اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب [25] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين
الجواب: قبل أن نجيب على هذا السؤال نحب أن نبين لإخواننا المستمعين أن النذر مكروه, بل إنه محرمٌ عند كثيرٍ من أهل العلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه؛ ولأن الإنسان يلزم نفسه بما لم يلزمه الله به؛ ولأن الإنسان ربما لا يستطيع أن يفي بهذا النذر لعذرٍ حقيقي شرعي أو للتهاون، فيكون في ذلك خطرٌ عظيمٌ عليه, كما في قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [التوبة:75-76] وحصل لهم ما علقوا عليه هذين الأمرين: الصدقة والصلاح فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [التوبة:76] يعني: فلم يتصدقوا وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [التوبة:76] فلم يكونوا من الصالحين, والنتيجة والعقوبة: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة:77].
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في النذر: ( إنه لا يأتي بخيرٍ, وإنما يستخرج به من البخيل ) البخيل ببدنه إذا كان النذر عملاً بدنياً كصلاةٍ وصوم, أو البخيل بماله فيما إذا كان النذر مالياً كالصدقة وشبهها.
وعلى كل حال أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النذر لا يأتي بخيرٍ, وما لا يأتي بخيرٍ فليس فيه خير.
ولهذا ننهى إخواننا أن يلجئوا عند الشدائد إلى النذور, وإنما المطلوب من المسلم أن يلجأ عند الشدائد إلى الله سبحانه وتعالى، ويسأله الفرج وإزالة الشدة, ويعلم علماً يقينياً بأنه كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن النصر مع الصبر, وأن الفرج مع الكرب, وأن مع العسر يسراً ).
والإنسان إذا نذر عند الشدة وأزيلت الشدة عنه فليس معنى ذلك أن سبب إزالتها هو النذر, فالشدة لم تزل بالنذر؛ لأننا لا نعلم أن النذر سببٌ لإزالة الشدة, وإنما ابتلى الله سبحانه وتعالى المرء فأزال عنه هذه الشدة عند النذر لا بالنذر, وهذا كما يحصل حتى في فتنة عباد القبور الذين يعبدون القبر ويدعون صاحب القبر وربما يحصل مطلوبهم بعد دعاء صاحب القبر ليختبرهم الله بذلك ويبلوهم, ونحن نعلم أن ما حصل لهم من المطلوب ليس من صاحب القبر, ولكنه حصل عند دعائهم إياه لا بدعائهم إياه.
وعلى كل حال بعد هذه المقدمة نرجع إلى الجواب على هذا السؤال: فأمه التي جعلت في ذمتها والذي يظهر أنها جعلت ذلك بصيغة النذر بأن نذرت أن تصوم في كل سنةٍ شهراً لإزالة هذه الشدة, فإننا نقول: يجب عليها أن تفي بنذرها؛ لأن الصوم طاعةٌ لله سبحانه وتعالى, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) فيجب على المسلم إذا نذر طاعةً سواءٌ كان نذراً معلقاً على شرط كهذا النذر أو غير معلق، يجب عليه أن يوفي بنذره إذا كان طاعةً لله عز وجل, ونسأل الله أن يعينها على ما ألزمت به نفسها.
مداخلة: مثلاً إذا عجزت لكبر سنها ألا يسقط عنها النذر كما يسقط عنها صوم رمضان؟
الشيخ: إذا عجزت لكبر سنها يعني: لا في الشتاء ولا في الصيف عجزت، وهذا الشهر لم تقيده بزمن فهو يصلح في الشتاء ويصلح في الصيف، وكذلك يصلح متتابعاً ويصلح متفرقاً, إلا إذا كان من نيتها أنه متتابع فلكل امرئٍ ما نوى, ويجب عليها أن تفيء به متتابعاً.
فأما إذا قالت: شهراً وأطلقت فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه يجوز متتابعاً ويجوز متفرقاً, لكن إذا عجزت لكبر -كما سألت- فالظاهر أنه يجب عليها ما يجب على العاجز عن صيام رمضان, بمعنى أن تطعم عن كل يومٍ مسكيناً؛ لأن الواجب بالنذر يحذى به حذو الواجب بالشرع إلا ما قام الدليل على الفرق بينهما فيه.
الجواب: النذر ليس له صيغة معينة, بل كل قولٍ يدل على التزام العبد بالشيء لله فهو نذرٌ, فإن قرنه باليمين صار يميناً ونذراً.
الجواب: في هذه الحال يسأل عن نيته, فأحياناً يكون الرجل نوى بهذا النذر إظهار الفرح والسرور فقط, كما يظهر الفرح والسرور بالقادم ويذبح له ذبيحة, فهذا النذر حكمه أنه نذر مباح, بمعنى أنه يخير بين أن يفعله ويأكل منه هو وأهله وأقاربه وجيرانه, وبين أن يكفر كفارة يمين؛ لأن القاعدة في النذر المباح أن يخير الإنسان بين فعل ما نذر وبين كفارة اليمين.
وأرجو لإخواني المتمسكين بالعربية ألا ينكروا علي إدخال بين هنا بين العطف والمعطوف عليه؛ لأن لكل مقام مقالاً, أما إذا كان هذا الذي نذر إن رزقه الله ولداً أن يذبح شاة مثلاً, إذا كان نيته أن يذبحها شكراً لله عز وجل على هذه النعمة فإنه يحذى بها حذو الصدقة فتطعم للفقراء والمساكين.
الجواب: القرآن الكريم يقرؤه الإنسان بقدر ما يستطيع كغيره من الطاعات: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] فيقرأ الإنسان بقدر استطاعته إذا كان عنده معرفة بالحروف وإقامة لها بقدر المستطاع, وفي هذه الحال إذا كان يشق عليه فإنه له أجر: أجر التلاوة وأجر المشقة, فـ( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة, والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ) كما جاء ذلك في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فنقول لهذا الأخ: استمر في قراءتك ما دمت تعرف أن تقرأ, وبقدر ما تستطيع أقم الحروف, وبقدر ما تستطيع لاحظ الرموز والمواقف الصحيحة, وليس عليك شيءٌ وراء ذلك.
الجواب: يبدو لي أن هذا ليس ناتجاً عن شهوة أو تذكر, وعلى هذا فإن هذا الماء الأبيض الرقيق لا يعتبر مذياً ولا منياً, وإنما هي رواسب في ما يبدو في قنوات البول, وتتعقد على هذا الوجه, وتخرج قبل البول وربما تخرج بعده أحياناً, فعليه يكون حكمها حكم البول تماماً, بمعنى: أنه يجب تطهيرها, وتطهير ما أصابت، ولا يجب أكثر من ذلك.
الجواب: أما صيغة القسم بقول الإنسان: وحياة الله فهذه لا بأس بها؛ لأن القسم يكون بالله سبحانه وتعالى وبأي اسمٍ من أسمائه, ويكون كذلك بصفاته: كالحياة والعلم والعزة والقدرة وما أشبه ذلك, فيجوز أن يقول الحالف: وحياة الله وعلم الله وقدرة الله وعزة الله وما أشبه هذا مما يكون من صفات الله سبحانه وتعالى, كما يجوز القسم بالقرآن الكريم؛ لأنه كلام الله, وبالمصحف أيضاً لأنه مشتملٌ على كلام الله سبحانه وتعالى.
أما قولها: حرامٌ على ربنا، فإذا كانت تقصد أن الله حرامٌ عليها، فهذا لا معنى له, ولا يجوز مثل هذا الكلام؛ لأن معنى هذا التحريم هل أن عبادة الله حرامٌ عليها أو ما أدري ويش معنى هذا الكلام؟ أما إذا كانت تريد حرامٌ علي هذا الشيء أو حرامٌ علي أن لا تفعل أنت هذا الشيء, وتقصد بربنا: أي يا ربنا، فهذا لا بأس, هذه صيغة لتحريم الشيء، والشيء إذا حرم لو قصد الإنسان به امتناع عنه صار بمنزلة اليمين, كما قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:1-2] فجعل هذا التحريم يميناً, وقال: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:2] فالإنسان إذا قال: هذا حرامٌ علي أو حرامٌ عليه أن لا يفعل، أي لا أفعل كذا, وقصده بذلك الامتناع من هذا الشيء, فحكمه حكم اليمين, بمعنى أن نقول: كأنك قلت: والله لا أفعل هذا الشيء, أو والله لا ألبس هذا الثوب, أو والله لا آكل هذا الطعام.
وعلى هذا فما دام الزوج ترك الملابس التي حلفت عليه فيها اليمين فإنه ليس عليها شيء ليس عليها كفارة يمين؛ لأن زوجها بر بيمينها, وإذا بر المحلوف عليه باليمين لم يكن شيء على الحالف.
وأما بالنسبة للصيغة الثالثة: الله حد بيني وبينك، فهذا كأنه من باب الاستعاذة بالله عز وجل, والاستعاذة بالله أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجاب الإنسان عليها, بمعنى أنه إذا استعاذ الرجل بالله عز وجل وجب علينا أن نعيذه إلا إذا كان ظالماً في هذه الاستعاذة فإن الله سبحانه وتعالى لا يجيره، مثل: لو أننا أردنا أن نأخذ الزكاة من شخص لا يؤديها, فقال: أعوذ بالله منكم, فإننا لا نعيذه؛ لأن إعاذته معناها إقراره على معصية الله عز وجل, والله سبحانه وتعالى لا يرضى ذلك, فإذا كان الله لا يرضاه فنحن أيضاً لا نوافقه عليه.
فالمهم أن من استعاذ بالله تعالى فإننا مأمورون بإعاذته ما لم يستعذ بالله من أمرٍ واجبٍ عليه يخاف أن نلزمه به, فإننا لا نعيذه في هذه الحال.
الجواب: على كل حال هو أراد بهذه الصيغة كما هو معروف أن يلزم صبيه بهذا الشيء أو يمنعه منه لكن لا نراها قسماً؛ لأن ثيابه عليه كما قال.
المقدم: لكن أليس من باب التنشئة للأطفال على عادات؟
الشيخ: ربما يقال: إن هذا مما لا ينبغي، خشية أن يتربوا على مثل هذه الإقسامات التي لا أصل لها.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب [25] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين
https://audio.islamweb.net