وبعد:
لما كانت قضية الإيمان بالبعث من أبرز وأهم قضايا العقيدة استلزم الأمر أن تناقش وأن تؤكد وتؤصل في معظم زمن الرسالة، والزمن الذي قضاه الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوة الأمة كان ثلاثاً وعشرين سنة، قضى منها ثلاث عشرة سنة في تثبيت العقيدة في قلوب المؤمنين ومن أبرز قضاياها بعد قضية التوحيد قضية الإيمان بالبعث؛ لأنه إذا ما استقر في يقين الإنسان، وثبت في قلبه أنه مؤاخذٌ ومجزيٌ على كل عملٍ يعمله استقام سلوكه، وانضبطت تصرفاته؛ لأن من أدرك وقوع عقوبة على شيء خاطئ ارتدع عن هذا الشيء خوفاً من العقوبة، ومن أدرك حصول جائزة على شيء صائب اندفع رغبةً في هذه الجائزة.
من هو الذي لا يستطيع أن يأكل ولا يشرب ولا ينكح ولا يبصر؟ إنه الميت، أما الحي فلا بد له من عمل، ولهذا قال الله: يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ [الانشقاق:6] النداء هنا للإنسان، والألف واللام هنا تسمى لام الجنس يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ [الانشقاق:6] جنس الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ [الانشقاق:6] أي: أنك ستعمل عملاً، وسوف تقدم بهذا العمل إلى ربك، وسوف تلقى نتيجة هذا العمل.
فهؤلاء الذين يأخذون كتبهم من وراء ظهورهم وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً [الانشقاق:10-11] والدعاء بالثبور هو: أن يدعو الإنسان على نفسه بأن يثبره الله في كل مصير؛ لأن المصيبة ليست سهلة، أن يُقاد الإنسان إلى النار مصيبة ليس بعدها مصيبة: وَيَصْلَى سَعِيراً [الانشقاق:12] لماذا؟
قال الله: إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً [الانشقاق:13] كان مرتاحاً على الدوام، بعكس المؤمن ليس مسروراً في الدنيا بل حزين، يقول الله في المؤمنين أنهم يقولون: قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ [الطور:26] المؤمن في قلبه مثل النار من الخوف من الله، الناس يأكلون بكثرة وهو لا يأكل إلا قليلاً، وينامون بارتياح وهو في نومه غير مرتاح، ويتمتعون في الدنيا وقلبه في الآخرة، يعيش بمشاعره في الآخرة، ولذا كلما تذكر الآخرة شب في قلبه مثل النار إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ [الطور:26] وأهل الإيمان لا يطمئنون ولا يرتاحون إلا إذا قيل لهم عند الموت: يَا َيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً [الفجر:27-28] هنا يقولون: الحمد لله نجحنا.
أما ذاك فمسرور إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً [الانشقاق:13].
والشاهد من هذا الكلام كله: أنه لو اعتقد وتيقن هذا الغِر أنه لن يرجع إلى الله .. والله لو آمن بأنه سيرجع ما ترك الصلاة ولا الزكاة، وما ملأ بطنه من الحرام، ولا سمع ولا قال الحرام، لكن ما ظن ولا اعتقد أنه سيسأل، ولذا يعمل ما يشاء لا ما يشاءه الله منه!
إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً [الانشقاق:14-15] ظن أنه لن يحور إلى الله لكن الله يعلمه، ويعرف حقائقه، ويسجل عليه أعماله، وما غاب عن سجل الله، ولا استطاع أن يفلت من قبضة الله: بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً [الانشقاق:15] لا يعمل الإنسان أي عمل إلا والله معه إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ [يونس:61] وما يعزب عن علم الله شيء: وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [الأنعام:59].
دبيب النملة السوداء في الصخرة الصماء في الليلة الظلماء يسمعه الله عز وجل، إن الله لا يعزب عن علمه شيء: إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ [آل عمران:5] وهذا الذي كان يعمل على مزاجه، ويظن أنه لن يرجع إلى الله كان مسجلاً عليه عمله، قال الله: بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً [الانشقاق:15].
فوقوف الناس عند إشارة المرور إيماناً بالعقاب والجزاء فالأعمى -أعمى البصيرة- الجاهل، المتعلم، الكبير، الصغير، المستعجل، الذي عنده مريض، أو ميت ... كل شخص يجب أن يحترم نظام المرور، ويقف أمام إشارة المرور مهما كانت عجلته فلا بد أن يقف، وإذا قطع شخص الإشارة فماذا يحصل؟ أولاً: الناس كلهم يؤاخذونه على هذا الاتجاه، وينظرون إليه: لماذا تقطع الإشارة يا قليل الأدب؟ والذي عنده غيرة على أموال ودماء المسلمين ينظر في اللوحة ويأخذ الرقم ولون السيارة وجنسها ويعطل غرضه ويذهب إلى أقرب مركز مرور ويقول: يوجد سيارة الساعة كذا لونها كذا جنسها كذا ورقمها كذا تجاوزت الإشارة، وهذا من باب التعاون؛ لأن احترام نظام المرور شيء مفروغ منه؛ لأن هناك حماية لدماء وأموال المسلمين، والناس الآن كلهم متمسكين بهذا، وإذا شخص أخطأ مرة انتقده الناس كلهم، وجازاه المرور، ولا يرحمه أبداً.
وإذا جاء مخالف للمرور عند الجندي أو المسئول، وقال: اسمح لي، قال: ما أسمح لك، قال: قطعت الإشارة وتريدني أن أسمح لك؟! كيف تتحدى النظام .. ترى الضوء الأحمر وتتجاوز.. أين عقلك؟ أين عينك؟ لا أقدر لو كانت مخالفة أخرى ربما أسمح لك، فلو وقفت في مكان خطأ ما فيها خطورة، لو أقفلت الطريق على شخص بسيارتك فخطورتك على الذي أقفلت عليه لكن عندما تخالف الإشارة، محتمل في تلك اللحظة أن تحدث لك كارثة أو تفعل كارثة، لكن لو أنك وقفت مكانك فلا الأرواح تزهق ولا السيارات تدمر، وإذا بالناس كلهم يحترمون نظام المرور وإشاراته؛ لأنهم آمنوا بعقوبة الجزاء، لكن ما رأيكم لو وجدت إشارات وما من مرور يراقبها هل أحد سيحترم الإشارة؟ والله ما ترى إلا هذا يقطع وهذا يعمل حادثاً ولو أشرت سبعين إشارة، لماذا؟ لأنه لا إيمان عند الناس بأن هناك جزاء بعدها، والناس -أيضاً- يؤمنون بالإشارة حتى بالغيب، أنا أحياناً أمر الساعة الثانية عشرة ليلاً فأجد الإشارة حمراء والاتجاهات كلها ليس فيها ولا سيارة فأقف، وأرى الناس واقفين، فأقول في نفسي: لماذا لا أمشي ما دام ما في سيارة لا من هنا ولا من هنا؟ أصلاً الإشارة وضعت من أجل تنظيم السير للناس الآن هذا فاضي، لماذا لا أمشي؟ فأقول في نفسي: قد يكون هناك عسكري جالس خلف هذا الباب، يمكن في اللحظة هذه تأتي سيارة المرور، أو يأتي جندي بدراجته النارية، الأفضل أن أصبر ربع دقيقة، لأن أطول إشارة لا تتجاوز نصف دقيقة أو دقيقة كاملة، لماذا؟ آمنت برجل المرور في الغيب وليس في الشهادة، ولذا انضبط سلوك الناس في قضية الإشارة.
