ما فتئ أعداء الإسلام جاهدين في حربهم على أمة الإسلام، فتارة تظهر حربهم بصورة عسكرية، وتارة تظهر بصورة فكرية، وهي أخطر وأخبث، وقد خططوا وأحكموا الخطط، لزعزعة ثوابت هذه الأمة، وأرادوا أن يختصروا الطريق بإسقاط نقلة الدين وحملته -وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- ليسقط الدين تبعاً لذلك!
حرب حقيرة ليست الأخيرة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح للأمة فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.
فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته. وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد:
فحياكم الله جميعاً أيها الآباء الفضلاء، وأيها الإخوة الأحباب الأعزاء، وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله العظيم الكريم جل وعلا الذي جمعني وإياكم في هذا البيت المبارك على طاعته أن يجمعني وإياكم في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار كرامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أحبتي في الله! الدر المنثور في الذود عن أصحاب الرسول.
هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذا اليوم الكريم المبارك، وسوف ينتظم حديثنا مع حضراتكم تحت هذا العنوان في العناصر التالية:
أولاً: حرب حقيرة ليست الأخيرة!!
ثانياً: عدالة الصحابة من القرآن والسنة.
ثالثاً: وهل يسب الخيران؟!!
وأخيراً: هم القدوة فاعرفوا لهم قدرهم.
فأعيروني القلوب والأسماع، والله أسأل أن يجعلني وإياكم جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولوا الألباب.
أولاً: حرب حقيرة ليست الأخيرة!!
إن الصراع بين الحق والباطل قديم بقدم الحياة على ظهر الأرض، والأيام دُول كما قال الله عز وجل: وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140]، والإسلام العظيم منذ أن بزغ فجره واستفاض نوره لا زال إلى يومنا هذا مستهدفاً من قبل أعدائه، الذين يشنون عليه حروباً ضارية على كل الجبهات، وفي جميع الميادين!!
ومن أخطر هذه الحروب المعلنة: حرب إسقاط الرموز ابتداء من الصحابة رضي الله عنهم، وانتهاءً بالعلماء والدعاة.
فهم يريدون أن يشككوا الأمة في دينها حينما يشككون الأمة في نقلة هذا الدين من الصحابة الخيرين، والعلماء العاملين، والدعاة الصادقين، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: يريدون أن يفصلوا بين الأتباع والقيادة، فإذا تم الفصل بين القائد والأتباع تشرذمت الأمة لتصبح الأمة ذليلة مبعثرة كالغنم في الليلة الشاتية الممطرة!!
ومن آخر هذه الحروب، وليست الأخيرة: ما ينشر في هذه الأيام على صفحات الجرائد والمجلات السوداء التي تعزف على وتر الجنس لإثارة الغرائز الهاجعة، ولاستجاشة الشهوات الكامنة.
هذه الحرب التي تثار الآن..حرب سافرة سافلة! تشن على رموز هذه الأمة ابتداءً من الصحابة
حيث نرى دفاعاً مبطناً في هذه الجرائد والمجلات على هذا الخطيب الشيعي المحترق الذي سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سباً فظيعاً منكراً، والله يستحي اللسان العفيف أن يردد الآن لفظة واحدة مما قال!!
وتعمدت ألا أعقب على هذا الشيعي المحترق إلا بعد سماع كلماته بأذني رأسي، فإنني لا أثق البتة فيما ينشر على صفحات الجرائد والمجلات؛ لأنهم يكذبون على الجميع، فما استحللت لنفسي، وما استبحت لنفسي أن أرد على هذا المجرم الوقح الذي سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سباً منكراً إلا بعدما سمعت بأذني رأسي لهذا الرجل كلاماً يتعفف اللسان عن ذكر بعضه الآن.
سر شن الحرب على رموز هذه الأمة
يُسب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم!! ويشوه العلماء!!وتعلن الحرب بضراوة على رءوس الأمة؛ ليتشكك الناس في الدين!!
فمن الذي نقل إلينا الدين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
هم الصحابة ومن سَار على دربهم من العلماء العاملين، والدعاة الصادقين.
وهذه الحرب التي تعلن الآن على الأطهار، هي التي دفعتني لأقف اليوم بين أيديكم لأذود عن حرمهم الكريم، ولأذود عن عرضهم الطاهر، لا لأرفع من قدرهم وشأنهم، فإن الذي رفع قدرهم هو الله، وإن الذي رفع شأنهم وعَدلهم هو رسول الله، وإنما أتحدث اليوم عن الصحب الأطهار لأرفع من قدر نفسي ومن قدر إخواني وأخواتي، وأتضرع إلى الله عز وجل بحبنا لهم أن يحشرنا معهم، فالمرء مع من أحب يوم القيامة، بموعود الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم. أسأل الله جل وعلا أن يحشرنا وإياكم جميعاً تحت لواء الحبيب محمد مع الصديقين والنبيين والشهداء والصالحين، وعلى رأس الصالحين أصحاب النبي الأمين صلى الله عليه وسلم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أيها الأحبة الكرام! والله لا أرى مثلاً لهؤلاء الموتورين الذين يتطاولون اليوم على هذه القمم الشماء إلا كمثل ذبابة حقيرة سقطت على نخلة عملاقة، فلما هَمَّت الذبابة الحقيرة بالانصراف قالت في استعلاء للنخلة العملاقة: أيتها النخلة تماسكي فإني راحلة عنك!!
فقالت النخلة العملاقة: انصرفي أيتها الذبابة الحقيرة، فهل شعرت بك حينما سقطتِ عليَّ لأستعد لك وأنت راحلة عني؟!!
هل يضر السماء أن تمتد إليها يد شلاء؟!
وهل يوقف سير البواخر العملاقة الطحالب الحقيرة الفقيرة ولو اجتمعت على سطح الماء؟!!
وهل يضر السحاب نبح الكلاب؟!
حري بهؤلاء الموتورين أن يحطموا أقلامهم، وأن يفرغوها من مدادها العفن القذر.
حري بهؤلاء أن يعرفوا قدرهم، وأن يلزموا حدهم، وأن يعرفوا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مكانتهم، فالصحابة هم الذين زكاهم الله، وعدلهم رسول الله، وبشروا بالجنة وهم في الدنيا، أما هؤلاء فلا يستطيع أحد منهم بل ولا منا أن يجزم لنفسه بخاتمة حسنة، نسأل الله أن يختم لنا ولكم بخاتمة التوحيد والإيمان.
أيها المسلمون الأخيار! وفقني الله وإياكم لمرضاته، وجعلني الله وإياكم ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته، اعلموا أنه لا يجوز البتة لرجل زائغ العقيدة، مريض القلب، مشوش الفكر أن يتحدث عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إذ إن الحديث عن الصحب الكرام يتطلب ابتداءً صفاء في العقيدة، وإخلاصاً في النية، ودقة في الفهم، وأمانة في النقل، ونظرة فاحصة مدققة لأراجيف المبطلين والوضاعين والكذابين والمغرضين، وعلى طريقهم العلمانيين، لابد من الفحص الدقيق لكل ما تقرأ، ولكل ما ينشر عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فلابد أن تعرف قدر هؤلاء ومكانتهم، فهم الجيل القرآني الفريد الذي تربى على يد من رباه الله على عينه ليربي به الدنيا هم.
الجيل الذي تربى على يد المصطفى وكفى، وكل تلميذ يقتبس في العادة من أستاذه، فلك أن تتصور كيف يكون الاقتباس إذا كان المعلم هو سيد الناس! وكل منهج تربوي يترك طابعه على طلابه الذين يتربون عليه، ولك أن تتصور كيف يكون الطابع إذا كان المنهج التربوي الذي تربى عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هو القرآن والسنة!
إنهم صفوة الخلق بعد الأنبياء، فلقد نظر الله في قلوب أهل الأرض فوجد قلب محمد خير قلوب أهل الأرض، فابتعثه برسالته، ونظر الله عز وجل في قلوب أهل الأرض بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب أهل الأرض فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون عن دينه، وقد جاء هذا في أثر حسن رواه ابن عبد البر وأحمد من حديث ابن مسعود موقوفاً.
إنهم صفوة الخلق بعد الأنبياء، إنهم المهاجرون والأنصار، الذين حملوا دعوة النبي المختار، وصدقوا ما عاهدوا عليه العزيز الغفار، فاستحقوا -وهم في الدنيا- بجدارة واقتدار، أن يبشروا بالجنة والنجاة من النار، إنهم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين عدلهم ربهم، ونبيهم صلى الله عليه وسلم، وهذا هو عنصرنا الثاني من عناصر هذا اللقاء.
أيها الحبيب الكريم! أحذر نفسي وإياك، وأذكر نفسي وإياك، فإننا نعيش زماناً تكلم فيه الرويبضات، بل أفردت الصفحات للرويبضات، بل أفردت الساعات الطوال على الشاشات وفي الإذاعات للرويبضات، هل تدري من الرويبضات؟
اسمع الجواب من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى أحمد والحاكم في المستدرك وصححه الألباني من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (سيأتي على الناس سنوات خدّاعات, يُصدق فيها الكاذب, ويُكذب فيها الصادق, ويؤتمن فيها الخائن, ويُخَوَّن فيها الأمين, وينطق فيها الرويبضة قيل: من الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة).
والله لقد نطق التافهون، بل لقد نطق أبو الهول الذي لم يتكلم في شيء إلا في سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتشهير بالعلماء المخلصين والدعاة الصادقين، للفصل بين القيادة والأتباع لتتشرذم الأمة، ولتصبح ذليلة كسيرة مبعثرة، ليسهل على الذئاب أن يفترسوها وأن يأكلوها أكل الذئب للغنم، أسأل الله عز وجل أن يقر أعيننا وإياكم بنصرة الإسلام وعز الموحدين، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
وهل يسب الخيران: أبو بكر وعمر؟!
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد:
وهل يسب الخيران أبو بكر وعمر ؟!
يَسُب هذا الشيعي الغبي المحترق أبا بكر وعمر رضي الله عنهما!! بكلمات يعف اللسان عن ذكرها!! يسب أبا بكر بأقبح الألفاظ!! يسب عمر الفاروقبأشنع كلمات!! ألفاظ لا تصدر إلا من فم رجل شرب الخمر فلعبت الخمر برأسه فهو يهذي ولا يدري ما يقول!! ولكن إنا لله وإنا إليه راجعون.
عمر الفاروق ذلكم الرجل العملاق الذي بركت الدنيا بزخارفها وسلطانها على عتبة داره؛ فطلقها ثلاثاً وسرحها سراحاً جميلاً، وقام ينفض يديه من علائق هذا المتاع الزائف، واستأنف سيره وسط الصحراء تحت حرارة الشمس المحرقة، تراه يجري وراء بعير قد ند من إبل الصدقة يخشى عليه الضياع، ويخشى أن يسأل عنه بين يدي الله جل وعلا يوم القيامة، أو تراه -وهو الفاروق الخليفة- منحنياً على قدر فوق نار مشتعلة ينفخ النيران تحت القدر لتنضج النيران طعمة سريعة لأطفال يتضورون جوعاً، أو تراه واقفاً أمام خيمة رجل يبكي على امرأته التي أدركها المخاض وهي لا تجد أحداً يؤنسها؛ فيسرع ليأتي بزوجة خليفة المسلمين لتقف مع هذه المرأة المسلمة حتى تضع ولدها، أو تراه يمشي في السوق يتفقد أحوال الناس فيرى إبلاً سمينة فيسأل عمر الفاروق: إبل من هذه؟ فيقولون: إبل عبد الله بن عمر ، وكأن حية رقطاء قد انقضت عليه فلدغته، وأفرغت كل سمها في جوفه، فيقول: بخ بخ! إبل عبد الله بن عمر ، ائتوني به، ويأتي عبد الله يرتجف ويرتعد وهو إمام الزهد والورع، فيقول عمر : يا عبد الله! ما هذه الإبل؟! فيقول ابنه إمام الزهد والورع: يا أبت! إبل كانت مريضة هزيلة، اشتريتها بخالص مالي، وأطلقتها في الحمى ترعى، وأتيت بها إلى السوق أبتغي ما يبتغيه المسلمون من الربح والتجارة. فقال عمر في تهكم لاذع: بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين، إذا رأى الناس إبلك قالوا: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين! اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، فتسمن إبلك ويربو ربحك يا ابن أمير المؤمنين، قال: عبد الله: لبيك يا أبت مرني بما شئت. قال: بع الإبل الآن، وخذ رأس مالك، ورد الربح إلى بيت مال المسلمين!
عمر الذي اشتهت زوجه الحلوى يوماً فأبى عليها
يا رافعاً راية الشورى وحارسها جزاك ربك خيراً عن محبيها
رأي الجماعة لا تشقي البلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها
إن جاع في شدة قوم شركتهم في الجوع أو تنجلي عنهم غواشيها
جوع الخليفة والدنيا بقبضته منزلة في الزهد سبحان موليها
فمن يباري أبا حفص وسيرته أو من يحاول للفاروق تشبيها
يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها من أين لي ثمن الحلوى فأشريها
ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به أولى فقومي لبيت المال رديها
فتلك أخلاقه كانت وما عهدت بعد النبوة أخلاق تحاكيها
واسمع للمصطفى وهو يضع الأوسمة على صدر عمر الفاروق فيقول كما في سنن الترمذي من حديث ابن عمر وهو حديث حسن: (إن الله تعالى جعل الحق على لسان عمر وقلبه)، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (رأيتني وأنا في الجنة، ورأيت قصراً وإلى جواره جارية تتوضأ، فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا: لـعمر بن الخطاب يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: فتذكرت غيرتك يا عمر فأدبرت، فلما سمع عمر ذلك من رسول الله بكى، وقال: أو عليك أغار يا رسول الله؟!).
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينا أنا نائم إذ عرض علي الناس وعليهم قمص -جمع: قميص- منهم ما يبلغ الثدي، ومنهم دون ذلك، وبينما هم كذلك إذ عرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجتره -قميص يجره على الأرض-، قالوا فما أولته يا رسول الله؟ قال: الدين).
وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: (بينا أنا نائم إذ عرض علي قدح من اللبن ، فشربت حتى إني أرى الرِي يخرج من بين أظفاري، ثم أعطيت فضلتي -أي: ما تبقى من الشراب- لـعمر قالوا: فما أولته يا رسول الله؟! قال: العلم).
وفي الصحيحين (أن عمر بن الخطاب استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش يكلمنه عالية أصواتهن؛ فلما سمعن صوت عمر يستأذن على رسول الله قمن يبتدرن الحجاب، فدخل عمر والنبي يضحك، فقال عمر : أضحك الله سنك يا رسول الله؟! -يعني: لماذا تضحك؟ سؤال بأدب- فقال المصطفى: أضحك من هؤلاء اللائي كن عندي، فلما سمعن صوتك قمن يبتدرن الحجاب! فقال: أنت أحق أن يهبنك يا رسول الله، ثم التفت عمر إلى النسوة فقال: أي عدوات أنفسهن! أتهبنني ولا تهبن رسول الله؟! والمرأة لا يخونها لسانها في مثل هذه المواقف فقلن: نعم؛ لأنك أفظ وأغلظ من رسول الله! فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم قولة عجيبة، التفت إلى عمر وقال: إيه يا ابن الخطاب! والله ما رآك الشيطان سالكاً فجاً -أي: طريقاً- إلا وتركه لك، وسلك فجاً غير فجك ) فهل يسب عمر فاروق الأمة؟!! وهل يسب الخيران؟!!
أسأل الله عز وجل أن يجمعنا بهما في جنات النعيم.
هم القدوة فاعرفوا لهم قدرهم
أخيراً: أكتفي بهذا الأثر الذي رواه أحمد بسند حسن من حديث ابن مسعود رضي الله عنه موقوفاً عليه قال: (من كان مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا أفضل هذه الأمة، وأبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم على آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم).
أيها الوالد الكريم! تعلم سير الصحابة، وعَلم أبناءك سير الصحابة، لقد آن الآوان لنربوا بأبصارنا إلى هذه القمم... إلى هذه القدوات... إلى هذه المثل... فإن شبابنا الآن قدمت له قدوات فاسدة! ومُثل هابطة! يعلمون الكثير عن هؤلاء الأقزام! في الوقت الذي لا يعلمون فيه شيئاً عن هذه القمم الشماء، وعن هؤلاء الأطهار الخيار الكرام.
تعلم سيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عُد من جديد واسمع السيرة.. اقرأ السيرة... اجتهد أن تسأل عن سيرتهم بعد ما حرمت من صحبة أنفاسهم وأجسادهم، ورب ولدك على هذه السيرة؛ لنأخذ العبرة والعظة من ناحية، ولتتدفق من جديد في عروقنا دماء العزة والكرامة، والزهد والورع من ناحية أخرى، التي ضرب لها أروع المثل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
إننا نعيش زماناً قدم فيه التافهون ليكونوا القدوة والمثال، ونعيش زماناً قلت فيه القدوة من ناحية أخرى، آن الآوان لأن ترنوا جميع الأبصار إلى هذه القدوات الطيبة والمثل العليا.
ويجب عليك أن تغار لأصحاب نبيك إذا قرأت كلمة تنبش عرض واحد منهم، يجب عليك أن تغار، دعك من هذه السلبية القاتلة، تقرأ في جريدة أو في مجلة قذرة داعرة دفاعاً مبطناً عن هذا الشيعي المحترق الذي سب أصحاب النبي ولا تفعل شيئاً، اكتب رسالة إلى الجريدة، وعبر فيها عن رأيك، اتصل بالهاتف وعبر عن رأيك، قرأت تحقيقاً صحفياً عن شيوخك وعلمائك ودعاتك فعبر عن رأيك، اكتب خطاباً وأرسل به إلى رئاسة التحرير أو إلى المحررين، المهم أن تنكر هذا المنكر ولا تعجز، اكتب كلمات رقيقة، اكتب كلمات طيبة، ذد عن عرض هؤلاء، ذد عن شرف هؤلاء، ادفع عن عرض هؤلاء الشيوخ والدعاة والعلماء والصحابة قبل ذلك.
فهؤلاء هم رموز الأمة، لا ينبغي أن تسقط هذه الرموز، لا ينبغي أن تشوه صورهم وأن نسكت، عبر بكلمة طيبة لا نريد أكثر من ذلك، المهم أن يعلم هؤلاء الذين يكتبون عبر هذه الصفحات السوداء أن الأمة مع علمائها، وقبل ذلك مع دينها ومع نبيها ومع أصحاب رسول الله، ومع العلماء العاملين والدعاة الصادقين، لابد أن يشعر هؤلاء بهذا.
يا أخي! لا تكن سلبياً، استحلفك بالله أن تكون إيجابياً، تحرك وعبر عن القضية بكلمات رقيقة رقراقة جميلة، فإنني أقول لكم دوماً: لا تخلطوا بين مقام الدعوة ومقام القتال، فمقام الدعوة هو اللين ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ [النحل:125]، فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا [طه:44] .
وهذا الذي أطالب به الآن، أدع بالحكمة وباللين، برسالة أو اتصل بالهاتف، تحدث مع مسئول إن كنت تعرفه، تحدث مع صحفي إن كنت تعرفه، نريد أن يصل كماً هائلاً من الرسائل التي تعبر عن حب هذه الأمة لدينها ونبيها وأصحاب رسول الله والعلماء والشيوخ والدعاة الصادقين؛ ليعلم هؤلاء أنهم يحرثون في الماء، أما أن نكون سلبيين إلى هذا الحد، وأن نسمع وننصرف! ونأتي لنسمع وننصرف، ولا شيء يخرج منا على الإطلاق! فهذه سلبية خطيرة، أعوذ بالله من نتيجتها بين يديه تبارك وتعالى. لا تبرر لنفسك هذه السلبية بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105] صديق الأمة قرأ هذه الآية يوماً على المنبر فقال: إنكم تقرءون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم جميعاً بعقاب من عنده)، وقال في رواية أخرى: (إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده)
أسأل الله عز وجل أن يقر أعيننا وإياكم بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم احشرنا في زمرة نبيك الكريم، وصحبه المباركين، وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويلقى به في جهنم، ثم أعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.