ورواه الإمام أحمد كذلك عن أبي الطفيل قال: قلنا لـعلي : أخبرنا بشيء أسرَّه إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ما أسرَّ إليّ شيئاً كتمه الناس، ولكن سمعته يقول: لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى محدثاً، ولعن الله من لعن والديه، ولعن الله من غير تخوم الأرض)يعنى المنار].
الرسول صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس كافة، بل بعث إلى الثقلين: الجن والإنس، فهو رسول لجميع من على وجه الأرض، والذين على وجه الأرض هم الجن والإنس، فلا يمكن أن يخص إنساناً بعينه بشيء جاء به من عند الله؛ لأنه مبلغ عن الله جل وعلا، فهو يبلغ عموم الناس، ولهذا كان إذا حدث بالحديث أعاده ثلاثا،ً ثم يقول: (بلغوا عني)، ويقول: (نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها، ثم أداها كما وعاها، فرب مبلغ أفقه من سامع) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فالذي يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم خص قوماً دون آخرين بما يبلغه فهو ضال، ولم يشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالبلاغ، والله جل وعلا يقول له: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ [المائدة:67] ولا يعترض على هذا بأنه صلى الله عليه وسلم أسرَّ إلى حذيفة ، وسمي صاحب السر؛ لأن إسراره إلى حذيفة كان بأسماء أناس معينين من المنافقين، قال له: فلان منافق، وفلان منافق، وفلان منافق، وهؤلاء كانوا يخضعون لأحكام الإسلام، وكانوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الجهاد وفي الصلاة وفي غير ذلك، إلا أنهم أبطنوا كفراً ونفاقاً، فأخبره بذلك وقال له: لا تخبر أحداً، ولهذا كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه إذا مات الرجل ينظر إلى حذيفة هل يصلي عليه أو لا يصلي عليه؟ فإن صلى عليه حذيفة صلى عليه، وإذا لم يصل عليه امتنع من الصلاة عليه.
والسبب في هذا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما عاد من غزوة تبوك كان يسير ذات ليلة في الليل، وكان أمامه جبل وفيه عقبة فقال للمسلمين: (إني سالك في هذه العقبة فلا يسلكها أحد حتى انتهي أو أذهب) فانتهز بعض المنافقين فرصة، وقالوا: هذه فرصة لنذهب ونكمن له في عرض الجبل فإذا توسط به نفرنا به ناقته فيسقط من عليها ويموت، هكذا خططوا ودبروا فسار الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه حذيفة يقود ناقته، ومعه كذلك عمار بن ياسر يسوقها، فلما صار في أثناء الجبل في الطريق وهو يصعد نفذوا مخططهم، وساروا في وجه ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم، فصار حذيفة يضرب وجوه ركائبهم وكانوا متلثمين فهربوا خوفاً من أن يعرفوا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل عرفت القوم؟ قال: لا، ولكني عرفت بعض الرواحل، فأخبره بأسمائهم وقال: هم فلان وفلان وفلان وفلان، ثم قال له: لا تخبر أحداً) لأن الله جل وعلا أمره أن يأخذ علانيتهم وأن يكل سرائرهم إلى الله، فإذا قال الإنسان: آمنت وامتثل الواجبات والفروض كالصلاة والصوم والزكاة فيحكم بأنه مسلم، وإن كان مكناً في نفسه التكذيب والكفر، فالذي في القلب إلى الله.
والمقصود: أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يسر شيئاً من الدين لأحد، ولهذا تقول عائشة رضي الله عنها: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً لكتم قوله: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ [الأحزاب:37] لأن هذا معاتبة له، ومع ذلك أظهره وبينه، ولم يخف شيئاً من ذلك، ولا يمكن أن يكون؛ لأنه صلوات الله وسلامه عليه أمين الله على وحيه، وهو الذي يبلغه إلى خلقه، وهو الواسطة بيننا وبين ربنا في إبلاغنا الدين، ولا يكون هذا المبلغ والواسطة إلا أميناً صادقاً حتى لا يكتم شيئاً، وهذا هو معنى شهادة أن محمداً رسول الله، فلا يمكن أن يتحلى الإنسان بأنه يشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا تيقن يقيناً أنه جاء بالدين كله من عند الله، وبلغه البلاغ المبين، ولم يكتم شيئاً، ولم يسر لأحد شيئاً من هذا الدين.
العشرة المشهود لهم بالجنة هم: أبو بكر رضي الله عنه وعمر وعثمان وعلي والزبير وطلحة وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، هؤلاء هم العشرة الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم: (
وهناك غيرهم من الصحابة ممن أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم في الجنة، مثل: ثابت بن قيس بن شماس ، فإنه لما نزل قول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2] وكان رضي الله عنه جهوري الصوت، وكان خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: أنه كان إذا جاءت الوفود أمره أن يخطب عنه صلى الله عليه وسلم، فلما نزلت هذه الآية اعتزل وصار يبكي وقال: إذاً: قد حبط عملي؛ لأني أرفع صوتي فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، فجلس في بيته، ففقده الرسول صلى الله عليه وسلم، فسأل عنه، فقيل: إنه يبكي منذ نزلت هذه الآية، وقال: إنه هو المقصود بها، فقال: (بل هو من أهل الجنة)، ثم أرسل إليه ودعاه.
وكذلك الحسن والحسين ، أخبر: أنهما من أهل الجنة، وكذلك عبد الله بن عمر ، وكذلك عبد الله بن سلام ، وغيرهم، وهكذا أهل بيعة الرضوان أخبر الله جل وعلا أنه رضي عنهم ورضوا عنه، وكانوا ألفاً وخمسمائة، وأهل بدر كذلك، وغيرهم، بل يقول الإمام ابن حزم : الذي نعتقده ونجزم به أن جميع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة، وهم خير الناس الذين بعث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم بنص أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يقول: (بعثت في خير القرون)ويقول: (خير الناس قرني الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي الخلوف الذين يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، ويشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون)فجعل القرون المفضلة ثلاثة، وخيرهم قرنه ثم رتب الذين بعدهم بثم؛ لأنهم دونهم في الفضل، ثم الذين بعدهم كذلك رتبهم بثم؛ لأنهم دونهم في الفضل، والله جل وعلا أخبر عن الصحابة عموماً أنه يحبهم ويحبونه، وأنه أعد لهم جنات، كما قال الله جل وعلا: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ. . [الفتح:29]إلى آخر الآية وذكر في آخرها: أنه جعلهم بهذه الصفة ليغيضوا الكفار؛ ولهذا قال الإمام مالك رضي الله عنه: كل من غاضه شأن الصحابة فليس بمؤمن، لقول الله تعالى: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29] كما أنه قال في الآية الأخرى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10] أي: من كان في قلبه غل لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس له حق في الفيء وفي المغانم.
وعلى كل حال المقصود: أن هؤلاء العشرة هم المقصودون بقوله: العشرة المشهود لهم بالجنة.
قال شيخ الإسلام رحمه الله ما معناه: إن الله تعالى يلعن من استحق اللعنة بالقول، كما يصلي سبحانه على من استحق الصلاة من عباده قال تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا * تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ [الأحزاب:43-44]وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا [الأحزاب:64] وقال تعالى: مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا [الأحزاب:61].
والقرآن كلامه تعالى، أوحاه إلى جبريل عليه السلام، وبلغه رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، وجبريل سمعه منه، كما سيأتي في الصلاة إن شاء الله تعالى، فالصلاة ثناء الله تعالى كما تقدم، فالله تعالى هو المصلي وهو المثيب كما دل على ذلك الكتاب والسنة، وعليه سلف الأمة، قال الإمام أحمد رحمه الله: (لم يزل الله متكلماً إذا شاء)].
يقول: إن الله يصلي كما أنه يلعن، ومعنى يصلي: أي: يثني، وصلاته جل وعلا هي: ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، كما قال أبو العالية فيما ذكره البخاري في صحيحه، فالصلاة ضد اللعنة، فبعض عباد الله يكون قريباً إلى الله جل وعلا، متبعاً أوامره، مجتنباً نواهيه، مسارعاً في مرضاته، يحب ما يحبه، ويبغض ما يبغضه، ويحارب أعداءه، ويجاهد في سبيله.
