إسلام ويب

العشر الأوائل من ذي الحجةللشيخ : مصطفى العدوي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • فضل الله العشر من ذي الحجة على بقية أيام العام، وجعل العمل فيها أحب إليه من غيرها، وحث سبحانه على الذكر فيها فقال: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ...)، فيستحب فيها الإكثار من الأعمال الصالحة، ويرى بعض أهل العلم أن الصيام داخل في العمل الصالح المرغب فيه في هذه العشر، وقد سن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه أن من عزم على أن يضحي فلا يأخذ من شعره وأظفاره -أسوة بالحاج- حتى يضحي.
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1] ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71] .

    وبعد:

    فإنا إن شاء الله على مشارف أفضل عشرة أيام في العام، على مشارف الأيام المعلومات التي ذكرها الله في كتابه، حيث قال: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ [الحج:28] ، والأيام المعلومات عند جماهير أهل العلم: هي العشر الأول من ذي الحجة، وهي أفضل أيام العام على الإطلاق، وقد أقسم الله سبحانه وتعالى بها في قوله: وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1-2] .

    ما هو العمل الصالح المنصوص عليه في فضل العشر؟

    تجتمع في هذه الأيام جملةٌ من الفضائل: فهي الأيام المعلومات كما ذكر ربنا سبحانه، وهي داخلةٌ في الأشهر الحرم، إذ هي من ذي الحجة، وذو الحجة من الأشهر الحرم، وكذلك فهي تحوي أفضل يوم في العام، وهو يوم عرفة، وكذلك تحوي يوم النحر، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله سبحانه وتعالى من هذه العشر -أي: عشر ذي الحجة- قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا أن يخرج أحدكم -أي: إلى الجهاد- بنفسه وماله ثم لا يرجع من ذلك بشيء) ، أما من خرج ورجع بنفسه وماله فالعمل الصالح أفضل من الجهاد، بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وما هو العمل الصالح الذي هو أفضل شيء في هذه الأيام؟

    فمن أهل العلم من خص العمل الصالح بالذكر، فقال: المراد بالعمل الصالح ذكر الله عز وجل؛ وذلك لأن العمل الصالح أفضل من الجهاد، والجهاد من الأعمال الصالحة، فلو أطلقنا العمل الصالح لدخل فيه الجهاد، ولكن أريد به هنا صورة مخصوصة، ألا وهي الذكر، وقد وضحت هذه الصورة أفعال صحابة النبي الأمين عليهم رضوان الله، لقد أخرج البخاري معلقاً: أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق في هذه الأيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، أخرج البخاري معلقاً عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما: (أنهما كانا يخرجان في هذه الأيام العشر إلى السوق يذكران الله عز وجل ويكبران، فيكبر الناس بتكبيرهما).

    فضل الذكر

    إن شأن الذكر لعجيب، فالعبادات التي افترضها الله علينا إنما افترضت كي يذكر الله فيها، قال الله سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي [طه:14] أي: وأقم الصلاة لتذكرني فيها، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنما جعل الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار لذكر الله عز وجل) ، فالعبادات التي افترضها الله علينا إنما افترضت كي نذكر الله سبحانه وتعالى فيها، ولا جرم؛ فإن الله يقول: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35] ، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام لما كان في سفر مع أصحابه، (سبق المفردون.. سبق المفردون! قالوا: ومن المفردون يا رسول الله؟! قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات) ، وليس من عجب أن يدعو موسى صلى الله عليه وسلم ربه أن يمده بأخيه هارون؛ لعلة كبرى، قال موسى عليه الصلاة والسلام: هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه:30-32]، لماذا؟ قال: كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا [طه:33-35] ، فموسى يطلب من الله أن يعينه بأخيه هارون، وأن يمنّ على أخيه هارون بالنبوة هو الآخر؛ لعلة لا شك أنها من أعظم العلل، ألا وهي: كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا [طه:33-35].

    فلا جرم -إذاً- أن ذكر الله فيه منتهى النفع؛ إذ العبادات شرعت من أجله، والأنبياء ما رخص لهم في تركه بحال من الأحوال، زكريا عليه الصلاة والسلام لما منع من الكلام، قال الله له: آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا [آل عمران:41]، أي: أنك لا تستطيع الكلام ثلاثة أيام، ومع عدم استطاعة الكلام لا تمتنع من الذكر، بل قال تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ [آل عمران:41]، ولم تسقط الصلوات التي هي محل ذكر الله في أشد الأوقات؛ لم تسقط عن أي مريض، ولم تسقط عن أي مسافر، ولم تسقط عن أي مقاتل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صلّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع، فعلى جنب)، وفي بعض الروايات: (فأومئ إيماء)، فذكر الله ينبغي ألا يفارق العبد، بأية حال من الأحوال.

    ذكر الله به تذكر في الملأ الأعلى، قال الله سبحانه: (من ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خير من ملئه )، فتخيل وأنت واقف مع إخوانك تذكرهم بالله أن ربنا يذكرك في الملأ الأعلى سبحانه وتعالى، قال الله في الحديث القدسي: (أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه)، وحسّن بعض العلماء حديثاً لرسول الله عليه الصلاة والسلام: (ألا أدلكم على خير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: ذكر الله).

    - ذكر الله يجلب محبة ربك لك:

    قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، وأن يشرب الشربة فيحمده عليها).

    - ذكر الله به تطمئن القلوب الوجلة المضطربة:

    القلوب الخائفة تطمئن بذكر الله: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ [الرعد:28-29]، فحقاً إنها نعمة ينعم الله بها على أهل الإيمان، إذا أصيبوا بمصيبة، أو حلت بهم كارثة، أو ابتلوا بفقدان مال أو عيال، أن يلهموا الذكر، فذكر الله يطمئنهم.

    - ذكر الله خير عوض لهم عما فات:

    قال تعالى: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:156-157]، يقوم الشخص من نومه، منزعجاً من رؤيا رآها فبذكر الله يطمئن قلبه ويسكن خاطره، إذا ذكر الله سبحانه وتعالى، وتعوذ بالله من شرها.

    - ذكر الله سبحانه يقوي القلب:

    قال تعالى في شأن من خوفهم الناس من عدوهم: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:173]، فماذا كان؟ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران:174]، قالها أهل النفاق مرجع الرسول صلى الله عليه وسلم من أحد، وقد أنهكت قواه وقوى أصحابه، وقتل من قتل، وشج رأس نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وانصرف آنذاك أبو سفيان مفتخراً متباهياً، قائلاً: اعلُ هبل! فأجابه عمر ، بل الله أعلى وأجل، فانصرف رسول الله وأصحابه، فجاء أهل النفاق بالإرجاف إلى رسول الله وإلى أصحاب رسول الله، يقولون لهم: إن أبا سفيان ومن معه سيأتون لاستئصالكم -مع أن القوة منهكة، والنفوس كسيرة- فماذا قال رسول الله هو وأصحابه: الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ [آل عمران:172]؟! قالوا جميعاً: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:173]، فماذا كان؟ كفاهم الله شر عدوهم قال سبحانه: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران:174]، وكذلك كانت حال غلام ضعيف في وسط جبابرة ظلمة أخذوه ليلقوه من أعلى جبل، وأخذوه ليلقوه في وسط البحار، وما له معتصَم إلا بالله وبذكر الله، فقال -في كلا الحالتين-: اللهم اكفنيهم بما شئت، فكفاه الله سبحانه بما شاء، ورجع سالما آمناً غانماً.

    ذِكر الله سبحانه وتعالى نور لك في السماء.. نور لك في قبرك.. نور لك في أُخراك.

    - ذكر الله سبحانه حصنٌ لك من الشيطان الرجيم:

    قال الله سبحانه وتعالى: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ [المؤمنون:97-98].

    ذكر الله -بما فيه من استغفار- تستدر به الأرزاق، وتتسع به المضايق:

    قال تعالى: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ [هود:3]، وكما قال نوح: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح:10-12].

    ذكر الله -بما فيه من استغفار- تدفع به البلايا:

    قال تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الأنفال:33]، فجدير بك ألا تفارق الذكر في هذه الأيام الطيبة المقبلة عليك على وجه الخصوص، ولا تغفل عن ذكر الله أبداً، فإنك إن غفلت عن الذكر، انقضت عليك شياطين الإنس، بل وشياطين الجن كذلك، فالشيطان وسواس، وتدفع وسوسته ويبعد شره بذكر الله عز وجل.

    كلمات قليلة أجورها عظيمة

    قال عليه الصلاة والسلام في بيان بعض أفراد الذكر: (لئن أقول: سبحان الله، والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ أحب إلي مما طلعت عليه الشمس)، أحب من الآلاف بل من الملايين من الجنيهات، بل أحب إليه من كل شيء طلعت عليه الشمس من قصور وبيوت وتجارات وعمائر، ألا وهي كلمة: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكب).

    وقال عليه الصلاة والسلام (من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)، الخطايا تحط وإن كانت مثل زبد البحر -من كثرتها- بقوله: سبحان الله وبحمده مائة مرة.

    وقال عليه الصلاة والسلام: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم).

    وثَمَّ ذكر آخر فيه نفع وفضل، قال عليه الصلاة والسلام لـأبي موسى الأشعري: (يا أبا موسى! هل أدلك على كلمةٍ هي كنزٌ من كنوز الجنة، قل: لا حول ولا قوة إلا بالله)، فلا حول ولا قوة إلا بالله، كنزٌ من كنوز الجنة.

    في الذكر قوة حسية

    كيف يقوى البدن؟! هل يقوى البدن بذكر الله؟ نعم، يقوى البدن بذكر الله، ففي انشراح الصدور تقوى الأبدان، وتدفع الأمراض، وكما قال رسولنا لابنته فاطمة -لما جاءت تسأله خادماً-: (أولا أدلك على ما هو خير لك من خادم؟ تسبحين وتحمدين وتكبيرين عند النوم ثلاثاً وثلاثين فهي خيرٌ لك من خادم)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وكما سمعتم قول الله تبارك وتعالى: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا [هود:3]، وفي الآية الأخرى: وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ [هود:52]، فبعد هذا الفضل العظيم والثواب الجزيل للذكر، هل يليق بك -يا عبد الله! يا من آتاك الله الرشد! ورزقك الله العقل- أن تغفل عن ذكر الله؟ هل يليق بك أن تعدل عن الذكر إلى الاغتياب والنم، فتجني حصاداً مراً في الاغتياب وذكر الناس، وتجني إماتةً لقلبك بترك ذكر الله وإدمان ذكر الناس.

    الحرص على الذكر في عشر ذي الحجة

    جدير بك يا عبد الله! أن ترتب لنفسك أوقاتاً خاصةً في هذه الأيام العشر، تسبح الله فيها كثيراً، وتحمده فيها كثيراً، وتهلل وتكبر، ولتقل: لا حول ولا قوة إلا بالله، حدد لنفسك أوقاتاً طويلة، تذكر الله فيها، وتصلي فيها على رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد علمت ما فيها من الأجر، قال عليه الصلاة والسلام: (من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً)، هل يليق بك ذلك يا عبد الله؟!

    فيا عبد الله! لا تغفل عن الذكر، ولا تغفل عن الشكر.

    عند دخولك البيت اطرد الشياطين بقولك: باسم الله.

    إذا أخذت المضجع اطرد عنك الشياطين التي تؤذيك وأنت نائم بقولك: (باسمك ربِّي وضعت جنبي وبك أرفعه)، أو الأحاديث الواردة في ذلك.

    أغلب ما يفعل بالأيام العشر، هو ذكر الله عز وجل، ثم سائر أعمال البر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087806121

    عدد مرات الحفظ

    774101183