أما بعد:
أيها الإخوة الكرام! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
(أوراق عمل) هذا هو عنوان هذا اللقاء مع الدرس التاسع والثلاثين، في يوم الجمعة الموافق الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول عام (1413)، وهذا الموضوع أحسب أن له أهمية وفائدة جيدة في الناحية العملية، وأول ما أبدأ به هو التنبيه على فوائد العمل، وأعني بالعمل: الخطوات الواقعية الفعلية، إذ القول عمل، والنية عمل، لكني أعني بالعمل: ممارسة الجوارح، والحركة الواقعية في مضمار من المضامير أو ميدان من الميادين.
لماذا نؤكد على أهمية العمل؟
أولاً: لأن القول وحده لا يؤثر، بل من المعلوم أنه إذا كثرت الأقوال ولم تصدقها الأفعال دل ذلك على الضعف والخور، وأشار إلى وجود الفراغ والادعاء، وربما كان سمتاً من سمت المنافقين والفارغين، ولذلك الذي يكثر من الأقوال بلا أعمال يسقط قدره وتذهب مصداقيته عند الناس، سواءً كان هذا القول صادراً من فرد أو من هيئة أو من دولة أو حتى من منظمات تجمع دولاً عديدة، إذا تكاثرت الأقوال بلا أعمال فإن ذلك دليل الضعف، ويبث في النفوس الخور والعجز، وكما قال القائل:
غض المفاوض صوته فتكلـم بلسان نار يا كتائب أو دم
لم يفهم المحتل من خطبائنا فلتفهموا المحتل ما لم يفهم
والخطابة كما يقولون: (رأس مال المعدم) ولذلك قال القائل:
إن ألفي قذيفة من كلام لا تساوي قذيفة من حديد
فالعمل هو الذي يؤثر في الواقع بشكل أكبر.
والأمر الثاني: هو أن السؤال الأكبر والحساب الأعظم يتعلق بالأعمال أكثر منه تعلقاً بالأقوال؛ لأن الأعمال هي الشواهد الناطقة، والمعالم الشاخصة، فأنت لا تعرف الإنسان كثيراً بأقواله قدر ما تعرفه بأفعاله، والأعمال هي التي دعانا الله سبحانه وتعالى إليها، وندبنا وبين لنا أنها المنظور إليها والمعول عليها، كما قال الله جل وعلا: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105]، لم يقل: قل تكلموا ولا انووا، وإن كانت النية مطلوبة والقول مطلوباً لكن تصديق العمل هو الأهم، ولذلك قال جل وعلا: ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [يونس:14]، وأيضاً قال جل وعلا: وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:93]، فالعمل هو الأساس.
الأمر الثالث وهو أكثر أهمية: أن العمل أبلغ أسلوب لعلاج الأخطاء، فكثيراً ما نذكر الخطأ ونردد القول فيه ونقول: هناك سلبيات وهي كذا وكذا ... ولا يتزحزح هذا الخطأ، ولا يتغير بهذه الأقوال مهما تكاثرت إلا إن كانت هذه الأقوال أحد طرق العمل ووسائله التي تؤدي إلى التأثير الفعلي، وكما يقال: (بدلاً من أن تلعن الظلام أوقد شمعة)، فإن إيجاد المنهج الصحيح متمثلاً في نموذج عملي متحرك هو أكبر طريقة لعلاج الأخطاء، فلو تصورنا أننا نقوم بالتربية الإسلامية وبإظهار القدوة العملية فإن تأثيرها يكون أعمق بكثير من الخطب القولية والمواعظ المنبرية.
الأمر الرابع: أن العمل أعظم مواجهة لكيد الأعداء، كثيراً ما نذكر مؤامرات وخطط الأعداء، وأنهم يريدون كذا، وهم يتآمرون بالليل والنهار ويدبرون كذا وكذا، وكل هذا القول لا يغني شيئاً ولا يغير واقعاً، لكننا إن أسسنا حياتنا وممارساتنا بأعمال تناهض وتخالف مراد الأعداء فإن هذا يكون أبلغ مواجهة وأعظم صفعة في وجه العدو، الذي يرى أنه يدبر ويبذل وينفق ويخطط لكنه لا يجد استجابة، فهو ينشر بيننا الإعلام الفاسد، والأدب المأجور، والفكر المنحرف ثم يفاجأ بأن الجيل الذي يصعد أو الجيل الذي يظهر في هذه الأيام بإذن الله عز وجل جيل لا يميل لهذا الإعلام، ولا يتأثر بهذا الفكر، ولا يتعلق بهذا الأدب، بل عنده من منهج الإسلام وتربية القرآن ما يجعل العقول تأبى هذا الإعلام وترفض هذا الفكر.
كيف تبذل هذه الجهود ثم تأتي الثمرات مخالفة؟ ذلك ناتج عن العمل وتركيزه الذي هو أبلغ شيء في مواجهة كيد الأعداء.
الأمر الخامس: العمل يفجر الطاقات، ويشعر النفس بالرضا والارتياح، وبعض الاستشعار لأداء جزء من الواجب، والذي يقول ويبكي ويصيح لا يشعر أنه قد نفس ما في نفسه حتى يرى أنه قد ساهم في علاج الأمر الخاطئ، أو ساهم في جلب الخير المقصود أو المنشود، فالعمل يجعل النفس راضية، ويبرأ العامل ذمته بين يدي الله سبحانه وتعالى.
وأخيراً: العمل يقضي على الجدل:
فكثيراً ما تدور المجادلات والمناقشات والمحاورات، ويمتد أمدها ويزداد ويعلو الصوت فيها، ولو أن هؤلاء المتجادلين التفتوا إلى العمل لشغلهم التفكير فيه، والممارسة له، والبذل لأجله، عن مثل هذا الجدل، وأنساهم مواضع الخلاف الهامشية، وأعانهم على الاجتماع على الخير، وتوحيد الجهود، والتعاون على البر والتقوى.
ومن هذا المنطلق نريد أن نعرض بعض أوراق العمل التي تجعل المسلم قادراً من خلال هذه الآفاق أن يقدم وأن يساهم؛ لأن المشكلة التي نواجهها ونسمعها كثيراً هي: ما العمل؟
هذه مشكلات ومآسي المسلمين: ما هو العمل؟ هذه المفاسد الموجودة، ما هو العمل؟ هذا القصور الذي نريد أن نتجاوزه ونتلافاه: ما العمل؟ وكل إنسان يظن أن هذا العمل هو كما قيل:
وإني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل
يظن أن هذا العمل لا يمكن أن يقوم به إلا جبار من الجبابرة أو عبقري من العباقرة، وأنه يقصر عن هذا ولا يستطيع أن يساهم في مثل هذه الأعمال أو حل هذه المشكلات؛ وذلك لأن تضخيم المشكلات الكبيرة، وتصور أن العمل لابد أن يبدأ من آخر الخطوات لا من أولها، وأن يعالج أعظم المشكلات لا أصغرها؛ هذا الذي يجعل كثيراً من الناس يحجمون عن العمل، ويرون أنهم غير قادرين، ولذلك هدف هذه الأوراق التي سنعرض بعضاً منها هو أن نبين أن بإمكان كل أحد منا أن يقدم ما يستطيع، وأن هذا القليل يتجمع فيصير كثيراً، فإن الجبال من الحصى.
لا تحقرن من الذنوب صغيرة إن الجبال من الحصى
وأول الغيث قطر ثم ينهمر
ونعلم جميعاً أن الأمر القليل إذا دام وتكاثر من عديد من الأفراد يغدو شيئاً عظيماً، ولو تصورنا أننا طلبنا هنا أو أردنا هنا أن يرفع كل منا صوته بنداء معين لتجلجل المسجد بهذا الصوت، وربما سمعه من هم خارج المسجد، وكان له صدىً كبيراً.
فهل ترى هذا الصوت صدر منك؟
الجواب: لا. لكن كان لك فيه دور ومشاركة، وهذا هو المطلوب، أن نوسع دائرة المشاركة لكل إنسان على قدر طاقته، فلا يعجز العامي ويقول: لا أستطيع، والذي يستطيع هو العالم، ولا يعجز الشيخ الكبير ويقول: لا أستطيع والذي يستطيع هو الشاب، ولا تعجز المرأة وتقول: لا أستطيع والذي يستطيع هو الرجل، ولا يكون هناك أي إنسان مسلم إلا وله مشاركة ومساهمة بقدر ما يستطيع.
الدائرة الأولى التي يمكن لكل إنسان أن يقوم فيها بدور وممارسة هي: دائرة الأهل والأقارب والجيران، هذه الدائرة التي تعيش معها سحابة يومك، وتقضي معها معظم وقتك، وتخصها بأكثر حديثك، وتتعامل في أكثر احتياجاتك اليومية مع أهلك وأقاربك وجيرانك، لِمَ لا تجعل حظاً من هذه المعاملة يكون في خدمة قضايا المسلمين، ونقل صور المآسي التي يعيشونها؟
ويمكنك أن تقوم بالتوعية عبر هذه الخطوات:
ثانياً: إعداد المعلومات بصورة جيدة سهلة التوصيل، فبدلاً من أن تعطي إنساناً تقريراً أو كتاباً كالكتاب الصادر عن رابطة العالم الإسلامي عن البوسنة والهرسك في نحو ثمانين صفحة، وهو لن يقرؤه وسيضعه على الرف؛ جهز ورقة فيها خلاصة المعلومات والأرقام والحقائق مما يسهل أن ينتفع به الناس، ويمكن أن تعمل هذا بنفسك، لا تقل: لا أستطيع أن أذهب إلى المطبعة وأطبع.
من قال لك: اطبع؟ اكتب هذه المعلومات بيدك في صورة جميلة، أو استعن بمن يستطيع أن يبرزها بالشكل الأفضل.
ثالثاً: ركز على المعلومات الأكثر تأثيراً وإبرازاً للحقائق والأرقام الكبرى، فكثرة الكلام ينسي بعضه بعضاً، والحقائق الكبرى هي التي تلفت النظر، فلو قلت مثلاً: إن هناك خمسة آلاف طفل يومياً يموتون في الصومال، فلا شك أن هذه حقيقة بارزة تلفت نظر أي إنسان مهما كان ساهياً أو لاهياً أو معرضاً أو فاسداً، بل حتى لو كان كافراً، فإن المعاني الإنسانية تهز النفوس وتؤثر فيها.
رابعاً: انتقاء بعض الأشرطة -سواءً السمعية أو المرئية- التي تتعلق بالقضايا الإسلامية، وقم بتوزيعها أو إهدائها بين الأسرة والأقارب، فعلى سبيل المثال لا الدعاية هناك شريط بعنوان: (الجراح)، يتكلم عن قضية البوسنة والهرسك، فيه المعلومات والمقتطفات من الخطب والمحاضرات والقصائد والأبيات بصورة قوية مؤثرة، فإن لم تكن تستطيع الكلام فوزع هذا الشريط لينوب عنك في تبليغ هذه القضية، وهناك شريط مرئي بعنوان: (الجحيم) عن قضية البوسنة والهرسك صدر أخيراً عن هيئة الإغاثة، وهذا الشريط وأمثاله عندما يراه الناس أو تراه هذه الأسرة سيؤثر فيهم تأثيراً كبيراً.
خامساً: استغلال المناسبات الاجتماعية لسماع الأشرطة أو رؤيتها، فكثيراً ما تجتمع الأسرة أسبوعياً، وكثير من الأسر تجتمع في مناسبات من ولادة أو زواج أو قدوم من سفر أو توديع مغادر إلى بلد .. ونحو ذلك، ويكثر اللغط في هذه المجالس ولا ينتفعون بها، فلو استطاع الإنسان بحكمته أن يقنعهم لمدة خمس دقائق أو عشر دقائق ويشغل جهاز التسجيل أو جهاز الفيديو حتى يسمعوا أو ينظروا فإن القضية تتحول بهم إلى مسار آخر.
سادساً: التعريف بمزيد من المصادر وتزويد الراغبين في التوسع، فلو أن هناك متفاعلاً فسيقول: هل هذا حقيقة؟!
فتقول: هذا جزء من الحقيقة، وهناك ما هو أكثر وأكبر يمكن أن تطلع عليه في هذا التقرير، ويمكنك أن تراجع هذه الدائرة، ويمكن أن تتصل بهذا الهاتف، ويمكن أن تشتري هذا الكتاب، ويمكن أن تأخذ هذه القائمة من قوائم الأشرطة المتعلقة بذات الموضوع، وهنا يبدأ التوسع أكثر.
وأخيراً: يمكن أن ترشد هؤلاء الأفراد إلى الهيئات واللجان الخيرية وأماكنها وعناوينها وهواتفها حتى يتصل بها هؤلاء الناس، وينتفعوا بهذه المعلومات، ويقوموا بنشرها والإفادة منها.
أقول هذا وأستحضر مثالاً واقعياً، حتى نرى أن التوعية فيها كثير من القصور، ففي مقابلات للطلبة المسجلين في الجامعة لهذا العام -كما يخبرني بذلك أحد الأساتذة- وهي مقابلات الهدف منها معرفة خلفية الطالب المتخرج من الثانوية الملتحق بالجامعة. يعني: معرفة مستواه الفكري والثقافي، فسئل أحد الطلاب عن قضية البوسنة والهرسك، فقال: هناك خلاف وصراع بين الصرب والمسلمين، فقالوا له: طيب ما هي القضية؟ فقال -بلهجتنا العامية- (يضّاربوا على سراييفو، هذول يبغوها وهذول يبغوها). هذا منتهى علمه عن هذه القضية!
والآخر عندما سئل عن قضية الصومال دبج كلاماً فقال: (توقف المطر من السماء، وصار الجفاف في الصحراء، ومات الناس من البلاء)، أما أن هناك صراعاً، وأن هناك أطرافاً متناحرة فلا يعلم بذلك.
وهناك أمثلة أخرى كثيرة تدل على ضعف التوعية بمثل هذه القضايا التي أصبحت أشهر من الشهيرة، أما لو سألته مثلاً عن قضية (كشمير) أو قضية (بورما) فربما قد تكون الإجابة مضحكة، ولكنها تنبئ عن مستوى التوعية لديه، وقد يظن هذه الأسماء أسماء لكتب أو لفواكه، وليس هذا بغريب، فقد سئل أحد الطلبة في مثل هذه المقابلات عن عاصمة البحرين؟ فذكر أنها مسقط! وهذا من الأشياء الواقعية.
أولاً: إعداد مركز إعلامي مصغر من خلال المسجد أو غيره، ومن خلال المسجد يكون أفضل، حيث يتوافر فيه:
1- التعاون والإشراف من قبل الهيئات واللجان الخيرية، وهناك بعض الهيئات تمارس هذا العمل، فتقيم مثلاً في جوار المسجد أو في المكان المناسب خيمة تضع فيها بعض المواد الإعلامية التي تعرف بهذه القضايا.
2- تحريك بعض المتطوعين من الشباب والرجال في هذا المركز حتى يتفاعلوا مع هذه القضايا.
3- أن يوفر في المركز النشرات والوسائل المرئية والسمعية، حتى يستطيع الزائر أن يرى ويسمع ويقرأ، بكل وسيلة يمكن أن تصل إليه المعلومة.
4- توفير التقارير، وجعلها ميسرة ليستفيد منها الأئمة والخطاب والكتاب، ومدهم بالمعلومات من خلال التعاون مع تلك الهيئات.
5- تتاح الفرصة للنساء في أوقات معينة أو في أيام معينة تخصص ليكون المركز أو هذا المكان مخصصاً لهن.
ومن خلال هذا كله تجمع التبرعات باسم أهل الحي، وتكون المشاريع باسمهم، وهذا يشجع الناس، فقد تجمع تبرعات لتبني مدرسة في مكان ما من مناطق العالم الإسلامي، ويكون اسمها مدرسة مسجد كذا وكذا أو مدرسة أهل الحي الفلاني؛ ليكون هذا أدعى إلى التنشيط والمساعدة والدفع في عمل الخير.
ثانياً: أشرطة الفيديو والكاسيت: وقد ذكرناها فيما مضى، لكن هنا نقطة مستقلة، ويمكن أن تفيد بشكل أكبر، وذلك من خلال الآتي:
1- توفيرها لدى التسجيلات وأماكن البيع.
2- عرضها بأسعار مخفضة من خلال جمع التبرعات والمساهمات الخيرية.
3- استبدال الأشرطة -وهذا مهم-، فبعض المشاريع في استبدال الأشرطة تُعطى الجهة المستقبلة أشرطة للغناء أو أشرطة غير نافعة فتسجل عليها محاضرات، ولو سجلت عليها محاضرات ذات موضوعات متعلقة بقضايا المسلمين لكان هذا أفضل وأولى؛ لأن ذلك أكثر تأثيراً.
4- الاستفادة من توزيع هذه الأشرطة في المناسبات إذا توافرت منها الكميات الكافية للتوزيع.
ثالثاً: الممارسة العملية، وهذه لعلها من أبلغ الصور التي يمكن أن يمارسها الكثير من الناس وذلك من خلال الآتي:
1- تنظيم زيارات لمواقع المآسي التي تقع بالمسلمين عن طريق الهيئات واللجان التي لها نشاطات في تلك المناطق، فأنت تستطيع أن تدعو الناس إلى أن يجهزوا مجموعة منهم ممن يتيسر وقتهم ليذهبوا إلى زيارة المسلمين في الصومال، عن طريق هيئة الإغاثة أو لجنة أفريقيا أو غيرها، وهذا له أكبر الأثر، ولا أظنه أمراً شاقاً أو صعباً؛ فإن كثيراً من الناس يسافر هنا وهناك، ويبذل أموالاً هنا وهناك.
2- عند عودة هؤلاء الزائرين يستضافون في المناسبات الاجتماعية في المسجد، أو في دعوة ووليمة في منزل كبير، ويعرفون بالقضايا والمشاهدات التي رأوها؛ لأنهم رأوا، وكما قيل: (ليس المعاين كالمخبر، وليس راءٍ كمن سمع)، والذي يتحدث عما رأى يكون منفعلاً ومتأثراً فينتقل تأثيره إلى الآخرين.
3- أن يتدرب هؤلاء الذين زاروا هذه المناطق على صياغة التقارير، ومن أهم النقاط: أن يحددوا مجالات الاحتياج بتفصيل يشمل الناحية المادية والمعنوية والأرقام، بمعنى أنهم يقولون: يحتاج المسلمون في الصومال إلى أطباء، والطبيب يكلف في الشهر كذا وكذا، يحتاجون إلى دواء لمرض كذا، وهذا الدواء يكلف كذا وكذا؛ لأن المحسن إذا عرف حاجة من هذه قال: هذه بسيطة، وهذه أنا أتكفل بها، والآخر يقول: أنا أتكفل بهذه، أما أن تكون قضية عامة، المسلمون مضطهدون وجوعى ومرضى وكذا، فما الذي يمكن أن نساهم فيه إذا بقت القضية عائمة، والخطاب غير محدد؟!
وهذه واسعة جداً، يمكن أن نقوم بذلك من خلال الآتي:
1- أن تكون هذه الحملات في القرى والمدن الصغيرة؛ لأن التعريف والتوعية في المدن الكبيرة واسع، وربما يغطي قطاعات كبيرة، لكن يمكن لبعض الشباب ولبعض المتطوعين أن يزوروا بعض الأماكن القريبة من بلدهم، ويأخذون معهم هذه الأشرطة والأوراق والتقارير، ويتحدثون في المساجد بكلمات قصيرة موجزة حتى يبثوا في الناس هذا الوعي، ويحركوا فيهم المشاعر الإسلامية، ويجعلون لهم طريقاً للمساهمة والمعاونة مع إخوانهم، ومشاركتهم في مآسيهم.
2- الحملات التعريفية من خلال المدارس عن طريق تنظيم زيارات لطلبة المدارس للهيئات واللجان الخيرية ومشاهدة الصور والتقارير والوقائع التي تتحدث عن قضايا المسلمين، ويمكن إقامة بعض المعارض داخل هذه المدارس، وهذا يمكن أن يقوم به بعض الطلبة بالتنسيق مع إدارة المدرسة عبر نشاط التوعية أو عبر النشاط الاجتماعي، وهذه كلها فرص متاحة يستطيع أن يقوم بها الطالب الصغير الذي ربما يحتقر نفسه وهو في المرحلة المتوسطة أو في الثانوية، ويرى أنه لا يستطيع أن يقدم شيئاً بينما هذه فرص أعمال متاحة.
3- الحملات من خلال المراكز التجارية والمؤسسات والمكتبات، فيمكن وضع ركن صغير في بعض المراكز التجارية، فيه بعض هذه التقارير، وبعض ألبومات الصور التي تبين هذه المآسي؛ ليراها الإنسان وينصرف، وهذا قد قامت به بعض الهيئات الخيرية، وله أثر كبير وجيد.
4- استغلال لوحات الإعلان الموجودة في المؤسسات والمراكز بحيث توضع فيها هذه التقارير ذات الأرقام الكبيرة والحقائق الظاهرة؛ ليراها كل إنسان ويقرأها كل عابر، فيكون فيها فائدة كبرى بإذن الله سبحانه وتعالى.
5- في المحلات التجارية الصغيرة والمكتبات يمكن أن يوضع عند المخرج أو عند المحاسب بعض التقارير والأوراق التي تلخص هذه القضايا، وبالتالي تتوسع دائرة التعريف بهذه القضايا بشكل كبير.
بل أقول: يمكن أن تكون هناك حملات لتعريف غير المسلمين بقضايا المسلمين؛ لأن الكثير من غير المسلمين واقعين تحت تأثيرات الإعلام، وتحت الصورة المشوهة للإسلام، ويمكن من خلال هذه الوسائل وغيرها أن يصل إليهم هذا الصوت.
وهذا نموذج أولي للورقة الأولى التي أرى من خلال هذا العرض أن كثيرين سيدركون أن بإمكانهم أن يقوموا بجزء لا بأس به إن لم يكن بكل هذه الخطوات، كل بحسب طاقته وفي ميدانه، وكل هذه الأوراق إنما المطلوب فيها الجانب العملي والتذكير بأن هناك فرصاً وإمكانات يمكن أن يحقق من خلالها الإنسان شيئاً يرى أنه يخدم به أمة الإسلام.
قرأت قبل فترة من الزمن خبراً عن مجموعة في بلاد الغرب من أنصار حقوق الحيوان وليس حقوق الإنسان، وكانت الجمعيات التي تؤسس لرعاية الحيوان تعترض على مؤسسات إنتاج المواد التجميلية؛ لأنها تستخدم عظام وأنسجة بعض الحيوانات في بعض صناعات المستحضرات الطبية أو التجميلية على وجه الخصوص، فعملوا احتجاجاً على هذا العمل، ووقعوا عليه، والملفت للنظر أن هذه الرسالة كان عدد الموقعين عليها نحو مليون ونصف إنسان!
وتجد في أخبار أخرى أن بعض القضايا التي يثيرها بعض الجمعيات أو بعض المنتدبين لأمور معينة مثل حماية البيئة أن التوقيعات تبلغ عشرات الملايين، ويذكرون في هذه الأخبار أن هذه التوقيعات كانت في عدد كذا من الأوراق، وتزن كذا كيلو غرام، وهذا ليس في الغالب عبثاً، خاصة في المجتمعات الغربية والمجتمعات الأمريكية؛ فإن هذه مقاييس النبض وإيصال الصوت، لذلك أقول هنا: نريد أن نقف على بعض المجالات والأهداف والوسائل العملية التي يمكن أن ينفع بها المسلمون إخوانهم، ويخدموا قضاياهم من خلال هذا الجانب.
ثانياً: كشف الزيف وبيان الأخطاء التي تذكر في قضايا المسلمين؛ فإن كثيراً من الحقائق يغالط فيها ويغير فيها؛ فينبغي أن يكون من ضمن أهداف هذه الرسائل توضيح هذه الصورة.
ثالثاً: التأثير على بعض مواقع القرار، ودفعها نحو تحرك إيجابي لخدمة قضايا المسلمين، وربما يأتي فيما سأذكر لاحقاً ما يوضح هذا النقطة.
رابعاً: التشجيع للخطوات الإيجابية، وتكون هذه الرسائل لتشجيع عمل إنجازي، وليس الأمر فقط لنقض شيء سلبي.
خامساً: إثارة الاهتمام بوجود الأصداء، ودائماً -كما يقولون- صاحب الصوت العالي هو الذي يسمع الأول، ولو أنك جئت لتخاطب إنسان بصوت منخفض وجاء معك أو في أثناء حديثك من رفع صوته؛ لسمع صوته وربما قبلت شكواه، أو سمعت مطالبه وحققت، وصاحب الصوت الضعيف لا يلتفت إليه أحد.
وأخيراً: إيصال الرأي الآخر في القضايا والمشكلات المطروحة، فإن كثيراً من القضايا يتاح عبر بعض وسائل الإعلام وغيرها أن يقول فريق رأيه، ويحرم فريق آخر من بيان رأيه، فتوصل هذه الرسائل الرأي الآخر مخترقة تلك الحواجز التي توضع أمامها.
أولاً: هناك مقالات ضد الأحكام والشرائع والمظاهر والقضايا الإسلامية، فهذه تحتاج إلى أن يكون هناك ما يعارضها من الرسائل الضاغطة.
ثانياً: مقالات فيها إيجابيات تحتاج إلى تشجيع.
ثالثاً: منظمات حقوق الإنسان التي -على أقل تقدير- لها بعض التأثير، ولها بعض الإيجابيات التي تمارس في واقع الأمر بالنسبة للقضايا التي تقع في هذا العالم.
رابعاً: مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة ومنظماتها المتعددة التي تتخصص أحياناً في التعليم، وأحياناً في الصحة وغيرها.
خامساً: منظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمات الإسلامية الأخرى التي لها دور في التعريف أو في خدمة قضايا المسلمين.
سادساً: الجهات التي تصدر عنها المواد التي تحتاج إلى تنبيه، مثل مجلة تصدر شيئاً أو مقالاً أو تتبنى فكراً أو تمارس دوراً غير حسن، أو إذاعة أو جريدة أو نحو ذلك، فيحتاج أن توجه إليها مثل هذه الرسائل الضاغطة.
أولاً: لابد من التثبت، وإرفاق صور المواد، أو ذكر مصدرها موثقاً بالرقم والتاريخ، فعندما تقول: هناك قضايا للمسلمين صار فيها خلط وكذا وكذا، أو عندما ترسل إلى مجلة أنكم تتبنون كذا وكذا وكذا، لا ينفع الكلام العام، بل لابد أن تكون مثبتاً لهذه القضية، وترفق صورة المقال أو رقم العدد أو رقم وقت إذاعة الخبر أو نحو ذلك.
ثانياً: الاعتماد على الحقائق والأرقام الثابتة، والإسناد إلى المصادر مع البعد عن الأسلوب العاطفي، خاصة أنك تخاطب جهات ومنظمات قد تكون متواطئة ضد المسلمين، فلو تحدثت بلسان العاطفة وقلت: والمسلمون محرومون، والمسلمون مضطهدون وكذا؛ فهذا لا يغني فتيلاً بقدر ما تذكر الأرقام والحقائق الثابتة المعلنة التي لها مصادر محققة وموثقة.
ثالثاً: أن يكون هناك اعتماد على النقاط والإيجاز، فلا تحتاج في هذه الرسائل أن تكتب ثلاثين أو أربعين صفحة، بل صفحة أو صفحتين معتمدة على نقاط محددة.
رابعاً: اعتماد أسلوب المقارنة، مثال ذلك: عندما تقارن بين موقف مجلس الأمن أو الأمم المتحدة في قضية البوسنة والهرسك أو قضية العراق وبين قضايا أخرى مما تهم دول غير إسلامية أو تعنى بمصالح الدول الغربية أو الأمريكية، فهذه المقارنة بالحقائق والأرقام مهمة جداً في مثل هذه المضامين.
خامساً: ذكر الآثار السلبية أو الإيجابية للموضوع بتحديد دقيق يستند إلى الواقع: فتقول مثلاً: هذه القضية لها آثار سلبية وهي كذا وكذا وكذا، وعندما تكتب إلى جهة أو إلى مجلة تنشر صوراً فاضحة تقول: هذا لا يليق، وهذا يضر ويسيء، ويتحقق الضرر منه في كذا وكذا وكذا؛ حتى تكون القضية ذات تحديد واضح تقوم الحجة بها، وربما تؤثر بها.
سادساً: توسيع دائرة الإرشاد إلى المصادر إيجاباً أو سلباً، بمعنى: عندما تكتب عن قضية تقول: هذه حقائق أو كذا، ثم تقول: وقد نشر عن هذه القضية في مجلة كذا عدد كذا، وتوجز وتشير إلى العديد من المصادر لتبين أن الأمر قضية كبيرة، وأن عندك من المعلومات ما هو أكثر من مثل هذا، إضافة إلى كون الأمر إيجابياً، فلو أن كاتباً كتب مقالاً جيداً عن قضية معينة، ألا يستحق أن يشكر، وأن تكتب له عدد من الرسائل حتى يثبت على هذا المنهج، وأن يعطى أيضاً مصادر أخرى لهذا الموضوع، وأن هناك من كتب عنه، وأن ترسل له شريطاً في الموضوع حتى يجد أهل الخير على الخير أعواناً، كما أن أهل الشر يجدون على الشر أعواناً.
وكثيراً ما تكون الحجة عند ممارسة بعض الأعمال الفاسدة أن هذا هو طلب الناس، فمقدم البرنامج يقول: هذه طلبات الجمهور الذين راسلوني، بينما لم يراسله الأخيار، وربما يكونوا أكثر، ولم يرسلوا له ليطلبوا هذا البرنامج أو هذه الفقرة أو منع هذا أو حذف هذا أو نحو ذلك.
وأذكر على سبيل المثال أنه قبل يومين نشر أحد الكتاب المحليين مقالاً في الحياة، تكلم فيه عن أمر قد سبق أن أشرنا إليه، وهو ظاهرة الهجوم على حجاب الفنانات، وعلى توبتهن، فكتب مقالاً جيداً، وفيه أسلوب قوي في تأييد ظاهرة الحجاب، ونقد هذه الهجمة الشرسة، وخاطب فيها المسئول الإعلامي عن هذا الأمر، وطالب بأن تتوقف هذه الحملات؛ لأنها غير منصفة ولا منطقية ونحو ذلك.
فهناك من قرأ هذا المقال فأعجب به، لكن هذا الإعجاب لا يكفي لحصول تأثير، ووجدت طبيباً -ليس خطيباً ولا إماماً- قرأ هذا المقال فأعجب به، فكتب رسالة إلى المسئول -وهو وزير الإعلام في تلك البلد- وأرفق المقال وقال: قرأت هذا المقال ووجدته جيداً ومنطقياً، وإنني أؤيد كاتبه فيما ذهب إليه، وأناشدكم بمثل ما ناشدكم به. هذا ما كتبه فقط، وأرسل هذه الأوراق ليعبر عن هذه الصورة أو الناحية، ولو أن كل خلل وقع وجد فاعله أن هناك من يقول له أو يرسل له أن هذا خلل، وأن هذا لا يليق، وأن هذا فيه مضرة؛ لكان على أقل تقدير كما يقال: (من لم يستح يخشى أو يخاف)، وهذه أيضاً نقطة مهمة.
سابعاً: استنطاق القوانين والأنظمة بنصوصها أو مضامينها عندما تريد أن تقيم الحجة، فلو جئت لشيء منشور وفيه خلل فتقول: نظام النشر ينص في المادة كذا على أنه لا يصح نشر الصور العارية وكذا وكذا، ولذلك نرجو منكم الالتزام بهذا القانون أو النظام.
نظام وسياسة التعليم تقتضي أن يربط التعليم الطالب بدينه وبولائه للمسلمين، وبرائه من المشركين، وهذه الفقرات أو هذه النصوص أو هذه المادة أو هذا الموضوع لا يتناسب مع هذه السياسة.
قانون الأمم المتحدة في المادة كذا ينص على كذا، لكن الممارسة مخالفة، وهذه أيضاً تعطي قوة لمثل هذه القضايا.
ثامناً: صياغة حيادية، وعرض عقلاني: ينبغي أن تكون صياغة الرسالة وكأنك إنسان محايد لست نصيراً لهؤلاء، ولست منهم وفيهم، وليس بالضرورة دائماً، لكن بحسب الجهة التي ترسل إليها.
تاسعاً: إن كان المرسل إليه جهة إسلامية أو إنساناً مسلماً؛ فإن أسلوب الترغيب والترهيب الإسلامي المعروف في التوجيه يفيد كثيراً في هذا المجال.
يمكن على سبيل المثال ما يلي:
أولاً: الاحتياج إلى توفير عناوين هذه الجهات، ولا أظنه صعباً، ويمكنك أن تعرف عناوين المنظمات والهيئات؛ لأنها متاحة.
ثانياً: تحضير صيغ ثابتة وجاهزة؛ لأنه يصعب عليك أن تكتب كل مرة، ومعروف أنك ستجد كثيراً من المقالات تحتاج إلى نقد، فينبغي أن يجهز مجموعة من المتعاونين والمتحابين صيغاً جاهزة، وبمجرد أن يملئوا بعض الفراغات يرسلون بها؛ حتى يصل الخبر ويصل هذا الصوت.
أقول: على سبيل المثال في بعض الخطب في أحد المساجد ذكر خطيب: أنه ينبغي أن يتحرك المسلمون ليسمعوا صوتهم بموجب ما هو واقع في هذا العالم.
قال: وهذه نص برقية جاهزة موجهة للأمين العام للأمم المتحدة، وموجهة لرئيس منظمة المؤتمر الإسلامي، لا عليك إلا أن تكتب العنوان، وتجعلها في المظروف، وترسل بها، فلما عرض هذه الفكرة تخاطف الناس هذه الأوراق وتسابقوا إليها كأنهم يحاربون، وكأنهم في مواجهة لنصرة الإسلام بالسيوف لا بمجرد إرسال الورق، فالشعور بأنك تؤدي مهمة في مثل هذه الأشياء مهم جداً، فيكون الإنسان واقعياً، ولو على الأقل أن يقول كلمة الحق ويبرأ ذمته أمام الله سبحانه وتعالى، فهذا أيضاً نموذج لا يعجز عنه كثير من الناس، وربما يحتاج إلى تعاون لكن لا يحتاج إلى عمل كبير، وربما الفرد والفردين والخمسة أو العشرة يتعاونون في بعض هذه الأمور ويتبادلون الرأي فيها، ويمكن أن يمارسوا مثل هذا العمل.
وهذا لعله من أعظم الأسلحة فتكاً، وإن كان سلاحاً سلبياً يعني: ليس فيه عمل، بل فيه ترك العمل، ومعنى المقاطعة: أن تقاطع الشيء، وتعلن رفضه، ولا تتعامل معه بصورة من الصور.
أولاً: التضييق على مراكز الفساد والقوى الأجنبية غير الإسلامية عندما نقاطع هذه الأمور التي ينتجونها، والأعمال التي يمارسونها، فلا تجد من يتفاعل معها، ولا تجد من يستقبلها؛ فيحصل الفشل، وتضيق مثل هذه الممارسات.
ثانياً: عندما تقاطع -مثلاً- المجلة الفاسدة في المقابل ستروج أو ستشجع المجلة الصالحة، ولذلك من أهداف هذه المقاطعة: الدفع والتشجيع للأعمال والمنجزات والمنتجات الإسلامية، فإذا قاطعت -على سبيل المثال- منتجات لليهود أو لدول كفرية أو لدول محاربة للمسلمين، فإنك في المقابل ستتعامل مع مقابل ذلك مما هو للمسلمين.
ثالثاً: الدفع لإيجاد البدائل، وهذا مهم جداً، فعندما نقول للناس: لا تسمعوا هذا، لا تنظروا إلى هذا، لا تتعاملوا مع هذا، سيقولون لك: وأين البديل؟ وحينئذ ستضطر أنت كمسلم أن تؤدي دوراً يسد هذا البديل؛ فإن هذا يعين على مثل هذا الأمر.
رابعاً: الإيحاءات النفسية المنفرة من المنكرات: الآن عندما يشتري الإنسان مجلة من هذه المجلات الخليعة، هل ترونه متضايقاً، أو يستحي، أو يخجل؟
الجواب: لا؛ لأن هذا الأمر انتشر وذاع، لكن لو كانت هناك مقاطعة؛ فكأن هذه المادة كالسم، ينبغي أن يحذر منه الإنسان، وإذا أخذه الإنسان يكون مستتراً به، وهذا معنى يتحقق عندما يشاع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتبقى دائرة المنكرات ضيقة، ولا يمكن أن يعلن بها أصحابها.
خامساً: تنمية روح الولاء للمسلمين والبراء من الكافرين: وهذه المقاطعة تقوي هذا الجانب المهم، وينبغي أن نعلم أننا لابد أن ننصر المسلمين بكل صورة بالقول والفعل والشراء منهم والتعامل معهم، كذلك أن نقاطع الكافرين وأن نبرأ منهم، ولا نتعامل معهم، ولا نشتري منهم قدر المستطاع، وهذا أمر وهدف مهم.
سادساً: رفع روح الجماعة والوحدة، فعلى سبيل المثال وإن كان هناك فرق: لما ندب النبي عليه الصلاة والسلام الصحابة في أعقاب غزوة تبوك أن يقاطعوا المخلفين الثلاثة، كانت صورة من صور وحدة الأمة، حيث استجابت كلها، وكذلك عندما يدعى الناس إلى المقاطعة ينمي فيهم روح أنهم كلهم أصحاب هدف واحد، وأنهم أمة واحدة، وأن لهم أهدافاً تجمع بينهم، ويرفع هذا روح وحدتهم وكونهم أمة وجماعة مسلمة واحدة.
وأخيراً: إزالة الانبهار والإعجاب بالأجنبي، وأقصد بالأجنبي غير المسلم، دائماً عندنا هذه صناعة وهذه صناعة، والناس يتركون الصناعة المحلية ويختارون الصناعة الأجنبية.
لماذا؟ لأنها متقنة، ولأنها .. ولأنها .. وكثير من هذه الحقائق غير صحيحة، وعلى الأقل في الأمور المشاعة دعك من الأجهزة أو التقنيات المخصوصة في أمور معينة، فأنت ستشتري طعاماً أو جهازاً صغيراً أو كذا، فالموجود من الصناعة المحلية والإسلامية مثله إن لم يكن أفضل منه، لكن كما يقولون: (عندنا عقدة الأجنبي)، فإذا كانت الصناعة أمريكية فهي إذاً ممتازة، ومن غفلة بعض الناس أنه ينظر إذا كانت هذه بخمسة وهذه بعشرة، يأخذ التي بعشرة على أساس أن غلاء قيمتها دليل على جودتها، مع أن هذا ليس مطرداً دائماً، فهناك أشياء أخرى تتدخل في ذلك كاختلاف أسعار العملات ونحو هذا.
أولاً: مقاطعة البضائع، فمثلاً: لو كان الإنسان في بلد يستورد البضائع اليهودية من إسرائيل، ولو تصورنا أنا عملنا على أن نقاطع نحن، وتقاطع أسرنا، ويقاطع أقاربنا، ويقاطع جيراننا، ويقاطع زملاؤنا في العمل، وزملاؤنا في الدراسة هذه البضائع، ماذا سيحصل لها؟ ستكسد، وماذا سيحصل بسبب كسادها؟ سيخسر الذي يستوردها، فسيمتنع عن مثل هذا العمل، فالمقاطعة سلاح إيجابي، وإن كان في حقيقته سلبياً بمعنى أنه لا يدفع إلى عمل، بل يطلب الامتناع من عمل، ونطلب الامتناع من الشراء.
ثانياً: مقاطعة المجلات والجرائد غير الإسلامية، سواءً كانت غير إسلامية كفرية، أو مضمونها يغلب عليه الفساد، ويقل فيه الخير، فإن هذا أيضاً من أعظم الوسائل، بينما نجد أن التعامل معها كثير من كثير من قطاعات المسلمين، ويدل على ذلك المراسلات البريدية، وأركان التعارف، وما يلحق بذلك، وأعداد التوزيع التي توزع، كما أشرنا عن مجلة: (كل الناس) وأرقام توزيعها الهائلة، ولو أننا نمينا في النفوس وبين المسلمين روح المقاطعة، لقاطعوا هذه المجلات؛ ولكان تأثيراً إيجابياً في دفع ضررها.
ثالثاً: مقاطعة أشرطة الفيديو التي تتضمن الأفلام والمشاهد الخليعة، وكذلك الأشرطة الغنائية، ومن فضل الله عز وجل أنه بعد ظهور الأشرطة الإسلامية أصبح هناك شيء من التفاوت وبعض الكساد الذي بدأ يتسرب لهذه الأنواع من الأشرطة التي فيها المحرمات، وبعض المفاسد والمنكرات.
رابعاً: مقاطعة المعاملات الربوية والتعامل بالمعاملات الإسلامية في قضايا الاستيراد والإيداع.. ونحو ذلك، وهذا أيضاً مهم جداً، ونحن نرى أن أية مساهمة في مجالات استثمار إسلامي تلقى إقبالاً كبيراً، وغيرها يكون إقباله أقل، وينبغي أن تزاد هذه المساهمات، ويوعى الناس بضرورة عدم المشاركة في الحرام بصورة قريبة أو بعيدة. النبي عليه الصلاة والسلام لعن في الخمر شاربها وعاصرها وبائعها والمحمولة إليه ...إلخ، فلم عمم النبي عليه الصلاة والسلام؟
لتتعمم صورة المقاطعة في أية صورة من صور المشاركة في الفعل المحرم، سواءً كانت هذه المشاركة قليلة أو كثيرة، مباشرة أو غير مباشرة.
نحن أو كثير منا يمارس دعم الباطل وبعض أوجه وإنتاجات الشر بصورة غير مباشرة من حيث يدري أو من حيث لا يدري، ومثل هذه الممارسات موجودة، وليس هناك حرج في وقوعها، فالممارس لها لن يقع في حرج واضطرار حتى يضطر إليها كما يقول بعض الناس: ليس لنا حل إلا أن نتعامل مع البنوك الربوية، ليس لنا حل إلا أن نسمع الأغاني، وكأن هذه أمور مفروضة! والصحيح غير ذلك.
خامساً: مقاطعة الخبرات والطاقات الأجنبية: كذلك عندنا عقدة الأجنبي في الخبرة، فنأتي بالطبيب الأجنبي وكأنه الذي بيده الشفاء، بينما غيره من المسلمين عندهم من الطاقات والتخصصات والعقليات ما يفوق هؤلاء إن لم يكونوا مثلهم، وكذلك نعلم أن المسلم مهما كان أفضل من غير المسلم، فإننا نعرف جميعاً أن كثيراً من هؤلاء -أي: غير المسلمين- يمارسون أعمالاً وأضراراً في المجتمعات المسلمة عبر ما يتاح لهم من فرص العمل، سواءً كانوا أطباء أو خبراء أو مهندسين أو غير ذلك.
سادساً: مقاطعة العمالة والخدم غير المسلمين؛ لأن هذا أيضاً فيه كثير من المضار، ويمكن أن يمارسه المسلم، ولن يكرهه ولن يجبره أحد على مثل هذا.
أولاً: نشر التوعية بأضرار المواصلة. يقول لك بعض الناس: يا أخي! هل ستتأثر إسرائيل إذا أنا امتنعت من شراء هذه البضاعة منها؟
نقول: نعم. تتأثر؛ لأننا نريد أن ندرك أن العمل هذا ينبغي أن يشيع حتى يعم قطاعاً أكبر.
ثانياً: تحديد آثار المفاسد للوسائل المطلوب مقاطعتها بالوثائق والوقائع، فعندما نقول: هناك مجالات لها آثار سلبية، نوضح هذه الآثار بالواقع وبالممارسة كآثار تلوث البث المباشر بتلوث الفضاء، وكيف يقلد الصغار هذه المشاهد، وكيف يقع بها انحراف في صفوف الشباب والشابات ونحو ذلك.
وهذا يجعل الناس على قناعة بأن المقاطعة بالفعل نافعة، وأن المواصلة فيها مضرة تعود عليهم وعلى غيرهم.
ثالثاً: كشف أخطار المتسللين في المجتمعات الإسلامية؛ حتى يصدق الناس أن هذا الطبيب وأن ذلك الخبير وأن هذا المهندس يمارس دوراً تخريبياً، ولا يحرص على مصلحة الأمة المسلمة، ولا المجتمع المسلم؛ لأنه ليس عنده أي دافع ولا أي مصلحة ليحرص عليهم، بل على العكس من ذلك فهو متوجه -بحكم عقيدته وبحكم انتصاره لبني ملته وبني جلدته ولدولته وبلاده- ضد هذه المجتمعات المسلمة.
رابعاً: بيان أحوال المسلمين وحاجاتهم، فإذا كنت تريد أن تستقدم عمالة فعندك من الأيدي المسلمة أعداد كثيرة تشكو من البطالة، وهي تعاني من الفقر، فلم تقدم المساعدة والبذل لغير المسلمين والمسلمون في حاجة ماسة لذلك؟!
خامساً: تسليط الضوء على العقول الإسلامية المهاجرة والطاقات المتميزة، ففي بلاد أوروبا وأمريكا كثير من الأطباء المتخصصين ومشاهيرهم، وكثير من المهندسين المتميزين ومبرزيهم، وهم من المسلمين ومن بلاد العرب، لكن ظروف الاضطهاد وسوء الاستغلال لهذه الطاقات دفعهم إلى أن يكونوا في تلك البلاد، فلو أن كل إنسان منا ساهم بما في وسعه وقدرته أن تسخر هذه الطاقات لتخدم المسلمين وتخدم مجتمعات المسلمين لكان هذا أولى، فعلى سبيل المثال: هناك مثلاً: علماء من علماء الذرة ومن علماء الأسلحة ظهروا في جمهوريات الاتحاد السوفيتي المنحل، وما وجدوا من يرحب بهم، ولا من يستقطب طاقاتهم من الدول الإسلامية بالشكل المطلوب، ولكن -كما نشر كثيراً- دولة الشيعة الإيرانية استقطبت وأغرت بعضاً منهم؛ ليكونوا في خدمتها بشكل أو بآخر.
سادساً: الدعاية والإعلان والدعوة والحث على المساهمة في الأعمال والأنشطة والمنجزات المحلية والإسلامية؛ شجع الصناعة الوطنية، وشجع العمل الذي فيه منفعة ومصلحة تعود على المجتمع المسلم بدلاً من أن تشجع عكسه وضده.
وأخيراً: إبراز نماذج من الإنتاج والأعمال الإسلامية التي تؤكد هذه الحقائق، فعندنا صناعات في تركيا، وصناعات في باكستان، سواءً في ميادين التقنية أو في ميادين الأسلحة، ولو أن المسلمين عملوا على هذا التكامل بعد تلك المقاطعة لنفع ذلك، وأغنى غناءً حسناً وجيداً.
أولاً: أهمية وجود البرامج الدعوية في البيت المسلم، وذلك لأنه من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى التزامهم وبعدهم عن مجالات الشر.
ثانياً: من هذه الأهداف علاج المشكلات التي تنشأ عن هذه المخالفات الإسلامية، فعندما توجد أمور مخالفة للشرع تحصل مشكلات، ونحن نعلم أن هناك مشكلات تقع بين الرجل وزوجته بسبب التلفاز، أو بسبب ممارسات معينة هي في أصلها خطأ وانحراف، لكن لو أن هذه الأمور عولجت لكان من ورائها خير كبير.
أيضاً: هناك المشكلات العائلية مثل عقوق الأبناء، وعدم تفرغ رب الأسرة، وبعض العادات والتقاليد المخالفة للشرع، وكل هذه تبين لنا أن هناك أهمية وأهدافاً يحتاج أن يؤثر فيها الإنسان أو الشاب المسلم.
وهناك أمر مهم جداً وهو: كثرة وقوة المؤثرات السلبية في البيت المسلم في واقعنا المعاصر، مثل: وجود التلفاز أو البث المباشر أو الفيديو، والخادمة الأجنبية، والسائق غير المسلم على وجه الخصوص، ووجود الفراغ وعدم إدراك أهمية الوقت، والبيئة التي تحيط بالأسرة؛ فهذا كله يجعل هذا الواجب مهماً وملحاً.
أولاً: لابد أن يستعين بالله عز وجل، ويطلب من الله سبحانه وتعالى أن يوفقه.
ثانياً: وهذا أمر ملح ومهم جداً، وهو: أن يكون قدوة صالحة في منزله؛ لأنه لو كان على غير ذلك لا يقبل منه.
ثالثاً: أن يكون الشاب ملبياً لرغبات أهله، ساعياً في مصالحهم، مبادراً إلى ما يحتاجون إليه، ولو كان هو ملتزماً وأخ له مقصر، فينبغي أن يكون هو أكثر خدمة لا العكس كما يحصل في بعض الأسر إذا التزم أحد الأبناء توقف عن الخدمات والمساعدة والتوصيل وما يلحق بذلك.
رابعاً: أن يفرض بصورة جيدة ومناسبة احترامه بين أفراد الأسرة ولو كان صغيراً، فيكون محترماً لما عنده من هذا الالتزام، وهيبة ووقار لالتزامه بمنهج الله عز وجل.
خامساً: أن يتدرج بالنصح، ويأخذ الأولى فالأولى، فلا ينصح بالأدنى وهناك ما هو أهم منه.
سادساً: أن يكون فطناً في استغلال الفرص المناسبة، فمثلاً لو حصلت فرصة أو وقعت واقعة، كأن حصلت وفاة أو حصل شيء معين وتأثروا؛ فليستغل هذه الفرصة، أو لو شوهد منظر أو علمت قضية يستغل هذه الفرصة، بمعنى ألا يكون هدفه وتفكيره فقط أن يقيم درساً أو محاضرة في الأسبوع، ولو أنك استطعت أن تنتهز فرصة، وكلمة عابرة، أو مشهد، أو قضية أثيرت لكان في ذلك خير عظيم.
سابعاً: ومن المهم أيضاً: أن يكون عنده بعد نظر بالآثار السيئة للفساد والانحراف؛ حتى يتأكدوا، وخاصة إذا استطاع أن يستغل الفرص، فلو سمع أن في بيئة أو في مجتمع أو في أسرة مشكلة وقعت أو جريمة، ربط بين هذه المفاسد الموجودة في المنزل وبين أنها قد تؤدي بالتدرج إلى مثل هذه المشكلات.
ثامناً: البرامج المقترحة ينبغي أن تكون متناسبة مع كثير من الأمور كالميول والرغبات والإمكانية في التطبيق، ونحو ذلك.
أولاً: مركزاً على الأولويات، وذلك مثل الاهتمام بالصلوات، وأدائها في أوقاتها وخاصة صلاة الفجر.
ثانياً: محاولة إشاعة أمر مهم ومسلم به عند الناس وهو الالتزام بورد من قراءة القرآن، وينبغي أن يكون بين أسرته، فيحرص على هذا الوقت الذي يقرءون فيه القرآن، ويساعدهم على القراءة والتلاوة؛ فإن ذلك جيد ومناسب.
ثالثاً: أن يكون هناك وقت -إذا ناسب الجميع- ولو في الأسبوع مرة واحدة يقرأ من بعض الكتب المرغوبة والخفيفة التي تؤثر وتنفع، مثل: كتاب رياض الصالحين أو بعض قصص الصحابة أو نحو ذلك، وليكن في أوقات مناسبة، وبصورة لا تكون طويلة أو مملة كربع ساعة أو نحو ذلك ويكفي.
رابعاً: الاستفادة من الأشرطة والمحاضرات التي يمكن أن يبثها وأن يوجدها، فلا تقل لهم: خذوها، بل اجعلها موافرة في المكتبة، واجعلها بجوار المسجل، وبجوار التلفاز ضع أشرطة فيديو، فإن الإنسان أحياناً من باب الفضول والاستطلاع يقول: دعني أسمع هذا الشريط، دعني أرى ما يسمع هؤلاء الملتزمون أو المطاوعة، دعني أرى ما يشاهدون، فإذا به قد يقع على شيء يلفت النظر ويؤثر فيه أبلغ التأثير؛ لأن الشاب عندما يريد أن يقول لأبيه: خذ اسمع شريط عن أضرار التدخين ماذا يعني هذا؟ يعني أنك مدخن، ولابد أن تنتبه من التدخين، لكن لو ترك هذا الشريط، أو تلك المطوية مرمية في متناول السائر والعابر لكانت هذه رسالة مباشرة.
خامساً: توفير بعض الكتيبات الصغيرة والمطويات المختصرة جداً في بعض الأمور المهمة مثل: الحجاب للنساء، واستغلال الوقت للجميع، ومثل بعض القضايا، فهناك كتيبات ورسائل إخراجها جميل الألوان الزاهية، ولابد أن يكون هناك حسن في العرض؛ لأن الإنسان إذا أحسن عرض البضاعة كثر الزبائن والمقبلين على هذه البضاعة.
سادساً: أن يحرص إذا استطاع أن يكون هناك لقاء أسبوعي يجمع الأسرة كلها في وقت معين، ويكون وقت مناسبة اجتماعية فيها نوع من التآلف والتقارب، ويستغل هذه اللقاءات في طرح بعض الموضوعات والقضايا الإسلامية بصورة مناسبة.
سابعاً: يمكن أن يركز على بعض البرامج التي تقوي جانب التزام الأسرة، مثل: استغلال الإجازات في القيام بأداء العمرة، أو بزيارة المدينة المنورة، أو بزيارة بعض الأقارب وصلة الأرحام، وربط هذه المعاني بما فيها من الأجر والثواب والخير والمصلحة، وهذا كله يساعد على مثل هذه الجوانب.
ثامناً: استغلال المتوازيات، وأعني بها أنه يمكن أن يعرف بعض إخوانه من الطيبين، فيجعل -مثلاً- نساؤهم وزوجاتهم يقمن بزيارات لأهله ولأسرته، فالمرأة مع المرأة، والشابة مع الشابة، والأم مع الأم، والأب مع الأب؛ فيكون هذا التأثير أبلغ عندما يجد من بعض الأخيار من أهله أو زوجته أو ابنته ملتزمة وفيها خير وصلاح، فيجعل صلاتهم وعلاقاتهم وزيارتهم مع الأخيار؛ فيؤثر ذلك تأثيراً إيجابياً، وإن كان بصورة غير مباشرة.
أخيراً: يمكن ربطهم ببعض الأنشطة الإسلامية كل بحسبه، فإذا كان هناك معرض لقضايا المسلمين للنساء يأخذ أسرته وأهله، وإذا كان هناك محاضرة للنساء يحاول أن يرغبهم في الحضور، ولو كان هناك -مثلاً- نشاط للشباب يأخذ إخوانه إليه، وبالتالي لابد أن يشعر أنه يقوم بمثل هذه المهمة والرسالة.
وهناك أيضاً أوراق أخرى مهمة لكن سأشير إلى قضية أعم، ثم أعرج في الأخير على هذه الأوراق وكيف كتبت أو بعضها على أقل تقدير.
لو أن هذه الروح سرت بين الناس لأوجدوا مثل هذه النقاط، واتفقوا على أمور يمكن تطبيقها عملياً.
وهناك فوائد كثيرة لمثل هذا العمل، وبعض هذه الفوائد تستفاد عندما نقدم على التفكير والتنفيذ لهذه الأوراق، فمن هذه الفوائد:
أولاً: فيها تعويد على النشاط والتفكير الجماعي؛ حتى يتعود الإنسان على أن يفكر مع الآخرين فيما يشغلهم وفيما يهمهم.
ثانياً: فيها الاستغلال للأوقات في الأمور الخيرة والتعاون على الخير.
ثالثاً: خدمة قضايا المسلمين.
رابعاً: الجدية في أداء العمل، فبدلاً من أن نظل نقول دائماً: ما العمل؟ نفكر ونجتمع لنحدد النقاط والقضايا.
خامساً: استخلاص عصارة الأفكار؛ لأنك عندما تتكلم كلاماً عاماً لا تحدد، لكن عندما تريد أن تنفذ ستفكر تفكيراً جاداً، وتستخلص الأفكار، وتستقرئ المعلومات؛ حتى تضع نقاط فعلية وجيدة.
سادساً: التعود على حل المشكلات، وهذا أمر مفيد ومهم جداً.
سابعاً: بث روح الحماس لنشر الدعوة الإسلامية، ولابد أن يشعر كل مسلم بأن بإمكانه أن يقوم بدور في ممارسة الدعوة، فالدعوة ليست قاصرة على العلماء، والخطباء، والكتاب، وأصحاب العلم، والشباب فقط، بل هي عامة لكل أحد، ويستطيع كل أن يأخذ بجزء من هذه المهمة.
ثامناً: استقراء الأفكار لدى الأفراد وصياغتها في حل المشكلات.
تاسعاً: التعود على الانتقال من مجال إلى آخر، فلو أننا ركزنا على العمل، وعملنا ورقة ثم نفذناها فسنقول: ماذا بعد ذلك؟ ويمكن أن نقدم خطوة أخرى، لكن لو لم يكن عندنا عمل لما استطعنا أن نتقدم.
عاشراً: هذا يعودنا على التفكير قبل العمل، فلابد قبل أن تعمل أي عمل أن تفكر فيه، ولابد أن يتعود المسلم على أن يكون جاداً، ومن أبرز معالم الجدية: التفكير قبل العمل، فلابد من أخذ مبدأ الدراسة والتخطيط وتنسيق الأمور قبل أي عمل من هذه الأعمال.
الحادي عشر: التعود على كتابة التقارير وصياغة النقاط؛ حتى يستفيد منها.
أولاً: لابد أن تكون ورقة العمل قابلة للتطبيق: فلا يأتِ بأشياء خيالية، فمثلاً نقول: نحن نريد أن نحارب إسرائيل، ونريد ورقة عمل لمحاربة إسرائيل، فنخرج من هنا ونأخذ أسلحة ونفعل، هذا كله غير واقعي، فلابد أولاً أن تكون ورقة العمل قابلة للتطبيق.
ثانياً: الحرص على توسيع دائرة المشاركة بقدر المستطاع، فإذا كان هناك عمل يستطيع أن نعمل فيه مائة فلا نرضى بأن يعمل فيه تسعين، بل حاول أن تكون أوراق العمل في هذه الميادين تشمل أكبر عدد من الناس؛ حتى يكون أثرها أكبر؛ وحتى ينتفع بها قطاع أكبر من الناس.
ثالثاً: أن تتركز الورقة في ذكر الأهداف والفوائد من هذا العمل وهي:
- الوسائل المتاحة لتطبيقه.
- مراعاة الإمكانات.
- استيعاب الطاقات.
- التفكير في الخطوات العملية تفكيراً جيداً؛ بحيث تتلافى الآثار السلبية؛ لأنك أحياناً قد تفكر في عمل ولا تفكر فيما قد ينتج عنه من آثار سلبية، فلابد للإنسان أن يكون حكيماً وبصيراً، وأن يكون منضبطاً في مثل هذه الأمور.
رابعاً: ألا يكون هناك نقاط كثيرة، وأعمال كثيرة، بل يركز على القليل الذي يمكن أن يكون تطبيقه واقعياً.
أولاً: ما ذكرناه من هذه الأوراق يحتاج إلى تطبيق، وكثير منا يستطيع أن يطبق كثيراً مما ذكرناه، ومن غير مشقة وعناء.
ثانياً: هناك أوراق أخرى يمكن أن يفكر فيها الإخوة كل مع من يحيط به أو من هو معه في مدرسته أو في حيه أو في مسجده، ويفكر الجميع ليضعوا نقاطاً يمكن أن تطبق، وأن تكون صورة عملية أخرى لعله أن يكون من الممكن أن تشيع بين الناس، أو أن تعرض في درس لاحق، أو أن يشار إليها على أقل تقدير، فهناك مما لم نعرضه من هذه الأوراق:
وأجبت في ذلك الوقت: بأنه صدرت مجلة اسمها: (أسماء)، وصدرت منها أربعة أعداد أو خمسة أعداد ثم توقفت؛ لأنها لم تجد تشجيعاً مادياً وشراءً وإعلاناً.. ونحو ذلك.
فهذه خطوات لابد أن نرى كيف يمكن أن يستفاد منها عملياً.
نريد أيضاً أن يكون هناك تفكير عملي في خطوات عملية لمثل هذه الأمور.
وهناك أشياء أخرى أظن أن الذهن لو أعمل من خلال اهتمامه بقضايا المسلمين لوجد كثيراً من الإيجابيات وكثيراً من القضايا التي تحتاج إلى خدمة إسلامية -كما أشرت- كدائرة الاهتمام بالخير، والاهتمام بالقضايا الإسلامية، والاهتمام بدعم الخير والعمل الإسلامي، ولابد أن يكون شعارنا: (هيا إلى العمل والدعوة والخير لكل أحد، ولكل قطاع -كما ذكرت- صغيراً وكبيراً، رجلاً وامرأة، متعلماً وعامياً)، وليس هناك أحد يعذر، بل يساهم بقدر ما يستطيع بصورة أو بأخرى.
أقول: كيف صدرت أو وجدت هذه الأوراق؟
أقول: إنه من الممكن أن يمارس كثيرون هذا الدور، وأن يخرجوا بمثل هذه الأفكار، وبعض هذه الأوراق التي أشرت إليها هي من نتاج بعض الطلبة في المرحلة المتوسطة والثانوية، مع مشاركة قلة من طلبة الجامعة، واجتمعت مجموعات من هؤلاء الطلبة في بعض أنشطتهم المنبثقة عن أنشطة التحفيظ والمراكز الصيفية، ووجههم الموجهون أن يفكروا في أساليب عملية لخدمة الإسلام، ففكروا وكتبوا هذه النقاط والأوراق، ودرسوها وناقشوها، وهذا مستواهم، وهذه قدراتهم وإعدادهم، فاشتغلوا بشيء مهم، وشعروا بأن هناك أموراً لابد أن يكون لهم فيها دور، وعرفوا أن هناك ميادين يستطيعون أن يكون لهم ممارسة ومساهمة فيها، ولذلك هذه الأوراق التي ذكرتها وغيرها مما لم أذكره إنما هو نتاجهم عندما فكروا ونظروا في واقعهم وإمكاناتهم، وقالوا: يمكن أن يكون العمل على هذه المراحل، وفي هذه المحاور، وبهذه الخطوات، وتحت هذه الأهداف، فهل يعجز من هو أكبر منهم سناً وأكثر قدرة مادية ومعنوية أن يكون له اهتمام بمثل هذه القضايا؟
هل يعجز أحد أن يصوغ أو أن يشارك مع إخوانه في صياغة خطوات عملية ليقدم الخير ويساهم في مسيرة نشره بين المسلمين؟
هذا تأكيد على أنه بالإمكان أن تكون هذه الخطوات، بل إن وجودها واقعاً أمر ميسور بإذن الله سبحانه وتعالى.
وقد هدفت -أصلاً- من هذا الموضوع أن نثير العزيمة إلى العمل، والهمة في التفكير في قضايا المسلمين، والاجتماع على دراسة حلول لها، وطرائق عملية لمساعدتها وخدمتها، وهذا هو الذي نأمله.
وما ذكرت من العناوين يمكن أن يفكر فيه الإخوة، فإذا وضعوا فيه نقاطاً وواصلونا بها، ربما تكون هناك فرصة لعرضها والتذكير بها وتطبيقها عملياً، وربما بعض ما ذكرناه إن شاء الله يمارس عملياً.
الجواب: هذا سلاح مؤثر وله شواهد كثيرة.
الجواب: وقد أشار غيره من العلماء إلى مقاطعتها، ومقاطعة ما يغلب شره على خيره.
الجواب: هذا سؤال جميل جداً، ولو أن النساء المسلمات قاطعن الكماليات أو قليلاً من الكماليات لوفرن على الأمة المسلمة آلاف الآلاف، بل مئات الآلاف، بل ملايين الأموال التي تذهب، ويصدرها لنا أعداؤنا؛ ليستهلكوا أموالنا، وليفتنوا نساءنا، وليشيعوا بعض أنواع الفساد فينا.
وأقول حتى ندرك بعض الأشياء في قضية المقاطعة: لو قاطع الناس التدخين فهل نعلم نحن أننا -على سبيل المثال- ننفق حسب الإحصائيات نحو عشرة آلاف مليون ريال في العام الواحد في تجارة السجائر؟ لو أننا تصورنا أنه تمت المقاطعة لمثل هذه الأمور، فلن تتصور مدى الآثار الإيجابية لها.
والمرأة المسلمة لو قاطعت بعض الأمور لا نقول كلها، كثير من النساء عندها من الأحذية أكثر من عشرة، وعندها من الملابس ما لا يحصيه العد، وعندها كذا وكذا، ولو أنها تخلت عن بعض ذلك، واستشعرت قضايا المسلمين على أقل تقدير؛ لكان في ذلك خير كبير، إضافة إلى أنها مستهدفة بالأزياء والموضات، وأكثر ما تتوجه المجلات للنساء وللمرأة.
الجواب: لا.
الجواب: هذا نموذج ممكن وضع ورقة عمل تجاهه، وقد حصل أن ذكر لي بعض الإخوة ذلك، فقلت: لم لا يذهب مجموعة منكم ليزوروا هذا الشخص ويناقشوه في أفكاره التي رآها، والتي ربما قالها عن اجتهاد أو عن عدم فهم، ولم لا يكتب عدد آخر له حتى يبينوا له بعض ما يكون قد أخطأ فيه؟!
ولم لا يكتب عدد آخر إلى تلك الصحيفة مقالات أو مضامين تبين وجهة نظرهم، وأن فيها فوائد أخرى غير التي أشير إليها ونحو ذلك؟!
الجواب: بعض الأنظمة والقوانين تباع رسمياً، وبعضها مشاع ومذاع ومنشور في كتب، مثل: قوانين الأمم المتحدة، وكذا كتب مطبوعة موجودة في مكتبات الجامعات، وموجودة للبيع في المكتبات العامة، وكل الأنظمة ليست أسراراً، بل هي متاحة، وإذا احتاج بعض الإخوة لشيء محدد فلا بأس أن يواصلوني في ذلك إن شاء الله.
الجواب: هذا مزلق خطير ينبغي ألا يتساهل فيه، وأن يبقى واحد في الشر خير من أن ينضم إليه الثاني، فأحياناً الشيطان يدخل من مداخل في مثل هذه الأمور حتى يقع الإنسان في الزلل من حيث لا يشعر.
الجواب: ورقة (خدمة أهل الحي) موجود فيها هذه التفصيلات، ولعلها إن شاء الله في صورة عملية تتحقق، والأفكار موجودة ومكتوبة كما أشرت سابقاً.
نسأل الله عز وجل أن يوفقنا إلى أن نكون عمليين، وأن يسهل لنا أمر الدعوة وخدمة الإسلام والمسلمين بقدر الطاقة والمستطاع.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر