أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقاء جديد من لقاءات نور على الدرب، في هذا اللقاء معنا صاحب الفضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: وأولى رسائل هذه الحلقة وردتنا من المستمع عبد الرحمن بن عبد الله بن سبتان من الدرعية، يقول في رسالته: أسمع كثيراً من المؤذنين في بعض إذاعات الدول الإسلامية يؤذنون أذاناً مختلفاً كالآتي، في بداية الأذان يكبر تكبيرتين فقط، بعد قوله: (حي على الفلاح، يقول: حي على خير العمل) مرتين فما حكم هذا الأذان؟ وهل ثبت عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله أصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الأذان أربع تكبيرات في أوله، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يقال فيه: حي على خير العمل، لم يقل هذا بلال ، ولا عبد الله بن أم مكتوم ، ولا أبو محذورة ولا غيره من مؤذنيه عليه الصلاة والسلام، وإنما هو مروي عن علي بن الحسين ويرويه بعضهم عن عبد الله بن عمر ولكنه ليس بثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن مؤذنيه؛ ولهذا فالصواب في هذا أنه بدعة لا يجوز فعله؛ لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإنما الثابت أن يقول بعد حي على الصلاة حي على الفلاح: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.
فالأذان خمس عشرة جملة: أربع تكبيرات في أوله، ثم الشهادتان أربع، ثم الحيعلة أربع، ثم الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الجميع خمسة عشر، ومع الترجيع يكون تسعة عشر، والترجيع أن يأتي بالشهادتين بصوت منخفض ثم يأتي بهما بصوت مرتفع، كما في حديث أبي محذورة لما أذن بمكة حين علمه النبي صلى الله عليه وسلم الأذان علمه فيه الترجيع، وفي الفجر يزاد فيه: (الصلاة خير من النوم.. الصلاة خير من النوم) أما (حي على خير العمل) فبدعة.
المقدم: ويقول الأخ عبد الرحمن بن سبتان في آخر رسالته، هل يبطل هذا الصلاة التي أذن لها هذا الأذان؟
الشيخ: لا، لا يبطل الصلاة ولا يبطل الأذان، الأذان صحيح والكلمات الزائدة خطأ، فالأذان صحيح والصلاة صحيحة.
الجواب: إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فليس بطلاق؛ بل زوجة السائل معه ولم يقع عليها شيء، وقوله: ارتدي ملابسك ليس بطلاق.
الجواب: هذا فيه تفصيل: فإن كانت الحاجة تنفع الناس فينبغي له أن يعيرها الناس وينفع الناس والطلاق ينظر فيه، فأما إن كانت الحاجة ليس لها أهمية بالنسبة إلى الناس، بالنسبة إلى أقاربه أو غيرهم فإن الأمر فيها سهل، وليس في حاجة إلى أن يسأل عن الطلاق، لكن الطلاق فيه تفصيل، فإن كان أراد بذلك منع نفسه من تسليم الحاجة لأحد من الناس، ولم يرد إيقاع الطلاق، وإنما أراد أن يمنع نفسه بهذا الطلاق من تسليمها للناس، فهذا عليه كفارة يمين، ويجوز له ولا حرج عليه إذا سلمها للناس ولا يقع طلاق.
إذا كنت -أيها السائل- أردت بذلك منع نفسك من تسليم الحاجة لأحد من الناس ولم ترد إيقاع الطلاق، فإنه لا يقع طلاق بذلك وعليك كفارة يمين إذا أعطيتها أحداً من الناس.
أما إن كنت أردت إيقاع الطلاق إن أعطيتها أحداً من الناس فإنه يقع طلقة على زوجتك إذا أعطيتها أحداً من الناس، والطلقة الواحدة لا تحرمها عليك، لك المراجعة في الحال، لك أن تراجعها في الحال، فتشهد شاهدين بأنك راجعت زوجتك فلانة، وتصح الرجعة والحمد لله، إذا أعطيتها لأحد هذه الحاجة، وأنت تريد بالطلاق إيقاع الطلاق.
هذا إذا كانت المرأة لم تطلقها قبلها طلقتين، أما إذا زوجتك قد سبق لها طلقتان، فإن هذه الطلقة تحرمها عليك؛ لأنها الطلقة الأخيرة، إذا أعطيت الحاجة لأحد من الناس وأنت مريد إيقاع الطلاق تكون هذه الطلقة هي الثالثة، وبها تحرم المرأة على زوجها حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً شرعياً، نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ويطأها الزوج الذي نكحها، لابد أن يطأها ثم يفارقها بعد هذا إما بموت أو طلاق.
المقدم: لكنه يسأل في آخر الرسالة أو ذكر أنه يكذب إذا سأله أحد عن هذه الحاجة، قال: ليست موجودة عندي وهي عنده خوفاً من وقوع الطلاق؟
الشيخ: هذا غلط، والواجب عليه في هذا التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، فإن المؤمن ليس له أن يكذب، وإذا كان هناك حاجة لعدم بيان وجودها فيعرض بشيء، يعني: في المكان المعين الذي هي فيه، أو ليست موجودة في أي محل معين، يعني: ينوي مكاناً غير موجودة فيه، مثلاً: في المجلس وهي في مكان آخر في المخزن، أو ينوي ليست عندي في الدهليز، أو ليست عندي في الدكان، أو في المكتب أو ما أشبه ذلك، حتى يكون غير كاذب، يتأول في هذا حتى لا يقع في الكذب.
المقدم: أحسنتم، جزاكم الله خيراً.
الجواب: أولاً: تسأل أنت -أيها السائل- عن قصدك، فإن كان قصدك منعها من هذا الشيء وليس قصدك إيقاع الطلاق، وإنما أردت منعها من هذا الطعام وأن توجد غيره، وليس مقصودك أنها إذا لم توجد غيره فهي طالق، وإنما أردت منعها منه حتى توجد شيئاً آخر، فهذا له حكم اليمين ويكفيه كفارة اليمين، ولا يضرك بعد ذلك ولا يقع شيء، هذا هو الصواب.
أما إذا كنت أردت إيقاع الطلاق فهذا محل نظر، إذا كنت أردت إيقاع الطلاق إن أوجدت هذا الطعام، وهي أوجدته ولم ترد أنه إذا ضمت إليه غيره فلا بأس، إنما أردت أن توجد طعاماً آخر غيره، ولم ترد أن تضم إليه غيره فهذا يقع الطلاق؛ لأنك حنثت في طلاقك ولم يحصل مقصودك، أنت أردت منها أن توجد طعاماً آخر، فلم توجد طعاماً آخر ولكنها أضافت إليه شيئاً، فهذه الإضافة التي هي أضافتها إذا كانت لا تحقق المقصود من قصدك، ولا يحصل بها المطلوب من الطعام الذي أدرت فإنه يقع الطلاق طلقة واحدة، ولك مراجعتها في العدة إذا كانت لم تطلق قبل هذا طلقتين، هذا إذا كنت أردت الطلاق، أما إذا كنت أردت منعها من هذا الشيء وأردت أنها توجد طعاماً آخر إذا سمعت الطلاق تخاف وتوجد طعاماً آخر، ولم ترد إيقاع الطلاق عليها فهذا حكمه حكم اليمين كما تقدم في أصح قولي العلماء.
الجواب: ما دام لم يتعمد قتل نفسه ولا قتل من معه، وإنما أراد أن يسبقها فدخل تحتها فلا يكون متعمداً بهذا، ويكون من باب القتل الخطأ، وعليه الدية والكفارة، ولا مانع من الصلاة خلفه؛ لأنه لم يتعمد القتل، مع أن الصحيح أن العاصي تصح الصلاة خلفه، لو تعمد القتل فهو عاصي، وأتى كبيرة عظيمة، ولكن لا يكون كافراً إذا لم يستحل ذلك، ومن صلى خلف الفاسق صلاته صحيحة على الصحيح، فإذا صلى خلف القاتل أو خلف العاق لوالديه، أو خلف من زنى، أو ما أشبه ذلك فإن الصلاة صحيحة، ولكن ينبغي أن لا يقدموا إذا كانوا معروفين بالمعاصي، ينبغي أن لا يقدم أحد منهم، بل يقدم من هو معروف بالعدالة والاستقامة، لكن لو صلى بعض الناس خلف من هو معروف بالفسق صحت صلاته على الصحيح، فقد صلى ابن عمر خلف الحجاج بن يوسف الثقفي أمير العراق وهو من أظلم الناس وأفسقهم ومع هذا صلى ابن عمر خلفه، فالمقصود: أن الصلاة خلف الفاسق والظالم صحيحة، ولكن ينبغي أن لا يقدم للإمامة مع القدرة، بل يلتمس الرجل العدل الذي يؤم الناس عنده القدرة.
الجواب: هذا محل نظر؛ لأن الخلاف لم يبين أسبابه، والواجب على الشيوخ والشباب أن يتفقوا على الخير، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، فيصلون جميعاً في المسجد ويتعاونون على الخير، ويقدمون أفضلهم وأقرأهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)، فلا ينبغي التنازع في مثل هذا؛ لأن المقصود أداء الجماعة، فعليهم جميعاً أن يتعاونوا على البر والتقوى وأن يؤدوا الصلاة جماعة، وليس لهم الصلاة في بيوتهم، بل الواجب عليهم أن يصلوا في المسجد، وأن يتفقوا جميعاً، وأن يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في ذلك سواء فأقدمهم سلماً، يعني: أكبرهم سناً وأقدمهم إسلاماً.
هذا الواجب عليهم أن يتأدبوا بآداب الشريعة، أما أن يتخلى الشيوخ عن المسجد ويتخلى الآخرون عن المسجد يبقى المسجد ما فيه أحد، أو يصلي فيه الشباب وحدهم، ويصلي الكبار في بيوتهم، هذا لا يجوز، الواجب أن ينظر في الأمر وأن يحل الخلاف الذي بينهم بالطريقة الشرعية، فإن كانوا ينقمون على الشباب شيئاً نصحوهم ووجهوهم إلى الخير، وإن كان الشيوخ عندهم بدعة أو عندهم معاصي تابوا إلى الله منها حتى يتفقوا مع الشباب، فالحاصل: أنه لابد من حل المسألة بالطرق الشرعية، أما أن يصلي الكبار في بيوتهم أو الصغار في بيوتهم من أجل النزاع فهذا لا يجوز، الواجب القضاء عليه.
الجواب: المشروع للمؤمن أن يلاحظ حق الزوجة، وأن يجتهد في الاتصال بها بين وقت وآخر حسب الإمكان؛ لأن طول الغيبة قد تعرضها لشر كثير، وقد تبتلى بمن يريدها على الباطل، فالواجب على الزوج أن يلاحظ هذا، وأن يكون له رجعة إليها بين وقت وآخر، وقد حدد عمر رضي الله عنه للجنود ستة أشهر، كما أشارت عليه ابنته حفصة في بعض ذلك، ورأى باجتهاده رضي الله عنه وأرضاه أن يكون ذلك ستة أشهر؛ لأن في هذا رفقاً بالإناث ورفقاً بالرجال، وقضاء وطر كل واحد منهما، فينبغي للمؤمن أن يلاحظ هذا، وليس في السنة حد محدود، وليس في الشرع فيما نعلم حد محدود سوى ما جاء عن عمر رضي الله عنه، فإذا غاب عن زوجته مدة طويلة من أجل العمل، أو من أجل طلب العلم فلا شيء عليه، إذا لم يستطع ولم يتيسر له المجيء إليها، أما مع القدرة فينبغي له أن لا يطول بل يأتي إليها بين أربعة أشهر.. ثلاثة أشهر.. خمسة أشهر.. ستة أشهر مهما أمكن أن تكون المدة قصيرة ولا سيما في هذه العصور التي فشت فيها الشرور، وضعف فيها الإيمان، وكثر فيها الفساق، فينبغي للمؤمن أن يلاحظ هذا وأن يعجل بالرجوع إلى أهله حتى لا يغيب عنهم إلا مدة غير طويلة، كأشهر ثلاثة.. أو أربعة أشهر أو نحو ذلك على حسب بعد المسافة بينهما.
المقدم: بعض الناس يتراءى لهم أنه بعد غياب مدة طويلة لا يصح له أن يجامع زوجته؛ لأنهم يسمعون ما ينقل من التحديد عن عمر رضي الله عنه، ويظنون أن من تأخر بعد هذه المدة لا يصح له ملاقاة زوجته؟
الشيخ: الجماع لابأس به، متى جاء جامعها، ما دام لم يطلقها فله جماعها متى جاء، سواء بعد سنة أو سنتين أو ستة أشهر أو أكثر أو أقل، فهي زوجته.. هي زوجته ما دام لم يطلقها، فمتى جاء فهي حلال له ولو لم يعطها شيئاً، فالمقصود أنها زوجته، ولكن على كل حال من طريقة الرجال، ومن كرم الرجال أنه يعطيها تحف.. يعطيها هدايا؛ لأجل طول الغيبة من باب المجاملة، ومن باب تقدير صبرها وثباتها، فالحاصل أنها زوجته.
الجواب: ليس بينهما تعارض هذه في معنى وهذه في معنى، الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ مثلما بين الله قوله: بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34]، فالرجل له القوامة على المرأة؛ لأن الله فضله عليها، الرجال أفضل من النساء في الجملة مع قطع النظر عن الأفراد قد يكون بعض الأفراد غير ذلك، قد تكون بعض امرأة من بعض النساء أفضل من بعض الرجال، لكن جنس الرجال أفضل من جنس النساء؛ ولهذا جعل الله لهم القوامة على النساء، ثم أمر آخر وهو الإنفاق ما بذل لها من المال، من الجهاز، يعني: من المهر وتوابعه، فصار له القوامة عليها بالأمرين، بتفضيل الله له عليها وبما بذل من المال.
أما الآية الأخرى ففيها الإنكار على المشركين حين قالوا: إن الملائكة بنات الله، فأنكر عليهم نسبة الولد إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يكون ولده أنثى، فالله عز وجل منزه عن الولد كله الذكر والأثنى جميعاً، قال سبحانه وتعالى: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:3-4].
والمشركون أثبتوا لله الولد وجعلوا ولده أنثى فعتب الله عليهم وأنكر عليهم ذلك، ونزه نفسه عن هذا سبحانه وتعالى.
الجواب: لا حرج في ذلك؛ لأن الله قال: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ [النساء:23]، فهي من حلائل الأبناء وإن طلقها الابن، فهي محرم لأبيه.
فالمحرمية بينها وبين أبيه باقية وإن طلقها، فهي مثل زوجة أبيه لو طلقها أبوه هي محرم له، الله قال: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22]، فإذا طلقها أبوه فهي محرم للأولاد، وكذلك حلائل الأبناء.
الجواب: نعم، يجوز بل يجب أن تؤدى الصلاة معهم، ولا تدع صلاة الجمعة إلا إذا كان هناك مسجد آخر تؤدى فيه صلاة الجمعة فلا بأس، أما إذا كان ما هناك جمعة إلا هذه الجمعة فالواجب عليك أن تؤديها معهم ولو كان بينك وبينهم شيء، ولو كنت تكرههم، فالعبادة حق الله، والجمعة فرض عليك، فعليك أن تؤديها مع إخوانك المسلمين وإن كان بينك وبين أهل القرية بعض الشيء، إلا إذا كان حضورك يفضي إلى قتل وفتنة فالتمس مسجداً آخر ولا تحضر معهم، هذا عذر شرعي، إذا كنت تخاف القتل، إذا حضرت قتلوك، هذا عذر شرعي، لكن ما دام أنه مجرد كراهة بينك وبنيهم شيء من الوحشة وتكرههم لذلك، فهذا ليس بعذر، والواجب عليك أن تحضر وأن تصلي معهم صلاة الجمعة؛ لأن صلاة الجمعة فريضة؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لينتهين أقوام عن تركهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين)، ثم يقول سبحانه في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9]، فالواجب البدار للسعي للجمعة، والحضور وحضورها مع المسلمين، ولا ينبغي أن يمنعك من ذلك شيء من وحشة أو كراهة بينك وبين أهل المسجد أو بعض أهل المسجد.
الجواب: الواجب على المسلم إذا وقع في شيء من هذا أن يستتر بستر الله، وأن لا يبين ذلك، ويتوب إلى الله سبحانه وتعالى والمرأة كذلك، ولا يبين هذا للناس، فمتى انتبه لهذا الأمر وهداه الله فالواجب عليه البدار بالتوبة والندم على ما مضى منه والإقلاع من ذلك، والعزم الصادق أن لا يعود، ولا حاجة إلى أن يقول للناس: إني فعلت، وإني فعلت طهروني، اضربوني، والمرأة كذلك لا ينبغي لها ولا يشرع لها أن تذهب إلى الناس وأن تقول: فعلت وفعلت، بل كل منهما عليه أن يستتر بستر الله، وأن يتوبا إلى الله توبة صادقة، والله يتوب على التائب سبحانه وتعالى، وهو القائل عز وجل: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82]، والنبي صلى الله عليه وسلم قال لـعائشة رضي الله عنها : (إن كنت ألممت بذنب فتوبي إلى الله فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له).
فالمقصود: أن التوبة تجب ما قبلها، متى تاب الإنسان من ذنبه صدقاً بأن ندم على ما مضى منه، وأقلع منه وعزم أن لا يعود فيه، فإن الله يتوب عليه سبحانه وتعالى.
فعليك -أيها السائل- أن تتوب إلى الله صدقاً، وتندم على ما مضى من عملك السيئ، وتعزم أن لا تعود فيه أبداً، والله يتوب على التائب سبحانه وتعالى، وليس لك أن تأتي إمام المسجد أو إلى الأمير أو القاضي تقول: اضربني، لا، ما يشرع لك ذلك، لكن إذا كنت ولابد فاعلا فليكن هذا لولي الأمر، لا للشخص الذي هو إمام مسجد، بل يكون لولي الأمر، السلطان أو أميره أو الحاكم القاضي حتى يقيم عليك الحد الشرعي.
وقد ثبت أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (يا رسول الله! إني قد زنيت، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم عدة مرات ثم سأله: أبك جنون؟ وسأل قومه: هل به شيء؟ فأخبروه أنه عاقل وأنه لا بأس به، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فرجم) لأنه كان محصناً، كان قد تزوج فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمه.
وقد أعرض عنه أول مرات كثيرة لعله يتوب فيتوب الله عليه، ولكنه أصر على طلب الطهارة، التطهير بالحد الشرعي، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك.
المقصود: أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإن لم يأت إلى الإمام ويقول: طهرني، بل يستتر بستر الله، ولايبرز ذنبه للناس ولا يعلنه للناس.
الجواب: عليك -أيها السائل- أن تتعلم وتجتهد، تقرأ على من هو أعلم منك، وتتهجى الكلمات، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق ويتتعتع فيه له أجران)، يعني: لا يجيده جداً، بل يتتعتع، له أجران هذا فضل من الله عز وجل، إذا اجتهدت في تعلم القرآن وحرصت على ذلك، فأنت لك أجران، ولكن من الحرص ومن أسباب الإجادة للقرآن أن تقرأه على من هو أعلم منك، وأن تجتهد في ذلك، وأن تذاكر فيه مع زملائك الطيبين حتى تقوى قراءتك، وحتى تمهر فيه.
وبكل حال فأنت مأجور، لكن ينبغي لك أن لا تبقى على الجهالة، بل ينبغي لك أن تتعلم من إخوانك الطيبين، من بعض القراء الجيدين، تدرس عليهم وتقرأ عليهم حتى تستفيد وحتى تزول العلة التي بك، وعدم إتقان القراءة.
المقدم: جزاكم الله خيراً، أيها الإخوة المستمعون الكرام! بهذا نأتي إلى ختام هذه الحلقة التي استعرضنا فيها رسائل الإخوة: عبد الرحمن بن سبتان من الدرعية، والسائل (ع. س. م) من محافظة الشرقية من مصر، والسائل محمد الأحمد الفواز من سوريا، والسائل (أ. م. ع) من عرعر الحرس الوطني الفرقة الثالثة والثلاثين، والسائل (س. ع) عامل جزائري بفرنسا، والسائل (ر. ع. أ) مستمع مصري يعمل بالمملكة، وأخيراً رسالة السائل (م. ن. ل) من الرياض، ثم رسالة المستمع من المنطقة الشرقية بالمملكة.
شكراً لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على ما تفضل به، وشكراً لكم على حسن استماعكم، ولكم تحية من الزميل خالد منور خميس من الهندسة الإذاعية، وإلى أن نلتقي بكم على خير نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر