إسلام ويب

الإسلام قادم .. تعليق على الأحداث الأخيرةللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • غاصت الأمة الإسلامية في أوحال المعاصي والذنوب، إلا من رحم الله، فنتج عن ذلك أن زحف اليأس إلى قلوب كثير من المسلمين، من عودة الأمة إلى دين ربها وسنة نبيها، ولكن تباشير الفجر قد اقترب ظهورها، تنبئ بمستقبل مشرق للإسلام، وإن الأحداث التي تجري في مختلف أنحاء الأرض، لأكبر شاهد على ذلك.
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح للأمة فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين. اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحفاده وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الآباء الفضلاء! وأيها الإخوة الأحباب الكرام الأعزاء! وطبتم جميعاً وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلا، وأسأل الله العظيم الكريم الحليم جل وعلا، الذي جمعنا في هذا الجمع الكريم المهيب المبارك على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه. أحبتي في الله! إن الإسلام قادم!هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذا اليوم الكريم المبارك، وفي هذه الظروف العصيبة الرهيبة التي تمر بها أمتنا. وسوف أركز الحديث مع حضراتكم تحت هذا العنوان في العناصر التالية: أولاً: واقع أليم. ثانياً: ولكن الإسلام قادم. ثالثاً: منهج عملي واجب التنفيذ. فأعيروني القلوب والأسماع جيداً، والله أسأل أن يقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، وأن يشفي صدور قوم مؤمنين، إنه ولي ذلك ومولاه، وهو على كل شيء قدير.

    واقع مر أليم

    أحبتي الكرام! لقد ابتليت الأمة الإسلامية بنكسات وأزمات كثيرة على مرِّ الزمان، مروراً بأزمة الردة الطاحنة، والهجمات التترية الغاشمة، والحروب الصليبية الطاحنة، لكن الأمة مع كل تلك الأزمات كانت تمتلك مقومات النصر: من إيمان صادق، وثقة مطلقة في الله، واعتزاز بهذا الدين، فكتب الله جل وعلا لها النصر والعز والتمكين، ولكن واقع الأمة المعاصر واقع أليم، فقدت فيه الأمة جُل مقومات النصر! بعد أن انحرفت انحرافاً مروعاً عن منهج رب العالمين، وعن سبيل سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، انحرفت الأمة ووقعت في انفصام نَكد مُزرٍ بين منهجها المنير وواقعها المؤلم المرير، انحرفت الأمة في الجانب العقدي، والجانب التعبدي، والجانب التشريعي، والجانب الأخلاقي، والجانب الفكري، بل وحتى في الجانب الروحي. وما تحياه الأمة الآن من واقع أليم وقع وفق سنن ربانية لا تتبدل ولا تتغير ولا تحابي هذه السنن أحداً من الخلق بحال مهما ادعى لنفسه من مقومات المحاباة، بل ولن تعود الأمة إلى عزها ومجدها إلا وفق هذه السنن التي لا يجدي معها تعجل الأذكياء ولا هم الأصفياء، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11] والله! لقد غيرت الأمة وبدلت في جميع الجوانب، بل لقد وقعت الأمة في العصر الحديث في المنكر الأعظم، ألا وهو: أن نحت شريعة الكبير المتعال، وشريعة سيد الرجال، وحكّمت في الأعراض والأموال والحروث والثمار القوانين الوضعية الكافرة التي وضعها مهازيل البشر على وجه الأرض! استبدلت الأمة بالعبير بعراً، وبالثريا ثرى، وبالرحيق المختوم حريقاً محدقاً مدمراً! وولت الأمة شريعة الله وشريعة رسول الله ظهرها، وراحت تلهث وراء الشرق الملحد تارة، ووراء الغرب الكافر تارة أخرى، وظنت الأمة المسكينة أنها قد ركبت قوارب النجاة، فغرقت وأغرقت، وهلكت وأهلكت، ولن تعود الأمة إلى سيادتها وريادتها إلا إذا عادت من جديد إلى أصل عزها ونبع شرفها ومعين شرفها ومعين بقائها ووجودها وهو: كتاب ربها وسنة الحبيب نبيها صلى الله عليه وسلم.

    الأمة قصعة مستباحة

    انحرفت الأمة فزلَّت وأصبحت قصعة مستباحة لكل أمم الأرض، وصدق في الأمة قول الصادق الذي لا ينطق عن الهوى كما في حديثه الصحيح الذي رواه أحمد وأبو داود من حديث ثوبان أنه صلى الله عليه وسلم قال: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟! قال: كلا، ولكنكم يومئذ غثاء كغثاء السيل، وليوشكن الله أن ينزع المهابة من قلوب عدوكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن. قيل: وما الوهن يا رسول الله؟! قال: حب الدنيا، وكراهية الموت). لقد أصبحت الأمة الآن غثاء من النفايات البشرية، تعيش متفرقة في دويلات متناثرة، بل متصارعة، بل متحاربة، تدخل بينها حدود جغرافية مصطنعة، وأعراف قومية منتنة، وصارت ترفرف على سماء الأمة -بلا استثناء- رايات القومية والوطنية! وتحكم الأمة كلها قوانين الغرب العلمانية! وتدور الأمة كلها في الدوامات السياسية، فلا تملك الأمة نفسها عن الدوران، بل ولا تختار لنفسها حتى المكان الذي ستغور فيه! فأُبدلت ذلاً بعد عزة وجهلاً بعد علم، وضعفاً بعد قوة، وأصبحت الأمة الإسلامية في ذيل القافلة الإنسانية كلها، بعد أن كانت في الأمس القريب جداً الدليل الحاذق الأريب، حيث كانت تقود القافلة الإنسانية كلها بجدارة واقتدار، وأصبحت الأمة الآن تتسول على موائد الفكر الإنساني والعلمي كله!! بعد أن كانت بالأمس القريب جداً منارة تهدي الحيارى والتائهين ممن أحرقهم لفح الهاجرة القاتل، وأرهقهم طول المشي في التيه والظلام، وأصبحت الأمة المسكينة تتأرجح في سيرها، بل لا تعرف طريقها الذي ينبغي أن تسلكه، والذي يجب أن تسير فيه! بعد أن كانت الأمة بالأمس القريب الدليل الحاذق الأريب في الدروب المتشابكة، وفي الصحراء المهلكة التي لا يهتدي للسير فيها إلا الأدلاء المجربون. أهذه هي الأمة التي زكاها الله في القرآن بالخيرية في قوله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110]؟! أهذه هي الأمة التي زكاها الله في القرآن بالوسطية في قوله سبحانه: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143]؟! أهذه هي الأمة التي أمرها الله بوحدة الصف والاعتصام بحبل الله المتين في قوله سبحانه: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103]، وفى قوله سبحانه: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [آل عمران:105]؟! إن الناظر إلى الأمة في واقعنا المعاصر سينقلب إليه بصره خاسئاً وهو حسير؛ فإن واقع الأمة الأليم لا يكاد يخفى الآن على أحد، وما تتعرض إليه الأمة اليوم -لا أقول العراق، بل ما تتعرض له الأمة كلها اليوم- من إذلال مهين من قلعة الكفر على ظهر الأرض أمريكا، ما تتعرض له الأمة كلها الآن من ذل وهوان وضرب بالنعال؛ ليؤكد تأكيداً جازماً هذا الواقع المر الأليم، الذي لا يحتاج من داعية أو عالم من علماء الأمة الآن إلى مزيد بيان أو إلى مزيد تشخيص أو تدليل!! فإن الواقع الأليم الذي تحياه الأمة لا يجهله إلا مسلم لا يعيش إلا لشهواته الحقيرة ونزواته الرخيصة، أما مسلم يحترم نفسه.. يحترم أمته.. يحترم هذا الدين لا أظن ألبتة أنه يجهل هذا الواقع الأليم.

    الأمة لم تمت ولكن طال نومها

    لا شك أن الأمة نامت وطال نومها، ولا شك أن الأمة مرضت واشتد مرضها، ولكن الأمة بحول الله -مع ما ذكرت- لم تمت ولن تموت بموعود الصادق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، فإن أبناء الطائفة المنصورة في هذه الأمة لا يخلو منهم زمان بشهادة الصادق الذي لا ينطق عن الهوى كما في الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس). أسأل الله أن يجعل هذا الجمع الكريم كله من هذه الطائفة المنصورة التي تعيش لدين الله وتتمنى أن تنصر دين الله بكل سبيل. والله ثم والله إنني لأعتقد اعتقاداً جازماً أنه لو دعي الآن إلى الجهاد في سبيل الله تحت كتاب الله وشريعة رسول الله لرأت أميركا العجب العجاب! ولعلم اليهود أن محمداً ما مات وخلف بنات، كما يدعي اليهود المجرمون!! بل سيعلم العالم كله أن محمداً ترك رجالاً يتمنون -ورب الكعبة- أن تسد أجسادهم فوهات مدافع الأمريكيين ومدافع اليهود؛ ليرفعوا راية لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هل يتبناها زعيم مسلم على وجه الأرض؟! نتمنى زعيماً مسلماً يحكّم شريعة الله ويحكّم سنة رسول الله وليقل: حي على الجهاد، حي على الجهاد، وسيرى العالم الملايين المملينة من شباب هذه الأمة خارجاً لنصرة دين الله جل وعلا. اللهم ارفع راية الجهاد، اللهم ارفع علم الجهاد، اللهم ارفع علم الجهاد، اللهم ارفع علم الجهاد، اللهم ارفع علم الجهاد، اللهم اقمع أهل الزيغ والفساد، اللهم اقمع أهل الزيغ والفساد، اللهم انصر دينك وكتابك وعبادك المؤمنين يا قوي يا عزيز! أيها المسلمون! إن الطائفة المنصورة لا يخلو منها زمان ولا مكان على وجه الأرض: (لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس). لئن عرف التاريخ أوساً وخزرجاً فلله أوس قادمون وخزرج وإن كنوز الغيب تخفي طلائعاً حر رغم المكائد تخرج وقال آخر: صبح تنفس بالضياء وأشرقا وهذه الصحوة الكبرى تهز البيرقا وشبيبة الإسلام هذا فيلق في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا وقوافل الإيمان تتخذ المدى ضرباً وتصنع للمحيط الزورقا ما أمر هذه الصحوة الكبرى سوى وعد من الله الجليل تحققا هي نخلة طاب الثرى فنمى لها جذع قوي في التراب وأعذقا هي في رياض قلوبنا زيتونة في جذعها غصن الكرامة أورقا فجر تدفق من سيحبس نوره أرني يداً سدت علينا المشرقا

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087772293

    عدد مرات الحفظ

    773933839