

    فقوله: [ أو علمت وخرجت ثم خرجت ثانياً بلا إذنه طلقت ]. كما لو قال: يا فلانة، إن خرجت إلى المكان الفلاني بلا إذني فأنت طالق، فأذن لها فخرجت، ثم خرجت بعد ذلك مرة أخرى بلا إذن، فإنها كذلك تطلق؛ لأنها قد خالفت فكان حانثاً في يمينه، لأن قوله: يا فلانة إن خرجت بغير إذني فأنت طالق، ليس لمرة واحدة ولا لمرتين ولا لثلاث، فلا تخرج إلا بإذنه.

    قال: [ ما لم يأذن لها في الخروج كلما شاءت ].

    إذاً: هذا هو المخرج من هذه اليمين، وهو أن يقول لها: يا فلانة كنت قد قلت لك ألا تخرجي إلا بإذني فإن خرجت بلا إذني فأنت طالق، وإني الآن أذنت لك أن تخرجي كلما شئت، وعلى ذلك فلا يحنث في يمينه.

    قال: [ وإن خرجت بغير إذن فلان فأنت طالق فمات فلان وخرجت لم تطلق ].

    قال: يا فلانة أنا مسافر، فإن خرجت بغير إذن أبي أو بغير إذن أمي أو بغير إذن أبيك أو بغير إذن أمك فأنت طالق، فخرجت بلا إذن فإنها تطلق.

    لكن إن مات من اشترط إذنه فخرجت لم تطلق؛ لأن الميت لا إذن له.

    [ وإن خرجت إلى غير الحمام فأنت طالق فخرجت له ثم بدا لها غيره طلقت ].

    قال: يا فلانة إن خرجت إلى غير المستشفى فأنت طالق، فمرضت فخرجت إلى المستشفى وإلى موضع آخر، فتكون قد خالفت، وعلى ذلك فقد حنث في يمينه.

    تعليق الطلاق بمشيئة الله أو بمشيئة غيره

    قال: [ وزوجتي طالق أو عبدي حر إن شاء الله أو إلا أن يشاء الله ].

    هذا رجل قال: زوجتي إلا طالق إلا أن يشاء الله، تطلق لأنه علق رفع طلاقه بأمر نجهله، وقد أثبت الطلاق بقوله: هي طالق، وعلى ذلك فتطلق.

    فإن قال: أنت طالق إن شاء الله، فهل تطلق؟ قال المؤلف: تطلق، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنه إذا قال: إن شاء الله لا تحقيقاً ولا تبركاً وتأكيداً وإنما قال ذلك تعليقاً فإنها لا تطلق، وعلى ذلك فإذا قال: أنت طالق إن شاء الله تحقيقاً طلقت، وإذا قال: أنت طالق إن شاء الله تأكيداً طلقت.

    وإذا قال: أنت طالق إن شاء الله بنية التعليق بمشيئة الله فإنها لا تطلق، وذلك أن مشيئة الله للطلاق لا تعلم إلا بوقوعه، وقد علقه بمشيئة الله، بخلاف ما إذا قال: إلا أن يشاء الله، فإنه هناك أثبته وعلق رفعه، أما هنا فإنه علق الطلاق نفسه ولم يعلق رفعه على المشيئة.

    وعلى ذلك فإذا قال: أنت طالق إن شاء الله ونوى بقلبه التعليق لم تطلق، وإن نوى بقلبه التحقيق أو التأكيد طلقت. وكذلك إذا قال عبدي حر فهي كالطلاق في التعليق على مشيئة الله.

    [ وإن قال: إن شاء فلان فتعليق لم يقع إلا أن يشاء ].

    قال: أنت طالق إن شاء زيد فإذا شاء زيد الطلاق وقع، وإذا لم يشأه لم يقع.

    [ وإن قال: إلا أن يشاء فموقوف، فإن أبى المشيئة أو جن أو مات وقع الطلاق إذاً ]، لأنه أوقع الطلاق وعلقه بقوله: إلا أن يشاء، فلو مات هذا فإن الطلاق يقع، وهذا تقدم عند قوله: أنت طالق إلا أن يشاء الله؛ لأنه علق رفعه، وهنا علق رفعه بقوله: إلا أن يشاء زيد، فإذا مات زيد أو أبى المشيئة قال: ما أقول شيء في هذا، أو كذلك جن؛ فإن الطلاق يقع.

    تعليق الطلاق برؤية الهلال

    [ وأنت طالق إن رأيت الهلال عياناً فرأته في أول أو ثاني أو ثالث ليلة وقع ]، لأن الهلال إنما يكون في الليالي الثلاث الأولى، فإذا رأته في رابع ليلة فليس بهلال.

    قال: [ وبعدها لم يقع ]، لأنه يكون قمراً بعد الثلاث ولا يكون هلالاً.

    إتيان الفعل المعلق عليه الطلاق مع الإكراه ونحوه

    قال: [ أو أنت طالق إن فعلت كذا، أو إن فعلت أنا كذا، ففعلته أو فعله مكرهاً ] لم يقع.

    قال: يا فلانة، إن خرجت من الدار فأنت طالق، فخرجت مكرهة حيث أتاها من حملها قهراً وأخرجها، فلا يقع الطلاق.

    أو قال: إن ذهبت إلى المستشفى فأنت طالق، فأغمي عليها وأخذت إلى المستشفى فلا تطلق لأنها مكرهة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).

    قال: [ أو مجنوناً أو مغمى عليه أو نائماً لم يقع ]، لأنه مغطى على عقله في هذه الأحوال؛ وعليه فإذا فعل الشيء الذي نهى نفسه عنه وعلق الطلاق عليه فعله وهو نائم أو مجنون أو مغمى عليه فإنه لا يحنث.

    قال: [ وإن فعلته أو فعله ناسياً أو جاهلاً وقع ].

    هذا رجل قال: إن ذهبت إلى السوق فأنت طالق، فنسيت يمينه فخرجت، أو ذهبت إلى موضع تجهل أنه من السوق لكنه من السوق، فهل يقع؟ قال المؤلف: يقع، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحم الله الجميع أن الطلاق أيضاً لا يقع في هذه الصورة فلا يحنث في يمينه، وذلك لأن الحنث في اليمين إنما يكون بمخالفة اليمين مع التعمد، وهذه لا تعد مخالفة ولا تعد عاصية له لأنها إنما فعلت ذلك إما جهلاً وإما نسياناً، وهذا هو الراجح.

    وعلى ذلك فمن فعل ناسياً أو جاهلاً فإنه لا يحنث، كسائر الأيمان.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087682042

    عدد مرات الحفظ

    773518128