فيقول المصنف رحمه الله: [ عن أنس قال : (مر النبي الله صلى الله عليه وسلم بتمرة في الطريق فقال : لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها) متفق عليه ] .
أي: الطريق المعهود، وليست في خلاء ولا خراب، وقولنا: (في الطريق المعهود). أي: مظنة أنها وقعت من إنسان مر بهذا الطريق، فقال صلى الله عليه وسلم : (لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها).
بدأ المؤلف بهذا الحديث ليبين: أن الشيء التافه لا يدخل في حكم اللقطة.. في تعريفها وتملكها وغير ذلك، وأن التمرة لو سقطت من إنسان لن يعود ليبحث عنها ، فهي تمرة من ضمن التمر، وهذا أمر بسيط؛ لأنه صلى الله عليه وسلم يقول معللاً ذلك بأمر خارجي: (لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها)، لماذا؟ لأن الصدقة محرمة عليه، فتورعاً وتخفظاً من المحرم عليه امتنع من أكلها، ولو علم أنها ليست صدقة لأكلها.
وكيف يأكلها وهي ملك للغير؟
قالوا: يلتقطها؛ لأنها أمر تافه.
إذاً: التافه ليس من باب اللقطة، ولا يحتاج إلى تعريف.
ويذكرون عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها: أنها وجدت تمرة في الطريق، فأخذتها فأكلتها وقالت: (إن الله لا يحب الفساد)، يعني: لو تركتها لفسدت، ووطئها الناس، وجاء عليها الغبار وتلفت ولم يُستفد منها أحد، وهي لا تحرم عليها الصدقة.
ومن ناحية أخرى: كونه صلى الله عليه وسلم يلتقط تمرة ويمتنع من أن يأكلها، فأين يذهب بها؟
قالوا: كما جرت العادة في أصغر طفل أو إنسان يواجهه -ممن لا تحرم عليه الصدقة- يعطيه إياها، كما كانوا في المدينة من عادتهم إذا جاءت باكورة الثمرة في أول مجيء الصيف ظهرت كالتين؛ والحماط نضجت حبة منه، يأتون بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحاً بوجودها، علماً منهم أنه يفرح بفرحهم، وليدعو لهم، وحينما يعطوه إياها هل يستأثر بها لنفسه؟ لا. أو يردها على من أتى بها؟ لا. بل ينظر إلى أصغر الموجودين في المجلس فيقدمها إليه.
وكنت قد وقفت منذ زمن على خبر مثل هذا: (أن
وهذا شيء طبيعي؛ لأن الطفل لا يعرف إلا ما ألقت يده إلى فمه، سواء كان نافعاً أو غير نافع، (فأدخل صلى الله عليه وسلم إصبعه في فيه، وهو يقول: كخ كخ- لأن هذه لغة الطفل- ويخرج التمرة من فيه ويقول : أخشى أن تكون من تمر الصدقة) .
إذاً: الصغير لا يقره وليه على التقاط ما لا يجوز أكله، أو على أكل ما لا يجوز له في حكمه شرعاً، وإن كان صغيراً ليس عليه تكليف، لأن وليه مسئول عنه.
ومن هنا قالوا: من وجد شيئاً تافهاً لا تتبعه همة أصحابه فأخذه فلا مانع، وجاءت روايات بعض الأحاديث : (لقد أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا، وفي الحبل، وفي الشسع)، شسع النعل: هو الخيط الذي يأتي في مقدمة النعل، ويأتي في القدم بين أصبع الإبهام والتي تليها، ويربط على وسط الرجل، فهذا الشسع من التوافه، ومما لا يلتفت إليه.
وكل زمن له مقاييسه، فإذا وجدنا من مستحدثات الأمور وتوابع الحياة أشياء لا يتبعها صاحبها ويرجع إذا افتقدها ليبحث عنها، اعتبرناها لقطة؛ مثلاً: الطلاب في المدارس يخرجون، يسقط منهم مرسام، يسقط منه ورقة، المساحة، فهو لا يرجع يبحث عنها؛ لأن أباه سوف يشتري له غيرها بدون عناء، فمثل هذه في عرف الطلاب لا يبحث عليها، لكن لو ضاع منه قلم(باركل) سيرجع إلى المدرسة ليفتش عنه؛ لأن قيمته غير المرسام، وكذلك لو سقط منه كشكول كبير؛ بخلاف ما إذا كانت ورقة عادية.
إذاً: الأمور بالعادات وبحسب الوقت والعرف؛ فننظر في أي زمان ومكان وجد هذا الشيء، وما قيمته؛ فإن كان مما لا تتبعه همة الناس فيأخذه، وإن كان مما له قيمته وتتبعه همة الناس وتبحث عنه فهو في حكم اللقطة، والله تعالى أعلم.
[ (جاء رجل.. ) ] .
إذاً: ثبتت له الصحبة وثبتت له تبعاً الثقة والأمانة، فلا نحتاج إلى أن نعرف عينه ما دمنا قد عرفنا جنسه، والصحابة كلهم عدول، ولسنا في حاجة إلى أن نبحث عن اسم هذا الرجل، كما يقول بعض العلماء: بحثت عن اسمه فلم أجده، ويجيء الثاني ويقول: ظفرت باسمه بحمد الله في موضع كذا وكذا.
[ (جاء رجل) ] .
كان السائل رجلاً، وهذا كما يقال: قضية عين؛ ووصف طردي، ليس له أي أثر.
[ قال الرجل : (سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن اللقطة) ] .
كلمة اللقطة معناها شيء يلتقط منقول وليس من بهيمة الأنعام.
العفاص هو كما هو معروف عند بعض الناس ممن يهتمون بالغترة والمكوى، يمسكها شخص يقول: عفصتها، يعني: ثنيتها، فكذلك العفاص: هو الوعاء الذي ينثني على ما بداخله، فالعفاص مقابل الكيس والخرقة، ولكن سمي بوصفه الذي يئول إليه؛ لأنه إن عفص على ما فيه حفظه، فعفاصها: كيسها، خرقتها، نوع قماشها ولونه وحجمه.
[ (ووكاءها) ] .
الوكاء: هو الرباط؛ كما جاء في الحديث : (إن البلاء لينزل ليلة في السنة، فأوكئوا السقاء، وأطفئوا السراج، وخمروا الإناء، ولو لم يجد أحدكم إلا عوداً يجعله بعرضه عليه ويسمي الله كفاه، وأطفئوا السراج؛ فإن الفويسقة تضرم على الناس بيوتهم) .
الفويسقة: الفأر، ذكراً كان أو أنثى.
وكيف تضرم -أي: تحرق- على الناس بيوتهم؟
كانوا يستضيئون بالزيت، مثل القناديل التي كانت معلقة في المسجد كان يوضع فيها القنديل بالزيت، وهو إناء مثل الكأس يوضع فيه الزيت، ويوضع فيه فتيل من القطن؛ يسمى: السحيل، فيوضع هذا الإناء في الكأس، ويجعل طرفه على حافة الكأس من خارج، ويشعل بالكبريت، فالشعلة التي تجيء في هذا الفتيل تضيء، وكلما كان الزيت نقياً كان الضوء أصفى، قال الله: يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ [النور:35] فتأتي الفأرة من أجل أن تشرب هذا الزيت، وتخاف من الشعلة فتجيء بذنبها وترفع الشعلة عن الكأس بالكلية، ولما تطرحه تطرحه على أرض الغرفة على الفراش، فتضرم على الناس بيوتهم.
قوله: (أوكئوا السقاء)، لماذا؟ لأنك إذا تركت القربة مفتوحة الفم -خاصة في المناطق الحارة- فإن هوام الأرض تتتبع الرطوبات، فقد تأتي إلى القربة وتدور وتبحث فتجد هذا المأوى في فمها لرطوبته، فتدخل فتؤذي أصحابها، ولهذا نهى صلى الله عليه وسلم أن يشرب الإنسان من فم القربة، ولكن يصب الماء في إناء ويشرب منه؛ لأنه لو كان في فم القربة شيء من تلك الهوام سينزل في الإناء وتراه، وإذا كان سليماً، فالحمد لله.
فالوكاء هو الخيط أو الحبل أو السلك الذي يربط به العفاص، وقد تكون مخيطة وليس عليها وكاء، لكن أيضاً خيطها الذي خيطت به قد يكون متميزاً.
وفي بعض الروايات : (وعددها) كيف (وعددها) وهي مربوطة بخيط وأنا ما فككتها؟! ولذا بعض العلماء يسقط كلمة العدد، والذين يثبتونها قالوا: أتى بصفات العفاص والوكاء فككناها وعددنا، هل اتحد العدد مع ما يقول أم لا؟ وبعضهم يقول: الإنسان قد ينسى عدد الدراهم التي في العفاص. لو قلت لك الآن: أخرج محفظتك، وكم فيها من ريال فقد لا تضبط ذلك الضبط الكافي، لكن يمكنك أن تعرف ما فيها من حيث الجملة.
إذاً: قالوا: العدد ليس بشرط، وكونه يعرف عفاصها ووكاءها عبارة عن أمارات وشواهد على أن اللقطة له هو؛ لأنها لو لم تكن له ما عرفها.
إذاً: (اعرف عفاصها ووكاءها) لتكون علامات وأمارات لمن يأتي ويصف، ويكون هذا الوصف قرينة وبينة على أنها له، وهل يأتي ببينة على أنها له؟ وهل يحلف اليمين بأنها له؟ كل هذا وارد، ولكن سيأتي تفصيل ذلك فيما بعد إن شاء الله.
إذا لم تكن في صرة، كشنطة أو خُرج، أو شيء من هذه الأشياء التي جرت العادة أن توضع فيها الأمتعة، فالحجم قد يكون متفقاً، أو حتى أنهم في بعض حوادث الإجرام يأتون بشنطة مثل الشنطة ويحصل تبادل في الزحام، ويذهبون بالشنطة الحقيقة ويورطونه في شنطة أخرى، والشكل واحد، ممكن أن يقال في هذا: ما دام أن الشنطة لها أرقام، يقال له: بأي رقم تفتح؟ وهذه لا تكون بالتخمين، ولا يذكره إلا من هو عارف وحافظ، حتى إذا عرف أن أحداً عرف هذا الرقم قد يغيره.
إذاً: الغرض من هذا: التأكد من معرفة اللقطة بأوصافها، بحيث لو جاء إنسان وادعاها، صار هنا مدع، وهناك من يقول: عليه البينة، وهناك من يقول: وصف العفاص والوكاء هو بينة، ويؤكد هذا ابن القيم في الطرق الحكمية، فيقول: ليست البينة معناها شاهدي عدل، بل البينة فيعلة من البيان، وكل ما بين الحقيقة فهو بينة، ويستشهد لهذا: بما كان في السابق من بعض أصحاب البيوت التي تكون متجاورة، فصاحب البيت يجعل في جداره من الداخل طاقة في نفس الجدار، يعني: أن البناء كان على طوبة، وعند الطابق الأعلى على نصف الطوبة، ونصف الطوبة صار طاقة- المشكاة- فيأتي جاره ويبني بجواره ويكتفي بجدار جاره عن أن يقيم جداراً خاصاً له، وأن تطاول الزمان جاء الأولاد، وهدم بيت الجار الثاني، فادعى في الجدار القائم أنه له، قال الآخر: لا. هذا لي،؛ فينظر الطاقة في جهة من؟ من المعروف أن الباني يجعل الطاقة في جهته من داخل الغرفة لا يجعلها من الخارج، فإذا كانت الطاقة جهة اليمين داخل الغرفة فهي لمن هي في جهته، ويكون الثاني ليس له في الجدار شيء، فتكون قرينة ودلالة وبينة على أن الجدار للجار الذي تفتح الطاقة إلى جهته، ويذكرون أمثلة عديدة في هذا.
فالغرض من تعريف العفاص والوكاء، وإذا قيل العدد، والشكل واللون .. كل ذلك من باب التأكيد على أن من جاء وادعاها فهذه البينة دليل على أنه صاحبها.
[ (اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة) ] .
جاء في بعض الروايات : ( سنتين، ثلاث، خمس )، وفي حديث أُبي : أنه لما وجد كيساً فيه مائة دينار، فقال له: (عرفها حولاً، قال: عرفت حولاً فما جاءني أحد؟ فأتيت الرسول فقال : عرفها حولاً) إذاً: (عرفها سنة) هذا الحد الأدنى، وهو المعمول به عند الجميع، فقالوا: إن قضية أبي أو غيره سنتين أو ثلاث أو خمس لها حكم شيء آخر.
وبعضهم يقول في المحقرات: إذا أردت أن تعرفها فتعريفها يكون ثلاثة أيام.
وكيفية تعريفها بماذا تحصل؟
قالوا: أولاً: يعرفها في المكان الذي وجدها فيه إن كان آهلاً بالناس؛ كمن وجدها في السوق، فعليه أن يعرفها في محل ما وجدها، ويذكر لأصحاب المحلات التي حول المكان أنه وجد لقطة هنا، ومن سألكم عن شيء ضائع له فهو عندي، ولا تقل: لقطة فيها كذا أو صفتها كذا، بل تذكر فقط أنك وجدت لقطة، فإذا كانت عزيزة على صاحبها وتتبعها همته، فسيأتي ويسأل، فتسأله: ما نوعها؟ فإن ذكر الأوصاف كما تقدم، فهي له، وإن ذكر البعض، فقالوا: البعض لا يكفي؛ لأنه قد يكون من باب الصدفة.
ثانياً: في المجتمعات للناس كالأسواق، ثم على أبواب المساجد، ولا يكون داخل المسجد؛ لما ورد في الحديث : (إذا سمعتم من ينشد ضالة في المسجد فقولوا له: لا ردها الله عليك)، يعني: يعامل بنقيض قصده؛ لأنه ينشدها من أجل أن يحصل عليها، ولأن المساجد لم تبن لذلك، إنما بنيت لذكر الله وما والاه، لكن يطوف على باب المسجد: وجدت لقطة في اليوم الفلاني، من سأل عنها فهي عندي.
ثم قالوا: عرفها مبدئياً: يومياً لأسبوع، ثم يوم في الأسبوع، ثم يوم في الشهر، ثم كل ثلاثة أشهر مرة، إلى أن تنتهي السنة.
إن جاء صاحبها في السنة وعرفها واطمأننت إلى أنها ملكاً له، والأوصاف التي جاء بها مقنعة؛ دفعتها إليه، فإذا لم يأت من يعرفها في غضون السنة، فهناك من يقول: يتصدق بها باسم صاحبها، كالإمام أبي حنيفة رحمه الله.
والجمهور يقولون: شأنك بها، يعني: أصبحت ملكاً لك تفعل فيها ما تشاء.
والجمهور أيضاً يقولون: إن شئت تصدقت بها على ذمة صاحبها، فإن جاء أخبرته أنك تصدقت بها عليه؛ فإن شاء قبل وكان أجر الصدقة له، وإن شاء لم يقبل، وكان أجر الصدقة لك، وتعطيه عوضها؛ لما في بعض الروايات : (وهي أمانة عندك) أو: (أنت ضامنها)، إلى آخر ما جاء في هذه المسألة.
مسألة: بعض الأشياء لا تحتمل أن يحتفظ بها سنة، مثلاً: حقيبة فيها طماطم ولحم وخضار، هل تحتفظ بها سنة تعرفها؟ لا؛ لأن هذه لا تحتمل المدة والبقاء، حالاً تعرفها بأوزانها وكمياتها، ثم بعد ذلك تصدقت أو أطعمت أو أخذتها أنت وأكلت، وعرفت القيمة، فإن جاء صاحبها وتعرف عليها، قلت: إن هذه تفسد إذا ما أنفقتها، لذا تصدقت بها -أو أكلتها- وهذه قيمتها.
ما قال: (فلقطة الغنم)، بل: (فضالة الغنم)، إذاً: يقال في الحيوان: ضالة، وفي المال والمتاع: لقطة.
فهنا الرسول صلى الله عليه وسلم بين له مصيرها : (هي لك، أو لأخيك، أو للذئب) قدمه أولاً على غيره؛ لأن يده عليها، (أو لأخيك)، يعني: غيرك، سواء كان صاحبها الذي ترجع إليه أو ملتقط آخر، فإذا كان ملتقط آخر فأنا أولى بها؛ لأني أنا السابق إليها.
وهذا الأسلوب نفهم منه أننا نأخذها ونعرفها، لأننا إن تركناها تركناها للذئب.
يعني: كأن الذئب له فيها ، وهل نرضى أن نترك أموالنا للذئاب؟ لا.
ومما يذكر في السير عام الوفود سنة تسع:مجيء ذئب للنبي صلى الله عليه وسلم وهو وأصحابه فأخذ يحرك ذنبه إلى أن اقترب من الرسول صلى الله عليه وسلم، فأومأ بما أومأ به، فقال صلى الله عليه وسلم : (هذا وافد الذئاب إليكم، ماذا تنزلون له من أغنامكم؟ قالوا: والله ما ننزل له بشيء، فقال له: هه هه- يعني: اختلس الذي تقدر عليه-)، هنا الذئب أيضاً جعل الرسول له حق.
وقالوا: كون الذئب ثالث ثلاثة فالأولى أن يأخذها السابق إليها، ولو كنت أضمن أن أخي سيأخذها قد أتركها له، ولكني لا أضمن؛ لأنها مترددة بين أخي والذئب.
إذاً: آخذها أولى، ويقول مالك : لا ضمان عليه، والجمهور يقولون: إن جاء صاحبها بعد أكلها ضمنها.
ومالك لم لم يضمنه؟ قال: لو أخذها الذئب؛ فلا ضمان عليه وهذا مثله؛ لأن الثلاثة سواء.
والآخرون يقولون: اللام هنا ليست للتمليك، ولكنها أمانة في يده، فإذا أكلها ضمنها، بدلالة: أن صاحبها لو جاء قبل أن يأكلها، ما ملكها الملتقط، لكن على قول مالك : اللام للتمليك، فإذا ذبحها فأكلها فلا غرامة عليه مثل الذئب، وما قول مالك إذا جاء صاحبها قبل أن يذبحها، يدفعها إليه أم يقول له: ما لك شيء عندي؟ قالوا: إذا كان يلزمه أن يدفعها إليه قبل ذبحها، فهي لا زالت في ملك صاحبها.
إذاً: إذا ذبحها ذبحها وهي في ملك صاحبها.
إذاً: رأي الجمهور في هذا أقوى وأسلم، والذئب لا يدخل معنا في التشريع.
الإبل: اسم جنس يصدق على الناقة وعلى البعير.
وفي بعض الروايات: (فتمعر وجهه صلى الله عليه وسلم، وقال: ما لك ولها؟).
[ (معها سقاؤها وحذاؤها) ] .
سقاؤها، أي: أنها تحمل الماء الذي يكفيها الأيام العديدة، وخالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه لما عزم أن يأتي من العراق إلى الشام نجدة لـأبي عبيدة قال: من يدلنا على طريق قريب؟ فقال له شيخ كبير: إن الطريق صفته كذا وكذا، وهو نصف المسافة، ولكن ليس هناك ماء في الطريق إلا مسيرة عشرة أيام، فخاطر ومشى، ولكن ماذا فعل؟ عطش الإبل عدة أيام، ثم ورد بها إلى الماء فشربت وملأت بطونها، ثم جاء على العجاف من الإبل التي لا تحمل المتاع، ولا هي ذات لحم كثير، وربط أشفارها حتى لا تجتر، فكان كل يوم أو يومين ينحر من هذه الإبل العجاف ويتلقى الماء الذي حملته في كرشها، فيسقي الخيل، فكان كأنه اصطحب معه صهاريج من الماء تمشي، وكانت هذه الإبل انتهت عند موعد الماء الوحيد.
والرجل كبير السن هذا كان قد كف بصره، قال: انظروا في منحى الجبل، فنظروا فلا في شيء، قال: ويحكم! إن لم تجدوها هلكتم، ليس هناك ماء إلا بعد ثمانية أيام، ثم رجعوا أخرى يبحثوا، قالوا: في المنحى نجد أغصان شجرة تحت الرمل، قال: اكشفوا عنها، فكشفوا عنها، فإذا بالعين تحت تلك الشجرة، فشربوا.
(فمعها سقاؤها) في قصة خالد سقاؤها وسقاء غيرها؛ لأن الإبل تصبر على العطش وتحمل من الماء ما يكفيها ثلاثة وأربعة وخمسة أيام لا ترد الماء.
[ (وحذاؤها)]
نحن نعلم أن الحذاء لباس الإنسان، ولكن الإبل لديها أيضاً أحذية؟ وهذا من الاستعارة، أي: تشبيه الخف بالحذاء في المعنى العام، وهو وقاية القدم في الوطء، ولهذا الإبل تطأ الشوك والحجارة؛ لأن خفها أقوى من النعل في رجل الإنسان.
إذاً: معها مقومات الحياة والسلامة: إذا لم تجد ماء فمعها سقاؤها لا تعطش. والمشي معها نعالها -حذاؤها- تمشي مكان ما تريد، وتأكل من ورق الشجر.
إذاً: لا خوف عليها من الذئب، فتركها في مكانها أقرب إلى وجود صاحبها إياها، أما أن تأخذها يتبعك صاحبها؟ فقالوا: ترك هذه واجب ولا يحق له التقاطها.
إذاً: البقرة تتبع الإبل أم الغنم؟ فقالوا: كل من يحمي نفسه من صغار السباع فهو تبع للإبل؛ لأن كبار السباع الإبل لا يحمي نفسه منها، كما يذكر في أفريقيا أن الأسد إذا جاء والبعير منوخ وضربه بيده على دماغه أطاح به في الحال.
إذاً: كل حيوان يحمي نفسه من صغار الوحوش، كما قالوا: ولد الأسد، والذئب، وابن آوى، والثعلب، هذه لا يقوى على افتراس البعير والبقر.
وقالوا: مثل ذلك في الخيل والبغال، إذا وجدها فهي ملحقة بحكم الإبل، فهي تستطيع أن تمشي أو تصبر إلى أن تجد صاحبها.
[ (قال : ما لك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء، وتأكل الشجر؛ حتى يلقاها ربها) متفق عليه ] .
وشاهدنا (هاوند)؛ عبارة عن قطعة حجر يمكن أن يقعد إنسان فيه، واليد التي تطحن بها فيه بسمك فخذ الرجل، بطول، وزايدة عن ارتفاعه حوالي ذراع.
إذاً: تتركها، بمعنى: لو أنك مررت على مكان كان فيه سكان رحلوا عنه، ووجدت في مكانهم متاع، لا تقل: هذه لقطة آخذها؛ لأنهم سوف يرجعون إليها، إلا إذا علم الإنسان أن صاحبها تركها رغبة عنها، فلو وجد ناقة، وعلم من حالها أن صاحبها تركها عنوة رغبة عنها؛ تعب من علفها، ومن كونها عجفاء، وغير قادرة من أن تساير الإبل، فتركها تخففاً منها ومن مئونتها، فله أن يأخذها؛ لأن صاحبها قد عافت نفسه إياها؛ وتركها قصداً، وما دام أنه تركها قصداً فأنت إذا أخذتها كأنك أحييت أرضاً مواتاً، فهي لك بأخذك إياها.
قالوا: وكذلك الأواني الكبيرة مثل القدور.
والقاعدة العامة: كل ما كان يحمي نفسه من الغير لا يكون لقطة، ولا يحق لك أن تأخذه، وما لا يحمي نفسه من صغار السباع كما ذكروا في البقر والخيل والبغال، واختلفوا في الحمير في المذهب الحنبلي، وغيرهم يلحقها بها، فإذا كان الأمر كذلك فهي تابعة لضالة الإبل.
[ (فهو ضال) ] .
الضلال ضد الهدى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، فهو ضال بإيواء الضالة، وهذا من المجانسة، وهذا كما أشرت في أثر الرجل الذي رأى بقرة في بقرة فقال: من أين هذه البقرة؟ قالوا: تبعت البقر، فطردها وأبعدها حتى غابت، وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (من آوى ضالة، فهو ضال) .
تقدم الكلام على عموم اللقطة، وعلى شيء من الكلام على الضوال، ثم هنا يأتي المؤلف بهذا الحديث، وفيه عدة نقاط تستوقف الدارس عندها، نأخذ ذلك جزءاً جزءاً:
النقطة الأولى: قوله صلى الله عليه وسلم : (من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل).
كل الأحاديث التي تقدمت فيما يتعلق باللقطة أو الضوال ليس فيها تعرض للإشهاد، وهنا يأتي المؤلف رحمه الله بهذا الحديث وفيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (وليشهد ذوي عدل) :
فبعض العلماء قال: في جميع اللقط يشهد ذوي عدل، من باب حمل المطلق على المقيد.
والآخرون يقولون: لا. إن الأمر فيه تفصيل؛ لأن ملتقط اللقطة أحد رجلين؛ إما أن يكون واثقاً من أمانة نفسه على اللقطة، فهذا لا حاجة إلى إشهاده؛ لأن أمانته ستحمله على حفظها وردها إلى صاحبها إذا جاء، وإذا كان يخشى أن تضعف نفسه أمام اللقطة، وتراوده على أن يمتلكها دونما تعريف، أو يتصرف في بعضها أو شيء من ذلك، فليشهد؛ ليكون إشهاده عليها ذوي عدل مانعاً له من أن يضعف أمام نوازع نفسه في اللقطة، وهذا ضمان للقطة فيما لو مات هذا الملتقط قبل مضي الحول، فإذا التقطها وأخذ يعرفها إلى تمام الحول وفي أثناء الحول مات، من فربما لا يعلم عنها أحد، لكن حينما يشهد ويأتي إنسان ينشد ضالة أو لقطة، سيجد من يشهد بأن فلاناً أشهدنا على أنه التقط لقطة.
إذاً: الإشهاد على اللقطة يرجع إلى حال الملتقط، ما بين الأمانة والضعف أمام نوازع النفس فيها.
[وليحفظ عفاصها ووكاءها ] .
بعض العلماء يزيد ويقول: يدخل تحت الإشهاد إذا كان الملتقط فاسقاً، يخشى عليه من اللقطة، ولكن الفاسق لن يشهد، وسيكتمها، ولذا جاء في آخر الحديث : (ولا يكتم)، فالأمران متقابلان؛ لأن من يطمع في اللقطة يكتمها، فإذا ما أوقع الشهادة عليها سلم من ذلك وامتنع.
[ (وليحفظ عفاصها ووكاءها) ] .
هذا لفظ مشترك في الأحاديث المتقدمة.
لا يكتم من صفاتها التي يعرفها، ولا يغيبها عمن جاء ينشدها، فإذا التزم بهذين الأمرين، ثم أتي منشد ينشد فسيذكر عفاصها ووكاءها. فإن قال: لا. هذا ليس عفاصها ولا وكاؤها؛ لأنه ما اطلع أحد عليها، فلو جاء صاحبها الحقيقي ووصف صفاتها الكاملة كتمها.
إذاً: أولاً ألزمه أن يشهد، ثم نهاه أن يكتم، أو يغيب، يغيب اللقطة مرة واحدة ويجحد، يغيب من صفاتها شيئاً فيدخل في(يكتم).
إذاً: هذا تحذير للملتقط من أن يقصر في تعريفها، أو يطمع في أخذها لضعف أمانته وائتمانه عليها، بأي حالة من الحالات التي تحول بين اللقطة وصاحبها.
[ فإن جاء ربها فهو أحق بها ] .
أولاً: يشهد حفظاً لها، ولا يكتم ولا يغيب، ضماناً لها عنده، فإذا جاء صاحبها فهو أحق بها، ولا تطمع فيها، فهو أحق بها منك وإن كنت أنت لقطتها بعد سقوطها أو ضياعها منه.
وهنا قالوا: اللقطة في يد الملتقط على ملك صاحبها؛ لأنه إذا جاء فهو أحق بها، بالملك السابق قبل الالتقاط.
(وإلا) أي: بعد التعريف، فلم يأته أحد ولم يكتم، وانتظر سنة فلم يأت أحد فهي مال الله.
جميع المال لله! وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ [النور:33]، كل ما في يد الإنسان مسلم أو كافر فهو من مال الله، ولكن هنا إذا أطلق بصفة عامة يكون مال الله ما ليس بأيدي الناس، وفي الحقيقة المبدئية: الملك كله لله، ونفس اللاقط والملقوط له أنه أيضاً عبد لله، والمال في يد الناس عوارٍ مسترجعة، لكن حينما يقول: هو مال الله؛ يعني: رجع إلى الأصل، ليست هناك يد مخصصة من خلق الله لها عليه تملك، فيرجع إلى الأصل وهو لله سبحانه وتعالى.
[ (مال الله يؤتيه من يشاء) ]
أي: مال الله يؤتيه من يشاء بعمل وكسب، بهبة، بلقطة، بأي وجه من وجوه التمليك التي تئول إلى عبد من عباد الله، فهو مال الله يؤتيه من يشاء.
وبعض العلماء يعمم لقطة الحاج في جميع مواطن الحجاج، فيشمل لقطة عرفة، ومزدلفة، ومنى.
وبعضهم يقول: والمدينة؛ لأنها المواطن التي يتواجد فيها الحاج.
ولكن النص هنا : (نهى عن لقطة الحاج).
وفي بعض الأحاديث في فتح مكة وحرمتها : (لا يختلى خلاؤها، ولا تلقط لقطتها، إلا لمنشدها)فكذلك في هذا الحديث : (نهى عن لقطة الحاج)، إلا لمنشدها.
جميع اللقط ستنشد، فما الذي خص مكة بهذا؟ لم كانت لها خصوصية في هذا زيادة عن لقطة جدة أو الطائف أو الرياض؟ قالوا: الغرض من هذا هو: المبالغة في الإنشاد عليها أو تعريفها، ولا تحدد ملكيتها بسنة أو سنتين أو أكثر، ولكن إن عجز وغلب الظن.
وخصت لقطة الحاج؛ لأن من يريد أن يعرف اللقطة يتوقع مجيء صاحبها ويعرفها، والحاج قد سقطت منه اللقطة، وربما سافر إلى بلاده، فهو لا يدري عن تعريفها، ولا يدري متى سيعود.
فقالوا: يعرفها عند أهل قطرها إن كانت معروفة، لأن اللقطة تميز أحياناً إن كانت لبعض الحجاج في بعض الأقطار؛ فهذه سلعة لحجاج هنود، أو شاميين أو مصريين، إن كانت متميزة تعمد تعريفها عند الوفود القادمة من تلك البلاد، لربما يكون صاحبها قد أوصى الوافدين أن ينشدوا عنها.
إذاً: (نهى عن لقطة الحاج إلا لمنشدها)، ومعلوم أن كل لقطة سينشدها لاقطها، ولكن قالوا: هذا زيادة في تعريفها وإنشادها.
ثم قالوا: كل لقطة في أي قرية أو في أي مكان يلتقطها الملتقط، فقد يلتقطها على نية التملك إن لم يجد صاحبها بعد الحول، لكن لقطة الحاج لا يلتقطها على نية أنه سيتملكها بعد تعريفها الحول، ولكن يلتقطها على نية التعريف المؤبد.
وإذا لم يوجد لها من يعرفها، والبعض يقول: يسلمها للسلطان، والبعض يقول: هي مال الله، كما تقدم.
هل هذه المكاتب المقامة لأخذ لقطة الحاج تجزئ؟
نقول: إنه ينبغي ترتيب وتنظيم ما يقال له: محل الضائعات، نعلم أن مكة بعض المراكز المخصصة محل للضائعات أو الضائعين عن مخيماتهم أو حجاجهم، والعاملين في الحكومة جزاهم الله خيراً يجعلون لهم مخيماً ويقومون عليهم حتى يوصلونهم إلى عرفات، والمناسك، ثم يقولون: ثم ينادى على رءوس الأشهاد: يوجد حاج صفته كذا وكذا، من عرفه يأتي يأخذه، هذا الحاج الضائع ليس بلقطة.
فكذلك بعض الأماكن للضائعات؛ إنسان ضاعت له شنطة، أو كيس، أو أي شيء يروح في محل الضائعات، ويبحث، إن وجد ضالته أو ساقطته أخذها، وتنظيم مثل هذا المحل للضائعات يريح اللاقط.
وبعضهم يقول: لا يلتقطها، ويتركها.
والآخرون كما يؤكد ابن عبد البر : وإن لم يتعرض لقطة الحاج، إلا أنه قال في عموم أخذ اللقطة أو تركها: الأولى أخذها، حفظاً لمال أخيه المسلم.
إذاً: لقطة الحاج تتميز عن لقطة غير الحاج: بأنه مظنة السفر عنها، ولربما في عام مقبل يأتي من جانبه من ينشد عنها، فإذا لم يأت هذه السنة يأت السنة التي بعدها.
وتقدم بأن يكون في حالة ما إذا كانت مما يقبل البقاء كدراهم ودنانير، أو ملابس أو شيء من هذا.
أما إذا كان طعاماً أو شراباً أو مما يسري إليه التلف فلا ينبغي أن يبقيها حتى تتلف في محلها، بل يستنفدها، أو يتصدق بها، ويحتفظ بقيمتها، إن أكلها قدّرها واحتفظ بالقيمة وعرّف، ومن جاء أخذ القيمة، وإن تصدق عرف قيمتها قبل أن يتصدق بها، فإذا جاء صاحبها أخبره، فإن شاء نزل على الصدقة، وتكون باسمه، وإن شاء لم ينزل عليها، وطلب حقها يعطيه إياها.
والمعاهد بخلاف الحربي فلو وجدت لقطة حربي تملكتها في الحال، بل الحربي بذاته لو وجد وقدر عليه أن استؤسر وكان أسيراً؛ لأنه حرباً على المسلمين، فإذا كان معاهِداً أو مُعاهَداً -أي: له عهد عند ولي أمر المسلمين- فماله وعرضه وكل ما يمتلكه حرام، ولا يجوز لمسلم أن يخفر ذمة ولي الأمر فيه، ولهذا قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله وإن كان انفرد بهذا القول: (من قتل معاهداً قتل به).
والجمهور يقولون: لا يقتل مسلم بكافر.
ولكنه يقول: هو أصبح في الأحكام الذاتية والمالية كحكم المسلم؛ لأن ولي أمر المسلمين أعطاه أماناً، وعاهده على الأمن والحفظ، فأصبح في ذمة ولي أمر المسلمين، فمن اعتدى على معاهد يكون قد خفر ذمة ولي أمر المسلمين.
وأعتقد أننا في هذه الآونة ليس عندنا حربي ومعاهد، والعرف العام عند جميع الدول: من دخل دولة بتصريح من ولي أمرها فهو معاهد.
والمسلم الآن يذهب إلى بلاد غير المسلمين، ولا يمكن أن يدخل في مطار أو ميناء إلا بتأشيرة من سفارة تلك البلدة أنه مأذون له في الدخول، وبالإذن له بالدخول لزم أمران:
الأول: لزم عليه أن يلتزم بنظم تلك الدولة؛ لأنه دخل إليها ملتزماً بنظمها، ولهذا مدة وجوده فيها تسري عليه أحكام قوانينها.
الثاني: هو مؤمن بتلك التأشيرة على ماله ونفسه وعرضه؛ لأنه دخل بإذن، فهذا الإذن يعتبر بمثابة المعاهدة، فكذلك الحال في البلاد الإسلامية، أي: شخص أوروبي أو آسيوي حصل على تأشيرة لدخوله بلدة إسلامية عريبة، فتلك التأشيرة بمثابة العهد، وأصبح في ذمة المسلمين عن طريق ولي الأمر عهد بالبقاء مدة هذا الإذن في تلك التأشيرة.
إذاً: يعامل في بيعه وشرائه وهبته والهدية منه وإليه ، يعامل في اللقطة كما يعامل المسلم، وما ذكر مع هذا إنما جاء طردياً مع ذكر المعاهد؛ (لا يحل ذو ناب من السباع، ولا الحمار الأهلي) وفي الحديث الآخر : (ولا ذو مخلب من الطير)، وكل هذه أكلها من المحرمات، ووالدنا الشيخ الأمين رحمة الله تعالى علينا وعليه توسع في بحث هذه المحرمات عند قوله تعالى : قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً ... [الأنعام:145]، وقال : لا أجد وقت نزول تلك الآية، ولا يمنع أن يتجدد فيجد أحكام أشياء أخرى؛ منها: تحريم كل ذي ناب، وتحريم كل ذي ظفر -أي: من الطيور الجوارح-، والحمر الأهلية حرمت عام خيبر كما جاء في بعض النصوص، والبحث في تحريم الحمر الأهلية دون الحمر الوحشية بحث مطول، وإن كان جنس الحمار واحد، ولكن هذا يعيش عالة على الآدميين مستأنساً عندهم، وذاك يعيش مستقلاً بذاته مع الوحوش يدفع عن نفسه، وكل منهما له خصائص ذاتية.
والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر