اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , المشكلات الزوجية وعلاجها للشيخ : محمد مختار الشنقيطي
أما بعد:
إخواني: الزواج نعمة من نعم الله ومنة من مننه عز وجل، جعله الله تبارك وتعالى آية شاهدةً بوحدانيته، دالةً على عظمته وألوهيته، فيه السكن والرحمة، وفيه العفة للإنسان عن الحرام، والبعد عن إصابة الفواحش والآثام، الزواج وما الزواج؟ الذي تغض به الأبصار عن محارم الله، وتحفظ به الفروج عمَّا لا يرضي الله، هذه النعمة يجد فيها عبد الله الراحة والسكن، ويجدها رحمة من الله تبارك وتعالى إذا ترسّم هدي الكتاب، وأقام نفسه على مناهج الصواب.
الزواج إنما يكون نعمةً حقيقيةً يحفظ الإنسان بها دينه ويعصم بها نفسه عن الفتن، ويجد الراحة والسرور والدعة، إذا كان الزوج قد ترسّم هدي الكتاب والسنة وكانت الزوجة -كذلك- قد ترسّمت هدي الكتاب والسنة، فعاشر كل واحد منهما الآخر عشرةً صالحةً طيبةً مباركة مبنيةً على الشيمة والوفاء، مبنية على الذمة وحفظ العهود والمواثيق.
إن ترسّم الزوجين لمنهج الكتاب والسنة هو الطريق الحقيقي للسعادة الزوجية الحقيقية، فما من بيت من بيوت المسلمين يترسّم فيه الزوج وتترسّم فيه الزوجة هدي الكتاب والسنة إلا وجدت السعادة قد ضربت أطنابها في رحاب ذلك البيت المسلم، والعكس بالعكس، فمتى تنكب الزوجان أو تنكب أحدهما عن هدي الكتاب والسنة فانحرف عن صراط الله المستقيم، واعوجَّ عن هدي الدين القويم، عندها تنتهك حدود الله وتغشى محارم الله.
إذا نسيت تلك الآيات العظيمة وتلك العظات البليغة التي وعظ الله عز وجل بها كلا الزوجين، إذا رميت وراء الظهور وأصبح الزوج لا يبالي بأوامر الشرع ونواهيه، يخبط خبط عشواء في عشرته لأهله وزوجه، وأصبحت الزوجة لا تبالي بحقوق الله عز وجل في العشير، وأصبحت لا تبالي بأوامر الكتاب والسنة، عندها تفتح أبواب المشاكل على ذلك البيت المسلم، وعندها تغشى حدود الله فلا يبالي الزوج بما يقوله ولا تبالي الزوجة بقولها، ولا يبالي الزوج بما يفعله ولا تبالي الزوجة بفعلها.
إذا كان ذلك فإنك تدمع الدمعة الحارة على ذلك البيت المسلم؛ لأنه ما من عبد ينحرف عن منهج الكتاب والسنة في عشرته لأهله إلا أذاقه الله نكد الحياة وتنغص عليه العيش، وإذا فتحت المشاكل أبوابها على ذلك البيت المسلم فإن الإنسان يصيب الشقاء بعينه ويجد مرارة الحياة فتدمع الزوجة حين لا تنفع الدموع وتندم حين لا ينفع الندم، ويدمع الزوج حين لا تنفع الدموع ويندم حين لا ينفع الندم.
نعم. متى نسي كتاب الله، وغشيت حدود الله، وانتهكت محارم الله؛ ذاق الزوج سوط عذاب لا رحمة فيه، وأصبحت هذه الحياة التي كان من الفرض أن تكون حياة السعادة والراحة والدعة، إذا بها حياة جحيم لا يطاق.
وليت هذه المشاكل تقتصر على الزوج والزوجة، ليتها يعاني عناءها الزوج والزوجة؛ لأن بلاءها كان بسببهما، ولكن البلاء كل البلاء إذا تفشت هذه المشاكل فسرت إلى أب الزوجة وأمها، وإلى أب الزوج وأمه ثم إلى الأخ والأخت، ثم إلى الخلان والإخوان ثم الضحية البريئة تلك القلوب البريئة قلوب الأبناء والذرية، عندها تنظر إلى ذلك الابن الذي خلفته تلك الزوجة الظالمة أو ذلك الزوج الظالم، تنظر إليه وقد دمع دمعة حارةً من صميم قلبه وفؤاده لما يرى من تنكد العيش أمام أبيه وأمه، يبكي ولكن لا راحم لبكائه ويشتكي ولا أذن تصغي لشكواه.
إخواني: إذا فتحت أبواب المشاكل فإن القلوب تصطرع بفتحها، حتى إن العبد إذا بلي بالمشاكل الزوجية يحار حتى في صلاته ولا يستطيع عبادة ربه، كل ذلك مرارة يقاسيها وحرارة يعانيها كل من تنكب عن صراط الله واعوج عن هدي الله.
إنها المشاكل التي لا ترحم صغيراً ولا كبيراً، ولا تعرف جليلاً ولا حقيراً، إذا سرت في الأسر سرت كَسُرى النار في الهشيم لا رادع لها ولا موقف لها إلا رحمة من الله يتدارك بها عباده، إنها المشاكل التي أصبحت تعج بها بيوت المسلمين تلك البيوت الطيبة الطاهرة المباركة التي كانت معروفة بالسعادة والهناءة والراحة، أصبحت تعج بتلك المشاكل وتشتكي إلى الله صباح مساء من كلام لا يطيب لسامعه وكذلك أفعال لا ترضي من يراها.
كل ذلك -إخواني- هموم وغموم نعانيها، ونجد مرارتها في القلوب والسؤال: ما المخرج من هذه الفتن والمحن؟
لقد كانت بيوت المسلمين بيوتاً مليئةً بالراحة والدعة والسكون، حتى إنك قلَّ أن ترى قاضياً يفصل في قضية بين زوج وزوجه، كانت بيوت المسلمين إذا وقعت فيها المشاكل طفئت نارها في مهدها، وجدت عقولاً ورجالاً ووجدت نساءً بررةً صادقين يعرفون كيف يتصرفون ويحسنون التعامل مع هذه الفتن العظيمة والمشاكل الأليمة.
فلما تنكب العباد عن صراط الله وحاد الخلق عن طريق الله، جاءت هذه المشاكل بخيلها ورجلها، وأصبحت أُسر المسلمين تعاني هموماً وغموماً لا يعلمها إلا الله تبارك وتعالى، حينما فقدنا زوجاً يحفظ الذمم وحينما فقدنا زوجةً تحفظ حقوق العشير، وحينما فقدنا أماً تحفظ ابنتها وأباً يرعى ابنه، حينما فقدنا رجالاً صادقين صالحين يقربون المفترقين ويجمعون شمل المتباعدين، حينما فقدنا قلوباً رحيمة يؤلمها إذا رأت بيوت المسلمين تشتت سعت بتلك الخطوات العزيزة عند الله عز وجل، حينما فقدنا أولئك الصادقين وتنكدت الحياة وتغير الحال، فأصبح بعد رجال الصدق رجال الكذب، حتى أن الرجل إذا بلي بالمشكلة مع زوجته وجد صديقاً لا يذكره بربه ولا يصبره على شكواه، وجد من يلهب ضميره إلى الشكوى ويلهب قلبه إلى الأذية والإضرار، ووجدت الزوجة من يعينها على الإضرار ويعينها على الشقاق والأذية.
فلما تغيرت الحياة وتغير الناس بعد صلاح، وأصبحت الحياة على هذه الصفة، لم يكن من العجيب أن تعج مشاكلنا وأن تُملأ دور القضاء من هذه المشاكل المؤلمة المحزنة، حتى إنك إذا دخلت سمعت صراخاً وعويلاً، امرأة تناشد زوجها وتسب عشيرها، وزوجاً يناشد زوجه ويسب أهله وعرضه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون.
أهذه الأمة الطاهرة المباركة؟ أهذه الأمة التي تأدبت بكتاب الله، وكان لها أكمل منهج وجد على الأرض سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أتعيش هذه الآلام؟ أتعيش هذه الأحزان والأشجان؟
والسؤال ما هذه المشاكل؟ وكيف سيكون حديثنا عنها؟ لي في هذه المشاكل ثلاث نقاط:
النقطة الأولى: ما هي أسباب هذه المشاكل؟
والنقطة الثانية: ما هو علاجها ودواؤها؟
والنقطة الثالثة: كيف يتصرف الزوج؟ وكيف تتصرف الزوجة؟ وكيف يتصرف القريب والصديق إذا بلي بإنسان بلي بهذه المشاكل؟ ومن الله أستمد العون والتوفيق.
أما المسألتان الأوليان ما هي أسباب المشاكل، وما هو علاجها في كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأجمعهما في حديث واحد.
هذه المشاكل كل من نظر إليها وتدبر فيها وجدها ترجع إلى سبب واحد، جميع المشاكل الزوجية إذا تدبرت فيها ونظرت إليها نظرة المتأمل وجدتها تعود إلى سبب واحد، هذا السبب منه تولدت ومنه خرجت ونشأت، وما هو هذا السبب؟
هذا السبب هو: الإعراض عن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الذي عناه الله تبارك وتعالى بقوله: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طـه:124] وعيد من الله، ما من عبد يريد الزواج أو يقع في الزواج وينحرف عن هدي الكتاب والسنة إلا أذاقه الله من الحياة الضنكة على قدر إعراضه عن كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، لقد أدب الله الزوجة وأدب الزوج في القول وأدبهما في العمل، ورسم منهجاً سوياً وطريقاً قويماً وصراطاً مستقيما لا يضل ولا يزيغ عنه إلا هالك.
لو أن الزوج والزوجة سأل كل واحد منهما: ما هو هدي رسول الله صلوات الله وسلامه عليه في عشرة الأزواج؟ لقد رسم هذا الكتاب الحياة الزوجية السعيدة في آية واحدة وهذا من إعجاز القرآن، جمع لك السعادة الزوجية في آية واحدة لو أن كل زوج عمل بهذه الآية والله ما وقعت مشكلة زوجية.
وما هي هذه الآية؟
يقول الله تبارك وتعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229] إعجاز في اللفظ والبيان، إما أن تمسك بمعروف أو تسرح بإحسان، وصية من الله من فوق سبع سماوات، إذا أردت أن تعاشر وإذا أردت أن تدخل إلى بيت الزوجية فضع نصب عينيك هاتين الكلمتين، إما أن تمسك بمعروف وإما أن تسرح بإحسان.
ولذلك لا إمساك بإضرار: وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [البقرة:231] ولو أن الأزواج أمسكوا بمعروف أو سرحوا بإحسان والله ما قامت مشكلة، إن أمسكها أمسكها مؤمناً صادقاً صالحاً براً سوياً في قوله وعمله، هذا هو المعروف الذي أمر الله به، وإن سرحها سرحها بإحسان، سرحها وهو لا ينسى ما بينه وبينها من العهود والمواثيق.
ولذلك السؤال: ما هو الإمساك بمعروف الذي أمرنا الله تبارك وتعالى إذا أمسكنا النساء أن نمسكهن على صفته؟
المعروف إذا أردت بيانه وأردت حقيقته في عشرة الأزواج؛ فانظر إلى سيرة النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه، فوالله ليس هناك زوج أبر ولا أوفى ولا أكمل سيرةً وهدياً من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عاشر أزواجه، سيرة عطرة، والله إن بعض الأحاديث حينما تقف أمامها قد يستولي عليك الحزن من واقعك.
المثال الأول: تقول عائشة رضي الله عنها وأرضاها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدنى إليه الإناء فيه الشراب فيقسم عليَّ أن أشرب قبله -هل أحد أقسم على زوجته يوماً من الأيام أن تشرب قبله؟- قالت: فإذا شربت قبله أخذ الإناء فوضع فمه على المكان الذي وضعت فمي فيه -صلوات ربي وسلامه عليه إلى يوم الدين- ثم يؤتى بالعرق من اللحم -العظم من اللحم- فيقسم عليَّ -يحلف بالله أنها تأكل قبله؛ لأنها كريمةٌ بنت كرام لا ترضى أن تتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ترضى إلا إذا أقسم عليها، فيقسم عليها بالله أن تأكل قبله-قالت: فأنهسه فيأخذ العظم ويضع فمه حيث وضعت فمي) صلوات الله وسلامه عليه. من منا يفعل ذلك ولو يوماً واحداً يجبر به قلب تلك المرأة المسلمة التي بين يديه؟ هل أحد منا طبق هذه السنة؟
ولذلك لما بعد الناس عن هذه الرحمة ولما فقدت الرحمة في الحياة الزوجية أصبحت الحياة حياةً جافةً، أصبحت بيوت المسلمين لا تجد فيها الرحمة والحنان الذي يجب وينبغي أن يكون من أهم سمات الزوجية، ولذلك وصف الله الزوجة بأنها سكن ورحمة: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21] المودة والرحمة طبقها النبي صلى الله عليه وسلم على أكمل صورة ومنهج.
الصورة الثانية والمثال الثاني: الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم براً رحيماً في معاشرته لأهله، تقول رضي الله عنها: (أتى الحبشة يلعبون بالحراب في المسجد يوم العيد، فأحببت رؤياهم فقمت لأنظرهم وراء ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم -رسول الأمة يقوم على قدميه وساقيه من أجل صبية تنظر إلى قوم يلعبون- قالت رضي الله عنها: فهو يقول لي: هل فرغت؟ فأقول: لا بعد، فيقول: هل فرغت؟ فأقول: لا بعد، ثم تقول رضي الله عنها: فاقدروا قدر الصبية الجهلاء).
يعني كم جلس من الوقت فما تذمر ولا قال: أنا أقف لك، ولا استحيا ولا تكبر صلوات الله وسلامه عليه، من منا يوماً من الأيام، لا نقول يقف لأجل أن تنظر امرأته إلى من يلعب! لكن نقول: يحرص -ولو يوماً في الشهر أو يوماً في السنة- على أن يدخل السرور إلى أهله، نعم فقدنا هذه السيرة العطرة، فقدنا الإحسان إلى الأهل ونريد حقوقنا كاملة، نمنع أزواجنا من العشرة الطيبة المباركة ونريد حقوقنا كاملة، ولذلك ليس غريباً لما فقدنا وشائج هذه الرحمة التي فعلها المصطفى صلوات الله وسلامه عليه أن نرى الحياة المؤلمة.
أما المثال الثالث: فقد جاء الأسود بن يزيد هذا التابعي الجليل إلى أم المؤمنين عائشة -والحديث في صحيح البخاري - قال لها: (كيف يكون النبي صلى الله عليه وسلم في بيته وما هو حاله؟ قالت رضي الله عنها: يكون في خدمة أهله) أي: إنه إذا رأى أهله بحاجةٍ إلى المساعدة وإلى المعاونة ساعدهم صلوات الله وسلامه عليه.
هل يوماً من الأيام كلفنا أزواجنا أمراً فوقفنا معهم وتأسينا بالنبي صلى الله عليه وسلم وعاشرنا بالمعروف على أكمل صورة ومنهج، أين أولئك البررة الأوفياء الذين يحسنون معاملة الأزواج، ويحسنون معاملة الزوجات، حتى تملك القلوب بإحسانهم ومودتهم وعطفهم وحنانهم؟! لا يمكن لهذه الحياة الزوجية أن تستقيم إلا بالرحمة، ولقد عرف ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فطبقه فكان من أهم سماته في عشرته أنه كان حليماً رحيماً بأهله وزوجه.
ومن هنا -أحبتي في الله- لو أن الأزواج عاشروا بالمعروف أو سرحوا بإحسان لما بقيت هذه المشاكل، انظر في أي مشكلة زوجية إما أن تجد زوجاً لا يعاشر بمعروف أو تجد زوجةً لا تعاشر بمعروف، أو تجد زوجاً يمسك ولا يطلق ويسرح بإحسان، أبداً لن تخرج عن هذه الثلاث القضايا التي هي محور كل مشكلة زوجية، إذا عرفنا أن أساس المشاكل يرجع إلى هذا السبب العظيم، فالمخرج والعلاج أن نقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في معاشرته لأهله وزوجه، وأن نستلهم منها هذه المواقف الطيبة المباركة، وهذه الأخلاق الزاكية العطرة، حتى نخلف في قلوب من نعول ونخلف في قلوب زوجاتنا تلك المحبة التي تقوم عليها بيوت المسلمين، وتلك العاطفة التي تبنى عليها بيوت الزوجية السعيدة.
وكما عرفنا أن الإعراض عن الكتاب والسنة هو السبب الرئيسي لوجود هذه المشاكل فكيف نفصل هذا الإعراض؟
القسم الأول: أسباب تسبق الزواج.
القسم الثاني: أسباب تكون في الزواج.
أما الأسباب التي تسبق الزواج.
لذلك ينبغي على كل ولي امرأة أن يتقي الله عز وجل فيها، وألا يزوجها إلا لمن فيه الصلاح والدين وترغبه المرأة، فإذا اعترضت المرأة على الزواج فينبغي عليه ألا يستعجل وأن ينظر في اعتراضها، فإن كان له سبب وعذر يقبل شرعاً فالحمد لله وحيهلاً، وأما إذا كان لا تعذر فيه شرعاً فينبغي عليه إحسان المعاملة حتى تقبل على ذلك الزوج وترضاه، وهذا السبب قد بين النبي صلى الله عليه وسلم علاجه وبين دواءه فقال فيما صح عنه عليه الصلاة والسلام: (البكر تستأذن وإذنها صماتها والثيب تستأمر) وفي رواية عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (والثيب أحق بنفسها من وليها) كل هذا لكي يبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تستقيم بيوت المسلمين ولا يستقيم الزواج إلا إذا كان الزوج قد رضي من تزوجها وكذلك الزوجة.
فلذلك -أحبتي في الله- تربية الأبناء وتربية البنات تربيةً صالحةً مستقيمةً أمرٌ من الأهمية بمكان.
وحسبي أن أذكر صورة عجيبة تعتبر من أهم الأسباب التي توجب فساد الزوج على زوجه والزوجة على زوجها، هذه الصورة أن بعض الآباء إذا أراد ابنه أن يدخل على امرأته جلس معه وأعطاه أشنع صورة عن المرأة ونفره من زوجته، وقال له: لن تستقيم لك حياة الزوجية إلا إذا عبست في وجهها وضربتها وآذيتها، وإياك أن تفعل وإياك أن تفعل، فيلقنه ويجعل الزواج في نظره شراً لا بد منه، ما الذي تنتظر من هذا الابن؟ ما الذي ينتظر من ابن دخل بهذه الأفكار؟ وكذلك الأم، ويا للأسف! حينما فقد المسلمون أمهات صالحات، بدلاً من أن كانت المرأة تجلس مع ابنتها تصبرها وتعللها وتبين لها حقوق بعلها، وتهديها إلى الصراط السوي في معاشرة زوجها، لما تغيرت الأمهات وأصبحت الأم تلقن ابنتها الأفكار الرديئة، يا ابنتي إياكِ أن تخضعي له .. إياكِ أن تكوني ذليلة .. إياكِ .. إياكِ، ثم تكون النتائج بعد ذلك على رأس الزوج والزوجة، والله ثم والله ما من أب يربي ابنه على ذلك وما من أم تربي بنتها على ذلك إلا لقيت ربها ولقي الأب ربه بجميع الأوزار التي ترتبت على كلامه، والله ما من مشكلة نتجت عن ذلك الكلام الخاطئ إلا وسيحمل وزرها أمام الله: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ [العنكبوت:13].
فلذلك إذا كان الأب لا يحسن تربية ابنه فإنه تكون النتائج والعواقب الوخيمة على تلك الزوجة المظلومة، وإذا كانت الأم لم تحسن تربية ابنتها فإنها ستكون العواقب الوخيمة على ذلك الزوج المظلوم.
لذلك -أحبتي في الله!- علاج هذه المشكلة وعلاج هذا السبب بينه النبي صلى الله عليه وسلم حينما دعا إلى تربية الأبناء والبنات حتى رغب شرع الله في التربية الحسنة قال صلى الله عليه وسلم: (من ابتلي بشيء من هذه البنات فرباهن فأحسن تربيتهن، وأدبهن فأحسن تأديبهن، إلا كن له حجاباً من النار) فإذا ربت الأم ابنتها على الكلام الطيب وخرجت تلك البنت سويةً في أفكارها، مستقيمةً في نظرتها؛ فإنها سرعان ما تطبق ذلك في عشرتها لزوجها، لقد ربت أمهات -وأي أمهات- بناتهن على الإحسان إلى الزوج وكانت تلك البنت وفيةً بارةً، ولها مثل أجر ابنتها في إحسانها إلى زوجها، ولذلك بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من سبل الجنة أن تحسن المرأة عشرة زوجها، ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت) لذلك أحبتي في الله! تربية الأبناء والبنات أمر من الأهمية بمكان.
إذا تكلف الزوج وأصبح يعاني من ذلك المال الذي دفعه مهراً لزوجته، ويعاني كذلك في كلفة زواجه من امرأته، فإنه سيدخل إلى بيت الزوجية مثقلاً بالديون وهمومها، مثقلاً بالديون وغمومها، وكيف تنتظر من إنسان مثقل بالدين أن يحسن العشرة لزوجه وأهله، لذلك فإنه ما من إنسان يبذخ في زواجه، إلا وجدت العاقبة السيئة لذلك البذخ، والزوج إذا دفع مالاً كثيراً في زواجه من امرأته نظر إليها وكأنها خادمةٌ اشتراها، وقدمت عليه إذا دفع مالاً كثيراً يحس أن له حقاً كبيراً على الزوجة، ومن هنا إذا حصل من الزوجة أي خطأ فإنه ينظر إليه وكأنه جريمة لا تغتفر، ومن هنا ينشأ سبب هذه المشاكل، فلا يمكن أن يتنازل عن حقه بعد ذلك العناء وبعد ذلك المال الباهظ الذي دفعه في زواجه.
لذلك -أحبتي في الله- أشار النبي صلى الله عليه وسلم وأشار هدي السلف إلى علاج هذه المشكلة، حينما بيَّن صلى الله عليه وسلم: (أن أبرك النساء أيسرهن مئونة) ولذلك قال بعض العلماء: من الدلائل التي يُظن فيها البركة للزوجين في زواجهما، ويُظن أن تبقى تلك العشرة؛ أن يبتدأ الزواج بكلفة يسيرة، فإذا ابتدأ الزوج زواجه بكلفة يسيرة بارك الله له في زواجه، أما إذا ابتدأه بالإسراف والبذخ وحارب الله من أول ساعة في زواجه فما الذي تنتظر؟!!
لذلك -أحبتي في الله!- الإسراف في المهور والمغالاة فيها، والمغالاة في حفلات الزواج؛ كل ذلك يعين على المشاكل ويفتح بابها ويهيئ لدى الزوج عاملاً نفسياً للانتقام من زوجته والتضييق عليها، فينبغي للمسلم الذي يراقب الله ويرجو البركة في زواجه من الله أن يبتعد عن الإسراف والبذخ.
ولذلك قالوا: إن الزوج إذا صبر على أذية زوجته وعاشرها بالمعروف مع أذيتها وإساءتها قد يرزقه الله منها ولداً صالحاً، وقد ذكروا عن رجل من السلف الصالح رحمه الله أنه دخل عليه طالب من طلابه فرأى ابناً باراً فعجب ببره فلما خرج الابن قال ذلك العالِم الجليل: أتعجب من بره؟ قال: إي والله، قال: والله لقد عاشرت أمه عشرين أو ثلاثين عاماً ما تبسمت في وجهي يوماً قط فصبرت فعوضني الله ما ترى، وعن بعض السلف -وهو أبو زيد محمد القيرواني رحمة الله عليه إمام جليل من أئمة العلم والدين- أنه كانت امرأته فظةً غليظةً تؤذيه بلسانها، فلما أكثرت عليه اشتكى طلابه وقالوا له: كيف تصبر عليها؟ وكيف تعاشرها بالمعروف وهي تسيء إليك؟ فقال رحمه الله -أقوام يعرفون كيف يعاملون الله-: إني أعاشرها بالمعروف، وأما قولها فبلاء لعلي أصبت ذنباً فعوقبت بها، فلو طلقتها لعاقبني الله عقوبة أشد منها.
فلذلك كان السلف رحمهم الله يعاشرون بالمعروف مع إساءة الزوجة وإعراضها، فأصدق معاشرة من الزوج لزوجه وأصدق معاشرة من الزوجة لزوجها إذا أساء إليها، لن تكون معاشراً بالمعروف إلا إذا كانت زوجتك تسيء إليك، ولن تكون المرأة معاشرة بالمعروف الحق الذي تؤجر عليه من الله ويعظم فيه ثوابها إلا إذا كان زوجها يسيء إليها، فالمعاشرة الكاملة بالمعروف التي يعظم ثوابها عند رب العالمين إذا كانت الإساءة من الزوجة، فعلاج هذه المشكلة وهي سوء المعاشرة أن يعاشر الزوج أهله بالمعروف وأن يصبر ويتحمل.
جاء عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد آذته امرأته بسبابها وشتائمها، فجاء إلى عمر لعله أن يشتكيها إليه، فلما وقف بباب عمر في الظهيرة سمع امرأة عمر تسب عمر فعجب وقال: إذا كان هذا أمير المؤمنين فما حال عقيل؟! فرجع من ساعته ورآه عمر فناداه فقال: يا عقيل! ما شأنك؟ قال: خيراً يا أمير المؤمنين، قال: عزمت عليك أن تخبرني، قال: يا أمير المؤمنين! ما هو إلا أن فلانة آذتني وأسمعتني ما أكره فقلت: آتي أمير المؤمنين وأشتكي إليه، فلما وقفت بالباب سمعت امرأة أمير المؤمنين تسب أمير المؤمنين، فقلت: إذا كان هذا أمير المؤمنين فكيف بـعقيل؟ فقال عمر رضي الله عنه: يا عقيل! إنها امرأتي ترضع صغيري وتغسل ثوبي فأنا أمسكها من أجل ذلك. يعني: إذا ذكرت لها المعروف وإذا ذكرت لها الإحسان غفرت إساءتها، وهذا معنى لطيفٌ مستنبطٌ من الحديث الشريف الذي ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً -لا يفرك: أي: لا يبغض مؤمن مؤمنة- إن كره منها خلقاً أحب منها آخر).
ولذلك كان من وصايا الحكماء: أن الإنسان إذا رأى الزلة غفرها بما هو أعظم منها، فإذا وجد كلامها غير مستقيم، أو تسبه أو لا تحسن الخطاب معه غفر لها ذلك بإحسانها في طعامها وشرابها وتذكَّر من يسيء بالقول الذي هو أشد، وإذا كانت تسيء بالقول الذي هو أشد فتذكر من يسيء ويؤذي الأبناء، ثم هكذا فما من مصيبة إلا وهناك ما هو أعظم منها.
ومن حكمة الله تبارك وتعالى أنه ما من زوج يصبر على أذى زوجته إلا كانت له العاقبة، بعض الأزواج بلوا بزوجاتٍ آذينهم أذية عظيمة فصبروا، فمنهم من رزقه الله هداية زوجته وأصبحت في شجن وحزن وندم لا يعلمه إلا الله، وأصبحت تستحي منه وتخجل منه خجلاً شديداً، ومنهم من يعوضه الله عز وجل بصلاحها وصلاح أبنائها، فالخلف من الله مضمون، وما من إنسان يصبر ويعاشر بالمعروف مع إساءة الزوجة وأذيتها إلا كان له من الله أجر عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
فمن أراد أن يكون من الأخيار فليحسن إلى زوجته ويكرمها.
ولذلك أثر في كثير من قصص العلماء والصالحين أنهم كانوا مبتلين بإساءة زوجاتهم وكانوا على وفاء وتذمم وصبر.
فلذلك -أحبتي في الله!- من أراد أن ينجو من تلك المشاكل التي تقع بسوء المعاشرة؛ فعليه بالصبر والتحمل ما استطاع إلى ذلك سبيلاً خاصة الزوج؛ لأن الرجل فضله الله على المرأة بالقوة، ولذلك أعطاه من الصبر والتحمل ما لم يعطه للزوجة، فإذا بلي الزوج بزوجة لا تحسن معاشرته فعليه بالصبر والتحمل.
إذا لم تتسع صدورنا عن زلات الزوجات والأهل فلمن يتسع الصدر؟ فإذا لم تتسع الصدور للقرابة فلمن تتسع؟
ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك حينما أوصى بالنساء خيراً، ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (استوصوا بالنساء خيراً).
فمن حفظ وصية رسول الله حفظه الله تبارك وتعالى، ومن ضيع وصية الله ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيعه الله، فينبغي للرجل أن يصبر على زوجته وأن يتحمل أذاها، وأن يذكر أن عند الله عز وجل له جزاءً.
فإذا ساءت ظنون الزوج وساءت ظنون الزوجة بزوجها فتح كل واحد منهما على الآخر باب المشاكل وعانى منها.
وعلاج ذلك أن نترسم هدي الكتاب حينما نهانا عن إساءة الظن بالمؤمنين، فقال جل وعلا في كتابه المبين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات:12] قال بعض العلماء في تفسير هذه الآية الكريمة: في هذه الآية دليل على أن المظاهر ليست قطعية الدلالة على الجواهر، فقد ترى من المرأة تصرفاً عجيباً لكن هذا التصرف لا ينمي على أنها قاصدة السوء، والعكس بالعكس كذلك أيضا.
وإذا أراد الله أن يصلح حال زوجين فإن الله تعالى يقطع عنهما كل غريب يدخل بينهما.
إذا أردت أن تعرف حكمة الرجل في معاملته لزوجه فانظر إليه في أسراره مع أهله، إن وجدته كتوماً لا يخبر أحداً، يعول على الله ويشتكي إلى الله ويعلق الرجاء في الله، ويحسن إدارة الأمور بنفسه متوكلاً على ربه معتمداً عليه فظن به خيراً.
وكذلك المرأة الصالحة لا تأذن لأحد أن يدخل بينها وبين زوجها، ولذلك تحاول رغم أذية زوجها لها ألا يعلم قريب ولا أحد بما جرى بينهما، وهذا قمة في الوفاء وقمة في العشرة الصالحة السوية والعكس بالعكس.
لما أصبحت الأمهات وأصبح الآباء يتدخلون في شئون الأزواج والزوجات، وكل منهما يدلي برأيه ويحاول أن يتعقب وأن يفسر الأمور ويحملها على غير ما ينبغي، لما كان ذلك وقعت المشاكل وعانينا منها.
لذلك أحبتي في الله! لنتقي الله في التدخل في أمور الزوجين.
وهناك مسألةٌ أيضاً: بالنسبة للأصدقاء في تدخلهم في شئون أصدقائهم، حتى في شئون الإنسان مع زوجه، هذا أمر لا يجوز ولا يحل شرعاً لإنسان يؤمن بالله واليوم الآخر إلا أن يأذن له ذلك الزوج ويدخل على وجه الإصلاح لا على وجه الإفساد، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك حينما بيَّن خطر ذلك فقال: (لعن الله من خبب امرأةً على زوجها، ولعن الله من خبب زوجاً على زوجته) لعن الله من أفسد زوجاً على زوجته، فالمسئولية عظيمة، إذا جاءك الإنسان يشتكي فينبغي عليك أن تعول وأن تحس أنك أمام عورة وأنك أمام أمر ينبغي ستره، فعوده الصبر وحاول قبل أن يتكلم أن تذكره بالله، وأن تعوده على التوكل على الله، وأن تكون مشاكله بينه وبين زوجه، وعوده الصبر والتأسي واذكر له من قصص السلف ما يثبت جنانه وفؤاده.
إنك إن فعلت ذلك كان لك خيراً في الدنيا والآخرة، فرحم الله رجالاً صادقين ونساءً صادقات ثبت الله بهن قلوب الأزواج والزوجات، أولئك الأصفياء البررة الذين يوصون بالصبر ويوصون بالتحمل واحتساب الأجر.
لقد أوجد الله عز وجل رجالاً صادقين كادت الأسر أن تتمزق لولا نصائح منهم قيمةً، ولولا الله ثم نصائح منهم قيمة وكلمات منهم مباركة سديدة، أولئك الذين عناهم الله عز وجل بقوله وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3] التواصي بالصبر من كانت فيه هذه الخصلة فهو من الناجين لا محالة إذا كان الرجل يصبَّر صديقه على زوجه ويسليه في محنته ومشكلته، فإنه من أهل الخير ومن الذين عناهم الله عز وجل بالنجاة.
وهناك لطيفةٌ عجيبة، كنت أقرأ في القرآن في سورة البقرة -وكثيراً ما تمر هذه السورة- فمن عجيب ما يلفت النظر أن الله تعالى ذكر مشاكل الطلاق وجاء بينها فقال: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] كأنه ينبه على أن هذه المشاكل تنشأ من ضعف الصلة بالله تبارك وتعالى، ومما يدل على أن الدعاء والتعلق بالله عز وجل مفتاح الفرج في المشاكل الزوجية قول الحق تبارك وتعالى: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:89-90] فبين تعالى أنه أصلح له زوجه ثم قال: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا [الأنبياء:89] فدل على أن الدعاء مفتاحٌ في صلاح الزوج والزوجة.
وهكذا المرأة إذا تنكر عليها زوجها فلتقرع باب ربها وتشتكي إلى الله: اللهم أصلح لي زوجي، والزوج يقول: اللهم أصلح لي أهلي. وتجد من تلك الدعوة منحة من الله لا يخيب صاحبها، فوالله ما من عبد يتعلق بالله فيخيب في تعلقه أبداً، وما من إنسان يلهمه الله أن يدعوه في كربه إلا كان موفقاً مجاباً.
فلذلك ينبغي أن تتصل على العالِم، وكن نقياً صادقاً فيما تقول، أميناً فيما تنقل، وأنصف المرأة من نفسك وقل: وقع كذا وكذا وكذا يا شيخ فنورني، ودلني ماذا أصنع.
والله ما من إنسان يُجلُّ أهل العلم ويكون على صلة بالعلماء إلا بلَّغه الله الخير في أمره، وهذا أمر مهم جداً أن ترجع للعلماء.
فرضنا أنك في مكان لا يتيسر فيه العالِم أو اتصلت ولم يوجد العالِم، فاذهب إلى كبار السن من أهل العقول الصائبة والآراء المستقيمة، واعرض عليه مشكلتك وبين له ما تعانيه واستشره:
شاور أخاك إذا نابتك نائبـةٌيوماً وإن كنت من أهل المشورات
فالعين تبصر ما دنى ونأىولا ترى ما بها إلا بمرآة
العيب الذي في العيون ما تستطيع رؤياه إلا بمرآة، قد تظن أنك أنت المحق وأنت المبطل، أو أنك المبطل وأنت محق، فأين ومن الذي يدلك على هذا العيب؟ غيرك من أهل العقول المستقيمة الذين نور الله بصائرهم وأبصارهم، ولا يخلوا مجتمع -إن شاء الله- من وجود أمثال هؤلاء، فارجع إلى عالِم أو ارجع إلى إنسان من أهل العقل والرزانة أو إنسان يجمع صفتين: الدين؛ لأن الدين يستلزم الورع.
والأمر الثاني: الأمانة، فيكون أميناً وليس خائناً.
فإذا وجدت ذلك فعض عليه بالناجذ واسأله عما جدَّ وطرأ عليك.
فاخرج من البيت أو غير من حالتك فاذهب وتوضأ وصلِّ وادخل إلى غرفتك، المهم لا تبق أمام ذلك الموقف، إلا المواقف التي تحتاج إلى فصل، والمواقف التي تحتاج إلى حل في حينها فحينئذٍ استلهم من الله الصواب، ثم امض ولا حرج ولا عتب عليك، وهذا أمر من الأهمية بمكان.
الأمر الثاني: ينبغي أن تتوفر فينا صفات أهل الإيمان كالتصبير، فكثير منا لا يحسن المعاملة مع أصدقائه، يحاول إذا جاءه صديقه يقول له: والله اليوم قالت المرأة كذا وكذا فيقول له: المرأة تقول كذا وكذا!! امرأتك تقول كذا وكذا!! هل أنت رجل؟! هل كذا؟!! وكذلك المرأة تأتيها المرأة مسكينة متألمة من موقف فتقول: كيف تسكتين؟ ولماذا كذا؟! هذه الأنفس التي لا تراقب الله عز وجل فتثير الضغائن بين المسلمين هذا لا ينبغي، أين أولئك الحكماء الحلماء الرحماء؟
أخي المسلم: والله لن تكون مسلماً حقاً -إذا جاءك أخوك يشتكي من امرأته- إلا نزلت هذه المرأة كأختك، نزلها كأختك وانظر الضرر الذي سيجري وسيكون عليها، وعندها تعرف أين الصواب، وتعرف ما الذي تقول وما الذي تنصح به أخاك؛ لأنها أختك في الدين، كيف تحرض الزوج عليها؟ ولذلك بعض النساء حرمن التوفيق وبعض الرجال حرم التوفيق فلا يحسن حين يرى الزوج أو يرى الزوجة في انفعال وغضب؛ لا يحسن معاملته، فالنار لا تطفأ بالنار والمفاسد لا تطفأ بالمفاسد، ولكن النار تطفأ بالماء، والطيش يطفأ بالحكمة، والاستعجال يطفأ بالأناة.
أحبتي في الله: لنتق الله في الأزواج، كلمةٌ طيبةٌ منك تقولها للزوج تصبره.
وأذكر أن أحد العلماء جاءه رجل في مشكلة زوجية فقال له: يا أخي أخيرك بين أمرين: إما أن تصبر عليها ووالله إني لأرجو لك عند الله أجراً عظيماً، وإما أن تسرحها وتطلقها بعد إذ أعيتك الحيلة فحينئذٍ تكفى شراً بليت به، فقال له: يا شيخ! كيف أمسكها وأنا أعاني من كذا وكذا؟ وذكر الأشياء التي يعاني منها؟ فقال له: يا أخي تصور هذه المرأة لو كانت أختك، فجاءتك يوماً من الأيام تحمل متاعها على ظهرها وتسوقه إلى بيت أبيها وإخوانها، هل ترضى ذلك؟ وما موقفك من ذلك؟ أتحب أن تعامل أخواتك بهذه المعاملة؟ قال: لا، قال: فعامل نساء المؤمنين كذلك.
فلذلك -أحبتي في الله- واجبنا عظيم حينما نسلي الزوج والزوجة بالصبر والسلوان، قل للزوجة وللزوج: من هذا الكامل؟ لو أن الأم إذ جاءتها ابنتها صبرتها وسلتها لصلحت أحوال كثيرة، ولكن الذي يقع هو العكس، فإن كلاً منهم يحرض ابنه ويحرض ابنته ومن ثم نبكي على الأضرار.
أحبتي في الله! إخواني في الله! إن علاج هذه المشاكل بالرجوع إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يعي كل واحد منا مسئوليته تجاه إخوانه وتجاه أبنائه وبناته.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يصلح منا ومنكم ما ظهر وما بطن، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم تدارك برحمتك بيوت المسلمين من هذه المشاكل، اللهم اقسم لها رحمة ترحم بها من عذاب، اللهم اكشف تلك الغمة وذلك البلاء عن بيوت المسلمين، لا إله إلا أنت سبحانك إنا من الظالمين، نستغفرك ونتوب إليك، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وآله وصحبه.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن محور هذا السؤال يدور حول قضية الطاعة للزوج، ذلك أن الزوج قد يطلب من زوجته أن تطيع الله تبارك وتعالى، فلا تستجيب لذلك الأمر ولا تصغي له، والسؤال: ما الذي ينبغي فعله؟
والجواب: أنه ينبغي على المرأة أن تتقي الله عز وجل وأن تكون على استجابةٍ لزوجها إذا دعاها لمحبة الله ومرضاته، ولذلك نص العلماء رحمهم الله على أنه يجب على المرأة أن تطيع زوجها بالمعروف، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم -والذي تقدمت الإشارة إليه- أن المرأة إذا أطاعت زوجها واتقت الله عز وجل في بعلها فإنها تدخل الجنة من أي أبوابها شاءت، وهذا يدل على أن حرمان الزوجة من الجنة مرتبط بطاعتها لزوجها، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما خطب يوم العيد قال: (تصدقن يا معشر النساء فإنكن أكثر حطب جهنم، قالت امرأة: ولم يا رسول الله؟ قال: بكفركن، قلنا: يكفرن بالله؟ قال: وإنما يكفرن العشير).
فالمقصود أنه ينبغي للمرأة أن تكون مطيعةً لزوجها مصغيةً إليه، خاصةً إذا أمرها بطاعة الله ومرضاته والعكس بالعكس، فإنها إذا عصت زوجها في أمرها بطاعة الله تبارك وتعالى فقد خرجت عن هدى الله المستقيم وطريقه القويم وهي آثمة شرعاً، ولذلك قال بعض العلماء: إذا أمر الزوج زوجته بطاعة الله فلم تطع الله ونهاها عن معصية الله فلم تتق الله عز وجل بترك تلك المعصية أثمت من وجهين:
الوجه الأول: عصيانها لربها بفعل تلك المعصية.
والوجه الثاني: عصيانها لزوجها بعدم الاستجابة له إذ أمرها بطاعة الله.
فلذلك ينبغي للزوجات أن يتقين الله تبارك وتعالى وأن يبتعدن كل البعد عن معصية الزوج إذا أمر بطاعة الله، ولا خير في امرأة لا تقدر لزوجها إذا أمرها بطاعة الله قدره وتستجيب له، إنها لمن نعم الله تبارك وتعالى على المرأة المسلمة أن توفق بزوج يدعوها إلى طاعة الله ومحبته، والله تعالى أعلم.
الجواب: هذا السؤال يدور حول قضية مهمة وهي أن الزوج قد يقع بين خيارين: بين بِر الوالدة وكذلك طاعة الزوجة أو الإحسان إليها في أمر ما!! فيقف بين هاتين القضيتين: الأم ترغب شيئاً ما والزوجة ترغب شيئاً خلافه أو لا ترغب في ذلك الشيء الذي ترغبه الأم، كيف يتصرف المؤمن أمام هذين الخيارين المتناقضين؟ فبعض الأزواج يفضل رأي الأم مطلقاً ويصغي لها حتى إلى درجة أنه يضيِّع بسببها حقوق زوجته، وبعض الأزواج -أيضا- يفضل رأي الزوجة ولو كان على حساب بِر الوالدين. فهاتان قضيتان هامتان يقف المسلم أمامهما:
القضية الأولى بِر الوالدين وهو فرض لازم على المكلف ولازم على الزوج، إذا أمرته أمه أو أمره أبوه في غير معصية من معاصي الله عز وجل وجب عليه أن يطيع، وكذلك الزوجة لها حق حسن العشرة فلذلك أقول: ينبغي للسائل أن يوازن بين رأي الأم ورأي الزوجة فلا تخلو القضية من أمرين:
الحالة الأولى: إما أن تكون قضيةً شرعيةً قد فصل الله حكمها من فوق سبع سماوات، فلا خيار للأم ولا للزوجة، بل طبق ما أمرك الله بتطبيقه، إذا وقفت في الخيار وكان الخيار في قضية شرعية واجبة أو نهي عنها، فقدم أمر الله وشرع الله سواءً كان مع الأم أو كان مع الزوجة.
الحالة الثانية: أن يكون في القضايا التي وسع فيها كفضول الأمور، فحينئذٍ بِر الوالدين فرض لازم وقد تعارض بِرٌ واجبٌ مع أمر قد يكون من المستحبات كالإحسان إلى الزوجات، فلو فرضنا أن أماً دعت ابنها في عصر ذات يوم إلى أن يأتيها لقضاء حاجةٍ تحتاجها وقالت المرأة: إنها تريده لأمر ما من الفضول كالخروج في نزهة ونحوه من فضول الأمور، فحينئذٍ لا إشكال في أنه يقدم بِر الوالدة وطاعتها على تلك الزوجة؛ لأن الله تعالى أوجب على الإنسان أن يبر والديه وهذا فرض، وأما الإحسان في العشرة فإذا لم يصل إلى مراتب الفروض والواجبات فحينئذٍ لا إشكال في تقديم غيره عليه كما قرر العلماء ذلك في المسألة المعروفة بازدحام الفروض، يعني: إذا اجتمع فرضان أيهما يقدم؟ فالمقصود أنه إذا كانت هذه الأمور من الأمور الموسعة فيقدم بِر والدته على حق زوجته.
أما إذا كانت من الأمور الواجبة كأن تحتاج المرأة أمراً واجباً عليه كالنفقة والسكنى ونحو ذلك، فحينئذٍ لا إشكال، يبر والدته في غير معصية الله؛ لأنه إذا برها في هذه الحالة التي يضيع فيها حق الزوجة، كان في هذه الحال مطيعاً للأم في معصية الله، فحينئذٍ يقدم حق الزوجة والأبناء والبنات على بره لوالدته.
إذاً إما أن نقول: تكون القضية شرعيةً، فيعمل بوفق الشرع، هذه الحالة الأولى.
والحالة الثانية أن تكون قضيةً موسعاً فيها فحينئذٍ يقدِّم الفروض على المستحبات، وإذا اجتمعت الفروض كان التقديم فيها كما سبق بيانه والله تعالى أعلم.
الجواب: أما تعدد الزوجات فقضية بيَّن الله حكمها وفصَّل فيها من فوق سبع سماوات، شرعٌ بينه الله في كتابه وشرعه على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه القضية لا تحتاج إلى قول بعد قول الله تبارك وتعالى، والمؤمن الذي يؤمن بالله واليوم الآخر لا يسعه إلا الرضا بما أمر الله تعالى به، وحينئذٍ نقول قد بين الله تبارك وتعالى مشروعية التعدد في كتابه فقال سبحانه وتعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا [النساء:3] وبناءً عليه يجوز للإنسان أن يطلب التعدد، وهو مقصود شرعاً لما فيه من تكثير سواد هذه الأمة المباركة، وإيجاد النشء الصالح وتربيته للقيام بواجبه ومسئوليته في طاعة الله وعمارة الكون بتلك الطاعة.
إذا تبين هذا فلن تكون المرأة مؤمنة، ولن يكون الرجل مؤمناً إلا إذا رضي بكتاب الله وبحكم لله: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36].
فالمرأة المؤمنة الصالحة البرة المتقية تعي هذه القضية، قضيةٌ حكم الله فيها بكتابه وبين حكمها بكلامه -سبحانه- حكماً لا إشكال فيه ولا غموض ولا لبس فيه، فلا إيمان إلا بالتسليم: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65].
إذا ثبت هذا واستقر، فإن الإسلام دين عدل لم يأمر الزوج أن يطلق عنانه بطلب الزوجات وتكثيرهن إلا بشروط وقيود بينها الله تبارك وتعالى بقوله: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:3] فإذا كان الرجل براً وفياً عادلاً مستقيماً، فإنه لا حرج عليه أن يعدد، فالله أذن له، ولن تكون المرأة مؤمنة حقاً إلا إذا رضيت بحكم الله عليها، وإذا أصبحت تضار الزوج وتضيق عليه وتؤذيه وتعنته، فوالله إن في رضاها بحكم الله دخن.
يا أمة الله! لمَ تخافين من حكم الله تبارك وتعالى؟ ولمَ تمنعين عن هذه الأمة المباركة نسلاً صالحاً يعمر الكون بطاعة الله ومحبة الله؟ إنه لمن الشجى والأسى أن تدخل علينا العادات الغريبة، فتؤذي عبد الله وأمة الله في قضية بيَّن الله عز وجل حكمها من فوق سبع سماوات.
الزواج إذا كان بتعدد وكان الذي عدد الزوجات رجلاً عادلاً مستقيماً، فلا حرج ولا عتب ولا غضاضة على المرأة، وكم من امرأة رضيت بالتعدد فأظهر الله فضلها به، كانت صالحةً طيبة مستقيمة ما عرف الزوج فضلها وصلاحها إلا لما تزوج غيرها فحمد أخلاقها وآدابها وعرف فضلها وشهد لها بالخير.
لذلك -إخواني في الله- لا ينبغي للإنسان أن يكون بعيداً عن منهج الشرع، ويغفل عن قضية حكم الله فيها من فوق سبع سماوات، والمرأة المؤمنة الصادقة في إيمانها ترضى بحكم الله عز وجل، وإذا كانت المرأة تخشى من هذه المرأة التي يراد إدخالها عليها أنها سيئة في خلقها سيئة في أدبها، فلا حرج عليها أن تقول لزوجها: لا أرضى بفلانة وأرضى بغيرها إن كانت برة مستقيمة، فلذلك ينبغي للمرأة الصالحة المستقيمة أن ترضى بحكم الله، وأن نرضى جميعاً بحكم الله، أليس عائشة الصديقة بنت الصديق قد تزوج عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن أنتِ أمام هذه البرة الطاهرة المستقيمة العفيفة، وإذا كانت هذه أم المؤمنين الطاهرة المطهرة المزكاة من فوق سبع سماوات قد شرع الله التعدد عليها، فلم هذه الغضاضة؟ ولماذا هذا الحزن؟
يا أمة الله: القضية قضية حياة زوجية مستقيمة وليست بقضية عنت وتضييق وحرج.
كذلك لو أن كثيراً من النساء تفكرن في الموضوع، وكذلك كثير من الرجال فكروا فيه لوجدوا أنه مجرد وسوسة يؤثر الشيطان بها على القلب، وإلا فالمسلمون من قرون عديدة يعددون، وبالتعدد اجتمعت الأرحام واجتمعت الوشائج على اختلاف القبائل والأنساب، وكان في التعدد من الخير ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، فكان البيت الواحد إذا أصيب بمصيبة أتت لها بيوت لا تحصى كثرةً، فهذا كله من خيره.
فلذلك لا ينبغي لإنسان أن يعترض على حكم فصَّل الله فيه من فوق سبع سماوات، ولا ينبغي للمرأة أو للرجل أو لأي شخص كائناً من كان أن يؤثر في هذا الحكم، أو يحاول أن يوجد ضعفه أو يلتمس فيقول: قد تغير الزمان فيتغير الحكم بتغير الزمان، بل ينبغي علينا أن نكون مؤمنين حقاً كما أمرنا الله أن نكون.
ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يهب لقلوبنا رحمةً تجعلنا على التسليم والإذعان الذي يرضيه عنا إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , المشكلات الزوجية وعلاجها للشيخ : محمد مختار الشنقيطي
https://audio.islamweb.net