لكن الإشارة الربانية لا أحد يقف عليها إلا المؤمنون، كما توجد إشارات حمراء وخضراء للسير أيضاً يوجد في القرآن إشارات حمراء وخضراء، فمن الإشارات الحمراء لا تقتل وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ [الأنعام:151] لا تزنوا، لا تسرقوا، لا.. وهذه لا.. يعني خطر لا تمش فيه، وهناك إشارة خضراء أقيموا الصلاة، آتوا الزكاة، صلوا الأرحام، بروا الآباء، اعملوا الخير، هذه اسمها إشارة خضراء.
لكن لضعف الإيمان ولعدم وجود اليقين بالبعث والجزاء والثواب والعقاب في الجنة أو النار نرى الكثير لا يقفون عند إشارات المرور الربانية، فنراهم يقتحمون إشارة الزنا، بل بعضهم يفتخر أنه قطعها ودخل في جريمة الزنا، ولا يعلم أنه باقتحام هذه الجريمة عرض نفسه لعقوبة جهنم، يقول الله عز وجل في القرآن الكريم: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .. الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:2] وفي الحديث يقول عليه الصلاة والسلام: (ما عصي الله بذنبٍ بعد الشرك أعظم من نطفة يضعها الرجل في فرج لا يحل له) المؤمن لو يسحبونه بأنفه لا يزني أبداً، حتى ولو سجن لا يمكن أن يرتكب جريمة الزنا، لماذا؟ لأنه يقارن بين لذة الجريمة وألم العقوبة فيجد أن لذة جريمة الزنا لذة زمنية بسيطة تعقبها الحسرة والندامة، بينما العقوبة عقوبة لا يعلمها إلا الله، ولا تتحملها الجبال، فيقول: لا. نصبر على معاناة ترك الزنا من أجل أن يعوضنا الله في الدنيا، ويعوضنا في الجنة بالحوريات، ونسلم من النار، فهو رابح في كلا الحالتين.
البعض يمر على إشارة الربا ويقع فيها، وأمواله في الربا، ويعمل في محلات الربا، ولا يعرف أنه يحارب الله؛ لأن من أكل الربا فقد أذن الله بحربه، قال الله: فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279] أخبرهم الله، وأطلق وأعلن الحرب عليهم.
من الناس من لا يقف عند الإشارة الحمراء كالنظر لمحرم، والسماع لمحرم، والكلام المحرم؛ لأنه ليس بمؤمن، والله لو كان مؤمناً ما عملها، وهذا نلمسه الآن في سلوك الشباب الملتزمين الذين رضخوا لله، إذا خرجوا إلى الأسواق ترى الواحد عينه بين قدميه، لا يرفع نظره عن الأرض، وإذا رأى امرأة غض، وذاك الذي ليس عنده إيمان قوي بالبعث يخرج وعينه معلقة بالسماء، بل بعضهم يسقط في الحفر وهو لا يشعر؛ لأن عينه في كل اتجاه، وإذا رأى امرأة نظر إليها، الله يقول: غضوا وهو ينظر، عكس أمر الله، فذاك آمن وهذا لم يؤمن.
إن الإيمان بالبعث مهم، وسوف نركز عليه بإذن الله في دروس كثيرة جداً.
أنت -مثلاً- إذا قيل لك: سوف يأتي أخوك من الرياض وخرجت في الليل لانتظاره، وقال لك: سيارتي جيمس وسوف أكون عندكم وقت المغرب، وذهب هو من الرياض في الصباح وانتظرت المغرب وجاء العشاء وحان الوقت فماذا تصنع؟ تنتبه وتترقب قدومه في كل لحظة؛ لأنه حان الوقت الذي حدده لك، لكن إذا قال لك: سوف أصل الساعة كذا، في آخر النهار، ثم قلت له أنت: ما علامة سيارتك؟ قال: سيارتي جيمس (موديل 89) اللون أسود وأحمر، اللوحة رقمها كذا، فتقوم أنت رأساً على الطريق وترى العلامات إلى أن ترى علامته، وتقول: جاء.
والله عز وجل أخفى عنا علم الساعة لكن أخبرنا بعلاماتها، فإذا رأينا العلامات رأينا الساعة، هذه العلامات أطلق عليها بعض أهل العلم اسماً فسموها الآيات، وهي أيضاً كالأمارات أو كالعلامات التي تنصب على الطرق أو التي ترفع على شواطئ البحار من أجل دلالة السفن، أو تلك التي توضع قرب المدن كي تبين مدينة أبها -مثلاً- الاتجاه إلى السودة ، أو الطائف ، أو تلك التي تبين مقدار المسافة المقطوعة من الطريق بين كل عشرة كيلو، هذه اسمها علامات.
ونحن نقول له: إن القيمة عظيمة جداً، والغاية التي من أجلها ذكر الله عز وجل هذه العلامات في القرآن والسنة غاية عظيمة، وليس لنا خيار في دراسة الغيبيات التي سوف نستقبلها، والاطلاع بهذا والتصديق به من صميم ديننا الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعضها أخبر بها القرآن، وبعضها صحت بها الأحاديث الصحيحة في السنة، وبعضها جاءت عن الصحابة نقلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اشتغل الصحابة بها واهتموا بها اهتماماً كبيراً، وكان الإيمان بالغيب ومن مقدمته الإيمان بعلامات الساعة صفة مدح الله بها أهل الإيمان في أول سورة البقرة فقال: الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة:2-3] فأول شيء هو الإيمان بالغيب.
نقول: الفائدة ما يلي:
أولاً: أن الإخبار بهذه العلامات إذا تحققنا صدقها حققنا جزءاً من الإيمان بالله وبرسول الله، إذ كيف نؤمن بالله وبرسوله ثم لا نصدق خبره؟! قال الله عز وجل: ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة:2-3] فإذا أردت أن تعرف مقدار إيمان إنسان فإنك تسأله عن العلامات، فإذا آمن بها فهذا إيمانه مطلق، كامل؛ لأنه آمن بما أخبر به الله، وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم، ففي ذكرها فائدة وهي زيادة الإيمان، إذ كلما عرفت الفائدة ازداد إيمانك، هذه فائدة.
ثانياً: أن وقوع تلك المغيبات على النحو الذي أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم وحدَّثت بها الآيات أو السنن، يعتبر مثبتاً للإيمان؛ لأنه يعطيك دليلاً على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى أنه مرسل من عند الله، وعلى أنه لا ينطق عن الهوى، وإلا فمن الذي أخبر بهذا الخبر إذا لم يكن رسولاً؟ هذا يقوي الإيمان كما قلت لكم في حديث الصنفين الذين من أهل النار والذي منهم نساء كاسيات عاريات، وقد رأيناهن وماكن موجودات في الماضي، من أخبر الرسول؟ إنه الله، فهذا رسول من عند الله عز وجل.
