إسلام ويب

كشف مؤامرة تحريم النقاب [2]للشيخ : محمد إسماعيل المقدم

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من المتفق عليه بين الصحابة أجمعين، وبين جميع علماء الدين، أن النقاب مشروع بأمر رب العالمين، ولم يؤثر عن أحد من علماء الدين -لا من الفقهاء ولا من المحدثين- أنه صرح بكراهته فضلاً عن القول بتحريمه. ومن قال بالتحريم فقد أسقط نفسه من منزلة التكريم، واتبع الظن والتوهم؛ إذ إنه جاء الأمة الإسلامية بما لم تعهده ولم تسمع به، فظن أنه قد أتى بما لم تستطعه الأوائل، ولم يعلم بأنه من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

    عدوان إسماعيل منصور في جريدة النور وجراءته على القول على الله بغير علم

    في أول شعبان سنة 1409من الهجرة نظم الحمزة دعبس -صاحب جريدة النور- تظاهرة إعلامية، وفجر هذه القنبلة في ساحة الفكر، وبدأها بقوله: وددت لو أن العاملين في الحقل الإسلامي لا يُقدِمون على عمل من الأعمال في الحياة العامة -في مصر وغيرها- قبل أن يبحثوا عن هذا العمل في الكتاب والسنة، ولا يجوز لواحد منهم أن يتقدم خطوة واحدة في تنفيذه قبل ذلك، فإن وجد هذه الخطوة في كتاب الله أو في السنة المشرفة أو فيهما معاً خَطَاها، وإن لم يجد هذه الخطوة فيهما فلا يخطوها، وفوق ذلك فإن القرآن والسنة ليسا من الكلأ المباح يبيحه لنفسه كل واحد من الناس، ولكن ذلك مقصور على أهل العلم والفقه؛ لأنهم يملكون وسائل المعرفة فيقدمون، وأما غيرهم فلا يملكونها، ولا يجوز لهم من ثَمّ أن يقتحموها، ومن يفعل ذلك وهو لا يملك هذه الوسائل فقد ظلم نفسه، وعرّض نفسه ومن يتبعه للهلكة. ثم أخذ يتكلم على مشكلة النقاب، وأنها أخذت حجماً متزايداً في الحقل الإسلامي في الآونة الأخيرة، حتى بلغ أمرها ساحات المحاكم، وأدت إلى كثير من الاضطرابات، واختلف الناس في حكم النقاب، ثم ذكر في خلاصة الكلام أنه طول عمره يعلم أن النقاب إما واجب أو مستحب، ثم قال: وقد زارني أخي في الله الذي أحبه في الله -وكان الأَولى أن يبغضه في الله لبدعته وضلاله- الدكتور إسماعيل منصور رئيس تخصصات الطب الشرعي والسموم. كأنه ظن أن كلمة طب شرعي تعني أنه درس علماً شرعياً، فما هي مؤهلاته التي بهرته وجعلته -ما بين طرفة عين وانتباهتها- ينقلب رأساً على عقب، فيرى الواجب حراماً! لمجرد أنه عَلِمَ أنه يرأس تخصصات الطب الشرعي والسموم؟! نعم! يحق له أن يباهي بهذه الشهادة ويتيه بها على أقرانه في كليات الطب البيطري، وإن كانت الشهادة الأخرى التي هي ليسانس الآداب في الفلسفة فليفتخر بها في كلية الآداب في قسم الفلسفة، ثم الشهادة الأخرى -وهي شهادة مجروحة في الحقيقة- دراسات في القانون، حيث إنه حاصل على رسالة الحقوق من جامعة القاهرة، وله دراسة في قسم الدكتوراة في هيئة القانون العام، وهذه ليفتخر بها في ساحات المحاكم التي تحكم بغير ما أنزل الله أو في كليات الحقوق. لكن حتى الآن ليس هناك أي شيء يشهد له بأن له أن يتكلم في العلم الشرعي بهذه الطريقة الجريئة، مع أننا لسنا نقول: لا يتكلم في الشرع إلا من كان معه شهادات، فإن تكلم بحق فأهلاً به ومرحباً، ولكن -وحتى الآن- كل هذا لا يفيدنا بشيء. ثم قال: ولم يكتف بذلك -يعني: لم يكتفِ بالطب الشرعي البيطري، والطب الشرعي والسموم، والحقوق، والآداب (الفلسفة)- حتى حصل على إجازة في تجويد القرآن، ثم راح ينفق علمه هذا بلا مقابل في الدعوة الإسلامية -وظل يمدحه في نشاطه في الدعوة، ثم يقول: وأنا لا أزكيه على الله!

    تحريم إسماعيل منصور للنقاب واختيار عنوان البحث

    ثم قال: وقد سعدت بزيارته سعادة بالغة؛ إذ لا يتحدث في أي مسألة من مسائل الدنيا والآخرة إلا رد أقواله رداً أصولياً إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    مع أن الكتاب لا توجد فيه صفحة واحدة فيها عزو لأحد من أهل العلم، ولو فتحت أي صفحة لا تجد فيها أي عزو في الهوامش إلى أي مصدر من المصادر التي ينقل منها، وبهذا يتبين أن الرجل لا يعرف شيئاً اسمه التأصيل العلمي.

    ثم قال: ويحدثك عن صحة الحديث أو حسنه أو ضعفه، ويملك عليك شوارد حسك، فإذا استفهمت أجاب ودلل على كل كلمة في إجابته، وذلك هو النمط الذي يجب أن يكون في مجال العمل الإسلامي، لا يركن إلى سقاطيف من كتب، ويدعي بها علماً.

    ثم يقول: زارني الدكتور إسماعيل منصور ، وتبادلنا أطراف الحديث، وفوجئت بحكم جديد علي في النقاب إذ قال لي: إن حكم النقاب (حرام!!) وقد دهشت لهذا الحكم؛ فإني لم أسمعه من قبل، بل سمعت ما يناقضه، وقال لي: إنه اهتم بهذا الأمر اهتماماً بالغاً، وأعدّ حوله بحثاً، ورجوته رجاء حاراً أن يوافيني بهذا البحث، وفي الأسبوع الماضي أنجز وعده، وأحضر بحثاً مستفيضاً، وقعد يعرض البحث باختصار، وأعلن الدكتور إسماعيل منصور أن توجيه الأحكام الشرعية بدعوى الحماس أمر خطير في الدين؛ لأنه يفضي إلى القضاء على شرف هذه الأمة التي ما قامت إلا على الدليل والبرهان.

    ويظل يسرد ويبدئ ويعيد كلاماً في الأدلة والبرهان، واتباع الكتاب والسنة، ونقض من يحيد عنهما، وعادته في ذلك التهويش والتهويل؛ ليطلق هذه النصوص كستار من دخان يختبئ الزحف من ورائه.

    يقول: وانتهى إلى أن وجه المرأة ليس بعورة بأدلة من القرآن كأننا نسمعها لأول مرة.

    هذا ذنبك أنت أيها الصحفي؛ كونك في مثل هذا الموقع الحساس -مسئول عن جريدة- إذ كان ينبغي أن تعرض مثل هذا البحث على أهل العلم ليقولوا فيه قولتهم، فإذا كان صالحاً نشرته، وإلا فلا تفعل.

    يقول: فقلت للدكتور إسماعيل منصور : وإلامَ انتهيت في هذا البحث؟ قال: إنه ليس واجباً ولا مندوباً ولا مباحاً وإنما هو تكلف وحرام!! فقلت له: إن نشر هذا البحث على أجزاء يقتضي وقتاً طويلاً.

    وفتح له باباً من أبواب الجريدة فوراً، وفي طرفة عين تحول الواجب الذي يعتقده واجباً أو مستحباً إلى حرام، وسمح له بالنشر فوراً! لو أتاك رجل لبس الحق بالباطل، وبحث وفق الأدلة -كما يزعمون- وأفتى بوجوب شرب الخمر، ووضع بحثاً له عنوان، بحيث يكون العنوان جميل ومسجوع مثل (إيضاح الأمر في وجوب شرب الخمر) هل تقول له: أنا أول مرة أسمع هذه الفتوى. ثم تنشر له البحث فوراً، وتجعله باباً ثابتاً تفرضه على القراء لمدة تسعة أو عشرة أشهر؟!! ما أسوأ ظن هذا الصحفي بعقول القراء!! هل كل الناس مغفلين هكذا؟! قد تستطيع خداع كل الناس بعض الوقت، أو بعض الناس كل الوقت، لكن أن تخدع كل الناس كل الوقت فلن يستطيع أن يفعل هذا أحد.

    فإذاً: هذه المسألة ما هي إلا قنبلة إعلامية فجّرت حتى تنفق الجريدة أكثر، أو حتى تلهي الناس عن واقعهم الأليم، وإلا فماذا؟!!

    يقول: فقلت له: ويحسن أن نختار له عنواناً.

    ليست المشكلة في الصحف الآن أن تبحث كيف صار الواجب حراماً؟! لكن المشكلة عندهم الآن: ما هو أنسب عنوان لهذا البحث القيم؟!

    يقول: واقترحتُ أن نطلق على هذا الباب اسم: تأثيم وعقاب من تتكلف النقاب.

    انظر إلى صحبة السوء التي كانت تجتمع في هذا الوقت وتتآمر لاختيار عنوان للبحث، وهؤلاء هم الأُمناء جداً!! وجعلوا عنواناً بخط عريض في الجريدة: (تذكير الأصحاب بتحريم النقاب!!) ولأن مستوى البحث في بعض الأشياء يصعب على عوام الناس هضمه، فيكفي أنك تظل لمدة عشرة أشهر تنشر عنواناً عريضاً في الجريدة: (تذكير الأصحاب بتحريم النقاب) وهذا التكرار أسلوب من أساليب الصحافة المغرضة، وهي قاعدة: (ما تكرر تقرر) فكثرة التكرار يحفّظ الجماهير والعوام هذه العناوين.

    تمشي الآن الأخوات المنقبات في بعض الأماكن، فيراهن العوام الجهلة -لأنهم بيد من يقودهم- فإذا بهم يعيّرون الأخوات وينكرون عليهن، ويقولون: النقاب هذا حرام!! الآن العوام يُفتون في الشوارع؛ بسبب هذا المبتدع، وبعض الخطباء الجهلة انبهر أيضاً بالكلام، وخصص خطب الجمعة لمهاجمة النقاب! سبحان الله ما أشد غربة الإسلام في أهله!!

    وأول عنوان كانوا قد اختاروه لهذا البحث: (تأثيم وعقاب من تتكلف النقاب) فاعترض أحدهم قائلاً: حتى من ارتدته بغير تكلف فهي آثمة! فاختار صديق أن يكون اسمه: (النقاب تكلف معاب يستوجب الإثم والعقاب!!) فقلت -أي: الصحفي-: إن كلمة معاب فيها تكلف واصطناع، فذكر ثالث عنوان: (القول بتعميم النقاب تكلف يستوجب العقاب) فقال الدكتور إسماعيل منصور : هذا تأثيم لمن يقول بذلك، وهو حق! غير أن البحث متوجه لاتخاذ النقاب رداءً. فهتف الأخير: وجدتها! وانتبهنا إليه، فقال: (القول في النقاب أن من تركه يثاب) فقلت: إن هذا يصح في الحرام والمكروه، وقد انتهى الدكتور إسماعيل منصور إلى أنه حرام.

    قلتُ: إذاً نسميه: (حكم النقاب في الإسلام أن ارتداءه حرام) قال: نقترح غيرها ونوازن بينها. فقال صديقنا: (فصل الخطاب بتحريم النقاب) فقال الدكتور إسماعيل منصور : أنا رأيي صحيح! ولكنه يحتمل الخطأ -مع أنه يرى أن رأيه لا يحتمل الخطأ كما سيأتي- ولذا فلا أسميه فصل الخطاب.

    كأنه يريد هنا أن يتشبه بالأئمة في تورعهم عن الفتيا بغير علم.

    فقال: لو أطلقنا عليه: (إرشاد الأصحاب إلى تحريم النقاب) أو: (تبصير الأصحاب في تحريم النقاب) ثم رجع إلى نفسه وقال: ولكن الإرشاد والتبصير قد يكون فيه نوع من الاستعلاء، وأعوذ بالله منه!! ثم قال: لو أطلقنا عليه: (تذكير الأصحاب بتحريم النقاب) لكان أجدر؛ لأننا أُمرنا بالتذكير في قوله تعالى: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى [الأعلى:9] سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى [الأعلى:10] وانشرحت صدورنا لهذا التعبير، واتخذناه عنواناً لهذه السلسلة من المقالات الشيقة التي فيها من العلم الكثير، وفيها من الفائدة ما هو غزير، وأمتع ما في هذه السلسلة هو طريقة البحث، والمثابرة على الحق! والوقوف في وجه الموجة وإن كانت عالية، وفي مقابلة القوة وإن كانت عاتية، وعدم الخوف من الاتهام بالخروج على المألوف، ومن بعض الأشخاص الذين رفعوا أنفسهم أو رفعهم الناس إلى مرتبة التخويف، واعتبار كلامهم بمنزلة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    خيانة صاحب الجريدة وعبثه بالرسائل التي ردت على إسماعيل منصور

    يقول الحمزة دعبس : فقلت له: أنا سأنشر الردود التي تردّ عليك كلها. فقال لي: هذا حق مصون، وأنا أرحّب بها كل الترحيب، ولكن أجّلها إلى نهاية المقالات.

    ومن المعلوم أن أي جريدة -غالباً- حينما تنقل بعض المقالات تقول: المقالات أو الآراء المنشورة في هذه المجلة على مسئولية أصحابها، والجريدة غير مسئولة عنها. حتى لو كانت حقاً واضحاً، فكيف بمثل هذه الفرية وهذه البدعة والضلالة؟! وأنت أيها الصحفي انحزت بكل قوة إلى هذا الرأي الذي لم يسبق لك دراسته، ثم لم تعرضه على أهل العلم قبل أن تنشره، ثم فرضته بالقوة أيضاً خلال عشرة أشهر أو ما يقارب ذلك فرضاً، وحجبت كل الردود التي وصلت إليك، هل هذا السلوك فيه تجرد وفيه إنصاف أم لأنك أنت في يدك المحبس تتحكم كما تشاء وكما تهوى؟! أهذه هي الأمانة؟!

    ومن العدل أن كل ما تنشره من مقالات، فعليك أن تنشر الردود عليها أو تعرضها على العلماء ليقولوا قولتهم، أما أنك تنشر خلال هذه المدة الطويلة، وتحفّظ الناس: (تذكير الأصحاب بتحريم النقاب) لتتخذ من أساليب الصحافة المغرضة وسيلة لزعزعة هذا الحكم الشرعي فحسبنا الله ونعم الوكيل.

    ثم بعد أن انتهت المقالات، لم ينشر الرجل رداً واحداً من الردود التي وصلت، وأخفى الردود، وإذا بأحداث العراق والكويت تفجر القضية من جديد، وحوار مع الأصحاب حول موضوع تحريم النقاب، ومن جديد يفجّر القضية، وينشر صورة قبيحة لامرأة محجبة لتشويه الحجاب، وهذا المسلك السيئ لا يسلكه المنصفون أو أهل العلم والفضل، إنما يسلكه الصحفيون في وسائلهم للتشنيع على الأخوات أو على المسلمين عموماً في طريقة النشر لتلك الصور التي تثير الاستفزاز، حيث إن فيها نوعاً من التنفير من صورة المنقبات، وهذا من أساليب الصحافة المغرضة.

    وهذا الحمزة دعبس كان قد أخذ على نفسه العهد بعد العهد أنه سينشر الردود حتى يسكت الأصوات المعارضة، فإذا به فجأة يحيل جميع الردود التي وصلته إلى الخصم ليكون هو القاضي! ويقول له: نريد أن ترد على هذا الكلام الذي وصلنا.

    انظر إلى هذا التمادي في الظلم والتجنيّ، فبعد كل هذا العدوان يعطيه في الأخير جميع الردود ويعرضها من وجهة نظره هو، ثم يقوم الدكتور بالبتر والتحريف للكلام، ويخفي ما يمكن أن يدينه أو يهز صورته.

    كانت أول مقالة: (تذكير الأصحاب بتحريم النقاب) في أول شعبان عام (1409) هجرية كما ذكرنا، وفي الأسبوع المقبل بعدها مباشرة كتب الحمزة يقول: اعتذار: قدمنا في العدد الماضي سلسلة من المقالات للدكتور: إسماعيل منصور في التذكير بتحريم النقاب، وقد اتصل بي العديد من الزملاء والأصدقاء، وأسدوا إلي نصيحة بعدم نشر هذه السلسلة؛ لأن النقاب في مصر من الندرة الشديدة بمكان، فلا تكاد المنقبات يمثّلن شيئاً يُذكر، أو نسبة يُعتّد بها في المجتمع المصري.

    وهذا كلام تشم منه رائحة الازدراء والاحتقار. ثم يقول: هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى: فإن العمل الإسلامي يعاني من الفض على بعض أعضائه الذين يتعرضون للتعذيب، وهم في صدام مع الشرطة وغيرها، ولسنا بحاجة إلى أن نحملهم هموم جديدة، تتوالى عليهم من الأصحاب، وتكفيهم شرور السلطة، وتسلط الشرطة، وهجوم الكُتّاب العلمانين من النصارى والشيوعيين.

    فكأن هذا منه رحمة ورأفة بالعمل الإسلامي؛ لأنه يعلم أن العمل الإسلامي القائم على العلم، والأصالة، واتباع الدليل، واحترام الشرع، هم الذين يلتزمون بهذا الحكم، فهذا لا يجهله، فيقول: لا نريد أن نزيد همومهم، ويكفيهم ما لاقوا من المعاناة، ومن المحن، فلا ننضم نحن أيضاً عليهم!!

    يقول: وقد استمعت إلى النصيحة، وذهبت أوازن بين مزايا النشر وعيوبه، واستشرت من حولي، فأيدوا وجهة نظر الناصحين، وتدبرت حالي مليّاً، فوجدت أن حكم الإسلام واجب التبيان! وأن السكوت عنه مع العلم به قد يكون فيه عصيان!

    سبحان الله!

    يُقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسنِ

    ولكني سمعت أصواتاً عديدة تهتف: الخلاف شر. فاكتفيت بإثبات رأي الدكتور إسماعيل منصور الذي أكنّ له كل تقدير واحترام، والذي انتهى فيه بالدليل والبرهان إلى أن النقاب تكلّف وحرام، وأذعنت للنصيحة عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لينوا لإخوانكم) وأنا مقدّر كل التقدير لأدلة الدكتور إسماعيل منصور وله أقدم الاعتذار.

    إذاً: الاعتذار موجّه إلى إسماعيل منصور !!

    ولم يعتذر أنه انحاز مسبقاً بكل قوة إلى هذا الرأي الباطل، ولم يعتذر عن هذه الديباجة المثيرة التي زيّن بها هذا الباطل وزخرفه، ولم يعتذر للأخوات، بل يزدري المنقبات ويحتقرهن، ويقول: هن ندرة! ولا يشكلن أي ثقل في المجتمع!

    إذاً: ما الذي جعلك تعدل عن هذه الحكمة وهذا التعقل؟! وما الذي جعلك تعدل عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لينوا لإخوانكم) ؟! فهذا عذر أقبح من ذنب.

    وكان ينبغي ألا يوجه الاعتذار إلى ذلك المبتدع، كان ينبغي أن يعتذر إلى ملايين المسلمين الغيورين على دينهم، والذين آذاهم بما فعل، وإلى آلاف النساء المنقبات اللاتي هَمَزهن ولَمَزهن.

    فالشاهد: أنه هنا أبرم أمر رشد لم يلبث أن نقضه في العدد الثاني الصادر في الأسبوع الذي بعده، بحجة هي أوهن من بيت العنكبوت! ما هي الحجة؟ هي أنه قبل أن يعمل بهذه النصيحة نسي صلاة الاستخارة، فعاد وصلاها فانشرح صدره أن ينشر المقالات من جديد.

    هذه هي الحجة التي جعلته يبطل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لينوا لإخوانكم)! يقول: نسيت أن أستخير. فلما تذكر الاستخارة استخار، ورأى أنه انشرح صدره لنشر هذا النور في الآفاق!!

    وأنا مضطر إلى أن أتكلم عن الرد الذي أرسلتُ إليه بعد أن نشر هذا الاعتذار، باعتبار أني كنت ممن أرسلوا ردوداً، وكنت أحد ضحاياه أيضاً! فأتحدث عن ما لامسته بنفسي، ولعله إذا انضم إلى الكلام من أرسل مثلي، فقد تكون هناك طامات أكبر لم نطّلع عليها في الخيانة وعدم الأمانة في نقل كلام الآخرين، فهذه الرسالة قبل أن أتلوها عليكم قد جاءت رداً على هذا الاعتذار، قبل أن يكون إسماعيل منصور نشر حرفاً واحداً من مقالاته، بل خبأ هذه الرسالة، وفي الشهر الماضي في أواخر الشهر الماضي بدأ ينشر من جديد ويقول: إنه وصلتنا رسالة من فلان، وسوف نرد عليها. فأوهم القراء أنه ليس هناك رد إلا رسالتي هذه فقط، فأقول:

    أولاً: هذه الرسالة لم تكن رداً على إسماعيل منصور ؛ لأنه لم يكن نشر شيئاً، بل هي رد على صاحب الجريدة، وقد كان المفروض أن ينشرها، لكنه كتمها وخبأها كما فعل مع آخرين، ثم إنني قبل موسم الحج أرسلت إليه الجزء الثالث من كتابي: (الحجاب) مع خطاب صغير، وقلت له: من صفحة كذا إلى صفحة كذا يتضمن الرد على إسماعيل منصور ، فإن كنت ترى أن تنشره كما هو فلك ذلك، وإن كان طويلاً فكلِّفْني بالأمر وأنا أختصر الرد وأرسله إليك.

    فإذا كلفني فيكون فيه التزام ضمني بأنه لا يحرّف الكلام؛ لأنه هو الذي قال لي: اكتب، فانتظرت فلم ينشر أي شيء، ثم إنه بعد ذلك قال إسماعيل منصور في الأسابيع الأخيرة: وصَلَنا خطاب صغير من فلان، يشير فيه إلى أنه أرسل مع الرسالة مطبوعات عن الحجاب.

    فكأنني صوّرت له صفحات معدودة من عدة كتب، ولم يبين أن هذا ردّي الذي أرد به عليه، لكنه قال: مطبوعات عن الحجاب -حتى يوهم أنها مطبوعات قليلة- وفيه أدلة لوجوب النقاب، وتتضمن ردوداً عن المقالات السابقة بالتحريم. ثم قال بعد ذلك معلقاً على الرد الذي أرسلته إليه: ولم يأتِ رد علمي ولا غيره في نفس المقالة. وهذا لأنه قال: بعث مطبوعات. ولم يقل: بعث رداً، فقال: لم يأت رد علمي ولا غيره، وإنما أوصل رسالة ليس فيها رد علمي على الإطلاق، بل هي مليئة بالاتهام وسوء الظن.

    فكأن هذا هو المنهج السلفي في نقد الآراء المخالفة له، فأوهم الناس أن الذي رد عليه هو هذه الرسالة، والصحيح أن هذه الرسالة ليست رداً على إسماعيل منصور ، بل كانت رداً على الحمزة دعبس ، فكتمها إلى قبل أسابيع قليلة، ثم نشرها من خلال عيّنة أعطاها لـ إسماعيل منصور ، حيث قال له: رُدّ على هذه الرسائل.

    فالمفروض إن دعبس يجعل كل طرف يمثل وجهة نظره الخاصة به إذا كان هذا مبطلاً والآخرون على حق، لكنه أوهم أن هذا هو الرد على إسماعيل منصور ، وهو رد على الحمزة دعبس قبل أن ينشر إسماعيل منصور حرفاً واحداً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087688454

    عدد مرات الحفظ

    773553616