إسلام ويب

دلائل صدق النبي صلى الله عليه وسلم متعددة، منها: المعجزات التي أتى بها، ومنها -وهو أعظمها- القرآن، ومنها ما أخبر به من حقائق كونية وعلمية جاء العلم الحديث بتصديقها، والواجب علينا أن نصدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخبر، وأن نطيعه فيما أمر، وأن ننتهي عما نهى عنه وزجر، كما كان حال الصحابة مع رسول الله، ولهم في ذلك شأن عجيب.

دلائل النبوة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الإخوة الفضلاء! وأيتها الأخوات الفاضلات! وأسأل الله جل وعلا الذي جمعني مع حضراتكم في هذه اللحظات الطيبة على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته، ودار مقامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه. ما زلنا نتحدث عن حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا، وقلنا: إن من أعظم حقوقه علينا صلى الله عليه وسلم أن نصدق قوله؛ لأنه الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، وبينت في اللقاء الماضي أن الذي شهد بصدق نبينا صلى الله عليه وسلم هو الله، وشهد الواقع بصدق محمد صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر به من الماضي والحاضر والمستقبل، فما من شيء أخبر به الصادق الذي لا ينطق عن الهوى إلا ووقع كما أخبر به دون زيادة أو نقصان. وكنا قد توقفنا في اللقاء الماضي عند من يرد كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوى أن العقل ينكر هذا القول! أو بدعوى أننا نعيش الآن عالماً علمياً متقدماً في جانب التكنولوجيا، فقد لا يصدق الواقع هذا القول! اللهم إلا إذا جاءنا الدليل على صدق كلام النبي صلى الله عليه وسلم من الشرق أو من الغرب، فحينئذ ترى الناس يعودوا مرة أخرى لتصديق كلام رسول الله!!

النظريات العلمية تثبت صدق النبي عليه الصلاة والسلام

روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب أو إحداهن بالتراب)والروايتان صحيحتان، وفي لفظ: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب)، فيأتي من يقول: أي تراب هذا الذي تتكلم عنه في عصر الذرة والإنترنت، وعصر أتوبيس الفضاء ديسكفري، وفي عصر المنظفات تقول: نغسل الإناء بالتراب إذا ولغ فيه الكلب؟! فينكر العقل هذا الكلام النبوي صلى الله على صاحبه، بدعوى أنه لا يمكن على الإطلاق أن نقول ذلك، بل ربما ترى من أحبابنا وإخواننا من يستحلفنا بالله ألا نردد مثل هذه الكلمات؛ حتى لا نتهم بأننا ما زلنا نعيش في العصور الوسطى، وحتى لا نتهم بالتخلف والجمود والرجعية والتأخر.. إلى آخر هذه التهم المعلبة التي تكال لمن يتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل هذه الأحاديث.فيخرج علينا عالم إنجليزي -وما زال هذا العالم حياً يرزق، وهو من أعضاء اللجنة التي تمنح الزمالة البريطانية لمن يحصل على هذه الشهادة- ببحث علمي هائل ويقول: لقد اكتشفنا في مجال علم الطفيليات أن الكلب يفرز مع لعابه كماً هائلاً جداً من الجراثيم والميكروبات، تسبب أكثر من خمسين مرضاً.قال: واكتشفنا في الوقت ذاته أن القطط -التي قال في حقها النبي صلى الله عليه وسلم: (هن من الطوافين عليكم والطوفات)، ولم يشدد فيهن مثلما شدد في شأن الكلاب- لا تفرز في لعابها أيَّ نوع من أنواع الجراثيم، وما ينتج عن القطط من أنواع الأمراض إنما هو بسبب الجلد أو البراز، وليس من اللعاب.قال: فلما طهرنا الإناء الذي ولغ فيه الكلب بكل وأحدث ما وصل إليه العلم الحديث من المطهرات والمنظفات، وجدنا أن كل هذه المنظفات لم تقض على كل الجراثيم التي أفرزها الكلب في لعابه في هذا الإناء. قال: فجربنا ما بلغنا عن محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- وغسلنا هذا الإناء بالتراب مرة، قال: ثم نظرنا بعد ذلك في البحث العلمي وقمنا بالتجربة؛ فلم نجد أثراً لميكروب أو لجرثومة واحدة في هذا الإناء الذي طهرناه بالتراب! فمن الذي علم محمداً صلى الله عليه وسلم ذلك؟! أولم يقل ربنا جل وعلا: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4].بل خذ هذا البحث العلمي الآخر، وهو في غاية الروعة والجمال: روى الإمام البخاري وأبو داود والترمذي وغيرهم بسند صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم لينزعه، فإنه يحمل في أحد جناحيه داءً وفي الآخر شفاءً)، وفي لفظ صحيح: (دواء).(شفاء ودواء وداء).فقد اكتشف عالم ألماني يقال له: بريفلد من جامعة هال بألمانيا: أن الذباب حينما يسقط في السائل على أحد جناحين يفرز نوعاً من أنواع الجراثيم والميكروبات، ووجد أيضاً أن الذباب في الوقت ذاته يحمل على بطنه وعلى الجناح الآخر نوعاً من أنواع الفطريات سموه: (أميوزموسكي)، واكتشفوا أن هذا الفطر يحمل نوعاً من أنواع المواد المضادة للجراثيم والميكروبات التي تفرزها الذبابة حين تلامس السائل بجناحها الأول، بل وستعجب إذا علمت أنهم اكتشفوا أن جرامين اثنين من هذا الفطر يحمي ألفين لتراً من اللبن من الجراثيم! بل اعجب أنهم قالوا: ولا تفرز الذبابة هذه المواد المضادة التي تقضي على هذه الجراثيم والميكروبات إلا إذا غمست كلها في السائل!!فمن الذي علم الصادق الذي لا ينطق عن الهوى هذه الحقيقة العلمية التي لم تكتشف إلا في السنوات القليلة الماضية، مع أن الحبيب صلى الله عليه وسلم قد أخبر بها قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة، فلنعلم يقيناً أنه لا ينطق عن الهوى.

صحيح العقل لا يعارض صريح النقل

الذي يؤلم القلب أن الوحي حينما جاءنا ابتداء عن رسول الله أنكرناه بدعوى أن العقل لا يصدق هذا، وبدعوى أن العلم ينكر هذا، وبأننا نعيش عصر الذرة وعصر النووي .. إلى آخره؛ فلما جاءنا البحث العلمي من إنجلترا ومن ألمانيا يصدق ما أخبر به الصادق النبي صلى الله عليه وسلم صدقناه وقبلناه، ولم نعد ننكر هذا، وهذا هو الخطر العظيم.فأنا أناشد أحبابنا وإخواننا ممن يقدمون العقل على صحيح النقل وصريحه أن يعلموا أن للعقل مجالاً، وأن للعقل دوره الذي يجب عليه أن يبدع فيه بشرط ألا يتخطاه، وألا يتجاوزه وإلا وقع في خطر عظيم.المهم أن تسأل: هل أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؟ هل هذا ثابت بالدليل القاطع الصحيح عن رسول الله؟ لا حرج عليك أن تسأل مثل هذا، فإن تبين لك بالأدلة المعلومة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بذلك وقد قال ذلك؛ فلا يجوز على الإطلاق أن ترد قول الحبيب بدعوى أن عقلك لا يدرك مثل هذا الطرح، وبدعوى أنك لا تحسن أن تفهمه، لا يجوز ذلك على الإطلاق، فاسأل أهل العلم من المتخصصين في العلم الشرعي وفي العلم الطبي وفي العلم الجيولوجي إن كنت لم تفهمه: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43].وأود أيضاً أن أبين لأحبابنا أنه قد يلتبس الأمر على بعض فيقول رجل: يا أخي! أنا لا أقدر أن أشرب السائل الذي وقع فيه الذبابة، فأقول له: لا حرج عليك في ذلك، فأنت بذلك ما كذبت رسول الله، وما أنكرت حديثه، وما رددت قوله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد عرض عليه لحم الضب فرده ولم يأكل منه شيئاً، فقالوا: (أحرام هو يا رسول الله؟! قال: لا، غير أني أجدني أعافه). فلا حرج عليك على الإطلاق ألا تشرب هذا السائل، لكن الحرج -كما ذكرت- أن ترد كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوى أن العقل لا يصدق هذا.

حقائق علمية قررها القرآن قبل (1400) عام

من الذي علم محمداً صلى الله عليه وسلم أن القمر كان مشتعلاً مضيئاً ثم انطفأ ومحي ضوءه، وأن هذا النور الذي ينبعث منه الآن إنما هو انعكاس لكوكب آخر ألا وهو الشمس؟ من الذي علم محمداً هذه الحقيقة العلمية الهائلة التي لم تكتشف إلا في هذه الأيام الماضية، قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على أسماع أهل ذلك الزمان قول الرحيم الرحمن: فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً [الإسراء:12]، آية الليل هي: القمر، وآية النهار هي: الشمس.فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا [الإسراء:12] وهذه حقيقة علمية كبيرة جداً. من الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم أن الجبال تتغلغل الآن في أعماق الأرض كالأوتاد؟ من الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الجبل له سن مدبب في الأرض كالوتد؟ هذه الحقيقة العلمية لم تكتشف إلا في السنوات القليلة الماضية، وأخبر عنها الصادق الذي لا ينطق عن الهوى من مئات السنين، حينما علم الدنيا كلها قول رب العالمين: وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا [النبأ:7]، وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ [الأنبياء:31]. من الذي علم محمداً صلى الله عليه وسلم أن الأعصاب التي توجد في الجلد هي التي تتأثر فقط بالحرارة والبرودة، مع أن هذه الحقيقة لم تكتشف إلا في السنوات القليلة الماضية؟من الذي علم المصطفى ذلك حينما أسمع الدنيا كلها قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ [النساء:56]؟فهذه الأعصاب التي توجد في الجلد هي فقط التي تتأثر بالبرد وبالحر وبالعذاب وغير ذلك، هذه الحقيقة أخبرنا بها نبينا صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة، مع أنها لم تكتشف -كما ذكرت- إلا في السنوات القليلة الماضية. من الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم وعلمه بأن موج البحر إذا انعكس عليه الضوء، فإن هذا الضوء ينكسر على هذا الموج فيكون خلفه ظلمة حالكة كالسحاب حينما تحجب نور القمر عن الأرض؟ من الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة العلمية الهائلة يوم أسمع الدنيا قول الله جل وعلا: أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ [النور:40]؟ انظر إلى التعبير القرآني: ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ [النور:40]، هذه الحقائق العلمية المذهلة التي لم تكتشف إلا في السنوات القليلة الماضية، أخبر عنها الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، فوقع ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حقوق النبي الكريم علينا

يا من تقدمون العقول على صريح وصحيح المنقول، أذكركم بقول ابن القيم رحمه الله: لا يستقل العقل دون هـداية بالوحـي تأصيلاً ولا تفصيلا كالطـرف دون النـور ليس بمـدرك حتى يراه بكرة وأصيلا نور النبـوة مثل نور الشمس لعين البصيرة فاتخذه دليـلا فإذا النبوة لم ينلك ضياؤهـا فالعقل لا يهديك قط سبيـلا طرق الهدى محدودة إلا علـى من أم هذا الوحي والتنزيـلا فإذا عدلت عن الطريق تعمداً فاعلم بأنك ما أردت وصولايا طالبا درك الهدى بالعقـل دو ن النقل لن تلقى لذاك دليلاً فيجب علينا أن نصدق رسول الله وإن لم تستوعب عقولنا ما أخبر به الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، ولنعلم يقيناً أنه ما دام يبلغ عن الله، فكل ما يبلغه عن ربه صدق وحق، وأنه علم اليقين الذي لا مجال للشك فيه على الإطلاق، فمن حق النبي صلى الله عليه وسلم أن نصدقه في كل ما أخبر به عن ربه جل وعلا. ومن أعظم حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا: ألا نقدم أقوالنا ولا أفهامنا على قول وفعل الصادق رسول الله صلى الله عليه وسلم.وأود أن أبين لإخواني أننا لا نريد بذلك أن نقلل من شأن العقل إطلاقاً، بل إن نور الوحي لا يطمس نور العقل أبداً، بل يباركه ويزكيه ويقويه، بشرط أن يعرف العقل حده، وأن يعرف العقل دوره، وألا يتخطى العقل مجاله، فأنت لا تستطيع أن تقدم فهمك على فهم أستاذك! بل تستحي من ذلك، ولا تجرؤ أن تقدم قولك على قول والدك إن كنت ممن يحترم الوالد، لا يمكن لمرءوس أن يقدم قوله على قول رئيسه؛ فكيف يجرؤ أحدنا أن يقدم قوله على قول درة تاج الجنس البشري كله محمد صلى الله عليه وسلم وقد أخبر ربنا تبارك وتعالى أنه لا ينطق عن الهوى؟كيف ندعي حب لله وندعي الحب لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نقدم أقوالنا على قوله، ونقدم أفهامنا على فهمه، ونقدم أفعالنا على فعله؟! هذا لا يجوز، تدبر معي قول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [الحجرات:1] هذا نداء لأهل الإيمان، وإذا سمعت في القرآن الكريم كله قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا) فأرعها سمعك، فهذا النداء إما خير سيأمرك به وإما شر سينهاك عنه.يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الحجرات:1]، ما معنى هذه الآية؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما: (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) أي: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة، اعرض قولك وفعلك على القرآن والسنة، هل قولك موافق لقول الله؟ هل قولك موافق لقول الصادق رسول الله؟ هل فعلك موافق لفعل الصادق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إن قدمت قولك على قول الله، وقدمت قولك وفعلك على قول وفعل رسول الله؛ فقد خالفت القرآن والسنة!قال مجاهد -وهو إمام من أئمة التفسير- في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) أي: لا تفتاتوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقضي الله على لسانه، وقد صرنا في هذا الزمان نرى فيه كل أحد يفتي في دين الله! مع أنه في الوقت ذاته لو قلت له: يا فلان! نريد منك أن تجري جراحة لهذا المريض في القلب، يقول: لا، أنا لست طبيباً، بل لو كان طبيباً لقال: أنا طبيب، لكنني لست متخصصاً في جراحة القلب، ولو قيل لآخر: يا فلان! صمم لنا هذا المسجد تصميماً هندسياً وإنشائياً، سيقول لك: لا، أنا لست مهندساً، هذا ليس من تخصصي، لكنك ترى وتسمع كل أحد يتكلم في دين الله بغير دليل وبغير علم.إن كنت تحفظ دليلاً من القرآن والسنة بفهم الصحابة والسلف الصالح فبين الحق بدليله، فالإسلام ليس فيه كهنوتية، فكل من يحسن أن يتكلم عن الله وعن رسول الله بفهم السلف الصالح رضوان الله عليهم من أصحاب النبي ومن سار على طريقهم فليبين الحق بالدليل من كتاب الله ومن كلام الصادق رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن أن يتقدم كل أحد ليتكلم في دين الله بغير علم وبغير دليل، فهذا لا يليق في دين الله تبارك وتعالى. جاء رجل إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فسأله في مسألة، فقال عبد الله بن عمر : والله إني لا أحسن جواب مسألتك، فقال السائل: أنت ابن عمر وتقول: لا أحسن جواب مسألتك؟! قال: نعم يا أخي! اذهب إلى العلماء فاسألهم، فوالله لا أحسن جواب مسألتك، فانطلق السائل متعجباً، فلما انصرف السائل قبّل عبد الله بن عمر يد نفسه، ثم قال لنفسه: نِعْم ما قال أبو عبد الرحمن ، سئل عما لا يدري فقال: لا أدري. وقال الإمام القرطبي في كتابه الماتع الجامع لأحكام القرآن الكريم في تفسير قول رب العالمين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ): أي لا تقدموا قولاً على قول الله، ولا قولاً أو فعلاً على قول وفعل رسول الله، فإن من قدم قوله أو فعله على قول وفعل رسول الله، فإنما قدمه على الله؛ لأن الرسول لا يأمر إلا بما أمر به الله عز وجل.أولم يقل ربنا تبارك وتعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر:7]؟ أولم يقل ربنا تبارك وتعالى: فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ* وَمَا لا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ* وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ* تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الحاقة:38-43]؟ أولم يقل ربنا جل وعلا في شأنه وحقه صلى الله عليه وسلم: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ* لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ [الحاقة:44-47]؟ فمن حق سيد النبيين صلى الله عليه وسلم علينا ألا نقدم فهمنا وعقلنا وقولنا وفعلنا على فهمه وقوله وفعله، بل إن سوء الفهم عن الله جل وعلا وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام قديماً وحديثاً، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: وهل أوقع القدرية والمرجئة والخوارج والمعتزلة والروافض وسائر طوائف أهل البدع فيما وقعوا فيه إلا سوء الفهم عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟فنسأل الله عز وجل أن يفهمنا وأن يعلمنا، وأن يردنا إلى سنة نبيه المصطفى رداً جميلاً، إنه على كل شيء قدير.

الأدب مع النبي عليه الصلاة والسلام

من أعظم حقوق النبي عليه الصلاة والسلام علينا أن نتأدب معه بأبي هو وأمي وروحي، وأرجو ألا يظنن أحد أن التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم كان في حضرته فقط! بل إن الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته واجب من أعظم الواجبات، يجب على كل من آمن بالله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يتأدب مع الحبيب، تدبر معي واسمح لي أن أكرر بما كنت قد ذكرته لك في لقاء سابق حينما قلت: بأننا لم نر نبياً من الأنبياء إلا وقد ناداه ربنا جل وعلا باسمه المجرد، إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال الله: يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا [هود:48].يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا [الصافات:104-105].يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ [طه:11-12].يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران:55].يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ [مريم:12].يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ [ص:26].يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ [مريم:7]. إلا المصطفى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا [الأحزاب:45]، يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ [المائدة:41]، وينادي عليه بصفته: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا [المزمل:1-2]، يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ [المدثر:1-2]. وما ذكر الله اسم النبي مجرداً قط إلا مقترناً بصفة النبوة والرسالة: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ [الفتح:29].وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ [آل عمران:144].مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ [الأحزاب:40]. فهذا هو خطاب ملك الملوك وجبار السموات والأرض لنبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم؛ ليعلم الله جل في علاه الصحابة رضوان الله عليهم -بل وأهل الأرض جميعاً- كيف يتأدبون مع الحبيب؟ وكيف ينادونه؟ وكيف يتكلمون في حضرته؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2]، إلى هذا الحد؟ نعم. ثم يقول ربنا بعد ذلك: إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ [الحجرات:3]، وعاب ربنا جل وعلا على أولئك الذين ينادون الحبيب صلى الله عليه وسلم من وراء حجراته: يا محمد! يا محمد! اخرج إلينا، اخرج إلينا، عاب الله عليهم ذلك وقال سبحانه وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات:4-5]. هذه دروس في التربية، دروس من رب العزة إلى الصحابة وإلى البشر جميعاً في التأدب مع رسول الله.

أدب الصحابة مع رسول الله

كيف كان الصحابة يتعاملون مع حبيب الله جل جلاله؟ كيف كانوا يتعاملون مع أكرم نفس خلقها ربنا تبارك وتعالى؟ قال ابن عباس : ما خلق الله نفساً وما برأ نفساً هي أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم، من أجل ذلك ترى القرآن يعلم الصحابة كيف يخاطبون رسول الله؟ كيف يتكلمون معه؟ كيف يتأدبون معه؟ كيف يستأذنونه؟ كيف يدخلون بيته؟ كيف يجلسون عنده؟ إن دل هذا فإنما يدل على أن قدر نبينا عند ربنا عظيم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ [الحجرات:2].ستعجب وسيعجب إخواني إذا علموا أن هذه الآية الكريمة الجليلة قد نزلت في حق الخيرين الجليلين الكبيرين العظيمين أبي بكر وعمر ، والدليل ما رواه البخاري عن ابن أبي مليكة قال: (كاد الخيران أن يهلكا)، لارتفاع أصواتهما في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، حينما أقبل على النبي وفد بني تميم في عام الوفود، وكان في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر والصحابة رضوان الله عليهم، فأراد الصديق أن يختار النبي صلى الله عليه وسلم على وفد بني تميم أميراً، وأراد عمر بن الخطاب أن يختار النبي على وفد بني تميم أميراً آخر.فقال أبو بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله! أمر عليهم القعقاع بن معبد).وقال عمر رضوان الله عليه: (لا يا رسول الله! بل أمر عليهم الأقرع بن حابس)، فالتفت الصديق إلى عمر ، وقال له : ما أردت إلا خلافي يا عمر ! فالتفت عمر إلى الصديق وقال: والله ما أردت خلافك يا أبا بكر ! هذا هو الحوار كله دون زيادة أو نقصان، فأنزل الله الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2].قال الصديق رضوان الله عليه بعدما سمعها: (والله لقد آليت على نفسي يا رسول الله! ألا أكلمك بعد اليوم إلا كأخي السرار) أي: كمن يكلم آخر بسر لا يسمعه من بجواره، أما عمر فقد جاء في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يكلم عمر بعد ذلك حتى يستفهمه لانخفاض صوت عمر .انظر إلى الأدب! وانظر إلى الإجلال والتوقير من الصحابة رضوان الله عليهم للبشير النذير صلى الله عليه وسلم.وهناك صحابي آخر -وحديثه في الصحيحين- اسمه ثابت بن قيس رضوان الله عليه، ظن أن هذه الآية نزلت فيه! وكان ثابت بن قيس لا يسمع إلا بصعوبة، ومن المعلوم أن من يسمع بعسر يرفع صوته، ويخيل إليه أنه لا يسمع الآخرين إلا بنفس ما يريد أن يسمعوه به، فكان يرفع صوته، فحبس نفسه في البيت اختياراً، ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أين ثابت بن قيس ؟ قالوا: يا رسول الله! نأتيك بخبره، وذهب أحد الصحابة إليه فأخبره، فقال: لقد حبط عملي، وحبط جهادي، وهذه الآيات قد نزلت فيّ؛ لأنني أرفع صوتي على رسول الله، فعاد هذا الصحابي الجليل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليخبره بما قال ثابت ، فقال له النبي: (لا، بل ارجع إليه وقل له: لست منهم)، وبشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، (قل له: يقول لك رسول الله: أنت لست منهم، ويبشرك رسول الله بالجنة).بل ستعجب -أخي الحبيب- إذا علمت أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا لا يجيبون على النبي صلى الله عليه وسلم بما يعرفون خشية أن يخطئوا! ففي حجة الوداع سأل النبي الصحابة وهم في منى -والحديث رواه البخاري ومسلم - فقال لهم: (أيَّ يوم هذا؟ فقال الصحابة: الله ورسوله أعلم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أليس يوم النحر؟ قالوا: بلى أي: نحن نعرف ذلك- لكن خشوا أن يجيبوا فيخطئوا، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (أي شهر هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أليس ذا الحجة؟ قالوا: بلى، قال عليه الصلاة والسلام: أيُّ بلد هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أليس البلد الحرام؟ قالوا: بلى، فقال صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)، إنه الأدب الجم من أصحاب رسول الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم!روى الإمام البخاري رحمه الله عن السائب بن يزيد رضي الله عنه أنه قال: كنت في المسجد -أي: المسجد النبوي- فحصبني رجل بحصاة -يعني رماني بحصاة في المسجد النبوي- قال: فنظرت فرأيت عمر بن الخطاب ، فأشار إليّ فذهبت إليه، فقال عمر للسائب بن يزيد : ائتني بهذين الرجلين، وأشار له عمر على رجلين، فذهب السائب بن يزيد وطلب من الرجلين أن يحضرا إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه، فسألهما عمر بن الخطاب وقال: من أين أنتما؟ قالا: من الطائف، قال: والله لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما، أترفعان الصوت في مسجد رسول الله؟! لا ينبغي على الإطلاق أن يظن أحد أن رسول الله بعد موته لا يرد صلاتنا عليه وسلامنا، لا كما سأبين ذلك إن شاء الله تعالى في اللقاء المقبل بإذنه جل جلاله، بل لا ينبغي لأحد أن يرفع الصوت أو أن يسيء الأدب أو أن يجهل في المسجد النبوي بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا لا يليق بأحد يحب الله ويحب الصادق رسول الله، فالتأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم في حياته واجب، والتأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته واجب، بل ومع سنته: مع قوله، مع فعله، مع أمره، مع نهيه، مع حده. أسأل الله جل وعلا أن يرزقنا التأدب مع نبينا وحبيبنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

حب النبي عليه الصلاة والسلام دين

حب النبي صلى الله عليه وسلم دين، بل لا يصح لنا دين إلا بحبه، ومحبة الحبيب صلى الله عليه وسلم تابعة لازمة لمحبة الله جل جلاله، تزيد وتنقص في القلب بزيادة ونقصان محبة الله في القلب، فكلما زادت في القلب محبة الله، زادت في القلب محبة سيدنا رسول الله.وإذا نقصت في القلب محبة الله نقصت بالتالي محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي محبة تابعة لازمة لمحبة الله جل جلالة، لا يصح لنا دين إلا إذا أحببنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله جل وعلا: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31]. روى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما -أي: من كل شيء معك: من نفسك، من ولدك، من والديك، من مالك، من جاهك، من شهرتك، من منصبك، من دنياك- وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله -يعني: أحبك لله وتحبني لله- وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار).


 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة إيمانية - دلائل صدق النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ : محمد حسان

https://audio.islamweb.net