والمسلمون منذ موت النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا يشاهدون وقوع أحداث أخبرت بها الأدلة مطابقة لما جاء الخبر بها، فقد شاهد الصحابة رضي الله عنهم انتصار الروم على الفرس ، قال الله: الم غُلِبَتِ الرُّومُ [الروم:2] هذا خبر عن شيء حدث في عهد الصحابة: فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ [الروم:3] متى؟ قال الله: فِي بِضْعِ سِنِينَ [الروم:4] البضع من واحد إلى عشرة، وفعلاً لم تمض ست سنوات إلا وقد غلبوهم، ثم أخبر الله أن الغلبة ستكون للمسلمين على الفرس والروم ؛ لأن الله قال: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الروم:4-5] على من؟ على الروم والفرس . من أخبر بهذا؟ الله عز وجل في القرآن الكريم وحدث هذا، فهذا يزيد إيمانك بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
من كان يتصور أن أمة العرب تنتصر على الفرس والروم .. بالموازين البشرية والخرائط الأرضية التي تضعها أيدي البشر مستحيل؛ لأن العرب كانوا أهل بادية، حفاة عراة، يعيشون في وسط الجزيرة العربية ، استطاعت الفرس أن تصل إلى حدود اليمن ؛ لأن اليمن السعيد فيه الجبال، وفيه المزارع والهواء الجميل، والروم استطاعوا أن يسيطروا على شمال الجزيرة العربية التي فيها المزارع والأنهار والأماكن الطيبة، أما وسط الجزيرة العربية فماذا فيها؟ صحاري قاحلة، ورمال مميتة، ولذا تركوها لأهلها البدو الذين لا حول لهم ولا قوة، بل كانوا إذا ضاقت بهم المعيشة يذهبون إلى فارس والروم يقتاتون ويأخذون الصدقات، فهل يعقل أن هؤلاء الأعراب يسيطرون على الإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية الرومانية ويهدونها عن بكرة أبيها في أقل من خمسة وعشرين سنة؟ أمعقول هذا بموازين الأرض؟ لا. بل وما كان أحد يصدق هذا.
حتى إن الصحابي الذي وعده الرسول بسواري كسرى وهو سراقة بن مالك الذي كان ممن طلب النبي صلى الله عليه وسلم وطارده وقت الهجرة حتى يحصل على الجائزة التي وضعتها قريش لمن يأتي بخبر الرسول أو يأتي به حياً أو ميتاً، وضعوا جائزة مائة بعير، يعني مثلما نقول الآن: مائة مرسيدس؛ لأنها وسائلهم وأموالهم وخير ما يمتلكون، فخرج بعضهم يريد هذه الجائزة، وكان الذي أدرك النبي صلى الله عليه وسلم سراقة، فلما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم دعا عليه فساخت قدما فرسه في الأرض حتى نشبت، فعرف أنه لا يستطيع الإمساك به فقال: يا رسول الله! ادع الله أن يرفع فرسي ولن أخبرهم، فأخذ الرسول عليه العهد ألا يخبر قريشاً بالأمر وقال: (كيف بك يا
فشاهد الصحابة هذا -وهذا يزيد في إيمانهم برسول الله صلى الله عليه وسلم- وشاهدوا كثيراً بعدها من النبوءات، ولا نزال نشاهد كل يوم خبراً يصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، مما يوحي ويثبت لنا بالأمر اليقين أن رسول الله لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. هذه الفائدة الثانية.
ثالثاً: من فوائد ذكر أشراط القيامة: تثبيت الإيمان بها ودعوة الناس إلى الاستعداد لها، إذ أنهم إذا رأوا علاماتها دفعهم هذا إلى الاستعداد لها، فقد تقوم عليهم القيامة فلا يماطلون، فيدفعهم الإيمان بها إلى أن يستعدوا للعمل بعدها.
رابعاً: بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم دالاً على الخير محذراً عن الشر، وقد دلَّ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على المنهج الأمثل الذي يلتزمونه عند حدوث بعض علامات الساعة، سواء كانت هذه العلامات من الصغرى أو الكبرى، وفي إخباره بالمغيبات المقبلة توجيه وتوعية للمسلمين من بعده كيف يتصرفون عند هذه الأحداث، ومن ذلك ما أخبر به عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: (كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فحذرنا من الدجال وفتنته، وأخبرنا أنه يمكث فينا أربعين يوماً: يوماً كسنة، ويوماً كشهر، ويوماً كجمعة، وسائر أيامه كأيامنا هذه، فقال أحد الصحابة: يا رسول الله! كيف نصنع بالصلاة في اليوم الذي كسنة؟ -انظروا الاهتمام من الصحابة، ما قالوا: ماذا نأكل في ذلك اليوم الذي طوله كسنة، أو أين ننام؟! اهتماماتهم بالدين- قال: اقدروا له قدره) اقدروا لهذا اليوم قدره من الصلوات، لولا هذا الخبر لكان الواحد منا يقول ما دام كسنة أنا سأقدر له خمس صلوات، أصلي في كل شهرين صلاة، لا ليس كذلك. بل قدر للسنة قدرها من الصلوات، يعني صلِّ في هذا اليوم صلاة سنة كاملة، اقدروا له قدره، أي: في اليوم الذي كأنه شهر مثلاً صل له صلاة شهر كاملاً، اقدروا له قدره وأعطوه ما يستحق من الصلوات، ومن كان سيعلم الصحابة هذا العلم لو لم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن هذه التوجيهات التي كان لها أثر عظيم في حياة السلف وحياة الصحابة الذين أدركوا بعض هذه الفتن، منها: ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أن عثمان تأتيه بلوى، والحديث في صحيح البخاري وصحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فدخل بئر أريس -حائط من بساتين المدينة - يقول: فتبعته، فقال: يا أبا موسى! أقفل الباب ولا تفتح لأحد إلا بإذني، فقلت: لأكونن اليوم بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني: شرف عظيم أني اليوم بواب النبي صلى الله عليه وسلم- يقول: فجلست فأتى أبو بكر ، فطرق الباب، فقلت: من؟ قال: أبو بكر ، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: افتح له وبشره بالجنة، قال: ففتحت له وبشرته بالجنة، فدخل وسلم وجلس على البئر بإزاء النبي صلى الله عليه وسلم ودلى رجليه مع رجلي النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: وبينما أنا جالس طرق الباب طارق، فقلت: من؟ قال: عمر ، فاستأذنت له النبي فأذن له وقال: ائذن له وبشره بالجنة -الله أكبر!- يقول أبو موسى : فقلت في نفسي ليت أخي يأتي) يظن أن من أتى ودخل بُشر، المسألة ليست هكذا، هذه جنة لا يدخلها الشخص إلا بعد تعب أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214] يقول: (قلت في نفسي: ليت أخي فلان يأتي حتى يبشره بالجنة، يقول: وبينما أنا جالس جاء
الله أكبر! ما أعظم هؤلاء الرجال! يقول: أستعين بالله على هذه البلوى، ما دام في المسألة جنة فأنا أستعين بالله حتى أصل الجنة، وهذه البلوى حصلت له رضي الله عنه، ذُبِح ذَبْح الشاة وهو يتلو كتاب الله والمصحف بين يديه، وكان الصحابة من حوله والعبيد عنده أربعمائة مولى بالسيوف، قالوا: والله لا يصلون إليك ونحن أحياء، قال: [من وضع سيفه فهو حر لوجه الله] فكلهم وضعوا السيوف، وما امتنع بشيء، وصبر على البلوى واقتحموا البيت ودخلوا عليه ورفعوا لحيته عن رقبته وذبحوه وسالت الدماء الزكية الطاهرة على مصحفه وهو يقرأ كتاب الله. (
ولنأخذ لمحة بسيطة عن عمار بن ياسر وهو مولى وأصله من اليمن ، جاء أبوه ياسر واثنان من أعمامه إلى مكة في طلب ولد لهم، ثم لم يجدوه فرجعوا وجلس ياسر ، ثم أعتقه أبو حذيفة بن المغيرة بن شعبة ثم تزوج بـسمية رضي الله عنها وأرضاها وولدت له عماراً وعبد الله ، ولما جاء الإسلام أكرمهم الله عز وجل بالإسلام كلهم، فأسلم ياسر وأسلمت سمية ، وأسلم عمار ، وأسلم عبد الله ، ونالهم من الأذى والتعذيب ما لا يعلمه إلا الله، وكان يمر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يعذبون ويقول لهم: (صبراً آل
يسمى عمار ويلقب بـأبي اليقظان ، كان من السابقين إلى الإسلام، وكان من أعيان المسلمين، وأيضاً من أصحاب بدر ، وأصحاب بدر لهم ميزة على سائر الصحابة، وأمه سمية ، ولما عذبه المشركون في يوم من الأيام عذبوه حتى كادوا يقتلونه فلم يدعوه حتى سب النبي ومدح آلهتهم، فجاء إلى النبي وقال: (يا رسول الله! والله ما زالوا بي حتى نلت منك ومدحت آلهتهم، قال: كيف تجد قلبك؟قال: مطمئناًبالإيمان، قال: إن عادوا فعد) قال: فنزل قول الله عز وجل: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:106].
الذي يكره على شيء والله يعلم أن قلبه مطمئن بالإيمان، فإن الله عز وجل لا يؤاخذه؛ لأن في هذا ضرورة والمهم القلب، واستأذن يوماً على النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند أصحابه، فقال: (من هذا؟ قالوا:
وكان رضي الله عنه مسدداً وموفقاً ولا يختار أمراً إلا والله يسدده فيه، يقول فيه صلى الله عليه وسلم: (ما عرض على
شخص من الناس قال: والله -يا أخي- إن شخصاً رآني في الشارع وقال: أرني يدك؟ يقول: فأعطيته يدي، فنظر فيها وقال: خيراً إن شاء الله، قلت: خيراً ماذا هناك؟ -والولد مسكين ضعيف ما عنده عقيدة- قال: بينك وبين أحد أقاربك عداوة، وهو يخطط لك في قضية خطيرة، وبعد أسبوعين سوف يأتيك خبر مفرح، وحصل في قلبك حزن قبل فترة ليست ببعيدة، فالولد صادف أن هذه الثلاث عنده، فأحد أبناء خاله تخاصم معه قبل أيام، وصار له حزن قبل أيام، وأيضاً يتوقع هو أن ينجح في الدور الثاني؛ لأنه يذاكر والدور الثاني في ثلاثة وعشرين، فجاء الولد المسكين وأنا خارج من المسجد، فقال: يا شيخ! قلت: نعم. قال: شخصٌ قبض يدي، وقال لي أخباراً كلها صحيحة. قلت: ماذا قال؟ قال: قرأ في كفي. قلت: أقرأها أنا؟ فعندما قرأت لم أجد فيها شيئاً. قلت: ما في كفك شيء يا أخي. قال: لا. بل قرأه. قلت: أهو عالم؟ قال: لا. بل رجل عادي، قلت: وماذا مكتوب في كفك .. إنجليزي أو عربي أو عبري؟ ما مكتوب شيء؟ قال: لكنه قرأ. قلت: قرأ على عقلك، يعني لبس عليك، وكذب عليك.
فهو كشخص يأتيك بورقة بيضاء ما فيها ولا شيء، ويقول: أقرأ عليك تعميماً، فتقول: قلت: ماذا قال لك؟ قال: يقول: إن شخصاً تخاصمت معه من أقاربي وأغضبني، قلت: كل الناس يتشاجرون مع أقاربهم، ومن الذي لا يتشاجر هو وأقاربه، حتى أنت وامرأتك تتشاجرا كل يوم وكل أسبوع، قال: وقال لي: إنه سوف يأتيني شيء مفرح، قلت: وفعلاً في المستقبل يأتيك شيء تفرح فيه إن شاء الله؛ لأن الحياة تتقلب بين حزن وفرح، وقال: إن شيئاً أحزنني قبل أيام وكذلك كل الناس يأتيهم حزن في الماضي أو المستقبل، ويأتيهم فرح في الماضي أو المستقبل.
ومرة جاءني شخص من كبار السن وقال: قرأت حظي في مجلة الأسبوع العربي حظك في هذا الشهر، قلت: ماذا فيها؟ قال: ستشعر بعد فترة بألم في ركبك، قلت: كم عمرك؟ قال: ستين سنة، قلت: طبيعي الروماتيزم سيأتيك في ركبك غصباً عنك، كل كبير يأتيه في ركبه شيء، فهذا الكذب وهذا الدجل الذي يضحكون به على عقول الناس هو جزءٌ من تلبية احتياجات الناس في كشف المغيبات، والله قد كشف لنا المغيبات بما هو حق، ألا وهو خبر أشراط الساعة.
والأشراط الصغرى تنقسم إلى قسمين: أشراطٌ مضت وانقضت، وأشراط نحن الآن فيها، وأشراط ننتظرها، وأما الأشراط الكبرى فهي واضحة ولم يأت منها شيء وسوف تأتي كما أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الأشراط ما دام أن الشيخ عبد الرحيم سيتحدث عنها في الأسبوع القادم فنريد أن نقف عندها وإلا فقد كنت هيئتها لكن نقف عندها لنشد أذهانكم وأنظاركم إليها بإذن الله فتحضرون ليلة الإثنين بعد مغرب يوم الأحد إن شاء الله في هذا المسجد، ونسأل الله أن يكون هذا المسجد وجميع مساجد المسلمين منبر نور وهداية وعلم يستفيد منه الناس ليعرفوا دينهم وليسيروا في طريق الله عز وجل على الوجه الذي يرضي الله تبارك وتعالى.
الجواب: أولاً: ننبه على أمرين.
الأمر الأول: الدعاء.
الأمر الثاني: البذل والعطاء.
لأن الدعاء سهل لكن لا يكون الدعاء صادقاً إلا إذا كان هناك بذل يرافقه، وإذا كنت عاجزاً عن أن تجاهد بنفسك فلا أقل من أن تجاهد بمالك، والله قد قال في كتابه الكريم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الصف:10] وكأن الناس قالوا: نعم. نريدها يا رب فما هي؟ فقال: تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:11] فدعوة أوجهها إليكم -أيها الإخوة- في التبرع بما تستطيعون عليه ولا يحتقر الإنسان شيئاً، وها هي جمعيات التبرع موجودة في كل مدينة، والحسابات موجودة في كل مكان، بإمكان كل مسلم إذا استلم الراتب أن يخرج منه ورقة -إن كان من أولي العزم وراتبه كبير- خمسمائة، وإن كان أقل يخرج مائة، أو خمسين، المهم لا يمر شهر إلا ولك مساهمة، يقول الدكتور عبد الله عزام وقد كتب لي كتاباً يطلب مني أن أحث الناس على التبرع، يقول: قل للمسلمين أن يجعلوا الجهاد في حياتهم كطفل من أطفالهم، إن طفلاً من أطفالك لا يذهب إلى المدرسة يومياً إلا بمال، وكم المال؟ ريالين أقل شيء أو ثلاثة أو خمسة، يعني تصير في الشهر ستين ريالاً، اجعل الجهاد واحداً من أطفالك، أعطه مالاً شهرياً ستين أو مائة ريال تدفعها من راتبك وتجعلها في سبيل الله يربيها لك الله يوم القيامة حتى تأتي يوم القيامة وهي كأمثال الجبال: مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ [النحل:96].. وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39] هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني: الدعاء، اجعل في دعائك وسجودك وصلاتك وليلك ونهارك لازمة من لوازم دعائك قل: اللهم انصر إخواننا المجاهدين، وقد سئل أحد قادة المجاهدين في الأفغان عندما قالوا له: لماذا تأخر فتح جلال أباد قال: تأخر الدعاء والعطاء من المسلمين، يقول: تطالبوننا بفتح جلال أباد ونحن نستقبل الرصاص والقنابل والصواريخ في صدورنا وأنتم على أسرتكم، كل واحد يشتري ست أو سبع جرائد يقرأ الأخبار، لا تشتري جريدة بل أرسل المال للأفغان يأكلون بها خبزاً، لا تدفع خمسة أو عشرة آلاف للمطبل لكي تعصي الله تبارك وتعالى وتصد الناس عن ذكر الله بل أرسلها للمجاهدين ليكون زواجك وزواج ولدك مباركاً، تؤسسه على تقوى من الله، لا تسرف في كل كمالياتك وإنما اصرف بالمقدار الشرعي والباقي اجعله لك عند الله عز وجل.
الجواب: أنصحك أن تقبل وتتجاوز هذه العوائق، وتقدم على الله بقوة، وتتوب التوبة الصادقة النصوح من جميع الذنوب صغيرها وكبيرها، وتلتزم بالطاعات كلها إذا عملت هذا فقد تبت، أما أن تقف تتردد وتقدم رِجلاً وتؤخر أخرى، فإن العوائق كثيرة، ولكن عليك أن تذكر المصيبة إذا مت وأنت غير تائب حين ترد النار وتخسر الجنة.
الجواب: هذه مصيبة عند أكثر الناس .. أتاهم الشيطان يقول: العلم مسئولية فلا تتعلم ثم تعمل، فماذا أعمل؟ قال: لا تتعلم، هذا الحل؟! يعني يظل ثوراً أعمى، الحل أنك إن كنت تتعلم ولا تعمل أن تعمل؛ لأنك إذا تعلمت فأنت قريب من العمل، لكن إذا لم تتعلم كيف تعمل؟ إن الشيطان يدل الإنسان ويقول: لا تتعلم ولا تتحمل مسئولية، إذا أتيت الندوة حملت المسئولية، لكن إذا قعدت في البيت بقيت خالي المسئولية، نعم. ليس عليه مسئولية ولكن عليه من الله وبال لا يعلمه إلا الله عز وجل.
الجواب: أولاً أصحح كلمة الأخ، يقول: إنني هاجمت المتقاعدين وأنا في الحقيقة ما هاجمت المتقاعدين وإنما هنأت المتقاعدين، وغبطتهم وقلت: الحمد لله الذي مد في أعماركم، ثم أعطاكم فرصة للعيش بغير تعب ولا عمل، وأعطاكم الراتب كاملاً، راتبك الذي كنت تأخذه وأنت تكد قالت الدولة: كثر الله خيرك، قد أديت واجبك وقمت بشرف الوظيفة حتى خرجت منها سالماً تفضل خذ الراتب وأنت نائم، من أجل ماذا؟ تتفرغ لعبادة الله، ولكني قلت: إن بعض المتقاعدين لما فرَّغتهم الدولة لما يهمهم في حياتهم تفرغوا للمرأة والأولاد، وأصبح الرجل ما معه أحد يأمره وينهاه فقد كان مسئولاً أو مديراً أو عريفاً أو رقيباً أو ضابطاً وكان يأمر وينهى، وعندما دخل الإدارة بعد التقاعد لا طاعة له ولا أمر ولا نهي، وعندما ذهب إلى السوق لم يرحب به أحد، وعاد ودخل على المرأة ويا ويلها إذا ما احترمته، لماذا؟ لأن الأمر الآن قد صار على المرأة والأولاد، وجلس بالمرصاد على الكرسي، يتسمع ويراقب الحركات ويصحح الغلطات، وأدى هذا إلى أن المرأة لا تفرح به.
كان المفروض -يا أخي المسلم- يوم أن فرَّغك الله من العمل أن تتفرغ للعمل الأخروي، ومن ضمن العمل الأخروي: الإشراف على شئون أسرتك لكن بشيء من الحلم والحكمة وغض البصر؛ لأن الأمور في البيوت لا تمشي على الوضع الذي يرضاه، الذي يريد الأمور كلها مائة بالمائة يتعب؛ لأنه لا بد من الغلط، ولا بد من أن ينكسر قلص، أو تدخل ترى الكهرباء مسرجة أو النافذة مفتوحة والهواء قد غبر المكان، ليس كل شيء كما تريد، فأنت إذا انزعجت من أجل هذه، وهذه أشغلت نفسك وأزعجت أهلك، وجعلتهم يكرهونك، لكن إذا دخلت والكهرباء مسرجة أطفئها أنت، ولا تقعد تضارب عليها، وإذا دخلت والباب ليس مغلقاً أغلقه واسكت، أو رأيت شيئاً مكسوراً غض البصر ثم صحح بالتي هي أحسن.
وأيضاً نقول -حتى لا ينزعج أخونا- للنساء بارك الله فيهن: مادام الزوج متقاعد فعليكن أن تضبطن الأمور، واعرفن أنه ليس غائباً فقد صار موجوداً، فراعن مشاعره، وحاولن أن تخففن من الغلطات، وحاولن أن تصححن من الأمور وإذا رأيتنه انزعج فاعذرنه؛ لأنه كان موظفاً .. يأمر وينهى، والآن ليس معه إلا أنتن، فاصبرن عليه حتى يتأقلم مع الجو ويصبر إن شاء الله على الأمور.
الجواب: هذا من مكر الشيطان؛ لأن الشيطان له أساليب ووسائل يستطيع بها أن يغزو قلوب الناس ويصطادهم، فيأتي إلى هذا ويقول: إذا أطلقت لحيتك صار ظاهرك سنة، لكن باطنك غير ذلك، تعرف ماذا تعمل؟ قال: لا. قال: اجعل ظاهرك وباطنك متساويان، من فوق ومن تحت، فيقول: أنا أريد أن أصلح الباطن، إذا أردت أن يصلح الباطن فأصلح الظاهر؛ لأنك إذا أصلحت الظاهر فإن شاء الله تقدر على الباطن، فابدأ أول شيء بإطلاق لحيتك؛ لأن من إطلاق لحيتك صلاح باطنك، يقول أحد العلماء: لا تقولوا للناس ربوا اللحية، قلنا: لماذا؟ قال: والله لا تنبت في الوجه إلا وقد نبتت محبة رسول الله والإيمان في القلب، ولا يحلقها لو تذهب رقبته، لكن إذا لم توجد محبة فإنكم تطلبون منه شططاً، وتكلفونه بما لا يطيق، هو كلما نام ورأى وجهه أملساً يفرح، لكن إذا تركته يعفيها؟
ونحن نقول لك: إن صلاح باطنك لا يتحقق إلا بامتثال أمر الله والعمل بسنة رسول الله في كل شيء ومنها إطلاق لحيتك، أما أن تحلقها من أجل ألا تقع في الرياء إذاً: ضاع الدين على هذه القاعدة، إذاً: لا تذهب للحج خوفاً أجل الرياء، وإذا جاء رمضان وجاء الظهر اطبخ كبسة رز وأكل، وإذا قالوا لك: لماذا؟ قل: أخاف الرياء، فأنا آكل حتى لا أصوم رياء، وإذا جاءتك الصلاة فلا تصلِّ، لماذا؟ قل: أنا أترك الصلاة من أجل الرياء، ما رأيكم في هذا؟ أهذا كلام يقال؟
يقول العلماء: إن العمل من أجل الناس شرك وترك العمل من أجل الناس رياء، والسلامة أن تعمل من أجل الله .. فلا تترك للناس ولا تعمل للناس.
الجواب: البيئات والعادات والتقاليد هذه إذا صادمت وعارضت السنة والدين وجب رفضها، وما حوربت أديان بأعظم من العادات، وكان كلما جاء نبي إلى قومه بدين: قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ [الزخرف:22] فعاداتنا في كشف الرجال على زوجات الأخ أو زوجة الأخ هذه عادة منكرة، وطريقة محرمة، ولا يحل للمسلم أن يكشف على زوجة أخيه، وهذه المشكلة ينبغي التغلب عليها بالصبر والمصابرة والمرابطة، ولو انزعج الأهل أو الأخ فإنك بهذا العمل ترضي الله، والذي يرضي الله لا بد أن يتعب، والجنة تحتاج إلى نوع من الصبر والتعب، والله يقول: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35].
الجواب: هذه المسألة أيها الإخوة: مما اختلف فيه أهل العلم، إذا دخلت المسجد والصف مملوء وليس هناك فرجة ولم تجد أحداً يصلي معك، فكيف تصلي؟ تصلي بمفردك، أو تنتظر مجيء شخص آخر، أو ماذا تصنع؟ اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أنك لا تصلي لحديث وابصة بن معبد رضي الله عنه وهو في السنن قال: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف) والشيخ ابن باز يرى هذا الرأي، ويقول: أنت بالخيار إما أن تقارب الناس وتجد لك فرجة، أو تنتظر حتى يأتي من يدخل معك، أو تستطيع أن تدخل مع الإمام إذا لم يكن في المحراب، أو تتخذ لك أي حيلة، فإذا لم تستطع فتبقى واقفاً إلى أن تكمل الصلاة ثم تصلي لوحدك، ولا تدخل في المسجد وتصلي وأنت منفرد للحديث: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف) هذا رأي الشيخ عبد العزيز بن باز .
الرأي الثاني: وهو لطائفة من أهل العلم، ويرجحه الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين وهو: أن تجتهد لتجد لك فرجة، فإن لم تجد فتصلي لوحدك، وجوابهم على حديث وابصة : (لا صلاة لمفرد خلف الصف) قالوا: هذا الحديث يحمل على من يجد فرجة، يعني: شخص أتى وفي الصف فرجة ثم ذهب يصلي هناك، فهذا ليس له صلاة، لكن من لم يجد فرجة ماذا يعمل؟ يسحب مصلياً من الصف، قالوا: هذا السحب والاختلاج لا دليل عليه؛ لأنه يعارض أدلة صحيحة، الدليل الأول: الأمر بإتمام الصفوف والذي يسحب ينقص الصفوف، الدليل الثاني: أنه أحرم صاحب الحق الأول من حق الذي اكتسبه بكونه من الصفوف الأولى، ولحديث: (خير صفوف الرجال أولها).
الأمر الثالث: أنه أربك الصف كله وأوجد فيه حركة واضطراباً لأن كل واحد يقرب من الثاني، من غير دليل ولا مبرر، قالوا: فماذا نصنع؟ قالوا: يصلي بصائغ الاضطرار والله عز وجل غفور رحيم.
هذان هما الرأيان وكلاهما صحيح، والذي يعمل بأي رأي منهما فهو على حقٍ إن شاء الله.
الجواب: عمك صنو أبيك، أي: مثل أبيك، وإذا كنت قد أخطأت عليه حتى خاصمك -لأننا لا نتصور أن يخاصمك عمك من غير سبب- فعليك أن تعتذر وأن تسعى إلى الإصلاح، وأن تقدم له كافة المبررات التي ترضيه عنك، وإذا لم يرض فاستمر في استرضائه والسلام عليه وتقبيل رأسه حتى يرضى عنك، هذا إذا كان الخصام في الدنيا، أما إذا كان الخصام في الله، كأن أبغضته في الله، أو كان -والعياذ بالله- بعيداً عن الله، فإنه يجوز لك قطيعته إذا كان مستمراً على معصية الله.
الجواب: الدين ليس فيه أغاني، غداً سوف يصنعون لنا زنا ديني، وربا ديني، وخمر ديني .. ثم يقولون: كفر ديني، ما معنى: غناء ديني؟! الغناء شيء والدين شيء فلا يصح أن نقول: أغاني دينية، هذا الكلام خطأ -يا إخواني- وهذه من المهزلة أن نسمي كلاماً يأتي عبر أصوات فاتنة وموسيقى صاخبة كلام ديني.
وربما الكلام نفسه الذي قاله محمد إقبال في حديث الروح كلاماً جيداً، لكن عندما غنته شوهته، يقول:
إذا الإيمان ضاع فلا أمانُ ولا دنيا لمن لم يحي دينا |
حسناً.. أين الدين؟ وأين دينكِ أنتِ؟ فهذا الكلام غلط وما في أغاني دينية، والأبيات إذا كانت سليمة ينبغي أن تبقى سليمة ولا تنجس ولا تلطخ بالمعازف والأشياء التي لا ترضي الله.
السؤال: لي صديق تخاصمت معه، وهو من بدأني بالخصام، فمن الذي يبدأ بمراضاة الآخر أنا أم هو؟
الجواب: الذي فيه خير هو الذي يبدأ، في الحديث: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) إذا أردت أن يكون الخير فيك فاذهب أنت الأول، وإذا كنت لا تريد الخير فربما يسبقك هو، فأنت كن من أهل الخير واذهب إليه لتكسر رقبة الشيطان، ولا يأتيك الشيطان فيصرفك عن هذا الخير.
الجواب: أقول لك: حرام، (الحمو الموت)، ولا يجوز لك، وإذا كان أخوك معك فليس معنى هذا أنك تطرده من البيت، أخوك يسكن معك لكن لا يسكن مع زوجتك، يسكن معك في بيتك، خصص له غرفة وحماماً، ويجلس في البيت وليس بالضروري أن يجلس معك ويرى المرأة، أو تقول: يا أخي اخرج أو هو يقول: والله لا أسكن معه؛ لأنه غطى امرأته عليَّ، يعني عندما غطيت امرأتي لا تريد أن تقعد معي، أجل ربما من أجل المرأة تجلس عندي، وعندما غطيتها خرجت، جعلك الله ما ترضى، اذهب.
الجواب: لا. ليس بصحيح، هذا الحديث الموجود فيه ليس بصحيح، لأنه جمع فيه الأحاديث ووضعها وقال: عن ابن عباس رضي الله عنه قال.. قال.. ثم أتى بثلاثين صفحة، لا يوجد في الدنيا حديث مكون من ثلاثين صفحة، فهو مجمع من الحديث الصحيح والضعيف والموضوع ولا يعتمد له، ولا يرجع إليه، وليس له أصل.
الجواب: أقول لك يا أخي: اتق الله في نظرك، وكما قال الحسن : [اعلم بأن نظر الله إليك أسرع من نظرك إلى المرأة التي تنظر لها] تذكر وأنت تتلفت أن الله يراك في تلك اللحظة؛ لأنهم قالوا للحسن البصري : بم نستعين عل غض البصر؟ قال: [بعلمكم بأن نظر الله إليكم أسرع من نظركم إلى النساء] فاتق الله يا أخي! وحاول وأنت تصطاف أن تبحث عن رفقة طيبة.
الجواب: نعم عليك إثم، وما من نظرة تنظرها إلى امرأة لا تحل لك إلا سمَّر الله يوم القيامة في عينيك مسمارين من نار، وسمر الله في جسدها التي نظرت إليها مسمارين من نار، فلا تنظر لها ولا تنظر لك -يا أخي- فعليك أن تتقي الله؛ لأن الله قد أمر بالحجاب، وقال للصحابة: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53].
الجواب: لا. لا يجوز لك أن تحمل امرأة لا تحل لك في السيارة بغير محرم، إذا كان محرمها معها فلا مانع، أما امرأة لوحدها فلا يجوز (ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما).
الجواب: نعم. تسقط عنك قراءة الفاتحة ودعاء الاستفتاح ولا ينبغي لك أن تضع دعاء الاستفتاح مع قراءة الفاتحة في مرتبة واحدة، دعاء الاستفتاح سنة، وقراءة الفاتحة ركن، لكن تسقط للحديث في سنن أبي داود : (من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة) ولكن بعض أهل الحديث يتزعمهم الإمام البخاري يرى أن إدراك الركوع لا تتم به إدراك الركعة لحديث عبادة بن الصامت : (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) ولكن الصحيح الذي عليه أهل العلم والأئمة الأربعة كلهم أن: (من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة).
الجواب: نعم لا شيء في هذا، ولا تشدد على نفسك -يا أخي- فيشدد الله عليك؛ لأن هذه الفضلات التي انتهت أصبحت بحكم الفضلة التي في يدك، أي لم يعد لها حرمة الطعام الطيب، أصبحت من الأشياء التي تتخلص منها من قدور أو من إناء، لكن بشرط ألا يكون طعاماً تراه بعينك، يعني لا تأتي المرأة بنصف قدر من أرز وتصبه في البيارة، لا يجوز هذا. لكن أقصد الفضلة التي تأتي في طرف القدر من غير أن يكون طعاماً بارزاً فهذا ليس فيه شيء إن شاء الله؛ لأننا لو قلنا للناس لا، معناه يلزمنا نعمل في مدينة أبها مجاري أخرى، وهذا ليس فيه دليل يحكم به.
الجواب: على ما تراه .. من الظهر أو الأمام أو ...، بعض الناس يحمل نفسه ويقول: حرام أن تضع السحاب من الظهر، من الذي قال لك: بأنه حرام؟ ما دام أن هذا الظهر أو الصدر لا ينكشف على أجنبي، أما السحاب تضعه من الأمام أو من الخلف كله سواء.
الجواب: والله لو يكبر بميكرفون فإن ذبيحته حرام، بعض السلاخين يرائي، أقول له: هل أنت تصلي؟ قال: إن شاء الله، وإذا به يصيح الله أكبر، يظهر لك أنه يكبر ويصلي، لكن إذا كان لا يصلي فهو كافر ولا يجوز أكل ذبيحته وإذا كان صاحب مسلخ فأنت تطعم الناس حراماً، إذا علمت أن هذا العامل لا يصلي ينبغي أن تسفره الآن، ولا يذبح غداً دجاجة واحدة؛ لأن كل دجاجة تذبح من هذا الكافر فإنما تؤكل حراماً، لو أنه يهودي فإنه أفضل من هذا الذي لا يصلي، لو أتيت بيهودي أو نصراني. مع العلم أنه لا يجوز إدخاله الجزيرة العربية ؛ لأن الرسول أمر ألا يبقى في الجزيرة العربية إلا دين واحد، فلا تأتي بيهودي ولا نصراني إلى الجزيرة لأنه لا يجوز، لكن لو أن يهودياً ذبح فذبيحته حلال، وذبيحة هذا الكافر الذي يترك الصلاة لا تحل.
الجواب: وماذا تصلي؟ أجل تصلي الصلاة التي تكون مستيقظاً وقتها، إن صلاة الفجر هي المقياس، وهي ترمومتر الإيمان، يقول العلماء: إن الظهر والعصر والمغرب والعشاء مثل الامتحانات الفصلية، لكن هناك امتحان نهائي، ما رأيكم إذا حضر الفصلي كله، وعندما جاء الامتحان النهائي ما أتى، أينجح أو يرسب؟ يرسب ولو يأتي في امتحانات الفصل الدرجة كاملة، فالله جعل صلاة الفجر امتحان نهائي للمؤمنين، وقال فيها: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً [الإسراء:78].
وقال فيها النبي في الصحيحين : (أثقل الصلوات على المنافقين صلاتي العشاء والفجر)فيا أخي! يا شاب! يا من وفقك الله للصلاة: إن كنت تريد أن تكون مؤمناً فأقم صلاة الفجر واحرص عليها، ومن لا يؤديها في المسجد باستمرار فهذه علامة النفاق، لا تسأل أنا منافق أو مؤمن، أنا من أهل الجنة أو من أهل النار؟ لكن اسأل نفسك في صلاة الفجر، فإن كنت من أهلها باستمرار فاعلم أنك مؤمن، وإن كان العبد لا يشهدها فاعلم أنه منافق، وليس بينه وبين عذاب الله إلا أن يموت، فهذا كلام الرسول يا إخواني، والحديث في صحيح البخاري وصحيح مسلم يقول: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاتي العشاء والفجر).
حسن أيها الشاب! يا صاحب السؤال، أسألك بالله -أنا لا أعرفك ولا تعرفني- لو صدر أمر هذه الليلة أن صلاة الفجر من حضرها يأخذ مائة ريال، فما رأيك أتقوم أم لا؟ والله إنك سترى هذا المسجد يمتلئ إلى الباب، وسوف يأتي الناس من قبل الصلاة؛ لأنه يقول: سوف يكون التسليم للصف الأول فالأول، فالذي يأتي بالصف الأول يستلم الأول، والذي يأتي هناك ينتظر إلى الساعة التاسعة، ما رأيك؟! إنهم سوف يتقاتلون (بالمشاعيب) على الصف الأول، بل بعضهم سيأتي بمخدته وينام هنا، يقول: لن يأتيني النوم في البيت أنا أخاف أن تفوتني الصلاة، ولو قام وما أيقظ أولاده فسوف يزعلون كلهم، ولو أيقظهم وذهب المسجد وأتى وهم نائمون لضربهم، إذا عندك ثلاثة أولاد ستربح ثلاثمائة ريال ستفضون بها وتتغدون وتتعشون وراتبك وراء ظهرك فمائة ريال أعظم أو الجنة؟!
فاسأل نفسك الآن، إن كنت تريد الجنة صل الفجر بالمسجد، وإن كنت تخدع نفسك وتصلي صلاة وتدع صلاة الفجر في المسجد فاعلم أنك مخذول -والعياذ بالله- وعليك أن تتوب إلى الله عز وجل.
الجواب: لا يجوز، إن كان المكتب لإنسان صاحب عمل شخصي واستأذنت صاحبه وسمح لك فلا مانع، وإن كان المكتب رسمي للدولة فالدولة لا تسمح لك أن تستعمل مقدراتها في أغراضك الخاصة، لا دبوس ولا قلم ولا مسطرة، ولا ظرف، ولا ورقة: ومن أخذ فهو غلول وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:161] ولو ظرف تأخذه من المكتب يأتي يوم القيامة وأنت تحمله على رقبتك، ولا تقل: الأمر هين؛ لأن موازين القيامة ترجح بالخردلة فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه [الزلزلة:8] لا تلم إلا نفسك، قد تقول: إني قد فعلت في الماضي فنقول: رده، تقول: لا أعلم نقول: قدّر وزد على ما تقدره، إذا كنت أخذت أقلاماً ردها، أو مساطر أو دباسة أو أي شيء تعرف أنك قد أخذته أحضره، تحلل منه اليوم قبل أن تحمله يوم القيامة في رقبتك، قال الله: وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ [الأنعام:31] وفي الحديث يقول عليه الصلاة والسلام: (لا ألفين أحدكم يأتيني يوم القيامة وعلى رقبته بعير له رغاء فيقول: أغثني يا رسول الله! فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد أبلغتك، ولا ألفين أحدكم يأتيني وعلى رقبته يوم القيامة بقرة أو شاة أو صامت أو رقاع) كلها تأتي بها وتأخذها من فوق ظهرك تحلل منها الآن قبل أن تموت.
الجواب: نعم. توبة المريض مقبولة ما لم يغرغر، إذا غرغر والروح في حلقه لا تنفع التوبة، أما إذا كان مريضاً فإن المريض يمرض وربما يعيش سنين عديدة، فإن توبته مقبولة بإذن الله عز وجل.
الجواب: نعم. الأصدقاء الذين تجالسهم وهم ليسو من المؤمنين عليك منهم إثم، إلا أن تكون مجالستك لهم بقصد الدعوة، وغرض الهداية، فأنت كالطبيب تصبر عليهم، أما إذا كنت معهم وساكت فإن عليك خطر بأن تكون مثلهم في يوم من الأيام.
الجواب: هذا كمن يترك الصوم خوفاً من الناس، لا تترك الدعوة خوفاً من ثناء الناس؛ لأن الصحابة سألوا قالوا: (يا رسول الله! الناس يثنوون على الإنسان فيستبشر، هل هذا من الرياء؟ قال: لا. ذلك عاجل بشرى المؤمن) إذا عملت العمل لوجه الله، ثم أثنى عليك الناس بما أنت عليه من خير، ووجدت في نفسك اغتباطاً فهذا عاجل البشرى لك، مثلما أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم على عمر وقال: (ما سلكت وادياً إلا سلك الشيطان فجاً غيره) وأثنى على أبي بكر وقال: (إيه يا
الجواب: يا إخواني مسألة البث المباشر نحن نستبق الأحداث، وأنا أقول: إن الخوض في هذه الأمور من الخوض في الأمور التي لم يحن أوانها، فلكل حادثة حديث ونسأل الله أن يكفي المسلمين كل بلاء في الدنيا والآخرة.
الجواب: لا يصح لا بشرط ولا بغيره؛ لأنه وإن لم يشترط الشرط فهو مشترط في القلب، وهذا يسمونه نكاح الشغار وهو حرام في الشرع، لكن إذا أتيت تتزوج من واحدة من غير أن يكون في ذمتك أو تواطئك أو أنكم اتفقتم أن هذه بهذه؛ لأن بعض الناس يتحايل وما على الله حيلة، لكن لو تزوجت ببنت واحد، وبعد ما تعارفتم تبين لك أن عندهم ولد وعندهم بنت وأردتم أن تتزوجوا فليس هناك شيء.
الجواب: هذا محرم عليها، لا يجوز لها أن تخرج في غيبته سواءً كان موجوداً أو غائباً إلا بإذنه، وإذا خرجت فلا يجوز لها أن تخرج متبرجة.
الجواب: اصبر على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، واعلم بأن سنة الله جارية في أن المجرمين يستهزئون بالمؤمنين، هذه سنة والله يقول: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ [المطففين:29].. إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ [الحجر:95] .. وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ [الأنعام:112] فهؤلاء أعداء يحاولون زعزعة عقيدتك وأقل درجة أنك تثبت على الإيمان، كيف تريد أن تدخل الجنة وأنت لم تثبت على شيء من دينك مقابل استهزاء الناس، بعض الناس يقولون له: يا مطوع! قال: وأنا مالي في هذه الورطة، أنا عندما أطلق لحيتي أضع عليها لوحة أني مطوع، ويناديني الناس: يا مطوع يا مطوع، إذاً كن أحلس أملس وضع رأسك مع الرءوس وامشي، فهذا خطأ .. لحيتك في وجهك سنة وصيانة وحماية لك، لا تستطيع أن تعمل سوءاً وأنت صاحب لحية، تستحي، فجزاها الله خيراً لأنها تعينك على الخير. والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر