إسلام ويب

الإسلام عدو الأصنام [2]للشيخ : محمد إسماعيل المقدم

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جرت أقلام بعض المنتسبين إلى الإسلام تبيح وتحلل وتفتري وتكذب زوراً باسم الإسلام في قضية هدم تمثالي بوذا. ولقد اتكأ أصحابها في أقاويلهم الباطلة على جملة من الشبه، وظنوا أن باطلهم سينفق، فافتروا على الصحابة الفاتحين، بل وافتروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يأت لهدم التماثيل قصداً كما فعلت حركة طالبان حين هدمت التمثالين. ولكن أنى لهم الوصول إلى أغراضهم وألسن العلماء لهم بالمرصاد؟! فلا يصح القول بأن الهدم كان للأصنام المعبودة في مكة أو المدينة أو الجزيرة العربية، وأبقيت التماثيل التي لم تعبد من دون الله.

    والآن ننتقل إلى الكلام عن شبه القوم في هذه المسألة.

    وفي الحقيقة أنّ هؤلاء أشبهم -للأسف الشديد- بالحرباء، فالأسلوب المتبع عندهم ليس أسلوب العالم أو الباحث النزيه، بل هو الكلام الحاوي نوعاً من الحيل في طمس الحقيقة، وكنا نود أن يكون هناك محامون غير هؤلاء الناس عن التماثيل.

    دعوى ترك الصحابة الفاتحين مصر هدم الأصنام

    يقول أحدهم: المسلمون -ويتكلم بمنتهى الجزم والقطع والحث- عندما دخلوا مصر مع عمرو بن العاص لم يطمسوا التماثيل -وانظر إلى الكلام المحرف-، كان منهم عشرات من الصحابة، كان فيهم البدريون والأنصار وحفاظ القرآن، ومنهم الرجل الذي بثلاثة آلاف ولم يطمسوا تمثالاً قط.

    وسنجيب بالدليل عليه، ونقول له: بل العكس، فمتى ما رأوا تمثالاً أو وثناً استطاعوا هدمه هدموه، فاثبت أنت العكس!

    فعندنا نحن الأسانيد وقد ذكرناها، أما هو فلم يأت بدليل.

    وهذا الدكتور قال كلاماً، وسأقول ولك ولكم الحكم، فمن ضمن الكلام أنه قال -بعدما قال: إن الصحابة دخلوا مصر ولم يطمسوا تمثالاً قط وتأمل هذه الخيبة- قال: لم يطمسوا تمثالاً قط، إنما كان الذي طمس التماثيل هم النصارى الذين دخلوا مصر، فوجدوا الفراعنة قد صنعوا تماثيل، ومن زار منطقة الصعيد والأقصر -خاصة- فهناك معابد مصرية قديمة فيها التمثال بصورته الأصلية، وفيها التمثال مطموساً وجهه ومرسوماً عليه الصليب؛ لأن النصارى لما دخلوا رأوا أن هذه التماثيل تناقض عقيدتهم فطمسوها.

    وهذا شيء يخجل، فهو الذي قال هذا الكلام بالحرف، يقول: لأن النصارى لما دخلوا رأوا أن هذه التماثيل تناقض عقيدتهم فطمسوها. مع أنه واضح أن النصارى هؤلاء لم يكونوا على الدين الحق؛ لأن النصارى عباد صلبان، ومع ذلك كيف يقال: رأوا التماثيل تناقض عقيدتهم فطمسوها؟!

    يقول: وبعض التماثيل مطموس منها الوجه الفرعوني ومركب عليه وجه الإسكندر الأكبر؛ لأن هؤلاء من أتباع الإسكندر فصنعوا هذا، ففكرة تدمير ما كان سابقاً فكرة غير إسلامية فكرة صنعها غير المسلمين.

    ونقول: بل أمر بها الله، وصنعها رسوله عليه الصلاة والسلام، وصنعها إبراهيم ونوح وأنبياء الله أجمعين.

    وإذا أردتم التدليس فهاتوا القضية مجتمعة لنناقش، فالقضية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.

    دعوى هدم المسلمين الأصنام المعبودة وتركهم تماثيل الآثار

    ومن مغالطات هؤلاء الحواة الكلمة التي يكررونها دائماً وكل حين، حيث يتكلمون عما عليه الناس باعتباره حجة، فيقولون: المسلمون دخلوا وما فعلوا، وكان المسلمون وما زالت هناك تماثيل ... الخ.

    وكان هناك مسجد بين تمثالين كبيرين في الأقصر -كما أظن- فهدم هذا المسجد، فقالوا: هدم المسجد لأن أيام الملك كان فيها فتن.

    ونحن نقول: لا، بل الذي هدمه هدمه لأنه قال: لا يجوز أن يقام مسجد أمام التمثالين. ثم أعيد بعد ذلك تحديثه.

    فهم يدندنون على أن المسلمين لم يمسوا الأصنام بسوء، وقد علم بالاستقراء أنّ هذا الكلام مزيف، وهذه دعوى زائفة وكذب وتضليل وخداع، فإذا كان العلماء لم يوافقوا الإمام مالكاً رحمه الله تعالى -وهو الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمه الله تعالى- في اعتبار أن عمل أهل المدينة حجة كحجة الإجماع فكيف بغير أهل المدينة؟!

    فالمغالطة هنا أنهم يضحكون على الناس، والناس معظمهم عوام لا يفهمون، لكن المتخصصين لا ينطلي عليهم هذا الدجل؛ لأن الأدلة الشرعية لها ترتيب في القرآن، فهناك أدلة متفق عليها، وهناك أدلة مختلف في حجيتها، فالأدلة المتفق عليها أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، ثم الأدلة المختلف عليها معروفة، وهي أدلة كثيرة.

    وهذا الأمر ليس من ضمن الأدلة المختلف عليها عمل الناس وواقع الناس، فلا أحد أبداً يستطيع أن يدعي أن الناس معصومون، والبدع كانت قد حصلت في أواخر عهد الصحابة، ونشأت بعد ذلك حركات كثيرة في الإسلام، فالناس غير معصومين.

    ولقد عرضت أمام بعض الفقهاء الكبار في المدينة -أعني علماء التابعين- قضية معينة، فقال أحد الحاضرين: ليس على هذا عمل الناس. فرد عليه أحد الأئمة فقال: أرأيت إن كثر الجهال حتى كانوا هم الحكام، أهم الحجة على السنة؟

    فالحجية -باتفاق- الكتاب والسنة والإجماع والقياس، فإذا أردت أن تقيم دليلاً احصر نفسك في داخل الأدلة الشرعية، حتى الأقل، وهو الأدلة المختلف في حجيتها، ولكن لا تأت بدليل ليس هو من الأدلة الشرعية، فينبغي أن ننتبه إلى هذا، فالقول بأن الناس عملوا، وأن المسلمين عملوا، وأن المسلمين أقروا هذه الأشياء وهي موجودة في بلادهم ولم يمسوها بسوء لا يصح هنا؛ إذا هل المسلمون معصومون كأفراد من الناس؟! فالحجة في إجماع المجتهدين.

    وبعض أولئك وصل به الدجل إلى أن قال: حتى الإمام محمد عبده عندما زار صقلية ورأى هذه التماثيل النصرانية أشاد بها وقال: إنها ليست للعبادة.

    فأنت تأتي برجل متأخر تقدمه على كلام الله وكلام الرسول عليه الصلاة والسلام وكلام السلف الصالح والصحابة! فهذا نوع من الدجل فيه قصد تلبيس بالدليل الشرعي، والدليل الشرعي ليس كلام أي أحد كما يريدون أن يفعلوا، بل الدليل الشرعي إما الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس، ثم قد يكون المجتمع بالأدلة المختلف فيها متمسكاً بشيء، أما أن تتشبث بكلام الناس وأفعال الناس فهذا من الدجل في الحقيقة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087715513

    عدد مرات الحفظ

    773674775