اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن النسائي - كتاب مناسك الحج - (باب إنشاد الشعر في الحرم والمشي بين يدي الإمام) إلى (باب قتل الحية في الحرم) للشيخ : عبد المحسن العباد
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن النسائي - كتاب مناسك الحج - (باب إنشاد الشعر في الحرم والمشي بين يدي الإمام) إلى (باب قتل الحية في الحرم) للشيخ : عبد المحسن العباد
أخبرنا أبو عاصم خشيش بن أصرم حدثنا عبد الرزاق حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا ثابت عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، دخل مكة في عمرة القضاء وعبد الله بن رواحة يمشي بين يديه، وهو يقول: خلوا بني الكفار عن سبيله.. اليوم نضربكم على تنزيله.. ضرباً يزيل الهام عن مقيله.. ويذهل الخليل عن خليله. فقال له عمر: يا ابن رواحة، بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي حرم الله عز وجل تقول الشعر؟! قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: خل عنه، فلهو أسرع فيهم من نضح النبل)].
يقول النسائي رحمه الله: إنشاد الشعر في الحرم، والمشي بين يدي الإمام. مقصود النسائي من هذه الترجمة: حصول إنشاد الشعر في الحرم، وأن ذلك كان بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وفيه الإشارة أو الدلالة على أن ذلك سائغ، وأنه لا بأس به؛ لأنه فعل بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أقر على ذلك، وأيضاً أكد ذلك بقوله عندما لفت نظر ابن رواحة عمر رضي الله عنه، وأنكر عليه ذلك، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (خل عنه)، أي: أنه يتركه على ما هو عليه ينشد الشعر بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام، لما دخل مكة في عمرة القضاء، وهي العمرة التي حصلت في السنة السابعة من الهجرة بعد عمرة الحديبية؛ لأن عمرة الحديبية في السنة السادسة، وعمرة القضاء في السنة السابعة، وقيل لها: عمرة القضاء إما لأنها قضاءً عن العمرة السابقة التي صُد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت، أو أن المقصود بها عمرة المقاضاة والمصالحة؛ لأنه اتفق عليها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع كفار قريش على أنه يعتمر من العام القابل، فقيل لها: عمرة القضاء، أو القضية، أو المقاضاة؛ لأنها مصالحة واتفاق بين النبي صلى الله عليه وسلم، وكفار قريش، فلما قدم عليه الصلاة والسلام من العام القابل، وأتى بهذه العمرة، وكانت في ذي القعدة، جعل عبد الله بن رواحة رضي الله عنه يمشي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وينشد هذا الشعر:
خلوا بني الكفار عن سبيله.. اليوم نضربكم على تنزيله.. ضرباً.. يزيل الهام عن مقيله.. ويذهل الخليل عن خليله.
فقوله رضي الله عنه: (خلوا بني الكفار عن سبيله)، أي: يريد بذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، يعني: خلوا بينه وبين ما يريد، واتركوا سبيله، وخلوا الطريق له يمشي حتى يصل إلى مراده وهو وصوله إلى الكعبة والطواف بها، والسعي بين الصفا والمروة.
(اليوم نضربكم على تنزيله)، قيل: إن المراد بتنزيله، أي: حتى ننزله المنزل الذي يريده، أي: الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أن المراد تنزيله، أي: القرآن، وأنهم يمتثلون ما جاء في القرآن، ويستسلمون وينقادون لما جاء عنه في كتاب الله عز وجل، فيحتمل أن يكون المراد بتنزيله الضمير يرجع للرسول صلى الله عليه وسلم، وأنهم حتى ينزلوه المنزلة التي أرادها، ويوصلوه إلى المنتهى الذي أراده، وهو أن يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة وينهي عمرته، أو أن الضمير يرجع إلى القرآن، وهو أنهم يمتثلون ما جاء في القرآن.
ثم إن ذلك الضرب الذي أشار إليه إنما هو مبني على أساس أنهم إذا أخلفوا ما عاهدوا عليه، وما عوقدوا عليه، فإنهم يستحقون لذلك الضرب، وأما إذا كانوا لم يفعلوا، وتركوا الرسول صلى الله عليه وسلم يحقق الشيء الذي صالحهم عليه، ويأتي بهذه العمرة، فإنهم لا يستحقون الضرب، ولا يستحقون القتل، والقتال؛ لأن المدة مدة صلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وكفار قريش.
ثم قال بعد ذلك: (ضرباً يزيل الهام عن مقيله)، والهام هو أعلى الرأس، والمقصود: إنه يزيل الرأس عن موضعه، وذلك بالقتل، وفصل الرأس من الجسد، ويذهل الخليل عن خليله، يعني: هذا الضرب يذهل الخليل عن خليله، وهذا شعر عبد الله بن رواحة بين يدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
ثم إن عمر رضي الله عنه وأرضاه قال: يا ابن رواحة! تفعل هذا أو تنشد الشعر في حرم الله وبين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام؟! وأنكر عليه ذلك، ولم يكتف بكون الرسول صلى الله عليه وسلم أقره؛ لأنه كان يفعل ذلك بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم فقيل: لاحتمال أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام شغل عنه بشيء آخر، ولكنه عليه الصلاة والسلام أوضح وبين بأنه يسمع كلامه، ولهذا قال: (خل عنه، فلهو أسرع فيهم من نضح النبل)، يعني: شعره نفاذه في قلوبهم، وتأثيره في نفوسهم، (أسرع من نضح النبل)، وهو رميهم بالنبل، يعني: أنه أشد تأثيراً عليهم، ويسلك في قلوبهم، ويؤثر في قلوبهم، وأن ذلك أسرع من (من نضح النبل)، أي: رمي النبل، فهو أسرع تأثيراً في قلوبهم، من إرسال النبل إليهم.
والحديث دال على ما ترجم له المصنف في الحالتين: كون الشعر يكون في الحرم، وإنشاد الشعر في الحرم، ثم أيضاً كونه يمشي بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهو: أبو عاصم خشيش بن أصرم النسائي، هو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا عبد الرزاق].
وهو: عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا جعفر بن سليمان].
جعفر بن سليمان، وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا ثابت].
وهو: ثابت بن أسلم البناني البصري، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو: أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
أخبرنا محمد بن قدامة عن جرير عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفتح: (هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاه. قال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر، فذكر كلمة معناها إلا الإذخر)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي حرمة مكة، أي، تحريمها، وأنها حرام، وأنه لا يجوز فيها الأمور التي منع منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي كونه لا يسفك فيها دم، ولا يقتل فيها صيد، ولا يختلى خلاها، ولا يقطع شجرها، ولا تلتقط لقطتها إلا لمن عرفها، أي، على الدوام، فأمور خص بها الحرم الذي حرمه الله عز وجل، وهو مكة المكرمة بلد الله الحرام والمسجد الحرام، فأورد النسائي حديث ابن عباس الذي بين فيه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام تحريم الله عز وجل لهذا البلد، وقال: (إنه بلد حرمه الله عز وجل يوم خلق السموات والأرض)، أي، أن تحريم الله عز وجل إياه من حين خلق الله الأرض، وأوجد السماوات والأرض، فإن الله تعالى حرم هذه البقعة، وحرم هذه البلدة مكة المكرمة، فهي منذ خلقت السماوات والأرض وإلى أن تقوم الساعة، هي حرام، لا يسفك فيها دم، ولا يقتل فيها صيد، ولا يقطع شجرها، ولا يختلى خلاها، ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف لها، أي: على الدوام بحيث لا يملكها، ولا سبيل له إلى تملكها، فالرسول صلى الله عليه وسلم، عام الفتح لما فتح مكة، قال: (إن هذا البلد حرمه الله عز وجل يوم خلق السموات والأرض)، أي، أن تحريمه إياه منذ خلقت السموات والأرض، ومنذ وجدت الأرض، فإن الله تعالى حرم هذه البقعة، وهذا التحريم يستمر إلى قيام الساعة، وهي حرام بحرمة الله، أي: بتحريم الله عز وجل لها إلى قيام الساعة، فهي منذ خلقت الأرض إلى أن تنتهي الدنيا، وهذا البلد حرمه الله عز وجل، وهذا التحريم بينه النبي عليه الصلاة والسلام، في أمور لا يسوغ لأحد أن يتعاطاها فيه.
قوله: [(لا يعضد شوكه)]، لا يعضد أي: لا يقطع شجره، والمقصود بذلك، الشجر الذي ينبته الله عز وجل، أما الشيء الذي يزرعه الناس، فلهم أن يقطعوه، ولهم أن يتصرفوا فيه والشيء الذي ينبتوه لهم أن يقطعوه، ولهم أن يستفيدوا منه، وأما الشيء الذي ينبته الله عز وجل، فإنه لا يسوغ لأحد أن يتعرض له، بل يتركه فلا يعضد شوكه، ولا يقطع شجره، ولا يختلى خلاه، لا يقطع شجره، ولا يعضد شوكه، يعضد: يقطع، والعضد هو: القطع.
[(ولا ينفر صيده)]، يعني: لا يزعج، وإذا كان الإزعاج منهي عنه، فالقتل من باب أولى، فهو لا يصاد، بل ولا يزعج، ولا ينفر، بل يترك؛ لأنه دخل ذلك البلد الآمن، فيكون آمناً، فحرم الله عز وجل الصيد، بل حرم إزعاج الصيد، وتنفير الصيد، ولما حرمه وجعل ما دخله من الدواب، والصيد يكون آمناً، فإن الله عز وجل أبقى على طعامه، وأبقى على قوته، فجعل الشجر لا يقطع، والخلاء الذي هو النبات الرطب أيضاً لا يقطع؛ لأنه يكون طعاماً لهذا الصيد؛ لأن الصيد إذا دخله يكون آمناً، وعنده قوته وطعامه، ولو كان الشجر يقطع، والنبات يقطع، لاضطر الصيد إلى أن يخرج من الحرم؛ لأنه لا يجد له قوت، لكن الله عز وجل جعله يكون آمناً، وجعل قوته عنده، بحيث حرم على الناس أن يقطعوا الشجر، وأن يختلوا الخلاء، أي: الخلاء الذي هو العشب الرطب، أو النبات الرطب وليس اليابس.
قوله: [(ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها)، أي: عرفها دائماً، وهذه هي الميزة التي يتميز بها الحرم عن غيره، وأما غير الحرم فإن اللقطة تلتقط، ويعرفها صاحبها سنة، فإذا جاء صاحبها في خلال هذه المدة أعطاها إياه، وإن لم يأته فإنه يتملكها، لكن لو جاءه فيما بعد ووصفها، فإنه يدفعها إليه، وأما لقطة الحرم، فإنها لا تملك بعد سنة، وهذا هو الفرق بين لقطة الحرم ولقطة غير الحرم، الكل يعرف أن لقطة غير الحرم تعرف لمدة سنة، ثم يتملكها صاحبها، أي: الذي التقطها، وأما لقطة الحرم فإنها تعرف على الدوام.
قوله: [(ولا يختلى خلاه)]، يعني: لا يقطع نباته الرطب، أما اليابس فالشيء إذا يبس، فللناس أن يأخذوه.
قوله: [(قال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر)]، يريد منه أن يستثني الإذخر؛ لأنهم يستفيدون منه؛ لأنه يوضع في القبور بين اللبنات، وكذلك يتخذ في سقوف البيوت، وكذلك يتخذ ويستعمل في أمور أخرى، فـالعباس رضي الله عنه قال: (يا رسول الله، إلا الإذخر)، أي عندما قال الرسول: (ولا يختلى خلاها)، وسكت، ولم يستثن، بادر وقال: (يا رسول الله، إلا الإذخر)، يعني: يريد منه أن يستثني الإذخر حتى يستفيدوا منه في الأمور التي يحتاجون إليها لبيوتهم وقينهم، وهو نبت له رائحة طيبة، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إلا الإذخر)، يعني: أنه استثناه فصار أخذه، وقطعه في الحرم سائغ، باستثناء النبي الكريم عليه الصلاة والسلام إياه بعدما ذكر ذلك له العباس.
ومقصود العباس من قوله: (إلا الإذخر) هو التلقين، يعني: يريد منه أن يقول: إلا الإذخر؛ حتى يأتي المستثنى بعد المستثنى منه، وهذا من جنس ما جاء في الحديث الآخر لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (اللهم ارحم المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله،)، فهم يريدون منه أن يقول: والمقصرين يعطفها على المحلقين، فدعا للمحلقين ثم قال: (والمقصرين)، فهذا يسمونه العطف التلقيني، وهذا استثناء تلقيني.
وهو: محمد بن قدامة المصيصي، هو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن جرير].
وهو: جرير بن عبد الحميد، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
وهو: منصور بن المعتمر الكوفي، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مجاهد].
وهو: مجاهد بن جبر المكي، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس].
وهو: طاوس بن كيسان، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
وهو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
أخبرنا محمد بن رافع حدثنا يحيى بن آدم حدثنا مفضل عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكة: (إن هذا البلد حرام حرمه الله عز وجل، لم يحل فيه القتال لأحد قبلي، وأحل لي ساعةً من نهار، فهو حرام بحرمة الله عز وجل)].
ثم أورد النسائي الترجمة وهي: تحريم القتال في الحرم، أورد فيه حديث ابن عباس من طريق أخرى، وفيه الدلالة على ما ترجم له المصنف أن النبي عليه الصلاة والسلام قال يوم فتح مكة: إن هذا البلد حرمه الله عز وجل.
قوله: [(لم يحل فيه القتال لأحد قبلي، ولم يحل فيه لأحد بعدي)]، معناه: أنه قبل الرسول صلى الله عليه وسلم هو حرام لا يجوز فيه القتال، ولا يحل فيه القتال، والله أحله له ساعةً من نهار، يوم فتح الله عليه مكة، ثم إنها عادت الحرمة، وعاد تحريم القتال بعد ذلك، فهو حرام من قبل وحرام من بعد، وحلال للرسول عليه الصلاة والسلام في وقت معين، وفي ساعة من نهار، وذلك حين فتح الله عز وجل عليه مكة أبيح له القتال، وكان حراماً قبله، وهو حرام بعده صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(وأحل لي ساعةً من نهار)[، يعني: ذلك اليوم الذي فتح الله عليه مكة، [(فهو حرام بحرمة الله)]، يعني: بعد ذلك، يعني (فهو حرام بحرمة الله)، قبل ذلك وبعد ذلك، وجاء في بعض الروايات التنصيص على أن الحرمة عادت اليوم كما كانت بالأمس، يعني أنه أحلت له ساعةً من نهار، وكان قبل ذلك حراماً، ثم عاد بعد ذلك حراماً، ويستمر حراماً إلى قيام الساعة.
وهو: محمد بن رافع النيسابوري القشيري، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وهو من الشيوخ الذين أكثر عنهم الإمام مسلم، وهو يتفق مع الإمام مسلم في أنه من أهل بلده، وفي أنه من قبيلته، فـمسلم قشيري، وشيخه محمد بن رافع قشيري، ومسلم نيسابوري، وشيخه محمد بن رافع نيسابوري.
[حدثنا يحيى بن آدم].
وهو: يحيى بن آدم الكوفي، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا مفضل].
وهو: مفضل بن مهلهل، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس].
وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة.
ثم أورد النسائي حديث أبي شريح الخزاعي خويلد بن عمرو رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أنه لما أراد عمرو بن سعيد الأشدق تجهيز الجيوش، وإرسالها لـابن الزبير، وكان أميراً على المدينة يزيد بن معاوية، فكان يبعث أو يجهز الجيوش لإرسالها إلى ابن الزبير في مكة، فجاءه أبو شريح الخزاعي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، يريد أن يبين له ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في حرمة مكة، وتحريم القتال فيها، وخاطبه برفق، ولين، وبأدب، فقال: (ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك حديثاً قاله النبي صلى الله عليه وسلم، الغد من يوم الفتح سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به)، فقال أولاً: (ائذن لي أيها الأمير)، طلب منه الإذن، وهذا من الأدب، ما جاء وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وكذا، وإنما أتى بكلام لطيف، لين، بين يدي الحديث الذي سيلقيه عليه، وأكده بعدة تأكيدات، فقال: ائذن لي أيها الأمير، وطلب منه الإذن في الكلام، وخاطبه بلفظ الإمارة، وهذا أدب، ورفق، ولين، [(أن أحدثك قولاً قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح)]، يعني: ثاني يوم، ثم أكد هذا الذي سيحدثه به، قال: [(سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به)]، معناه: أن هذا الكلام الذي أقوله أنا متأكد منه، وضابط له، ومتحقق منه، فأنا أحدثك بحديث أعرف اليوم الذي قيل فيه، وقد سمعته أذناي من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووعاه قلبي، حفظته، وأتقنته، وكنت أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يحدث به، وأبصرته عيناي حين تكلم به، تأكيدات، وكل هذا بين يدي الكلام الذي سيلقيه، لكنه أراد أن يبين، وأن يوضح أن الذي يقوله هو ضابط له، وأنه متقن له.
ثم بدأ بالكلام فقال: [(إن الرسول حمد الله وأثنى عليه)]، يعني: بين يدي الكلام الذي قاله في الغد من يوم الفتح، أنه حمد الله وأثنى عليه، وهذا يدل على أنه يفتتح الكلام بحمد الله، والثناء عليه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام، عندما خطب الناس، وعندما حدث الناس بهذا الحديث، حمد الله وأثنى عليه، فهذا يدلنا على أنه بين يدي الكلام يحمد الله عز وجل، ويثنى عليه سبحانه وتعالى.
ثم قال عليه الصلاة والسلام في كلامه الذي ضبطه أبو شريح الخزاعي رضي الله عنه: (إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس)، التحريم لها إنما هو من الله، هو الذي حرمها، ولم يكن تحريمها مما اصطلح عليه الناس، وتواطأ عليه الناس، إنما هذا من الله عز وجل، هو الذي حرم مكة، ولم يحرمها الناس، فتحريمها إنما هو منه سبحانه وتعالى، وليس من الأمور التي اصطلح عليها الناس.
قوله: [(ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دماً، أو يعضد فيها شجراً)]، ذكر -بين يدي ذلك الأمر المحرم وهو: سفك الدم، وعضد الشجر- الإيمان بالله واليوم الآخر؛ لأن التنبيه أو وصف الشخص الذي قيل: إنه لا يحل له، بأنه يؤمن بالله واليوم الآخر، أن ذلك يدفعه إلى أن يمتثل، وأن يبتعد عن ذلك الذي حرم عليه؛ لأن كونه يؤمن بالله عليه أن يمتثل ما جاء عن الله، وكونه يؤمن باليوم الآخر، اليوم الذي يجازى الناس فيه بأعمالهم، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، يجعل الإنسان يحذر أن يقع في أمر محرم يحاسب عليه يوم القيامة، فذكر مع الإيمان بالله الإيمان باليوم الآخر، الإيمان بالله لأنه أصل الإيمان؛ ولأن كل إيمان بشيء سواه إنما هو تابع للإيمان بالله، والإيمان بالملائكة كل ذلك تابع للإيمان بالله، ولكنه جاء التنصيص على اليوم الآخر فقط مع الإيمان بالله؛ لأنه يوم الجزاء والحساب، وهو الذي يحاسب الناس فيه على أعمالهم، فنص عليه مع الإيمان بالله للتنبيه إلى الابتعاد عن الشيء الذي هو محرم؛ حتى لا يؤاخذ الإنسان عليه يوم القيامة.
وقد جاء في الكتاب العزيز والسنة المطهرة ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر بين يدي الشيء الذي يراد فعله، أو يراد تركه، فجاء في القرآن قول الله عز وجل: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء:59]، (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)، يعني: فأنتم تفعلون هذا الفعل.
وفي السنة المطهرة جاءت أحاديث كثيرة: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)، (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم)، فيأتي في نصوص الكتاب والسنة الجمع بين الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر؛ لأن ذلك يدفع الإنسان إلى أن يفعل ما هو مأمور به، وأن يبتعد عن الشيء الذي حرم عليه، (لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دماً، ولا يعضد شجراً)، لا يسفك الدم، لا يقتل أحداً، ولا يقاتل، ولا يعضد الشجر، ولا يقطعه.
قوله: [(فإن ترخص أحد لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها)]، وقال: خلاص، الله يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَة حَسَنَة [الأحزاب:21]، والرسول صلى الله عليه وسلم قاتل فيها، وسد الأبواب أمام الناس، وقال: (فإن ترخص أحد لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا: إن الله أذن لرسوله، ولم يأذن لكم)، يعني: هذا خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام، إن أحدٌ استدل أو قال متوصلاً إلى مراده، ومحتجاً بفعل النبي عليه الصلاة والسلام عام الفتح، فقولوا له: [(إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم)]، يعني: إن هذا خاص بالرسول، وأحلت للرسول صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار، وكانت حراماً قبل ذلك، ثم عادت حرمتها بعد ذلك، فلا يحل لأحد أن يحتج بفعل النبي عليه الصلاة والسلام عام الفتح، بل يقال لمن وقع في نفسه شيء من ذلك، أو فكر في ذلك، أو حدث في نفسه ذلك أن يقال له: (إن الله أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم ولم يأذن لكم)، وهذا من كمال بيانه، وإيضاحه عليه الصلاة والسلام.
قوله: [(وإنما أذن لي فيها ساعةً من نهار)]، يعني: كانت حراماً فأذن له ساعةً من نهار، ثم عادت حرمتها كما كانت، عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، يعني الحالة التي كانت عليها قبل أن يقاتل النبي صلى الله عليه وسلم فيها، عادت كما كانت بعد قتاله عليه الصلاة والسلام.
ثم قال عليه الصلاة والسلام: [(ليبلغ الشاهد الغائب)]، فهذا الكلام الذي أقوله لكم معشر الحاضرين بلغوه الغائبين، فالحاضرون الذين يسمعون كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، عليهم أن يبلغوا الغائبين، فهذا كلام في غاية الوضوح والبيان، وهذا الذي قال عنه أبو شريح الخزاعي رضي الله عنه: أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووعاه قلبه، وأبصرته عيناه حين تكلم به، معناه: أنه متقن له، وهذا الكلام الذي قاله النبي عليه الصلاة والسلام في غاية الإيضاح والبيان؛ لأنه عليه الصلاة والسلام بين أن هذا من خصائصه، ولو أن أحداً ترخص وقال: إنه لا بأس بذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، ونحن نقتدي بالنبي عليه الصلاة والسلام، فإنه يقال له: (إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم).
وهو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث].
وهو: الليث بن سعد المصري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن أبي سعيد].
وهو: سعيد بن أبي سعيد المقبري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي شريح].
وهو: خويلد بن عمرو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا عمران بن بكار حدثنا بشر أخبرني أبي عن الزهري أخبرني سحيم: أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يغزو هذا البيت جيش فيخسف بهم بالبيداء)].
أورد النسائي حرمة الحرم، وهو أنه حرام لا يجوز غزوه وقصد القتال فيه، أو القصد إلى القتال فيه، وأورد فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (يغزو هذا البيت جيش فيخسف بهم بالبيداء).
والحديث معناه: أن الله تعالى يعاقبهم بأن يخسف بهم؛ لأنهم أرادوا هذا البيت للقتال فيه، فالله تعالى يخسف بهم الأرض، وهذا يدل على حرمة الحرم، والترجمة التي عقدها المصنف وهي حرمة الحرم أن هؤلاء الذين قصدوه وأرادوه، الله تعالى يخسف بهم بالبيداء، والبيداء هي: المكان الواسع من الأرض، فذلك المكان أو أولئك الذين أموا هذا البيت وقصدوه من أجل غزوه والقتال فيه، الله تعالى يخسف بهم الأرض في البيداء.
عمران بن بكار، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا بشر].
هو: بشر بن شعيب بن أبي حمزة، وهو ثقة، أخرج له البخاري، والترمذي، والنسائي. وبشر هذا هو الذي قال عنه البخاري رحمة الله عليه: تركناه حياً سنة ثنتي عشرة ومائتين، فـابن حبان رحمه الله لما نقل عن البخاري هذا الكلام أخطأ فقال البخاري: تركناه، ولم يأت ما وراءها، فاختلف المعنى، فصار معناه: أن البخاري ترك الرواية عنه، هذا هو مقتضى الترك، لكن البخاري قال: تركناه حياً سنة ثنتي عشرة ومائتين، فأخطأ ابن حبان، وكلمة تركناه وحدها غير تركناه حياً سنة اثنتي عشرة ومائتين، والبخاري قد أخرج له.
[أخبرني أبي].
وهو: شعيب بن أبي حمزة الحمصي، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
وهو: محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، هو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أبي هريرة].
وهو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.
أورد النسائي حديث أبي هريرة: (لا تنتهي البعوث عن غزو هذا البيت حتى يخسف بجيش منهم)، معناه: أنه يحصل خسف لجيش من الجيوش التي تتجه إلى مكة لغزوها، ولغزو أهلها، فإنه يخسف بهم، وهو متفق مع الحديث الذي قبله من جهة إنه (يغزو هذا البيت جيش فيخسف بهم بالبيداء)، فهذا يدل على أن جيشاً من الجيوش التي تؤم البيت، أنه يخسف بذلك الجيش.
هو: محمد بن إدريس أبو حاتم الرازي، وهو إمام، حافظ، ثقة، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وكلامه في الرجال كثير هو أبو زرعة، وكثيراً ما يأتي عند ابن أبي حاتم يذكر عن أبيه أبي زرعة، عن أبيه محمد بن إدريس، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، كثيراً ما ينقل عنهما عبد الرحمن بن أبي حاتم الكلام في الرجال، فهما إمامان من أئمة الجرح والتعديل، وأبو حاتم الذي معنا إمام في الجرح والتعديل، وحديثه أخرجه البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه في التفسير.
[حدثنا عمر بن حفص بن غياث].
عمر بن حفص، وعندكم عمرو وهو خطأ، بل هو عمر بن حفص بن غياث،
وهو ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا أبي].
وهو: حفص بن غياث، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مسعر].
وهو: مسعر بن كدام، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني طلحة بن مصرف].
طلحة بن مصرف، وهو ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي مسلم الأغر].
وهو: أبو مسلم الأغر، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.
أورد النسائي حديث حفصة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (يبعث جند إلى هذا الحرم، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأولهم وآخرهم، ولم ينج أوسطهم، قلت: يا رسول الله، أرأيت إن كان فيهم مؤمنون؟ قال: تكون لهم قبوراً)، يعني: تلك الأرض التي قتلوا فيها تكون لهم قبوراً، وتكون نهايتهم بكونهم في ذلك الجيش، وتكون لهم قبوراً، ولكن لا يكون شأنهم شأن الذين أرادوا غزوه، والذين هم قاصدون لغزوه، وإنما هم مكرهون أو ملجئون إلى ذلك، مثل ما جاء في بعض الأحاديث (يبعثون على نياتهم)، معناه: أنهم يموتون ويبعثون على نياتهم، وكل يبعث على ما مات عليه، والحديث متفق مع الرواية السابقة إلا فيما يتعلق بذكر القبور، وأنها تكون لهم قبوراً.
محمد بن داود المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا يحيى بن محمد بن سابق].
يحيى بن محمد بن سابق، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبي أسامة].
وهو: أبو أسامة حماد بن أسامة، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد السلام].
وهو: عبد السلام بن حرب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الدالاني].
وهو: أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن، وهو صدوق، يخطئ كثيراً، وحديثه أخرجه أصحاب السنن.
[عن عمرو بن مرة].
عمرو بن مرة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم بن أبي الجعد].
سالم بن أبي الجعد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أخيه].
أخيه، ولا أدري من هو؟ وقد ذكر ابن حجر في آخر التقريب قال: سالم بن أبي الجعد عن أخيه، قال: وله خمسة إخوة، ثم ذكر هؤلاء الخمسة، فلا ندري من هو؟ وفي تهذيب الكمال لما ذكر التلاميذ والشيوخ قال: وروى سالم بن أبي الجعد عن أخيه، عن ابن أبي ربيعة، عن حفصة، فلا أدري من هو هذا الشخص الذي هو أخوه؟ أي: هذا المبهم.
[عن ابن أبي ربيعة].
وهو: الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، أمير الكوفة، أو البصرة، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن حفصة].
وهي: حفصة بنت عمر أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث كما هو واضح متفق مع الحديثين السابقين، وكذلك مع الأحاديث الأخرى التي فيها أنه (يغزو جيش فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم)، كذا قال: (يهلكون جميعاً ثم يبعثون على نياتهم)، والشيء الغريب فيه هو ذكر القبور.
وهذا الإسناد من أطول الأسانيد عند النسائي؛ لأنه عشاري؛ لأن الإسناد فيه بين النسائي وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام عشرة أشخاص، فهو من أطول الأسانيد، وقد سبق أن مر بنا في فضل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] إسناد رجاله عشرة بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فيه النسائي: هذا أطول إسناد، وهذا الذي معنا أيضاً هو مثل ذاك الذي قال عنه النسائي: إنه أطول إسناد.
أورد النسائي حديث حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وهو أنه [(يغزو جيش البيت، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأوسطهم فينادي أولهم وآخرهم فيخسف بهم جميعاً)].
معناه: أنه يحصل الخسف بالأوسط، ثم يخسف بالأطراف.
قوله: [(ولا ينجو إلا الشريد الذي يخبر عنهم)]، أي: لا ينجو منهم إلا الشريد الذي يخبر بخبرهم، وأنه قد خسف بهم.
قوله: [(فقال له رجل: أشهد عليك أنك ما كذبت على جدك)].
(فقال له رجل)، الشخص الذي قيل فيه هذا الكلام هو أمية بن صفوان بن عبد الله بن صفوان، قال: أشهد أنك ما كذبت على جدك، وأن جدك ما كذب على حفصة، وأن حفصة ما كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحسين بن عيسى، وهو صدوق، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا سفيان].
هو: سفيان بن عيينة، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أمية بن صفوان بن عبد الله بن صفوان].
أمية بن صفوان بن عبد الله بن صفوان، وهو مقبول، أخرج له مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[أنه سمع جده].
جده عبد الله بن صفوان، وهو تابعي، قال ابن حجر: ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إنه في كبار التابعين، أخرج له مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثتني حفصة].
حفصة، وقد مر ذكرها.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا وكيع حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الغراب، والحدأة، والكلب العقور، والعقرب، والفأرة)].
أورد النسائي ما يقتل في الحرم من الدواب، وقد سبق أن مرت الأحاديث المتعلقة بالخمس الفواسق فيما يتعلق في حال الإحرام، وأنهن يقتلن في الإحرام والحرم، هنا أتى بها من أجل الحرم، وهناك أتى بها من أجل الإحرام، وأورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها قوله عليه الصلاة والسلام: (خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الغراب، والحدأة، والكلب العقور، والعقرب، والفأرة). والحديث قد مر من طرق عدة، وتكلمنا عليه فيما مضى.
وهو: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي، هو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[أخبرنا وكيع].
وهو: وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا هشام بن عروة].
هشام بن عروة، وهو ثقة، ربما وهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وهو: عروة بن الزبير، هو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي: أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا النضر بن شميل أخبرنا شعبة عن قتادة أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب يحدث عن عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: (خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية، والكلب العقور، والغراب الأبقع، والحدأة، والفأرة)].
أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى تحت ترجمة أخرى وهي قتل الحية في الحرم.
إسحاق بن إبراهيم، مر ذكره.
[حدثنا النضر بن شميل].
النضر بن شميل، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا شعبة].
وهو: شعبة بن الحجاج الوسطي ثم البصري، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
وهو: قتادة بن دعامة السدوسي البصري، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت سعيد بن المسيب].
سعيد بن المسيب، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[يحدث عن عائشة].
عائشة رضي الله عنها.
أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنهم (كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الخيف من منى وعندما نزلت وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا، فخرجت عليهم حية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اقتلوها، فابتدروها -يعني كل واحد منهم بادر يريد أن يقتلها- فدخلت جحرها)، والمقصود: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتلها، والترجمة هي قتل الحية في الحرم، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بقتلها وكانوا في منى، ومنى من الحرم، ومزدلفة كذلك من الحرم، وأما عرفات فإنها خارج الحرم.
هو: أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يحيى بن آدم].
يحيى بن آدم، وقد مر ذكره.
[عن حفص بن غياث].
حفص بن غياث، وقد مر ذكره.
[عن الأعمش].
وهو: سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم].
وهو: ابن يزيد بن قيس النخعي، هو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأسود [.
هو: الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، هو ثقة، مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
هو: عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وإبراهيم النخعي يروي عن خاله الأسود بن يزيد بن قيس؛ لأن الأسود هو خال لـإبراهيم، وقد روى إبراهيم عن خاليه الأسود وعبد الرحمن بن يزيد.
أورد النسائي حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وأنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وذلك ليلة عرفة، يعني: في اليوم الثامن ليلة التاسع، وسمعوا حس حية، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم بقتلها، فدخلت في جحرها، فأخذوا عوداً وهدموا بعض الجحر، يعني: أدخلوا عوداً ورفعوه، وسقط شيء منه، ولكنها بعيدة، ثم أخذوا سعفةً وأضرموها يعني عند الباب عند باب الجحر يريدون أن تخرج، ثم إنها ما خرجت، فقال عليه الصلاة والسلام: (وقاكم الله شرها، ووقاها شركم)، يعني: هي سلمت منكم، وأنتم سلمتم منها، سلمتم منها فلم تؤذكم وتلسعكم، وهي سلمت من قتلكم إياها.
هو: عمرو بن علي الفلاس، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى القطان].
يحيى القطان، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن جريج].
وهو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، هو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني أبي الزبير].
وهو: محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن مجاهد].
وهو: مجاهد بن جبر، وقد مر ذكره.
[عن أبي عبيدة].
وهو: أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، قيل: إن اسمه كنيته، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقال الحافظ: الراجح أنه لم يسمع من أبيه، لكن الحديث كما هو معلوم ما جاء من طريقه وحده، بل جاء من طريق أخرى.
[عن أبيه].
وهو: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن النسائي - كتاب مناسك الحج - (باب إنشاد الشعر في الحرم والمشي بين يدي الإمام) إلى (باب قتل الحية في الحرم) للشيخ : عبد المحسن العباد
https://audio.islamweb.net