العقيقة هي الشاة تذبح للمولود يوم سابع ولادته، وهي سنة للقادر عليها من أولياء المولود، لما فيها من شكر لله تعالى على نعمة الولد، ويشترط في العقيقة سلامتها من العيوب، وما يجزئ في الأضحية يجزئ فيها، ويستحب أن يعق عن الذكر بشاتين وعن الأنثى بشاة واحدة ويقسمهما أثلاثاً يأكل ثلثاً، ويهدي ثلثاً، ويتصدق بثلث.
العقيقة
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها، عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وها نحن مع [ المادة الثانية: في العقيقة ].
تعريف العقيقة
[ أولاً: تعريفها: العقيقة: هي الشاة تذبح للمولود يوم سابع ولادته ] فالعقيقة شاة من غنم أو ماعز سليمة ليس فيها عيب، تذبح عن الولد يوم سابع ولادته ولا تذبح قبل ذلك ولا بعد ذلك، وإنما يجوز أن تؤخر للضرورة إلى الأسبوع الثاني، بل وإلى الأسبوع الثالث، وتؤكل كالأضحية، فيأكلها أهل البيت والجيران والأقارب والفقراء والمساكين.
حكم العقيقة
[ ثانياً: حكمها ] أي: حكم العقيقة [ سنة متأكدة للقادر عليها من أولياء المولود ] سواء كان أباً أو أماً أو أخاً أو عماً، فأولياء المولود عليهم أن يذبحوا هذه الشاة، وهي سنة متأكدة على القادر عليها، وأما العاجز فلا يطالب بها كالأضحية، وهي ليست خاصة بأبي الميت، فإذا مات أبوه فعمه أو أخوه [ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( كل غلام ) ] ذكراً أو أنثى [ ( رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويسمى ) ] يوم السابع [ ( ويحلق رأسه ) ] ( ويتصدق بشعره ) فيوم السابع تذبح العقيقة، ويسمى الولد أو البنت فاطمة أو علي، ويحلق شعره ويتصدق بوزنه من الفضة، فيوزن الشعر ويتصدق بوزنه من الفضة، وإذا كان عنده أموال فلا يزنه بل يتصدق وكفى؛ لأن الذي يتصدق به أكثر، فقد يتصدق بألف ريال وليس الشعر إلا جراماً واحداً.
الحكمة من العقيقة
[ ثالثاً: حكمتها: من الحكمة في العقيقة: شكر الله تعالى على نعمة الولد ] فمادام الله قد أنعم عليك بولد - وكثيرون يريدون الولد وما ظفروا به ولا حصلوا عليه- فاشكر الله تعالى بكلمة: الحمد لله، وبذبح شاة توزع على الأقارب والفقراء والمساكين؛ شكراً لله، فالحكم في العقيقة شكر الله عز وجل [ والوسيلة لله عز وجل في حفظ المولود ورعايته ] فمن حكم العقيقة: أنها شكر لله، وأنك تتوسل إلى الله بالعقيقة ليحصن مولودك من العاهات والأمراض وما إلى ذلك.
وبعض الأصحاب تشاءموا من كلمة عقيقة؛ لأنها من باب عق الولد والده إذا عصاه ولم يحسن إليه، فقال الرسول: ( سموها النسيكة ). فهي صدقة وعبادة.
أحكام العقيقة
[ أحكامها: من أحكام العقيقة: ]
أولاً: السلامة من العاهات
[ أولاً: سلامتها وسنها ] فتكون سليمة من العرج والعمى وكسر القرن، ويكون أيضاً سنها سنة كالأضحية فـ[ ما يجزئ في الأضحية من السن والسلامة من النقص يجزئ في العقيقة ] كالأضحية [ وما لا يجزئ في الأضحية لا يجزئ في العقيقة ] فما يشترط في الأضحية يشترط في العقيقة من حيث السن والجسم والسلامة من العاهات ومن الآفات أو النقص، فهما سواء بسواء، فحكم العقيقة كحكم الأضحية في سنها وفي ما يتصدق بها وتوزع.
ثانياً: طعمها وإطعامها
[ ثانياً: طعمها وإطعامها: يستحب أن تقسم كما تقسم الأضحية، فيأكل منها أهل البيت ويتصدقون ويهدون ] من الباقي كالأضحية، فيأكلون ويتصدقون ويهدون للأقارب والأصدقاء.
ثالثاً: ذكر ما يستحب يوم العقيقة
[ ثالثاً: ما يستحب يوم العقيقة: يستحب أن يعق عن الذكر بشاتين ] على وجه الاستحباب وليس الوجوب؛ [ إذ ( ذبح الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحسن ) ] ابن بنته [ ( كبشين ) ] من الغنم، وهي سنة متأكدة عن المستطيع، ويستحب أن يكون على الذكر شاتين وعلى الأنثى شاة واحدة على وجه الاستحباب لا الوجوب، بل سنة مؤكدة ومستحبة [ كما يستحب أن يسمى المولود يوم سابعه ] والآن يسمون أولادهم قبل أن يولدوا، والسنة أن نأخذ بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا نسمي هذه البنت وهذا الولد إلا يوم السابع، فإن ماتت قبل ذلك فلا تسمية [ وأن يختار له من الأسماء أحسنها ] أي: أحسن الأسماء، فهناك فرق بين بطل وبين منهزم، وبين حسن وبين قبيح، فنختار له الاسم الحسن [ وأن يحلق رأسه، ويتصدق بوزن شعره ذهباً أو فضة، أو ما يقوم مقامهما من العملة ] الموجودة؛ [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويسمى ويحلق رأسه ) ].
رابعاً: الأذان والإقامة في أذني المولود
[ رابعاً: الأذان والإقامة في أذني المولود: استحب أهل العلم إذا وضع المولود أن يؤذن في أذنه اليمنى ويقام في أذنه اليسرى؛ رجاء أن يحفظه الله من أم الصبيان وهي تابعة للجان ] فإذا قدم لك الطفل أو الطفلة المولودة فأذن في أذنه اليمنى وأقم في أذنه اليسرى؛ ليحفظه الله بذلك من الجن والشياطين. وهذه السنة مفقودة. وأم الصبيان هذه تعشق الأطفال الصغار، فإذا شاهدت الطفل الصغير فإنها تحبه وتأويه إليها وتفسده [ لما روي: ( من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان ) ] والحديث فيه ضعف، ولكن العمل به مستحب، فليس فيه إلا عبادة الله وطاعته، فتضع الولد بين يديك وتضع فمك في أذنه اليمنى وتؤذن، ليس بأعلى صوتك أو لا يسمعك أحد، بل بصوت هادئ، فتقول: الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. وهكذا، والإقامة كالأذان كما تسمعون، أملاً في أن يحفظه الله من أم الصبيان وهي تابعة الجان، لما رواه ابن السني مرفوعاً، وأورده صاحب التلخيص، ولم يتكلم عليه. فالمهم أنه عبادة محمودة. والعجائز والنساء يعرفن أم الصبيان في كل البلاد، فنؤذن ونقيم في أذنه عسى الله أن ينفعه بذلك ويدفع عنه هذا الأذى، وهو كالدعاء عندما تدعو الله في كل حال.
خامساً: حكم تأخير العقيقة عن اليوم السابع
[ خامساً: إذا فات السابع ] من الأيام [ ولم يذبح فيه صح أن يذبح يوم الرابع عشر، أو يوم الواحد والعشرين ] كما علمتم [ وإن مات المولود قبل السابع لم يعق عنه ] ولهذا ينبغي أن تؤخر العقيقة إلى يوم السابع، فإن مات الطفل قبل السابع فلا شيء عليه ولا يعق عنه.
حكم الجهاد وبيان أنواعه والحكمة فيه
[ الفصل الأول: في الجهاد، وفيه إحدى عشرة مادة ] هذا الدستور؛ لأن المنهاج موضوع وضع الدستور، وقدمناه للعالم الإسلامي، ولو طبقوه في العجم والعرب والله لفازوا وسادوا.
[ المادة الأولى: في حكم الجهاد، وبيان أنواعه، والحكمة فيه: ]
حكم الجهاد
[ أولاً: حكم الجهاد: حكم الجهاد الخاص الذي هو قتال الكفار والمحاربين فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن البعض الآخر ] فلا يؤثمون؛ [ وذلك لقوله تعالى: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة:122] ] فقسم الناس قسمين: قسم يذهبون وقسم يبقون يتعلمون، وهذا دليل على أن الحكم في الجهاد فرض كفاية وليس فرض عين، ومعنى فرض كفاية: أنه إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، ومعنى فرض العين: أنه على كل عين، كالصلاة فرض عين تجب على كل عين [ غير أنه يتعين على من عينه الإمام، فيصبح فرض عين في حقه ] فإذا قال الإمام أو الحاكم: يا غلام! اصحب ثمانية وعشرين أو أربعة عشر فيجب أن يخرجوا، فقد تعين عليهم، ويصبح عيناً على من عينه الإمام بعد أن كان فرض كفاية [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( وإذا استنفرتم فانفروا ) ] فمن استنفرهم الحاكم للخروج يجب أن يخرجوا [ وكذا إذا داهم العدو بلداً فإنه يتعين على أهلها حتى النساء منهم مدافعته ومقاتلته ] فأهل المدينة والقرية إذا جاءهم العدو ودخل عليهم، فيجب أن يقاتلوا أجمعون نساء ورجالاً حتى يردوا هذا العدو؛ لأن جيش المسلمين قد يتأخر في الوصول إليهم، فلذلك أي قرية أو مدينة هاجمها العدو فيتعين على أهل القرية أن يقاتلوا هذا العدو ويردوه، النساء والرجال على حد سواء.
أنواع الجهاد
[ ثانياً: أنواع الجهاد:
أولاً: جهاد الكفار والمحاربين ] أي: الذين يحاربوننا من الكفار ومن غيرهم [ ويكون باليد والمال واللسان والقلب ] فالجهاد يكون باليد وبالسيف وبالمدفع، ويكون بالمال، ويكون باللسان، ويكون بالقلب أيضاً، فإذا لم يكن عنده قدرة لا بالمال ولا باليد ولا باللسان فيجاهد بقلبه، بأن يحب الجهاد ويراه واجباً عليه؛ [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) ] وصيغة الأمر للوجوب.
[ ثانياً: جهاد الفساق، ويكون باليد واللسان والقلب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان ) ] وهذا في بلاد المسلمين، فهو جهاد الفساق والفجار، فمن رأى فاسقاً خرج عن طاعة الله فيجب أن يؤدبه ويجاهده بيده، فإن لم يستطع فبلسانه بأن يقول له: لا تفعل، فإن لم يستطع بلسانه فبقلبه، وهذا أضعف الإيمان، فعلى الأقل لا ترضى بهذه المعصية، وها نحن كلما نرى أحداً على رأسه برنيطة نغضب عليه، ولا نرضى به، وهم لا يستجيبون، ولو كنا قادرين لنزعناها من على رأسه، ولكننا لا نستطيع، فإذاً نغضب.
[ ثالثاً: جهاد الشيطان، ويكون ] جهاد الشيطان [ بدفع ما يأتي به من الشبهات، وترك ما يزينه من الشهوات؛ لقوله تعالى: وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [لقمان:33] ] ألا وهو الشيطان [ وقوله سبحانه: [ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا [فاطر:6] ] فنحارب الشيطان في النهار وفي الليل، فهذه الحرب واجبة، وهي فرض عين على كل إنسان.
[ رابعاً: جهاد النفس، ويكون بحملها على أن تتعلم أمور الدين وتعمل بها وتعلمها ] فتجاهد نفسك على أن تتعلم أمور الدين وتعمل بها وتعلمها، وهذه ثلاث مراتب، فعلى كل مسلم ومسلمة أن يتعلم أمور الدين ويعمل بها، لا أن يجلس، لا يتعلم ولا يعمل، بل يتعلم ويعمل ويعلم ولده وامرأته وقريبه ومن كان في حاجة إليه [ وبصرفها عن هواها ومقاومة رعوناتها ] فيصرف النفس عن الهوى، فكلما تهوى شيئاً لا يقبله ولا يستجيب لها بل يصرفها عنه، وإذا كانت لها رعونات والعياذ بالله وشهوات وأطماع فمن باب أولى [ وجهاد النفس من أعظم أنواع الجهاد ] فهذا الأخير من أعظم أنواع الجهاد [ حتى قيل فيه: ( الجهاد الأكبر ) ] فجهاد الكفار أصغر، وجهاد النفس أكبر، وهو كذلك، وجهاد الشيطان أصغر وسهل، ولكن جهاد النفس أكبر.
حكمة الجهاد
[ ثالثاً: حكمة الجهاد ] فالحكمة والسبب من جهاد الكفار والفساق والشيطان والنفس [ بأنواعه ] الأربعة [ أن يعبد الله وحده، مع ما يتبع ذلك من دفع ذلك العدوان والشر، وحفظ الأنفس والأموال ] لأن جهادك للعدو حتى لا يأخذ مالك ونفسك [ ورعاية الحق وصيانة العدل ] أولى [ وتعميم الخير ونشر الفضيلة، قال تعالى:
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الأنفال:39] ].
هذه أحكام الجهاد وحكمه، اللهم اجعلنا من أهله.
الأسئلة
وقت ذبح العقيقة
السؤال: فضيلة الشيخ! هل تذبح العقيقة في الصباح أو في الليل سواء بسواء؟
الجواب: ليس لها وقت معين، فتذبح في يوم السابع، واليوم يبتدئ من الفجر إلى غروب شمس يوم السابع.
حكم حلق رأس الجارية في اليوم السابع
السؤال: يقول السائل: هل يحلق رأس الجارية كما يحلق رأس الطفل الذكر؟
الجواب: نعم يحلق؛ من أجل أن يتصدق بوزنه ذهباً، لأن هذا الحلق ينمي الشعر ويجعله ينبت أكثر.
حكم الزكاة على المال المودع في البنك لبناء مسجد إذا حال عليه الحول
السؤال: يقول السائل: رجل ترك مبلغاً من المال -مليون ريال- في البنك لبناء مسجد، وهذا المبلغ مرت عليه سنوات عديدة، فهل عليه زكاة؟
الجواب: عليه زكاة إلا إذا أنفقته في المسجد، ومادام باسمك وموضوعاً في البنك وأنت ما بنيت ولا شاركت في بناء المسجد فهذا المال مالك، فيجب أن تزكيه إلا إذا فصلته عنك وأعطيته لشخص ليبني به المسجد فليس عليك فيه شيء.
نصيحة لمن يغالون في المهور
السؤال: سائل يقول: هل من نصيحة لمن يغالون في المهور في الزواج؟
الجواب: وهل يستجيبون؟ يا معشر الفحول! لا تغالوا في المهور، وهونوا يهون الله عليكم، وخففوا يخفف الله عليكم، ومكلمكم زوج تسع بنات على خمسة آلاف، فزوجوا أنتم على عشرة آلاف، وأما عشرين وخمسة وعشرين وثلاثين فكثيرة، والغريب أن أهل البادية يقولون: خمسين. وهذا جهل مركب والعياذ بالله تعالى، فألفين أو ثلاثة آلاف أو خمسة آلاف كافية، فاستجيبوا خيراً لكم.
حكم العمرة عن شخص والحج عن آخر في نفس الموسم
السؤال: يقول السائل: رجل يريد أن يحج عن أخيه ويعتمر عن أمه في نفس الوقت، فما حكم ذلك؟
الجواب: يحرم بالعمرة عن أمه وبعد ذلك يحج عن أبيه.