فهؤلاء هم الذين يصلي عليهم الله جل وعلا، والله جل وعلا إذا صلى على عبده فمعنى ذلك: أنه رضي عنه، ويلزم من ذلك الرضا بفعله، وإلا فصلاته غير رضاه.
أما الصلاة من الخلق فهي الدعاء، وأصل الصلاة التي جاء بها الشرع هي الصلاة المعروفة التي تفتح بالتكبير، وتختتم بالتسليم، وتشتمل على القيام والقراءة والركوع وغير ذلك، وأصلها مأخوذ من الدعاء.
قال الله جل وعلا آمراً نبيه صلى الله عليه وسلم: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ [التوبة:103] يعني: ادع لهم فهذا بالنسبة للخلق، ومعلوم أن الفعل يختلف بإضافته وصدوره من الخلق عما إذا صدر من الله جل وعلا، فالله جل وعلا له أفعال تخصه كما أن له صفات يختص بها، وعباده كذلك، وليس بين الله جل وعلا وبين خلقه مشابهة أو مماثلة، ولكن يجب أن يثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز التحريف أو التأويل الذي يخرج الكلام عن مراد المتكلم.
وهذا هو طريق أهل السنة، وهو الذي يجب اتباعه؛ لأنه هو الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج صحابته رضوان الله عليهم، وهذا الطريق من خالفه فقد خالف سبيل المؤمنين، ومن خالف سبيل المؤمنين، وسلك غير طريقهم فالله جل وعلا يوليه ما تولى، ويصليه جهنم.
وعلى هذا فلو ذبح لغير الله متقرباً إليه يحرم، وإن قال فيه: باسم الله، كما قد يفعله طائفة من منافقي هذه الأمة الذين يتقربون إلى الكواكب بالذبح والبخور ونحو ذلك، وإن كان هؤلاء مرتدين لا تباح ذبيحتهم بحال، لكن يجتمع في الذبيحة مانعان:
الأول: أنه مما أهل به لغير الله.
والثاني: أنها ذبيحة مرتد.
ومن هذا الباب: ما يفعله الجاهلون بمكة من الذبح للجن، ولهذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه نهى عن ذبائح الجن) ].
الإهلال لغير الله جل وعلا المقصود به: الإعلان للشيء، فيعلم أن هذا لفلان، وسواء كان ذلك قبل الذبح أو في حالة الذبح، فإنه إذا عين هذه الذبيحة وقال: هذه للشيخ الفلاني أو للقبر الفلاني أو للولي الفلاني فهذا مما أهل به لغير الله، ولو ذبحها وقال: باسم الله فإنها تكون محرمة؛ لأنها مما أهل به لغير الله جل وعلا؛ لأن الاعتبار هو بالنية والقصد وليس بالألفاظ، فالألفاظ ما تغير من المقاصد شيئاً، فإذا قصد ذلك بنيته وفعله الذي يسبق تسميته فإنه له حكم ذلك، ويكون بهذا قد ذبح لغير الله، وهذا ليس خاصاً بالذبائح، بل الأطعمة التي تعين وتوزع على أولئك العاكفين عند القبور أو على الأضرحة أو توضع في الصناديق التي تعد للنذور هي مما أهل به لغير لله، وهي من المحرمات، وفاعل ذلك يكون قد فعل شركاً أكبر، وإذا كان عالماً بهذا ومات عليه يكون خالداً في النار -نسأل الله العافية-، وإن كان جاهلاً يجب أن يتوب ويرجع إلى الله جل وعلا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حرم على الناس أن يفعلوا هذا، وقد كانوا يفعلونه في زمنه صلوات الله وسلامه عليه فنهاهم عنه.
فكل عمل من قول أو فعل يتعدى نفعه -مثل الصدقات والذبائح وغيرها- أو فعل يكون خاصاً به -من الدعاء والركوع والانحاء وما أشبه ذلك- يجعل لغير الله فهو شرك، ومثله الطواف ومثله الجلوس والعكوف في المكان الذي يرجى بركته، أو يجلس في مكان من الأمكنة التي يعبد فيها غير الله مثل الأضرحة وقبور الأولياء، فإذا جلس عندها طلباً للبركة فهو من العاكفين عند الأوثان؛ لأن العكوف في مساجد الله عبادة، ولا يجوز أن يكون العكوف لغير الله، يعني: طلب البركة والخير إذا قصد به التقرب فهو عبادة، كما أن الطواف في بيت الله عبادة من أعظم العبادات، وكذلك الدوران على القبور والأضرحة والأمكنة التي تعظم إذا قصد بذلك تعظيمها فهي عبادة لغير الله، وهو شرك أكبر يجعل الفاعل لهذا خارجاً من الدين الإسلامي.
والمقصود: أن هذا ليس خاصاً بالدماء التي تراق، بل هو عام لكل ما يُقرب من نذور لهذا الميت، ويرجى بها التقرب إليهم، وإن كان يسميها أصحابها تقرباً أو توسلاً أو محبة أو ما أشبه ذلك، فالأسماء لا عبرة بها، وإنما الاعتبار بالفعل الذي يفعل وإن سمي بأي اسم كان، فصاحبه له حكم المشركين الذين نزل القرآن وجاءت دعوة الرسل بالإخبار بأنهم مشركون، وأنهم إذا بقوا على هذا فإن الله برئ منهم ورسوله.
قال الشارح: [ قال الزمخشري : كانوا إذا اشتروا داراً أو بنوها أو استخرجوا عيناً، ذبحوا ذبيحة خوفاً أن تصيبهم الجن، فأضيفت إليهم الذبائح لذلك.
وذكر إبراهيم المروزي : أن ما ذبح عند استقبال السلطان تقرباً إليه أفتى أهل بخارى بتحريمه؛ لأنه مما أُهلَّ به لغير الله ].
وليس هذا خاصاً بالسلطان، فإذا استقبل شخص من الأشخاص بحيث يذبح له حينما يطلع تعظيماً له وتقرباً، فهذه الذبيحة مما أهل به لغير الله، وذابحها بذلك إن كان مسلماً فإنه يكون مرتداً بهذا الفعل، وذبيحته تكون حراماً؛ لأنها قد اجتمع فيها مانعان:
الأول: أنها مما أُهلَّ به لغير الله، وقد نهانا ربنا جل وعلا أن نأكل مما أُهلّ به لغيره.
والثاني: أنها ذبيحة مرتد؛ لأنه ارتد بهذا الفعل.
هذا إذا كان تسبباً، وأما إذا كان بالفعل والمواجهة فهو أعظم مما إذا كان متسبباً في شتمهما، ومعلوم أن هذا يكون مضاداً لأمر الله جل وعلا ببر الوالدين، والإحسان إليهما، فإنه بهذا يضع بليغ الإساءة موضع الإحسان، فمثل هذا استحق اللعن من الله جل وعلا : (لعن الله من لعن والديه) وسواء كان الوالد أباً مباشراً أو جداً وإن علا، وإن كان جدَّ جدَّ الجد، وكذلك الأم وإن كانت أم أم أم أم فلا يجوز أن يكون الإنسان سبباً للعن والديه بفعله الذي يفعله، فإن فعل ذلك فإنه يكون ملعوناً على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: هذه الكبيرة تختلف مراتبها باختلاف مراتب الحدث في نفسه، فكلما كان الحدث في نفسه أكبر كانت الكبيرة أعظم].
محدِث ومُحدَث متلازمان، فإذا أحدث الإنسان بمعنى أنه فعل المعصية التي نهي عنها، فيسمى محدثاً؛ سواء ارتكب حدّاً من الحدود التي حرمها الله، أو ارتكب جريمة في حق غيره بأن أخذ ماله أو استطال على عرضه، أو بهته بالكذب والزور وتكلم فيه بما ليس فيه، أو غير ذلك من الذنوب، سواء تعلق بحق الله، أو تعلق بحق الآخرين، وكله يصدق عليه أنه مُحْدِثٌ لأنه جاء بخلاف الشرع.
والمحدِث هو فاعل الحدث، والمحدَث هو المفعول، ولكن إذا وجد من الناس من يرضى بفعله، ويناصره عليه، ويحول بينه وبين الإنكار عليه، أو إقامة الحد أو أخذ الحق منه، فيكون هذا الذي فعل هذا مؤوياً له وناصراً له، وربما كان ذنبه وجرمه أعظم من الذي أحدث الحدث، فيكون أولى باللعن.
ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضَادَّ الله في أرضه) وإذا كان يُضَادُّه فهو يحاربه، والمحارب لله جل وعلا يكون من أبعد الناس عنه، قال تعالى وتقدس: إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [المجادلة:5].
فالمقصود أن رواية الفتح ورواية الكسر متلازمتان.
وتغييرها: أن يقدمها أو يؤخرها فيكون هذا من ظلم الأرض الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (من ظلم شبراً من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين)، ففيه جواز لعن أهل الظلم من غير تعيين]
تخوم الأرض: الشيء الذي يجعل علامة للاهتداء به، سواء كان موضوعاً علامة على الطريق الذي يسار فيه، أو علامة على أن ملك فلان ينتهي إلى هذا، أو أن هذا يفصل ملك هذا عن هذا، وكل هذا داخل في تغيير منار الأرض، وكله منار؛ لأن المنار هو الذي يستنار به ويهتدى به، سواء في السير أو في معرفة الملك.
ومن ذلك، بل أولى وأعظم منه معالم الشرع، ومن يقوم ببيانها وإيضاحها ودعوة الناس إليها، وتغيير ذلك هو الحيلولة بين من يفعل ذلك وبين أن يستفيد الناس منه، ويقوم بما يجب عليه؛ لأن هذا واجب على كل أحد، كل من علم علماً وجب عليه أن يبينه لعباد الله جل وعلا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتبليغ، والله جل وعلا يقول له: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108]، فأتباعه صلوات الله وسلامه عليه لا بد أن يكون لهم نصيب من طريقته ودعوته للناس وإلى توحيد الله جل وعلا.
فالتغيير في دين الله أعظم من التغيير في الحقوق المعينة، وسبق أن قلنا: إن هذا أيضاً يدخل فيه ما يفعله بعض الفسقة الذين قد يتولون شيئاً من معالم الأرض، أو من وثائقها التي توثق بها كالصكوك والمواثيق التي يكون فيها التحديد والإشهاد والإثبات، فربما تسول لبعض الفسقة أنفسهم أن يغيروا في الكتابة تقليلاً أو تكثيراً أو إزالة أو إخفاء، فيخفون شيئاً من ذلك أو يمزقونه؛ لأجل أن ينفعوا غيرهم أو ينتفعوا؛ فهذا أيضاً من تغيير أماكن الأرض ومنارها، فهم داخلون في اللعنة.
وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءت مثل هذا، فإنها تعم كل ما يدخل فيها من المنهيات التي تخالف الشرع؛ لأنه صلوات الله وسلامه عليه أعطي جوامع الكلم.
أحدهما: أنه جائز اختاره ابن الجوزي وغيره.
والثاني: لا يجوز واختاره أبو بكر عبد العزيز وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله].
ذكر أنه اختار القول الأول في المسألة رجلاً، والثاني رجلين، ومن عادة العلماء أنهم يذكرون جزئيات فقط، وإلا فالمسألة معروفة ومشهورة، والذين تكلموا فيها كثيرون جداً، ولكن هكذا كانت عادة العلماء، فإنهم يشيرون إلى رءوس المسائل فقط، ثم على طالب العلم أن يبحث عن ذلك.
هذا من الأمور العجيبة! فالذباب من أخس الحيوانات وأحقرها، ومع هذا يكون سبباً لدخول رجل النار، ويكون سبباً لدخول آخر الجنة، فهذا يستغرب إذا سمع، ولكن إذا ذكر الحديث كله تبين أن المراد بذلك أعمال القلوب، وليست أعمال الجوارح، فإنه يدل على أن العمل مبناه على ما يقر في القلب وما يقصده الإنسان.
وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في كتاب الزهد، ورواه أبو نعيم في الحلية وغيرهما، وجاء مرفوعاً كما في كتاب الزهد عن طارق، وقد اختلف في صحبته، والصواب أنه صحابي، واختلف في سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو داود وغيره: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يسمع منه، فإذا كان قد رآه فهو صحابي، وإذا كان لم يسمع فيكون حديثه مرسل صحابي ومراسيل الصحابة لا خلاف في قبولها؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم كلهم عدول بتعديل الله إياهم وبتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم لهم، فليسوا بحاجة إلى نظر الناس، فيجب قبول قول الله جل وعلا فيهم، ويجب أيضاً أن يعرف الإنسان الميزة التي امتازوا بها عن غيرهم، وهي كونهم صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاهدوه، وتلقوا العلم والإيمان منه صلوات الله وسلامه عليه.
وكذلك كونهم جاهدوا معه، وامتثلوا ما أمرهم به، بل أصبحوا يتسابقون في طاعته، ويتفانون في ذلك.
ثم إن هذا فيما يظهر كان في بني إسرائيل، والرسول صلى الله عليه وسلم كان كثيراً ما يحدث عنهم، وبنو إسرائيل كان فيهم عجائب، وذكر هذا الحديث لبيان عِظَمِ التوحيد، وعظم حق الله جل وعلا، وعظم قدر الشرك، وأنه وإن كان العمل فيما يقدمه العامل غير مقصود وغير مراد وغير منتفع به، لكن النظر إلى عمل القلب الذي انطوى عليه، ونيته التي نواها؛ لأنه لا شيء ينتفع به أصحاب الصنم من تقريب الذباب، ولا صنمهم ينتفع، وإنما قصدوا بذلك النية التي تكون في القلب.
أما الذباب فهو تافه لا قيمة له، ولا أحد يريده، وهذا مما يدل على أن أعمال القلوب -حتى عند الكفرة الفجرة المشركين- هي المقصودة والمرادة، وإذا الجوارح وافقت ما في القلب فهذا أمر آخر؛ لأنه قد يكون ظاهر العمل مخالفاً لما في القلب.
فكذلك القبور التي تعبد، وليس معنى عبادة القبور أن يأتي الإنسان ويضع جبهته عليها ساجداً، ويزعم أن صاحب القبر له شركة في السماوات والأرض مع الله، أو أنه يحيي ويميت؛ فإن هذا لا يعتقده مشرك من المشركين السابقين، وإنما عبادتهم لأصحاب القبور أنهم يزعمون أنهم يشفعون لهم عند الله بدون إذنه، بل لو دعاهم وقال: اشفعوا لي بإذن الله فإن هذا يكون من الشرك الأكبر؛ لأن الشفاعة تُطْلَبُ من الله.
والمقصود أن الوثن يطلق على ما لا صورة له إذا كان معبوداً، والصنم يطلق على ما كان مصوراً على شكل إنسان أو حيوان أو ما أشبه ذلك، وقد يطلق كل واحد على الآخر، فيسمى الصنم وثناً، والوثن صنماً، فهي إطلاقات تتعاقب، وقد جاء في القرآن ما يدل على ذلك.
وعلى كل حال هذا الكلام في اللغة، وإذا جاء في القرآن ما يدل على أن الوثن يسمى صنماً، والصنم يسمى وثناً، فالقرآن جاء باللغة العربية، فيكون ذلك دليلاً على أن ذلك موجود في اللغة التي جاء بها كتاب الله جل وعلا.
وقد يقال: أليس مأذوناً لمثل هذا أن يوافق في الظاهر؟ فنقول: نعم. ولكن لا يلزمه أن يوافقهم في الظاهر وإن كان قلبه مطمئناً بالإيمان، بل إذا صبر فقد أخذ بالعزيمة وذلك أفضل، والظاهر في شرع من قبلنا أنه ليس من دينهم العفو على الإكراه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروى عنه: (عفي عن أمتي: الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)فقوله: (أمتي) يدل على أنه لم يعف لغيرهم، وإنما هذا من خصائصهم.
وهذه الأمة لها خصائص لا توجد لمن كان قبلهم كما هو معروف عند أهل العلم، وهو ظاهر في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والمقصود بهذا أن يبين عِظَم الشرك، وكذلك عظم ثواب التوحيد، وكذلك عظم قدر الشرك في قلوب عباد الله المؤمنين الذين عرفوا قدر الله وعظموه، فيصبر أحدهم على القتل وإن كان بإمكانه أن يتخلص بدون أن يكون مشركاً، إلا أنه اختار أن يموت، ولا يوافقهم ولو في صورة الفعل الظاهرة.
وطارق بن شهاب: هو البجلي الأحمسي أبو عبد الله رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو رجل.
قال البغوي: نزل الكوفة، وقال أبو داود: رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يسمع منه شيئاً، قال الحافظ : إذا ثبت أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحابي، وإذا ثبت أنه لم يسمع منه فروايته عنه مرسل صحابي وهو مقبول على الراجح، وكانت وفاته ـ على ما جزم به ابن حبان ـ سنة ثلاث وثمانين].
تعريف الصحابي على القول المختار: هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك، وإن لم يرو عنه، فمن لم يلقه في حياته فإنه لا يكون صحابياً وإن آمن به، وهذا الذي يقال فيه: مخضرم، أي: أنه أدرك الجاهلية والإسلام ولكنه لم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وخرج بقوله: (مؤمناً به) الذين التقوا به وهم غير مؤمنين به، فلا يكونون صحابة.
وخرج بقوله: (ومات على ذلك) من لقيه وآمن به ثم ارتد، ومثل هذا لم يقع في الصحابة إلا لاثنين أحدهما رجع، والآخر مات كافراً، وكذلك جاء في حديث ضعيف أنه وقع ذلك أيضاً لرجل ثالث.
إذاً: كل من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مؤمن به فهو من الصحابة، وقد رآه خلق كثير، ولا سيما في حجة الوداع فقد كانوا كثيرين جداً، قال أبو زرعة : إن الصحابة الذي توفي عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ثلاثمائة ألف؛ مع أن الذين سجلوا وحاول العلماء معرفة أسمائهم ما زادوا عن اثني عشر ألفاً، فليس كل الصحابة لهم أحاديث رويت وعرفت أسماؤهم.
وقوله: (قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله!) كأنهم تقالوا ذلك وتعجبوا منه، فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم ما صير هذا الأمر الحقير عندهم عظيماً يستحق هذا عليه الجنة، ويستوجب الآخر عليه النار].
قوله: (دخل رجل النار في ذباب)، (في) هنا سببية، ومثلها ما جاء في الحديث الصحيح: (دخلت امرأة النار في هرة)، أي: بسبب هرة ربطتها حتى ماتت، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (فرأيتها في النار والهرة تخمش وجهها بسبب ذلك).
قال الشارح: [قوله: (مر رجلان على قوم لهم صنم)؛ الصنم ما كان منحوتاً على صورة ويطلق عليه الوثن كما مر.
وقوله: (لا يجاوزه) أي: لا يمر به، ولا يتعداه أحد].
الوثن في الواقع كل ما صد عن عبادة الله، ويطلق عليه طاغوت، والوثن قد يكون مجسداً وقد يكون معنى من المعاني، فقد يكون مالاً، وقد يكون شخصاً، وقد يكون رئاسة، وقد يكون لعبة، أو أي شيء يتعلق به قلبه حتى يترك من أجله عبادة الله، ويصبح هذا الشيء مستولياً على قلبه، فيحبه ويعمل من أجله؛ وذلك لأن الإنسان خلق لعبادة الله، فكل ما صده عن هذه العبادة فهو وثن.
ولهذا فإن من تمام عدل الله وحكمته جل وعلا أنه إذا جمع الناس ليوم القيامة، وقاموا لرب العالمين، وقد اشتدت عليهم الأهوال، وتمنوا فصل القضاء ولو إلى النار، فيأتون إلى الأنبياء ويبدءون بسيدنا آدم عليه السلام، ويسألونه أن يشفع لهم عند الله تعالى لفصل القضاء، فيعتذر لذنبه، ويرسلهم إلى نوح، فيعتذر نوح ويردهم إلى إبراهيم، وهكذا حتى يأتوا محمداً صلى الله عليه وسلم، يقول صلوات الله وسلامه عليه: (فأذهب إلى مكان تحت العرش، فأخر ساجداً لربي، فيدعني ما شاء الله أن يدعني ساجداً، ويفتح علي من الدعاء والمحامد والثناء، ثم يقال: ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع)، وهذه هي الشفاعة الكبرى ليقضى بين العباد ويرتاحون من هذا الموقف، ثم يخاطبهم الله جل وعلا ويقول: (أليس عدلاً مني أن أولي كل واحد منكم ما كان يتولاه في الدنيا؟ )، وهذا هو الشاهد؛ وعند ذلك كل من كان يعبد شيئاً فإنه يؤتى بذلك الشيء في الموقف على صورته وهيئته وحالته التي كان يعبده في الدنيا، فإن كان المعبود من عباد الله المؤمنين جيء بشيطان على صورته؛ لأن الشيطان هو الذي زين لهم ذلك ودعاهم إليه، ثم بعد ذلك يقال لهم: اتبعوا معبوداتكم فيتبعونهم إلى جهنم، فيكبكبون فيها هم والغاوون، وجنود إبليس أجمعون، فهؤلاء لا يحتاجون إلى محاسبة؛ لأنهم مشركون وكفرة، فلا يقام لهم يوم القيامة وزن.
ثم يبقى الذين يحاسبون، وهم الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، مقابل أولئك الذين يذهب بهم إلى جهنم بلا حساب، ويقابلهم طوائف من المؤمنين يذهب بهم إلى الجنة بلا حساب، وقد مر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن من هذه الأمة سبعين ألفاً يدخلون الجنة بلا حساب.
فيبقى الذين يحاسبون، وهؤلاء هم الذين تنصب لهم الموازين كما جاء تفصيل ذلك مبيناً موضحاً في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا الحديث: التحذير من الوقوع في الشرك، وأن الإنسان قد يقع فيه وهو لا يدري أنه من الشرك الذي يوجب النار.
وفيه: أنه دخل النار بسببٍ لم يقصده ابتداء، وإنما فعله تخلصاً من شر أهل الصنم.
وفيه: أن ذلك الرجل كان مسلماً قبل ذلك، وإلا فلو لم يكن مسلماً لم يقل دخل النار في ذباب.
وفيه: أن عمل القلب هو المقصود الأعظم حتى عند عبدة الأوثان. ذكره المصنف بمعناه.
وقوله: (وقالوا للآخر: قرب، قال: ما كنت لأقرب...)إلى آخره فيه بيان فضيلة التوحيد والإخلاص].
المسألة الأولى: تفسير قوله تعالى: إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي [الأنعام:162]
المسألة الثانية: تفسير قوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]
المسألة الثالثة: البداءة بلعنة من ذبح لغير الله.
المسألة الرابعة: لعن من لعن والديه، ومنه أن تلعن والدي الرجل فيلعن والديك].
بدأ لعن من ذبح لغير الله لأن الذابح لغير الله أعظم جرماً مما ذكر بعده، أي: أن الذبح لغير الله أعظم من لعن الوالدين، وأعظم من تغيير منار الأرض، وأعظم من إيواء المحدث، هذا المقصود بكونه بدأ به.
[المسألة الخامسة: لعن من آوى محدثاً، وهو الرجل يحدث شيئاً يجب فيه حق الله فيلتجئ إلى من يجيره من ذلك].
يعني: أن هذا فرد من أفراد الإيواء، وإلا فالإيواء أنواع كثيرة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر