يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد.
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد:
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ فصل الأعيان المتنجسة وما يطهر منها.
وجلود الميتة تطهر بالدباغ إلا جلد الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما، وعظم الميتة وشعرها نجس إلا الآدمي ].
وأعيان نجسة، وهي قسمان:
أعيان نجسة بذاتها، وأعيان متنجسة يعني: أن النجاسة طارئة عليها، فالأعيان النجسة بذاتها: كالخمر والخنزير والكلب على خلاف بين العلماء، فهناك خلاف عريض بين العلماء في الخمر والكلب، لكنهم اتفقوا على نجاسة الميتة والخنزير.
والقسم الثاني: أعيان متنجسة، والأعيان المتنجسة نوعان: متنجسة بنجاسة طارئة نستطيع تطهيرها، ومتنجسة بنجاسة طارئة لا نستطيع أن نطهرها.
أما النوع الأول الذي نستطيع تطهيره: فهي النجاسة التي تقع على الثوب، أو النجاسة التي تقع على السمن الجامد، فلو وقعت فأرة على السمن وهو جامد فإننا نستطيع أن نطهره، بأن نأخذها وما حولها ويبقى الباقي على الطهارة بفضل الله.
وأدخل بعضهم جلد الميتة إذا دبغ، يعني: تجوزاً أن هذا أصل الميتة، فيدخل أيضاً في النجاسة التي يمكن تطهيرها؛ لأن جلد الميتة نجس بالموت، فيطهر بالدباغ كما سنبين.
والنوع الثاني: هو النجاسة التي لا يمكن تطهيرها: كوقوع النجاسة في اللبن أو في الزيت أو في الخل، فلا نستطيع الفصل فيها، فهذه أعيان متنجسة نجاسة طارئة لا تخلو عنها ولا نستطيع تطهيرها.
أقول: في المذهب الشافعي يقعدون لنا قاعدة مهمة جداً وهي: الحياة لازمها الطهارة في المأكول وفي غير المأكول، ويقصدون بالمأكول: بهيمة الأنعام، كالماعز والضأن والبعير والبقر، وغير المأكول: كالأسد والذئب والنمر.
وهل الضبع مأكول أم غير مأكول؟
من العلماء من جعله غير مأكول بدليل: أنه ذو ناب، والنبي نهى عن كل ذي ناب.
ومنهم من جعله مأكولاً بدليل: أنه لما قتل في الحج اعتبره النبي صلى الله عليه وسلم صيداً وجعل فيه الكبش، فلما اعتبره صيداً علمنا أنه مأكول، قال الشافعي : ما زال الناس يأكلونه بين الصفا والمروة، ولا ينكر أحد عليهم، فهو كإجماع السكوت، وقالوا: المقصود بالناب في الحديث أي: الذي يعدو بنابه على الإنسان.
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم، وذكر منها الكلب)، والمقصود: الكلب العقور الذي يعدو بنابه على الناس.
الحياة لازمة للطهارة في المأكول وغير المأكول، والموت لازم للنجاسة في المأكول وغير المأكول، ولذلك قالوا: إذا كانت الحياة تقوى على تطهير الحيوان والموت ينجسه فإننا نقول: بأن الدباغ -وهذه تكملة القاعدة- ينزل منزلة الحياة بالنسبة للجلد، وعليه فالجلد يطهر، كما كانت الحياة لازمة للطهارة فإذاً الدباغ لازم للطهارة، وقالوا: وهذا ليس من بنات أفكارنا ولا من كيسنا بل هو من الأثر والنظر.
ومن النظر أن نقول: إن كانت الحياة دالة على طهارته فما من أحد وضع يده مثلاً على الحمار الوحشي، أو وضع يده على البعير وقيل له: اغسل يدك حتى تصح صلاتك، لأنها ليست نجسة بل هي طاهرة، قالوا: فكما أن الحياة لازمة للطهارة وأن الموت لازم للنجاسة فإن الدباغ يساوي الحياة في هذه المسألة، فألحقوا الدباغ بالحياة؛ لأنه فعل ما تفعل الحياة، فالحياة تدل على طهارة البعير، والدباغ بعد الموت إن كان ميتاً يدل على طهارة الجلد، قالوا: وهذا إلحاق الدباغ بالميتة، وهذا من النظر.
مثال آخر: عسب الفحل، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه مع أنه جوز الانتفاع به.
إذاً القول القديم: لا يجوز البيع ولا الشراء، واستدلوا بهذه الأدلة التي سقناها.
أما عموم الأدلة: فقول الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، فالربا هو المحرم فقط وهذا حلال البيع، فيدخل تحت العموم.
قالوا: وخصوص النظر: أنه لما حرم الله بيع الميتة، إنما حرمها للنجاسة، فالعلة النجاسة، والحكم عندنا يدور مع علته حيث دارت وجوداً وعدماً، فإذا وجدت النجاسة حرم البيع وإذا انتفت النجاسة أحل البيع وصح، قالوا: وهنا الجلد نجس بالموت وقد طهر بالدباغ، فهنا العلة انتفت، فرجع الحل على ما هو عليه بعموم قول الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ [البقرة:275].
ونحن بعنا الطاهر وما بعنا النجس، فيصح البيع أو تصح المعاملة بالبيع والشراء، هذا القول الجديد وهو الراجح الصحيح.
الدليل الأول: قولهم: قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ [المائدة:3]، قلنا: هذه الآية عامة في تحريم الميتة في كل شيء، ولما حلل النبي صلى الله عليه وسلم جلدها بعد الدباغ فقد خص بذلك، والقاعدة عند العلماء: لا يتعارض عام مع خاص، بل يقدم الخاص على العام لاسيما وأن الخاص قطعي في الدلالة والدليل العام ظني الدلالة، وأيضاً: إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما.
إذاً: الآية عامة ودليلنا خاص ولا يتعارض عام مع خاص، بل يقدم الخاص على العام.
الأمر الثاني: لما قالوا لنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم بيع الخمر والأصنام وحرم بيع الميتة، قلنا لهم: نوافقكم على العموم، وهو أنه حرم بيع الميتة، لكن العلة النجاسة، إذ أن كل ميتة نجسة، والجلد إن طهر بالدباغ فقد انتفت العلة، فهذا الحديث عام في كل الميتة، في الجلد والعصب والشعر والعظم، ثم خص الجلد المدبوغ لأنه صار من النجاسة إلى الطهارة بالدباغ فيصح بيعه.
إذاً: الصحيح الراجح في ذلك: الانتفاع مطلقاً، وأصول المذهب تقول: الحياة لازمة للطهارة، والموت لازم للنجاسة، والدباغ لجلد الميتة التي هي نجسة يجعلها طاهرة، فيؤول إلى الانتفاع به مطلقاً، فينتفع به صلاة وفرشاً، بيعاً وشراءً، سواء في ذلك المأكول وغير المأكول على المذهب إلا ما استثني.
قالوا: والدليل الخاص: حديث السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب)، قالوا: وهذا فاصل للنزاع، وأيضاً هذا الدليل فيه حظر، وكل الأدلة التي عندكم تدل على الإباحة، والحظر يقدم على الإباحة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تنتفعوا)، و(لا) ناهية، والأصل في النهي: التحريم، إذاً يكون المعنى: حرم عليكم الانتفاع بأي شيء، لا جلد مدبوغ ولا غير مدبوغ، قالوا: وهذه هي الأدلة، وهذه رواية عن أحمد ورواية عن بعض المالكية أيضاً.
فقال الشافعية: إنما استثنينا الكلب والخنزير لأدلة، أما الخنزير فبالنص من كتاب الله، قال الله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام:145]، فقال: (فإنه)، والضمير عائد على أقرب مذكور، وأقرب مذكور هو الخنزير، فإذاً الخنزير بالتنصيص يحرم، وألحقنا الكلب بالخنزير لدليل من السنة وهو حديث في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا ولغ الكب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً)، وفي رواية: (ليرق هذا الماء وليغسله سبعاً) وذلك لأن لعابه نجس، قالوا: واللعاب أشرف ما يكون في الكلب، فإن كان أشرف ما يكون في الكلب نجس فإذاً باقي ما في الكلب يأخذ الحكم، فيكون الجلد والشعر نجس وكل شيء فيه نجس، وهذا من الأثر.
أما بالنظر فقد قالوا: إن كانت الحياة فيهما لا تقوى على الطهارة لهما فمن باب أولى أن يضعف الدباغ عن تطهيره؛ لأن الحياة هي أصل، وقلنا: إن الدباغ يلحق بها.
إذاً: يقول المالكية: أي جلد ينتفع به، لكن بقيد وشرط، وهو أن ينتفع به ظاهراً لا باطناً؛ لأن باطنه احتك بالجلد؛ والجلد احتك باللحم، وهذا حكم بالمجاورة، وأيضاً الحنابلة في استدلالهم بالنظر قالوا: الحكم بالمجاورة،؛ لأن الباطن جاور جلد الميتة، وجلد الميتة جاور اللحم، واللحم بالإجماع نجس، فإذاً المجاور يأخذ حكم ما جاوره.
فالمالكية فرقوا تفريقاً لطيفاً ألطف من قول الحنابلة، وقالوا: الظاهر لم يجاور لكن الباطن جاور، فالمجاور يأخذ حكم المجاور له، وقالوا: الباطن لا يصح الانتفاع به للنجاسة.
إذاً: المالكية قالوا: ينتفع بكل شيء حتى الكلب والخنزير، لكن بقيد وشرط وهو: الانتفاع به ظاهراً لا باطناً.
قالوا: والدليل الفاصل لنا أيضاً: قول النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات: (دباغه ذكاته) يعني: دباغ الجلد ذكاته، قالوا: فنستدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز الانتفاع بجلد ميتة إلا المأكول.
فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (دباغه ذكاته)، والذكاة لا تكون إلا في المأكول وألحق النبي صلى الله عليه وسلم الدباغ بالذكاة فحكمه حكم الذكاة، يعني لا يكون إلا في المأكول، وهذا وجه الدلالة عندهم، فهذا من الأثر.
أما من النظر: فحديث: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراش جلود النمر)، قالوا: وهذا النهي للنبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان ثمة تفصيل لفصل، فلما قال: أنهاكم عن افتراش جلود النمر، ولم يقل: أنهاكم عن افتراش جلود النمر التي لم تدبغ، فإذا دبغت فافترشوها، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يفصل، ولما لم يفصل بقيت على العموم، والعلة هنا: النجاسة، والنجاسة عامة سواء دبغ أم لم يدبغ.
فتبقى هذه الدلالة على أن المأكول يخالف غير المأكول في الحكم.
إذاً: قالوا: عندنا أدلة كثيرة تثبت لنا التفريق بين المأكول وغير المأكول في الأثر وفي النظر، أما في الأثر: فحادثة ميمونة التي كانت في الشاة والشاة مأكولة، فإذاً: المأكول حكمه يخالف حكم غير المأكول، قالوا: والفاصل في النزاع: حديث النبي صلى الله عليه وسلم (دباغه ذكاته) فألحق الدباغ بالذكاة، والذكاة لا تكون إلا في المأكول، فالدباغ حكمه أنه لا يكون إلا في المأكول.
قالوا: ومن النظر: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراش جلود النمر، ولم يفصل سواء كانت مدبوغة أم غير مدبوغة، والعلة في ذلك: النجاسة، فإن دبغت فهي نجسة وإن لم تدبغ فهي نجسة.
قلنا: الرد عليه من وجهين:
الوجه الأول: أن هذا حديث مضطرب، فهو معل، كما أعله البيهقي وكثير من المحدثين، والقاعدة عندنا وعندكم: أن الأحكام فرع على التصحيح، فإذا ضعف الدليل فلا استدلال لكم، ولا حجة معكم.
ولو تنزلنا مع الخصم وقلنا: بأن الحديث الصحيح، فالرد عليه من وجه آخر، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا بعصب) والحديث ليس في محل النزاع؛ لأن الإهاب هو الجلد قبل الدباغ ونحن معكم في هذا، وإنما النزاع في الجلد بعد الدباغ.
الوجه الثاني: نقول لهم: قد فرقتم بين الظاهر وبين الباطن بلا مفرق، فإن قالوا: عندنا المفرق، وهو قياس المجاورة، فنلحق الجلد باللحم لأنه مجاور، لكن نقول: هذا قياس مع الفارق أولاً وقياس فاسد؛ لأنه صادم نصاً وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما إهاب دبغ فقد طهر)، فهذا القياس أولاً مع الفارق؛ لأن الجلد يخالف اللحم، فالجلد لا يؤكل واللحم يؤكل، وهناك فوارق كثيرة بين الجلد واللحم.
والثاني: أن هذا القياس قياس فاسد؛ لأنه صادم نصاً فقد جاء النص يفرق بين اللحم وبين الجلد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما إهاب دبغ فقد طهر)، فهذا تفريق من النبي صلى الله عليه وسلم فأنتم الآن سويتم بين ما فرق الشرع بينه، وهذا خطأ فاحش.
الرد عليهم من الأثر: أما قولكم بأن مرور النبي صلى الله عليه وسلم كان على شاة والشاة مذكاة فنقول: القاعدة التي نتفق عليها هي: أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولو كان السبب الشاة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم عمم وقال: (أيما إهاب) سواء ميتة مأكول أو ميتة غير مأكول، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهذا رد قاطع.
أما الدليل الذي استدل به وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (دباغه ذكاته) قلنا: نحن نوافقكم على هذا اللفظ، فدباغه ذكاته ولا نوافقكم على الإلحاق بل نقول: إن الإلحاق هنا إلحاق الانتفاع لا إلحاق الحكم، ومعنى الحديث أي: كما أنكم تنتفعون بالشاة في ذكاتها -وهذه الشاة كانت حية، فهذه الشاة إن ماتت فلكم أن تنتفعوا أيضاً بجلدها بالدباغ، فهنا الحكم حكم الانتفاع لا حكم الإلحاق بالتفريق بين المأكول وغير المأكول.
فالإلحاق هنا إلحاق في الانتفاع فقط، يعني: يجوز أن تنتفعوا بالشاة الميتة بالدباغ كما كان يجوز لكم أن تنتفعوا بالشاة الحية بالذكاة، وليس ثم قرب ولا بعد من المأكول ولا غير المأكول، فالكلام كله على الانتفاع، والدليل على أن الحديث يدور على الانتفاع فقط هو: السياق.
فالقاعدة تقول: السياق والسباق من المفسرات والموضحات والمقيدات، ففي حديث ابن عباس قال لهم: (هلا انتفعتم) فالكلام كله على الانتفاع، فقلنا له: المسألة كانت تدور على الانتفاع، وعليه فقوله: (فدباغه ذكاته) يعني: إذا انتفعتم بالذكاة فلكم أن تنتفعوا بالدباغ.
أما الرد على النظر، فإنهم قالوا: تتفقون معنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن افتراش جلود النمر، والعلة عندنا النجاسة، فنقول: أنتم الآن قلتم بأن العلة في النهي عن افتراش النمر هي النجاسة ولا نوافقكم على المقدمة، بل نقول: النهي لأمر آخر وليس للنجاسة، فالنهي لم يتعرض للنجاسة، بل النهي لأمر آخر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أيضاً عن افتراش سجاد الحرير لا للنجاسة وإنما للمفاخرة والمباهاة.
فنحن نقول: إن افتراش جلود النمر نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من أجل المفاخرة والمباهاة وليس من أجل النجاسة، وما دامت المقدمة خاطئة، فالنتيجة خاطئة.
نخلص من ذلك على أن الميتة لا ينتفع بها بأكل ولا شرب ولا أي شيء إلا الجلد، فيمكن أن ينتفع بجلد البقر وجلد الشاة وجلد الأسد، وذلك بأن يدبغ فيطهر فينتفع به في صلاة عليه أو سقاية، يعني: تكون قربة نشرب منها، أو بيعاً أو شراءً لتجارة الجلود، وهذا الحكم في المأكول وفي غير المأكول إلا الكلب والخنزير.
وهناك مسألة خلافية بين العلماء وهي: هل يؤكل الجلد بعد دبغه أم لا يؤكل؟ ففي المسألة خلاف عريض بين الشافعية أنفسهم على هذا الحكم.
ولو اعترض معترض على ردنا على ابن تيمية وقال: لماذا منعنا من افتراش جلد الكلب؟
قلنا: لأنه نجس، ولكن ليس هناك دليل على أن الأسد والنمر نجس، فلعاب الأسد طاهر، وهذه مسألة خلافية جداً، أعني: آثار البهائم، وهل هي طاهرة أم نجسة؟ والصحيح الذي أدين الله به كما يدين به الشافعية: أن آثار البهائم كلها طاهرة إلا ما دل الدليل على نجاسته.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر